تصعيد حزب الله في الجنوب لـتعزيز دفاعاته ليس إلا
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
كتب ابراهيم بيرم في "النهار": يريد حزب الله ان يبرهن للاسرائيليين والاميركيين على حد سواء انه ما انفك يقبض على زمام الامور والمبادرة والفعل على طول الحدود الجنوبية، وانه يتحكم بمسار الامور في هذه الجبهة خلافاً لكل ما يشاع. ودليله على ذلك انه كسر في وقت قصير قواعد الاشتباك في تلك البقعة، والتي بدت خلال الايام الـ 26 الماضية وكأنها ثابتة ورتيبة، وصعّد الموقف الميداني هناك على نحو غير مسبوق بدا فيه كأنه قد شرع في الهجوم وذلك انسجاما مع نظرية عسكرية تقليدية مفادها ان الهجوم في احيان كثيرة يكون شكلاً من أشكال الدفاع.
وتعزيزاً لمفاعيل هذا التوجه أدخل الحزب في هجومه المشهود ذاك العنصر الفلسطيني على نحو اوسع واكبر وقعاً ودلالة من ذي قبل. وتجسد ذلك في اعلان حركة "حماس" انها قصفت للمرة الاولى مستوطنة كريات شمونة في الجليل الاعلى البعيدة نسبياً عن الخط الحدودي بأكثر من اربعين صاروخاً، ما ألحق بهذه المستوطنة التي لها مع الفدائيين الفلسطينيين تاريخ طويل من المواجهات والصراعات قبل العام 1982.
وعلى رغم كل هذه التطورات الحافلة بالدلائل، فان ثمة مراقبين مازالوا يعتقدون ان الحزب واسرائيل ما زالا يلعبان في مساحة متفق عليها وضمن قواعد محددة ولا يرغبان الى الآن في تبديلها. ويتذكر حاملو هذه الرؤية ان اسرائيل تعمدت بعد ساعات قليلة من عملية أسر جنودها في العملية التي نفّذها مقاتلو الحزب في خراج عيتا الشعب في تموز عام 2006، تدمير كل الجسور ومؤسسات حيوية فضلاً عن المطار، وهي حتى الآن ورغم كل التوتير والاحتقان والتصعيد تحرص على ألّا تتعدى قذائفها نحو الاراضي اللبنانية الـ 5 كيلومترات عمقاً. ويبدو من خلال البرهان الميداني ان الحزب يمارس الامر نفسه فلا تتعدى قذائفه وصواريخه هذه المساحة في عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة. وصار واضحاً ان الحزب يضبط ساعته العسكرية على هذا الواقع مراعاة لاعتبارات عدة، ابرزها ان ليس له مصلحة في تعميق جبهة المواجهة لانها والحال هذه ستحيل عشرات القرى والبلدات الحدودية اللبنانية التي يقطنها نحو نصف مليون مواطن الى بلدات غير صالحة للسكن.
وفي هذا السياق، يقول عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة: "ان ما نفذته المقاومة في الجنوب من اجراءات وخطوات منذ السابع من الشهر الماضي إنما تندرج في اطار تحصين دفاعاتها". ويعتبر خواجة ردا على سؤال ان "السماح للعنصر الفلسطيني المسلح بالمشاركة في المواجهات على الحدود هو "مرتّب ومضبوط" ولا يوجد أي تفلّت لان القرار النهائي حوله هو عندنا في لبنان. اما التحذير من العودة الى مرحلة ما قبل العام 1982 (قبل الاجتياح الاسرائيلي الواسع في صيف ذلك العام ) فهو مجرد تخويف، اذ ان تلك المرحلة قد انقضت ولا يمكن ان تعود".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الأمين العام لجائزة الملك فيصل يروي “سيرتها التي لم تُرْوَ”
جواهر الدهيم – الرياض
برعاية وحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، نظّم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ضمن البرامج الثقافي للمركز، وبالتعاون مع جائزة الملك فيصل، محاضرة بعنوان «جائزة الملك فيصل: سيرة لم تُرْوَ»، قدّمها الدكتور عبدالعزيز السبيل الأمين العام للجائزة، واستعرض فيها أبرز المحطات في مسيرتها، والدور الريادي لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في تأسيسها ورعايتها، إلى جانب الإشارة إلى حضور المرأة فيها، وتطور فروعها العلمية ومشروعاتها العالمية، وما شهدته من توسّع في دوائرها المحلية والدولية خلال أكثر من أربعة عقود.
اقرأ أيضاًالمجتمعضمن جهود وزارة الثقافة للارتقاء بمقوماتها التراثية.. الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي يطّلع على المشاريع الحالية والمستقبلية بـ”جدة التاريخية”
وأوضح المحاضر أن الأمير خالد الفيصل يُعدّ القلب النابض لجائزة الملك فيصل، مؤكدًا أن سموه واكبها منذ نشأتها وتابع كل تفاصيلها التنظيمية والفنية، إذ يحرص قبل كل حفل على زيارة موقع الاحتفال للتأكد من جاهزية كل التفاصيل، ويلقي بنفسه الكلمة السنوية في حفل التكريم.
وقد بلغ عدد كلماته (43 كلمة في 43 حفلًا) جُمعت مؤخرًا في كتاب بعنوان «سجل الكلمات» يوثّق مسيرته الخطابية في الجائزة. وذكر المحاضر أن سموه بدأ في السنوات الأخيرة يميل إلى الإيجاز المكثّف في كلماته التي قد لا تتجاوز الخمسين كلمة في بعض الأحيان، لكنها تعبّر بعمق عن روح الجائزة ومقاصدها، مبينًا أن هذا النهج في التعبير المختصر يوازي دقّة الجائزة في اختيار موضوعاتها ولجانها.
واستعرض الدكتور السبيل مواقف تعبّر عن شخصية الأمير خالد الفيصل في تعامله مع الجائزة، من أبرزها موقفه عام 2017 حين أعلن فوز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، مؤكدًا أن ذلك العام شكّل لحظة استثنائية في تاريخ الجائزة. كما أشار إلى موقف آخر لسموه عام 2018 حين رفض قبل يوم واحد من حفل الجائزة عرض فيلم أُعدّ عن الجائزة لأنه كان يظهر فيه وحده دون فائزين. وقامت الجائزة بإنتاج فيلم جديد تم فيه ظهور عدد من الفائزين الموجودين في الرياض. وحين عرض على سموه قبل الحفل حاز على رضاه.
وأوضح المحاضر أن مثل هذه المواقف تجسد حرص الأمير خالد الفيصل على إبراز الجانب الجماعي والعلمي في الجائزة، وهو ما يعكس نهجه في كل ما يرتبط باسم الملك فيصل رحمه الله، وإرثه الفكري والإنساني.
وقد أشاد المحاضر بجهود الدكتور أحمد الضبيب الذي وضع الأسس التنظيمية للجائزة لكونه أول أمين عام لها. وبيّن الدكتور السبيل أن الجائزة تتميز بتركيزها على التخصصات الدقيقة داخل أفرعها الخمسة، إذ تتغيّر الموضوعات سنويًا في كل فرع من أفرع الجائزة لتواكب تطورات البحث العلمي.
ومنذ نشأتها عام 1977م، وبدء منحها لأول مرة عام 1979م، حرصت الجائزة على الالتزام بمعايير علمية صارمة، لا تُقبل فيها الترشيحات الفردية، بل تُقدّم من جامعات وهيئات ومراكز علمية مرموقة، وتُناقَش من لجان تحكيم دولية متخصصة تضم نخبة من العلماء من مختلف التخصصات والثقافات والأديان.
وقد منحت الجائزة لعدد من المستشرقين والمستعربين الغربيين تقديرًا لإسهامهم في خدمة العربية والثقافة الإسلامية، وهو ما يؤكد البعد الإنساني الذي يتجاوز الانتماء الجغرافي أو الديني. فالغاية من الجائزة – كما يقول الأمير خالد الفيصل – هي الاحتفاء بالعلم والعطاء لا بالهُوية.
وحول حذف وصف (العالمية) من اسم الجائزة، أوضح الدكتور السبيل أن طموح الجائزة منذ تأسيسها أن تكون عالمية، ولكن بعد أن أصبحت عالمية بالفعل، لم تعد بحاجة إلى ربط هذا الوصف باسمها، لتصبح (جائزة الملك فيصل) بدلا عن (جائزة الملك فيصل العالمية)، لأن تنوع جنسيات الفائزين، وتوسّع الشراكات العلمية التي حققتها الجائزة في مختلف أنحاء العالم يُعدّ من أبرز مؤشرات العالمية التي تميّز الجائزة. مضيفا أن المستوى الرفيع للترشيحات ونوعية الجهات المتقدمة إليها تمثل مقياسًا حقيقيًا لقيمتها، إذ ترتبط مباشرة بعلماء ومراكز بحثية مرموقة، ما يجعلها جائزة للعلماء الجادين لا للحضور الإعلامي.
وكما أن عددًا من الفائزين بجائزة الملك فيصل قد فازوا لاحقًا بجائزة نوبل، فإن عددًا من الفائزين بجائزة نوبل تقدموا لاحقًا للفوز بجائزة الملك فيصل، وهذا إدراك من هؤلاء العلماء لأهميتها وسمعتها الأكاديمية الرفيعة.
وخلال المحاضرة، عرض الدكتور السبيل عددًا من الإصدارات والمشروعات العلمية التي انبثقت عن الجائزة أو تناولت أعمال فائزين بها، مثل كتاب «الحملات الصليبية: منظور إسلامي» للمؤل…