مر عام ونصف علي اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في 11 مايو 2022، جراء إصابتها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها لعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين.

ولكن لم يكتفي جيش الاحتلال الإسرائيلي باغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مرة واحدة، ليقوم باغتيالها مرة أخري في موطنها مساء أول أمس.

. فماذا حدث؟

جرف شارع شيرين أبو عاقلة

وقام جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتحام مخيم جنين، مساء أول أمس الخميس، وقامت قوات جيش الاحتلال بتخريب وتدمير البنية التحتية وشوارع جنين، والذي كان من ضمنها شارع الشهيدة “شيرين أبو عاقلة”.

وقامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتجريف شارع "شيرين أبو عاقلة" بأكمله، في مدينة جنين بشمالي الضفة الغربية، لتجرف قوات الاحتلال الشارع باستخدام آلياتها العسكرية.

شارع شيرين أبو عاقلة تحطيم النصب التذكاري لشيرين أبو عاقلة

كما قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحطيم وتكسير النصب التذكاري للإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة، والذي حمل اسم وصورة الشهيدة في مكان اغتيالها.

وكان يوجد علي نصب الراحلة شيرين أبو عاقلة التذكاري، لافتة مكتوب عليها: “هنا انتصرت الكلمة علي الرصاص، هنا اغتال الاحتلال نفسه بجسد شيرين أبو عاقلة”.

نصب شيرين أبو عاقلة التذكاري شارع "شيرين أبو عاقلة"

وعلق عدد كبير من رواد السوشيال ميديا علي جرف قوات الاحتلال الإسرائيلي لشارع "شيرين أبو عاقلة"، وتدمير نصبها التذكاري بمنطقة جنين، وجاءت التعليقات من قبل رواد السوشيال ميديا علي موقع التواصل الاجتماعي "إكس" تويتر سابقًا، كالاتي:

"هكذا حوّل جيش الاحتلال الإسرائيلي الحاقد الشارع حيث استشهدت ⁧‫#شيرين_أبو_عاقلة‬⁩ مدمّرا النصب التذكاري، اغتالها اعتدى على تابوتها ثم دمّر نصبها التذكاري تغيظه في حياتها وفي مماتها ذكراها مؤبد وهذا ما لن يستطيع محوه - العدو يخاف من عين الحقيقة كخوفه من بندقية مقاوم!!".

تعليقات رواد السوشيال ميديا تعليقات رواد السوشيال ميديا جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتذر عن اغتيال شيرين أبو عاقلة

يذكر أنه اعتذر جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة بعد عام من اغتيالها برصاصة في مؤخرة الرأس في جنين بالضفة الغربية المحتلة. 
واعتذر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاجاري، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، وقال هاجاري: "أعتقد أنها فرصة لي لأقول هنا إننا آسفون للغاية لوفاة شيرين أبو عاقلة".

وتابع: "كانت صحفية معروفة جدًا، نحن في إسرائيل نقدر ديمقراطيتنا وفي الديمقراطية نرى قيمة عالية للصحافة وللصحافة الحرة، ونريد للصحفيين أن يشعروا بالأمان في إسرائيل، خاصة في زمن الحرب، حتى لو انتقدونا".

الأمم المتحدة تدين الاحتلال وتحمله مسئولية مقتل شيرين أبو عاقلة

وفي إدانة واضحة، أقرت الأمم المتحدة بمسئولية الاحتلال عن مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.

ومر نحو عام ونصف على مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين ابو عاقلة برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها  لعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية، ولم يحدد التقرير الإسرائيلي من أطلق الرصاص على شيرين والآن يتولى القضاء الدولي القضية.

وضع حجر أساس لمتحف يحمل اسم الصحافية شيرين أبو عاقلة

وعلي جانب أخر، كانت قد وضعت السلطة الفلسطينية حجر الأساس لمتحف تكريمي يحمل اسم الصحفية شيرين أبو عاقلة، في الذكرى السنوية الأولى لمقتلها خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. 
ومولّت بناء "متحف شيرين أبو عاقلة للإعلام" إدارة القناة على قطعة أرض قدّمتها بلدية رام الله، وسيُنقل إليه متى اكتمل مكتب الراحلة كما كان في مكاتب "الجزيرة" في الأراضي الفلسطينية.

اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة

وقُتلت أبو عاقلة "51 عامًا" الصحفية في قناة الجزيرة، في 11 مايو 2022، جراء إصابتها بالرصاص خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

وتجمع العديد من الفلسطينيين في موقع وفاتها حيث علّقت صورها وأكاليل من الورود قرب لوحة كتب فيها "هنا انتصرت الكلمة على الرصاص، هنا اغتال الاحتلال نفسه بجسد شيرين أبو عاقلة".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة شيرين أبو عاقلة أبو عاقلة اغتيال شيرين أبو عاقلة جيش الاحتلال الإسرائيلي جيش الاحتلال جنين فلسطين شارع شيرين أبو عاقلة جیش الاحتلال الإسرائیلی الصحفیة شیرین أبو عاقلة عسکریة إسرائیلیة فی رواد السوشیال میدیا الصحفیة الفلسطینیة الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

الضم الإسرائيلي للضفة الغربية: فشلٌ متكرر للنظام الدولي (قراءة قانونية)

أعاد تصاعد الدعوات الإسرائيلية لفرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية إحياء الجدل حول مشروعية الضم في القانون الدولي، ومآلاته الدستورية داخل إسرائيل. ففي 23 تموز/ يوليو 2025، صوّت الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بالأغلبية على قرار رمزي يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن، في خطوة أثارت جدلا واسعا حول مدى تحول هذا التوجه السياسي إلى واقع قانوني. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت المبادرات التشريعية والمواقف الحزبية المؤيدة للضم، دون أن تُستكمل فعليا بقرارات دستورية ملزمة.

لكن ما يجب التنبّه له أن الضم لا يُمكن قراءته كخطوة ظرفية مرتبطة بحكومة يمينية أو بتطور عسكري معين، بل هو جزء من سياسة إسرائيلية منهجية وممتدة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية تدريجيا، عبر تفريغ الأرض من معناها السياسي والقانوني، وتقويض أسس إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وهي سياسة تجاوزت الانقسامات الحزبية داخل إسرائيل، وارتبطت برؤية استعمارية طويلة الأمد تسعى لتكريس واقع لا رجعة فيه.

الضم لا يُمكن قراءته كخطوة ظرفية مرتبطة بحكومة يمينية أو بتطور عسكري معين، بل هو جزء من سياسة إسرائيلية منهجية وممتدة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية تدريجيا، عبر تفريغ الأرض من معناها السياسي والقانوني، وتقويض أسس إقامة دولة فلسطينية مستقلة
في هذا المقال، نعرض قراءة تحليلية شاملة تستند إلى القانون الدولي العام والإنساني، وتتوقف عند المسار التشريعي الإسرائيلي وخلفيته الدستورية، كما نُقارن بين الضم الفعلي والضم القانوني، ونستخلص دروسا من سوابق ضمّ القدس الشرقية وهضبة الجولان. هذه المقالة تسعى إلى الإجابة عن سؤال محوري: هل ما يُطرح إسرائيليا هو خيار قابل للتحقّق، أم مجرّد مشروع سياسي يصطدم بحاجز القانون؟

الضم في ضوء القانون الدولي العام والإنساني

يُعد الضم (Annexation) من أخطر الانتهاكات التي تواجه النظام القانوني الدولي، ويُعرَّف بأنه الإجراء الذي تفرض من خلاله دولة ما سيادتها رسميا على أرض تابعة لدولة أو كيان آخر، غالبا بعد سيطرة عسكرية. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، رسّخ القانون الدولي العام مبدأ جوهريا يُحرّم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. وقد نص ميثاق الأمم المتحدة في مادته الثانية، الفقرة الرابعة، على حظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي. بناء عليه، يُعتبر ضم أي أراضٍ ناتج عن الاحتلال العسكري باطلا وغير مشروع.

هذا المبدأ لم يبقَ حبرا على ورق، بل وجد ترسيخا في قرارات مجلس الأمن، لا سيّما في السياق الفلسطيني. فقد شددت قرارات 242 (1967)، و338 (1973)، و2334 (2016) على عدم شرعية أي إجراءات تهدف إلى تغيير الوضع القانوني للأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية. كما اعتُبر كل من الاستيطان ومحاولات الضم انتهاكا للقانون الدولي، ولا تُغيّر شيئا من الوضع القانوني للأرض المحتلة.

عند محاولة إسرائيل ضم القدس الشرقية عام 1980 من خلال "قانون أساس: القدس"، أصدر مجلس الأمن القرار 478 الذي اعتبر القانون الإسرائيلي باطلا، ودعا الدول إلى نقل سفاراتها خارج المدينة. وتكرر الموقف ذاته في قرار 497 عام 1981 بعد فرض القانون الإسرائيلي على الجولان السوري المحتل، حيث أُعلن أن الضم لا ينتج أي أثر قانوني دولي، ويُعد لاغيا وباطلا. تنسجم هذه المواقف مع قاعدة عرفية راسخة مفادها أن الضم الأحادي لأراضٍ محتلة لا يُكسب سيادة ولا يُعترف به دوليا.

من جهة أخرى، ينظر القانون الدولي الإنساني، وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، إلى الضم باعتباره تهديدا مباشرا لحماية السكان المدنيين. فالمادة 47 من الاتفاقية تنص صراحة على أن الأشخاص الواقعين تحت الاحتلال لا يمكن حرمانهم من الحماية بموجب أي اتفاق أو إجراء، بما في ذلك الضم. وتُؤكد المادة 49/6 على حظر نقل سكان دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة، ما يجعل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية خرقا جوهريا للاتفاقية.

كما أن قراري مجلس الأمن 478 و497 لم يكتفيا برفض الضم من منظور القانون الدولي العام، بل شددا على استمرار سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة رغم إعلان إسرائيل ضمها. وهو ما يؤكد أن الضم لا يُنهي صفة الاحتلال، ولا يُعفي الدولة المحتلة من التزاماتها الإنسانية.

القانون الدولي العام والإنساني يُجمعان على رفض شرعية الضم، ويعتبرانه انتهاكا مزدوجا: من جهة هو خرق لسيادة الدول، ومن جهة أخرى هو تعدٍّ على حقوق الشعوب وأمنها، ويمثّل تصعيدا قانونيا غير مشروع للوضع الاحتلالي القائم
الضم أيضا يقوّض حق الشعوب في تقرير المصير، أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي. وفي رأيها الاستشاري الصادر عام 2004 بشأن الجدار العازل، أكدت محكمة العدل الدولية أن أي ضم فعلي لأجزاء من الضفة الغربية يشكّل انتهاكا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشددة على أن بقاء الضفة تحت الاحتلال لا يمنح إسرائيل أي سيادة قانونية عليها، سواء بحكم الواقع أو القانون.

وبذلك، فإن كلا من القانون الدولي العام والإنساني يُجمعان على رفض شرعية الضم، ويعتبرانه انتهاكا مزدوجا: من جهة هو خرق لسيادة الدول، ومن جهة أخرى هو تعدٍّ على حقوق الشعوب وأمنها، ويمثّل تصعيدا قانونيا غير مشروع للوضع الاحتلالي القائم، يهدد الاستقرار الدولي ويقوّض فرص الحل العادل.

المسار التشريعي داخل إسرائيل بشأن الضم

لفهم التوجّه التشريعي الإسرائيلي نحو ضم الضفة الغربية، لا بد من التوقف عند بنية النظام الدستوري في إسرائيل، الذي لا يعتمد دستورا مدوّنا بل مجموعة من "قوانين الأساس" والقوانين العادية. سبق أن لجأت إسرائيل إلى تشريعات لضم أراضٍ محتلة، مثل قانون أساس القدس (1980) وقانون الجولان (1981)، رغم الرفض الدولي الواضح لهما.

ورغم السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية منذ عام 1967، امتنعت الحكومات المتعاقبة عن إعلان الضم القانوني الشامل، باستثناء توسيع حدود بلدية القدس لضم أجزاء من الضفة. ومع ذلك، لم تغب محاولات الضم عن أروقة الكنيست، إذ قُدّمت عدة مشاريع قوانين لتطبيق السيادة على مستوطنات أو مناطق بعينها.

في أيار/ مايو 2024، صوّت الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون لضم مناطق من جنوب الضفة (جبال الخليل الجنوبية)، ونجح بالقراءة الأولى دون أن يتحوّل إلى قانون نافذ، ما يجعله أقرب إلى إعلان نوايا. كذلك، في تموز/ يوليو 2025، صوّت الكنيست بأغلبية على قرار رمزي يدعو إلى فرض السيادة على الضفة وغور الأردن، لكنه غير ملزم قانونيا.

تشير هذه الخطوات إلى توفر إرادة سياسية مبدئية للضم، لكنها تبقى رمزية وغير مُكتملة دستوريا ما لم تُتَوج بإقرار قانون فعلي في القراءات الثلاث. وبالتالي، تستمر الإدارة الفعلية للضفة عبر أوامر عسكرية وإدارة مدنية، ولم تُفرَض السيادة القانونية الإسرائيلية عليها بعد، باستثناء القدس الشرقية.

ومن اللافت أن المحكمة العليا الإسرائيلية تتجنب البت في قانونية الضم، وتعدّه مسألة سياسية سيادية، إلا أن أي ضم واسع سيفتح جدلا داخليا حادا حول وضع الفلسطينيين في الضفة، بين خيار منحهم الجنسية أو تكريس التمييز، وهو ما يمس صميم النظام السياسي والدستوري الإسرائيلي.

القدس الشرقية والجولان: دروس من حالات الضم السابقة

لقياس الأثر القانوني لأي ضم رسمي مستقبلي للضفة، يجدر النظر في سابقتي القدس الشرقية (1967-1980) والجولان (1981). فعقب احتلال القدس الشرقية عام 1967، اتخذت إسرائيل إجراءات أحادية لدمجها: أُخضعت القدس الشرقية للإدارة الإسرائيلية المدنية، ومنحت لسكانها وضعية "المقيم الدائم" بدل الجنسية الكاملة. ثم في عام 1980 سنّ الكنيست قانون أساس القدس عاصمة إسرائيل، معلنا أن القدس "الكاملة والموحدة" عاصمة للدولة، في تكريس رسمي للضم. هذا الإجراء قوبل برفض دولي قاطع -كما أسلفنا عبر قرار مجلس الأمن 478 (1980)- ولم تعترف أي دولة بسيادة إسرائيل على القدس الشرقية (حتى الولايات المتحدة لم تعترف بذلك رسميا إلا في 2017 مع نقل سفارتها، بشكل ما زال موضع انتقاد دولي). وبسبب عدم الاعتراف الدولي، ظلت القدس الشرقية بحكم القانون الدولي أرضا محتلة ينطبق عليها القانون الدولي الإنساني.

ترتبت على ضم القدس الشرقية أوضاع قانونية شاذة لسكانها الفلسطينيين. فلم تمنحهم إسرائيل جنسيتها تلقائيا، بل اعتبرتهم "مقيمين دائمين" يمكنهم العيش والعمل في القدس تحت السيطرة الإسرائيلية ولكن دون تمتعهم بكامل حقوق المواطنة. هذا الوضع الهجين ابتدعته إسرائيل للحفاظ على أغلبية يهودية في المدينة دون منح غالبية الفلسطينيين حق المواطنة.

أما في الجولان السوري المحتل، فبعد فرض القانون الإسرائيلي عليه عام 1981، واجه سكانه الدروز وضعا مماثلا: رفض كثيرون الجنسية الإسرائيلية وعُدّوا مقيمين في أرض ضمّتها إسرائيل. المجتمع الدولي بدوره رفض هذا الضم كما يظهر في قرار مجلس الأمن 497 (1981) سالف الذكر، وبقيت هضبة الجولان معترفا بها دوليا كأرض سورية محتلة. وبالتالي، يتضح من هاتين الحالتين أن الضم من جانب واحد لم يُكسب إسرائيل شرعية قانونية دولية على القدس أو الجولان، بل وضعها في مواجهة مع قرارات أممية تؤكد عدم الاعتراف وآثار قانونية عقابية (مثل دعوة الدول لسحب بعثاتها الدبلوماسية من القدس).

إن الأثر القانوني الفعلي للضم بالنسبة لإسرائيل تمثل داخليا في بسط القوانين والإدارة المدنية الإسرائيلية على الإقليم المضموم وتغيير مركز سكانه القانوني أمام قوانينها، ولكنه في المقابل لم يغيّر شيئا على الصعيد الدولي سوى تعميق عزلتها بشأن تلك الأراضي. وعلى الأرض، يمكن القول إن ضم القدس والجولان كان أقرب إلى إجراءات أحادية غيرت الوضع الإداري داخليا دون أن تنهي وضع الاحتلال أو ترتب سيادة معترف بها. هذا الدرس ينذر بأن أي محاولة مماثلة في الضفة الغربية ستقابل غالبا بالموقف الدولي ذاته، مع احتمال عواقب أشد نظرا لحجم القضية الفلسطينية عالميا.

الفرق بين الإدارة الفعلية والضم القانوني: الواقع في مواجهة القانون

يثير الواقع في الضفة الغربية سؤالا جوهريا: ما الفرق بين السيطرة الفعلية الإسرائيلية دون إعلان رسمي، وبين الضم القانوني الكامل الذي يُدخل الأرض ضمن السيادة الإسرائيلية رسميا؟ على مدى أكثر من خمسة عقود، مارست إسرائيل ما يُعرف بـ"الضم الفعلي" (de facto) من خلال الاستيطان، وتطبيق قوانينها على المستوطنين، وفرض وقائع إدارية تدريجية. وقد أطلق بعض الباحثين على هذا الوضع توصيف "الاحتلال الضام" (Occu-annexation).

إسرائيل ما كانت لتجرؤ على طرح هذا المسار علنا، حتى ولو بشكل رمزي كما حصل في قرار الكنيست في تموز/ يوليو 2025، لولا هشاشة الموقف الدولي وعجزه المستمر عن فرض أي مساءلة فعليّة
لكن قانونيا، يبقى هناك فرق حاسم بين هذا الواقع الفعلي والضم الرسمي (de jure). فالضم الفعلي مؤقت ويمكن التراجع عنه سياسيا، أما الضم القانوني فهو إعلان سيادة نهائي، يُلزم إسرائيل بمصير السكان الفلسطينيين، بين خيارين كلاهما مكلف: إما منحهم الجنسية، أو تكريس التمييز العنصري، بما يفتح الباب أمام وصف النظام الإسرائيلي بأنه فصل عنصري بنيوي. وهذا ما يدفع إسرائيل إلى التردد، مفضّلة إدارة الأرض دون تحمل أعباء السيادة عليها.

واللافت أن إسرائيل ما كانت لتجرؤ على طرح هذا المسار علنا، حتى ولو بشكل رمزي كما حصل في قرار الكنيست في تموز/ يوليو 2025، لولا هشاشة الموقف الدولي وعجزه المستمر عن فرض أي مساءلة فعليّة. فالضغوط الدولية، رغم رمزيتها، غالبا ما كانت أشبه بـ"شهادات حسن نية" تعفي الأطراف من المسؤولية دون أن تُغيّر شيئا على الأرض.

في ظل ذلك، يبقى الضم الرسمي لا يُغيّر من وضع الضفة كأرض محتلة في نظر القانون الدولي الإنساني، ما لم تعترف به غالبية الدول، وهو ما لم يحدث حتى في القدس أو الجولان. أما سياسيا، فإن الضم يُنهي ما تبقّى من وهْم "حل الدولتين"، ويُكرّس واقعا استعماريا معلنا. وعليه، فإن الضم الكامل للضفة يبقى معلّقا بين الممكن سياسيا والمستحيل قانونيا، مع ما يحمله من تبعات خطيرة على النظام الدولي، وحقوق الإنسان، ومصداقية المجتمع الدولي ذاته.

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 21 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية
  • "الجورة".. كلمة سر "النجاة" لمنتظري المساعدات تتحول لـ"قبو تعذيب"
  • الرصاص ينتظر المجوّعين.. قصف متواصل وجرائم إبادة مستمرة / فيديو
  • اقتحامات إسرائيلية في جنين ونابلس والخليل بالضفة الغربية
  • الاحتلال يواصل أعمال التجريف بأراضي خربة مسعود جنوب جنين
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 30 فلسطينيا من الضفة الغربية
  • الضم الإسرائيلي للضفة الغربية: فشلٌ متكرر للنظام الدولي (قراءة قانونية)
  • الاحتلال الإسرائيلي يجرف أراضي لتوسيع بؤرة استيطانية جنوب جنين
  • الاحتلال يُجرف أراضٍ جنوب جنين لتوسيع بؤرة استيطانية رعوية
  • 189 يومًا للعدوان على جنين.. تصاعد الاقتحامات والاعتداءات