الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن الإسلام منح كبار السن مكانةً عظيمة، وحثَّ على رعايتهم والإحسان إليهم في جميع مراحل حياتهم، فشدَّد القرآن الكريم على برِّ الوالدين ورعاية كبار السن، حيث جاء في قوله تعالى: {وَقَضىٰ رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا۟ إِلّا إِيّاهُ وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ ٱلكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَو كِلَٰهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنهَرهُمَا وَقُل لَهُمَا قَولًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
واشارت عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك إلى أن الإسلام لا يقتصر في رعايته لكبار السن على النطاق الأسري فقط، بل يدعو المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة لهم؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا" أخرجه الترمذي. وهذا يدل على أن احترام كبار السن وتوقيرهم من القيم الأساسية التي حثَّ عليها الإسلام.
ونوهت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم" أخرجه أبو داود، وهذا الحديث يبرز مدى احترام الإسلام لكبار السن، واعتباره الإحسان إليهم وإكرامهم من الأعمال التي تجلُّ الله عزَّ وجلَّ.
وقال مركز الأزهر ، إن هناك 10 آداب في كيفية معاملة الرجل الكبير في الإسلام وهي:
1 - الترفق به وإظهار الود له
2 - معاون الرجل الكبير على قضاء حوائجه
3 - مخاطبة الرجل الكبير بطلف وأدب
4 - تقديم الرجل الكبير في الكلام والجلوس
5 - الإنصاب للرجل الكبير وتقدير رأيه
6 - الدعاء له بالصحة والعافية
7 - إلقاء السلام عليه
8 - عدم مناداته باسمه مجردا
9 - مشورة الرجل الكبير والأخذ بقوله
10 - ترك القبيح في حضرة الرجل الكبير
كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن حقوق المسنين وكبار السن في الإسلام، منوها أن الرجل الكبير في السن يحتاج إلى رعاية وله حق علينا في الحياة.
وقال علي جمعة، في لقائه على فضائية "سي بي سي"، إن الزيادة السكانية تسببت في عدم توطيد العلاقات الإجتماعية، حتى صار الرجل لا يهتم أو غير قادر على زيارة أبيه أو أمه.
وتابع: ومن هنا جاء انتشار دور الأيتام ورعاية المسنين، منوها أن هذا المصطلح ليس هو الأصل في الإسلام فالشرع الحنيف حث على رعاية الكبار في السن والأيتام، ونشأة هذه المؤسسات جاء لسد العجز في رعاية كبار السن والأيتام.
وذكر أن الرجل العجوز في هذا السن يحتاج إلى رعاية مثل رعاية الطفل الصغير.
واستشهد علي جمعة، بحديث النبي الذي أورده البخاري لما تكلم صغير في السن في حضرة من هو أكبر منه فقال النبي "كبر كبر" أي اترك الحديث للأخ الكبير.
وأكد أن النبي كان يدعونا إلى احترام الكبير، وقال النبي "أوصاني جبريل أن أقدم الأكابر" ويقول النبي "إذا أمكم فليؤمكم أقرأكم ثم أكبركم".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفتاء كبار السن الإسلام فی الإسلام کبار السن السن فی
إقرأ أيضاً:
جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة
في صباح بارد من عام 1659، وطأت أقدام رجل مسلم مجهول أرض رأس الرجاء الصالح على متن سفينة هولندية. ولم يكن يدرك أن خطوته تلك ستفتح صفحة جديدة في تاريخ جنوب أفريقيا، وتؤسس لمجتمع إسلامي يضم اليوم نحو 1.6 مليون نسمة، أي ما يقارب 3% من سكان البلاد البالغ عددهم 60 مليونا.
وقد تشكل هذا المجتمع -الذي نشأ من رحم المنفى والعبودية والهجرة- عبر قرون من الاضطهاد والمقاومة، وقد أصبح اليوم جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوب أفريقي، يحمل في طياته قصصا متشابكة من الصمود والنجاح والإسهام في بناء الدولة بعد الفصل العنصري.
يقول نعيم جينا كبير الباحثين في معهد مابونغوبوي للتفكير الإستراتيجي "عندما نتحدث عن المسلمين في جنوب أفريقيا، لا يمكننا التعامل معهم ككتلة واحدة. هناك 5 موجات متميزة من الوصول، كل منها تركت بصمتها الخاصة على ما نراه اليوم".
الموجة الأولى: المنفيون والعبيد (1659-1800)بدأت القصة مع وصول الشيخ يوسف المقاساري عام 1694 من إندونيسيا، منفيا مع 49 من أتباعه. وقد أسس هؤلاء أول جماعة إسلامية منظمة في زاندفليت قرب كيب تاون.
ولاحقا، وصل العالم الإندونيسي توان غورو إلى سجن روبن آيلاند عام 1780، ليؤسس بعد 11 عاما مسجد "أوال" (أقدم مسجد في البلاد) ويبتكر نظام "العربية الأفريكانية" لكتابة اللغة الأفريكانية بالحروف العربية.
ويقول الباحث عبد الديان بيترسن إن هذا النظام هو أقدم شكل مكتوب للأفريكانية، ويكشف كيف استخدم المسلمون الأوائل معرفتهم بالعربية لحفظ لغة المهمشين ومنحها هوية وكرامة.
مع اكتشاف الذهب والماس، جُلب آلاف العمال المسلمين من شبه القارة الهندية إلى ناتال. وجاء بعضهم بعقود عمل قاسية، وآخرون كمهاجرين أحرار. ومن أبرز الوافدين المحامي الشاب موهانداس غاندي عام 1893 الذي استدعاه تجار مسلمون للدفاع عنهم.
إعلانوهنا بدأ تطوير فلسفته في المقاومة السلمية، رغم أن سيرته في جنوب أفريقيا تكشف جوانب عنصرية تجاه الأفارقة، كما توضح الباحثة موريين سوان في كتابها "Gandhi: The South African Experience" (غاندي: التجربة الجنوب أفريقية).
الموجة الثالثة: الزنجباريونيصفهم جينا بمجتمع صغير لكنه مثير للجدل في ديربان، إذ تحيط بأصوله قصص متضاربة: غرق سفينة، تجارة رقيق، أو هجرة قسرية. ومع قوانين الفصل العنصري في الستينيات، أعيد تصنيفهم بضغط من المجتمع المسلم الهندي كـ"آسيويين آخرين" ليتمكنوا من العيش في أحياء المسلمين.
يعتبرها جينا "الأهم حاليا رغم أنها ليست الأكبر" حيث وجد بعض الأفارقة في الإسلام أيديولوجية مقاومة للأبارتايد، في حين جذب هذا الدين آخرين بسبب تعاليمه حول النظافة أو مكانة المرأة.
الموجة الخامسة: التنوع المعاصربعد عام 1994، تدفقت موجات جديدة من الصومال ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش، جالبة معها مذاهب وتيارات مختلفة، بينها السلفية التي لم تكن معروفة في جنوب أفريقيا قبل ذلك.
في جامعة كيب تاون، يكشف الباحث عبد الديان بيترسن عن وثائق عثمانية تثبت أن المسلمين الأوائل لم يكونوا معزولين. فجده الأكبر كاريل بيلغريم، الذي كان أول مسلم من الكيب يؤدي الحج عام 1834، نسج علاقات مع السلطان عبد الله من أنجوان، مما مهد الطريق لرحلته.
ويقول بيترسن "هذه الوثائق تكشف أن مجتمع الكيب كان جزءا من شبكة إسلامية عالمية، يتبادل المعرفة والأموال مع العثمانيين وسلطنات جنوب شرق آسيا". ويحذر من ضياع المخطوطات الملايوية التي تؤرخ لهذه المرحلة، مؤكدا أنها "الأكثر حاجة للحفظ".
من المقاومة إلى التهميش السياسيبرز الإمام عبد الله هارون في ستينيات القرن الماضي كأول من نقل المقاومة الإسلامية من الطائفية إلى النضال الشامل ضد الأبارتايد. وقد دفع حياته ثمنا لذلك، إذ توفي تحت التعذيب عام 1969 بعد 123 يوما من الاعتقال.
لكن رد فعل المجتمع كان صادماً، إذ ترددت قياداته في إقامة جنازته. ويقول جينا "كتبت صحيفة مسلم نيوز أنه لم يُستشهد من أجل الإسلام بل من أجل السياسة".
وبعد عام 1994، بلغ تمثيل المسلمين ذروته في حكومة مانديلا (10% من الوزراء) لكنه تراجع تدريجيا حتى اختفى تقريبا في حكومة الوحدة الوطنية عام 2024.
يتركز المسلمون في الكيب الغربي بنسبة 6.6% من سكان المقاطعة، ويشكلون نحو نصف مسلمي البلاد. وتأتي كوازولو-ناتال بنسبة 3.2%، ثم غاوتنغ بنسبة 2.8%.
وعرقياً، يشكل الملايو الكيبيون 45%، والهنود 35%، والأفارقة 15%، كما يمثل المهاجرون الجدد 5%.
واقتصاديا، يساهم المسلمون بـ12% من الناتج المحلي (180 مليار راند سنويا) لكن الفوارق الطبقية صارخة، إذ يعيش مسلمو الأحياء الفقيرة مثل هانوفر بارك في بطالة تتجاوز 60%.
وفي المقابل، يخصص المجتمع 500 مليون راند سنويا للتعليم الإسلامي، ويدير 74 مدرسة معتمدة بمعدل نجاح 94% في الثانوية العامة، متفوقاً على المعدل الوطني.
التحديات الثقافية والفنيةرغم القوة الاقتصادية والتعليمية، يواجه المسلمون تحديات معاصرة تتمثل في استمرار العنصرية ضد الأفارقة والصوماليين، والخلافات المذهبية بين الصوفية والسلفية، إضافة إلى تهديد السياحة المفرطة لهوية أحياء تاريخية مثل بو-كاب.
إعلانوثقافيا، يبرز اسم موسيقي الجاز العالمي عبد الله إبراهيم الذي مزج بين الجاز والإيقاعات الأفريقية والروح الإسلامية.
كما يزدهر فن القوالي الصوفي في ديربان وجوهانسبرغ. وأما المطبخ، فيعكس بدوره التنوع: برياني الكيب بالزبيب والبطاطس الحلوة، مقابل برياني ديربان الحار بالتوابل الهندية، إضافة إلى مطابخ باكستانية وصومالية ونيجيرية في غاوتنغ.
شبكة عالمية وهوية متجددةيحافظ المسلمون في جنوب أفريقيا على صلات وثيقة بالعالم الإسلامي، من دعم خليجي لترميم المساجد إلى برامج الحج الممولة.
ويقول بيترسن "لم نكن أبدا مجتمعا معزولا، بل في تدفق مستمر مع حركات إسلامية متنوعة. وهذا التواصل العالمي يثري المجتمع المحلي ويحافظ على حيويته".
ومن المتسلل المجهول عام 1659 إلى مجتمع متنوع يضم 1.6 مليون نسمة اليوم، تظل قصة الإسلام في جنوب أفريقيا مرآة لتعقيدات البلاد نفسها: تاريخ من المنفى والمقاومة، حاضر من التنوع والتحديات، ومستقبل مفتوح على إمكانات كبرى إذا ما نجح المسلمون في تجاوز انقساماتهم الداخلية وتعزيز دورهم في بناء جنوب أفريقيا الجديدة.