إعادة أموال المودعين وهيكلة المصارف ودين الدولة... بين المستحيل والممكن
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
جزم حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بأن "الدولة لن تستطيع إعادة أموال المودعين قبل إعادة هيكلة المصارف"، لافتاً إلى القيام "بتجميد الحالة المادية بانتظار إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية". وشدّد منصوري أنّه "لن يتم طبع ليرة لتمويل الدولة، ولا استكتاب سندات خزينة. وتمويل الدولة بالدولار أمر غير وارد"، علما أن منصوري كان أشار في وقت سابق إلى أن اعادة اموال المودعين ليست مستحيلة وانه سيعمل على وضع الاطار القانوني لها في أسرع وقت، خصوصا وانه ولا يمكن إعادة الثقة بالقطاع المصرفي إذا لم تتم إعادة أموال المودعين.
وفق النائب هاغوب ترزيان الذي رد على منصوري في بيان أمس،فإن المصارف أودعت معظم أموال المودعين لدى مصرف لبنان الذي موّل فيها عجز موازنات الحكومات المتعاقبة وأنه من المستحيل إعادة هيكلة المصارف وإعادة الودائع قبل إعادة هيكلة دين الدولة العام ووضع خطة من الحكومة لسداده وخصوصا اليوروبوندز.
ما تقدم سيضع الدولة،بحسب مصدر مالي واقتصادي، أمام مشكلات كبرى مع الدائنين وحملة سندات اليوروبوندز في خضم ما يحصل، والتأخير الحاصل في تسديد السندات ربطا بالفوائد التي ستترتب على ذلك. وليس بعيدا كان حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة تحدث خلال إعلانه عن الميزانية العمومية لمصرف لبنان عن 16.5 مليار دولار ضمن موجودات المصرف المركزي كدين عام جديد على الدولة اللبنانية لصالح مصرف لبنان، وان هذا الدين متراكم على الدولة منذ العام 2007، وهو نتيجة احتساب المركزي لكل الدولارات التي أعطاها منذ العام 2007 الى العام 2020، رغم أنّه كان قد أكد في اطلالات سابقة له انّ "المركزي" سلّف الدولة فقط بالليرة اللبنانية، وليس بالدولار الأميركي إلاّ عندما لم تتمكّن من استقطاب الدولارات لإصدار اليوروبوندز.
في المقابل أشارت وكالة التصنيف الدولية ستاندرد أند بورز (S&P Global Ratings) الشهر الفائت إلى أنّها ستقوم بتحسين تصنيف الدين بالعملة الأجنبيّة في حال نجحت خطّة الحكومة بإعادة هيكلة الدين. ولفتت الوكالة أيضاً بأنها ستقوم بتحسين تصنيف لبنان في حال تضاءلت إمكانيّة تعثّره عن سداد ديونه، وبأنّها ستخفّض هذا التصنيف في حال قامت الحكومة بالإعلان عن نيّتها بإعادة هيكلة الدين العام بالعملة المحليّة أو في حال لم تتمكّن الحكومة من دفع مستحقّاتها من أصل الدين أو خدمة الدين في وقتها المحدّد. ووفقاً لوكالة التصنيف، فإنّ السلطات اللبنانيّة لم تتّفق على كيفيّة توزيع الخسائر المترتّبة على القطاع المصرفي والناتجة عن إعادة هيكلة الدين العام وتدهور سعر صرف الليرة في مقابل الدولار الأميركي، ما أعاق التعافي الإقتصادي. وسط ما تقدم، يرد مصدر مالي قرار حاكم مصرف لبنان بعدم تمويل الدولة سواء عبر طبع الليرة أو بالدولار إلى مساعي الأخير لمنع التضخم ورفضه التصرف بأموال المودعين، فهو يريد أن يحظى بثقة الداخل لا سيما المودعين ويحافظ في الوقت نفسه على الثقة التي منحته إياها الدول العربية والخليجية، فضلا عن المجتمع الدولي، وهذا يستدعي منه التشبث بمواقفه وعدم التراجع عن القرارات التي اتخدها و انتهجها بعدم تمويل الدولة لأنها شبه مفلسة وهي غير قادرة على رد الأموال.
إن هيكلة المصارف ضرورية وإلا لن يتمكن أي حاكم مركزي أو مصرف من إعادة الودائع لأصحابها. والمصارف اليوم ، بحسب المصدر نفسه، تسعى لأن تستعيد دورها كهيئة وسطية بين المقترضين من جهة والقادرين على التمويل من جهة أخرى، ومن هنا لا بد من التأكيد أن قطاعات الدولة مرتبطة ببعضها البعض وبالقطاع المصرفي أيضا، وهنا تكمن المشكلة التي تتطلب معالجة جذرية تعيد الثقة بالقطاع المصرفي الذي لا غنى عنه. لا شك أن هناك أموالا للمصارف داخل مصرف لبنان، علما أن الحاكم السابق رياض سلامة أشار إلى أن المصارف حصلت على أموالها، ومع ذلك فإن المصارف لها ما يفوق ال 47 مليار، وهذه الأموال تشكل رأس المشكلة وهي الفجوة المالية التي تتراوح ما بين 70 إلى 80 مليار. ولذلك يمكن القول إن الحل يبدأ بتقسيم هذه الفجوة بين القطاع المصرفي، ومصرف لبنان والدولة، من أجل الوصول إلى الحلول التي يصفها المصدر المالي بالإبداعية، سائلا: هل ستكون إعادة أموال المودعين على دفعات؟ وما هو عدد السنوات التي ستقسم عليها؟ وهل سيكون هناك اكتتابات أسهم داخل هذه المصارف.
حتى الساعة لم يتظهر أي حل، يقول المصدر نفسه، والصراع لا يزال قائما حول هذه الفجوة التي إذا استمرت ستقطع الطريق على أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي ومع الصناديق المانحة، علما أن لا مصلحة للبنك المركزي بسقوط القطاع المصرفي ولا مصلحة للدولة في الهروب من مسؤولياتها.
ان عودة الودائع ليست أمرا مستحيلا لكنه ليس سهلا، والخطوة الأولى لعودة الأموال تبقى في إعادة الهيكلة وإقرار المشاريع الإصلاحية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: إعادة هیکلة مصرف لبنان فی حال
إقرأ أيضاً:
عز الدين: المقاومة استطاعت أن تصمد وتبقى رغم التشكيك في شرعيتها
أشار النائب عز الدين، إلى أن "هذه المقاومة إذا أردنا أن نقيمها، علينا أن نبدأ منذ لحظة بداياتها الأولى، كيف استطاعت أن تثبت نفسها وتصمد أمام كل التحديات والتهديدات التي واجهتها في تلك الفترة العصيبة، والكل يعلم أن هذه المقاومة كانت ردة فعل على الاحتلال الإسرائيلي سنة 1982، الذي استطاع في ثلاثة أيام فقط أن يشن هجومًا على لبنان ويصل إلى نهر الليطاني".أضاف: "لم تكن هناك مواجهة حقيقية وفعليّة من القوى التي كانت آنذاك، فأكمل طريقه إلى الشمال ولم يجد من يواجهه حتى وصل إلى بيروت واحتل ثاني عاصمة عربية بعد القدس، وحاصرها ثلاثة أشهر، في هذه الأثناء انطلقت بدايات لمجموعة من الشباب المؤمن والمسلم الملتزمين بالتكليف، بعد أن أعلن الإمام الخميني أنه يجب على من يستطيع حمل السلاح أن يحمله ويواجه هذا العدو دون النظر إلى الإمكانيات والقدرات".
تابع: "الحقيقة أنه لم يكن لديهم شيء على الإطلاق، حتى إن السلاح الذي كان يقاتل به الإخوان في عام 1982 كانوا يستعيرونه من منظمات فلسطينية وأحزاب وطنية لبنانية، ويدبرونه من هنا وهناك، ثم يعيدونه بعد انتهاء العملية، وهذه المقاومة، منذ ذلك الحين، تحملت كل الصعوبات والتحديات والتهديدات القائمة، رغم أن الجميع كان يظن أننا دخلنا في العصر الإسرائيلي والاسرائيلي".
وقال: "نرى أن هذه المقاومة التي كانوا يقولون عنها إن العين لا تقاوم المخرز، استطاعت أن تصمد وتبقى رغم التشكيك في شرعيتها. وهذا من أعظم ما حاولوا القيام به. لأن ما يطمئن القلب إلى رضى الله تعالى هو أن هذا القتال أشرف القتال، لأنه للدفاع عن الأرض والوطن والعِرض، في مواجهة عدو يحتل أرض فلسطين ويعتدي على المقدسات الإسلامية التي تهم كل مسلم، بل والمقدسات المسيحية التي تهم كل مسيحي في هذا العالم".
ورأى أنّ "المقاومة اليوم، سواء في لبنان أو في فلسطين، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، ومن الثقافة الفكرية والإيمانية، وباتت تشكل سلوكًا يسلكه كل فرد منا في كل لحظة من حياته، فهي مقاومة لحماية الوجود، في بلد لا يزال عاجزًا حتى هذه اللحظة عن تأمين الحماية لمواطنيه وشعبه من شر هذا العدو الصهيوني الذي يستبيح الأرض والسماء والبحر"، معتبراً أنّه "لا يحق لأحد أن يمنعنا من المطالبة بحقنا في الحماية والمقاومة بما نملك من قدرات وإمكانات، لأن هذا الحق فطري وطبيعي ومكفول بكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية. ولذلك، فإن هذا الحق مشروع لا يستطيع أحد أن يمنع أحدًا من الدفاع عن أرضه، ومن حقنا أن نمارسه بحرية تامة".
أضاف: "الأمر الآخر أن هذه المقاومة لم تعد ملكًا لأحد، فهي ليست ملكًا لحزب أو لفئة أو لجماعة من هذا الشعب، بل أصبحت ملكًا لهذه الأمة بأسرها، التي باتت تؤمن بهذا النهج وتطالب بعدم التخلي عن السلاح الذي يريد الأميركي نزعه خدمةً للعدو الإسرائيلي الذي يمعن كل يوم في العدوان والإجرام ضد هذا البلد، لذلك، أصبحت المقاومة ملكًا لكل حرٍّ وإنسانٍ شريفٍ يريد أن يدافع عن وطنه وأرضه وكرامته وحياته الكريمة، حياةٍ لا يفرضها عليه لا الغرب ولا الشرق ولا أي جهة في العالم، لأن الله لا يرضى لعباده أن يعيشوا مذلولين ومقهورين ومحتلين، ورغم كل ما حصل، من خسارة قيادات وشهداء عظام في الصفوف العليا من القيادة الميدانية، فإن المقاومة ما زالت قائمة ومستمرة، ولم يتمكن أحد من كسر إرادتها أو إضعاف روحها".
وقال: "ما يحصل اليوم في غزة، سواء من المقاومة هناك أو في لبنان أو في أي مكان في العالم، فهو مشهد واحد، يعيد إلى الأذهان ما حصل في لبنان عندما فُرض وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني، وكيف عاد الناس إلى قراهم المهدّمة، واليوم نرى المشهد نفسه في فلسطين، بعد عامين من القتل والدمار والتجويع والحصار، حيث عاد الشعب الفلسطيني إلى مدنه ودياره ليتفقدها، لأن إرادته وكرامته وعزته تؤكد حقيقة واحدة: أن أرض فلسطين هي للشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية للمسلمين، والمسيحية للمسيحيين، وأن هذا الشعب على حق، يدافع عن وطنه ومقدساته، لأن الوطن ليس حقيبة سفر يحملها الإنسان ويغادر".
مواضيع ذات صلة عز الدين: لن ننزع سلاح المقاومة ولن نسمح للبنان أن يكون محمية أميركية Lebanon 24 عز الدين: لن ننزع سلاح المقاومة ولن نسمح للبنان أن يكون محمية أميركية