احميد: الدبيبة ومجلس الدولة لا يرغبان في التوصل إلى أي اتفاق حقيقي بشأن المناصب السيادية
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
احميد: إحاطة المبعوثة «شكلية» وتؤكّد فشل المسار الأممي في ليبيا
ليبيا – قال المحلل السياسي إدريس احميد إن الإحاطة التي قدّمتها الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا هانا تيتيه أمام مجلس الأمن تعدّ إحاطة دورية ضمن المتابعة المنتظمة للوضع الليبي، لكنها تعكس استمرار فشل الأمم المتحدة في أداء دورها الحقيقي بدعم ليبيا للخروج من أزمتها، وذلك في تصريحات خاصة لوكالة «سبوتنيك».
إحاطة دورية وفشل متراكم
أوضح احميد أن البعثة الأممية تدخّلت منذ أكثر من تسعة مبعوثين متعاقبين دون التوصّل إلى حل نهائي، معتبرًا أن هذا المسار أثبت أنه ليس طريق الحل، وأن الأولى كان تشخيص مواطن الخلل بدلًا من الاكتفاء بإحاطات «شكلية».
خلل أمني في طرابلس
بيّن أن الخلل الحقيقي يتمثّل في انتشار السلاح خارج شرعية الدولة، خصوصًا في طرابلس «المرتهنة للتشكيلات المسلحة» التي تستقوي بها الحكومات المتعاقبة وتحصل على الأموال منها، في ظل صمت أممي ودولي، ما يبقي الأزمة في دائرة مفرغة.
مسؤولية البعثة وحكومة الوحدة
لفت إلى ضرورة تحمّل البعثة مسؤولية تشخيص الأزمة بوضوح، خاصة فيما يتعلق بدور حكومة الوحدة التي «لم تنجز المهام المكلّفة بها»، مع سياسات مالية واقتصادية «فوضوية» تهدّد البلاد بالإفلاس، مشيرًا إلى أن التلاعب بسعر الدينار والأرصدة الخارجية لم يُعالج في الإحاطة الأخيرة رغم خضوع ليبيا للفصل السابع.
تدخلات ومناصب سيادية
قال إن التدخلات الأجنبية لا تزال قائمة، وإن حكومة الوحدة والمجلس الأعلى للدولة لا يرغبان في اتفاق حقيقي بشأن المناصب السيادية، وما يجري «مجرّد مماطلة سياسية».
أولوية الأمن قبل السياسة
أكد احميد أن الحل يجب أن يكون أمنيًا قبل أن يكون سياسيًا، إذ لا انتخابات برلمانية أو رئاسية «حقيقية» من دون استقرار أمني وحكومة موحّدة قادرة على فرض سيادة القانون وبسط الأمن على كامل التراب الليبي، وحتى الانتخابات البلدية «لن تنجح» من دون ذلك.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
حرب غزة التي لم تنته
لا شيء في غزة يشير إلى أن الحرب انتهت عدا اللغة الدبلوماسية الباردة التي اختارت أن تطلق على ما يجري اسم «اتفاق سلام» أو«وقف إطلاق نار». الواقع على الأرض يقول شيئا آخر تماما، قصف مستمر رغم أن البعض يطلق عليه اختراق للاتفاق، وحصار خانق لا ينتبه له الكثيرون، ومعاناة إنسانية تتفاقم كل يوم مع دخول الشتاء، فيما يتراجع الاهتمام الدولي خطوة بعد أخرى، كأن العالم قرر أن يُغلِق الملف لمجرد أن نصا «للسلام» وقع في شرم الشيخ.
لا يوجد أي نوع من أنواع «السلام» في المخيمات العشوائية التي انتشرت على طول القطاع وعرضه، مجرد خيام متهالكة تغرق في مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي. ينام الأطفال بملابس مبللة، والمرضى بلا دواء. وجميع الأسر بلا مأوى إلا بطانيات متهالكة ورطبة وبعض خبز جاف.
ورغم أن المنظمات الدولية تتحدث بصوت واضح عن استمرار المجاعة، وتفشّي الأمراض والأوبئة، وعن نظام صحي منهار لا يستطيع التعامل مع أبسط الطوارئ إلا أن أحدا لا يكاد يصغي لكل هذا، ولا حديث إلا عن اتفاق السلام «الهش» وما يعتريه بين حين وآخر من اختراقات إسرائيلية! لكن الحقيقة لا أحد يراها أو يريد أن يراها أن الوضع ما زال مستمرا إلى حد كبير.. الهجمات مستمرة، والشهداء يسقطون كل يوم، والجوع مستمر، وغزة كلها من شمالها إلى جنوبها مكشوفة أمام الشتاء القارص. لا يوحي هذا المشهد أن غزة دخلت «مرحلة ما بعد الحرب».. ما زالت الحرب مستمرة بطريقة أو بأخرى. الذي تغير فقط أن الضمير العالمي يعتقد أنه أدى ما عليه وتم توقيع اتفاق «للسلام» حتى لو كان ذلك على الورق فقط أو في بعض وسائل الإعلام.
أما الاحتلال الإسرائيلي فما زال يتحكم في إيقاع الحياة والموت في غزة؛ يتحكم في المعابر، ويحدد عدد الشاحنات التي تدخل، ونوعية المساعدات المسموح بها، ولم يتحول الاتفاق إلى آلية لتدفق المساعدات وتحول في كثير من الأحيان إلى غطاء سياسي يتيح استمرار الضغط العسكري والاقتصادي على القطاع مع قدر أقل من الضجيج الإعلامي.
تقع المسؤولية إضافة إلى إسرائيل على الدول التي رعت الاتفاق وقدّمت نفسها ضامنة لوقف إطلاق النار الذي لم يتحقق وفق ما تم الاتفاق عليه. وعلى هذه الدول أن تعود مرة أخرى إلى الضغط على إسرائيل وتغير من مستوى اللغة المستخدمة التي تبدو أقرب إلى إدارة أزمة طويلة الأمد منها إلى مواجهة انتهاك سافر للقانون الدولي الإنساني.
والعالم الذي ملأ الشوارع باللافتات المطالبة بوقف الحرب لا يمكن أن يكتفي الآن بالقول إن «اتفاق سلام» وُقِّع وإن الملف في طريقه إلى الإغلاق. إذا كان لوقف إطلاق النار معنى حقيقي، فهو أن يتوقف القتل بالكامل، وأن تُرفَع القيود عن الغذاء والدواء والوقود، وأن تُحمى المستشفيات والمدارس ومخيمات النزوح.
ما ينبغي أن يُقال بصراحة هو أن ترك غزة في هذا الوضع، بعد كل ما شهدته من تدمير وتهجير هو استمرار للتواطؤ الذي بدأ مع بداية الحرب. وأن محاولة تكريس فكرة أن غزة في مرحلة ما بعد الحرب هو وصف تجميلي لحرب ما زالت متواصلة بأدوات أقل صخبا، لكن بالوحشية نفسها.