السودان.. ارتفاع سعر أسطوانة الغاز بجزيرة "الفارين" إلى 50 دولاراً
تاريخ النشر: 21st, June 2023 GMT
حذو النعل بالنعل انتقلت عدوى أزمات العاصمة السودانية الخرطوم المزمنة قبل حرب 15 أبريل، جنوبا لمدينة مدني مركز ولاية الجزيرة بوسط السودان، وسلطت محنة ومعاناة الفارين من جحيم الحرب، الأضواء بشدة تجاه معاناة المواطنين هناك.
وطوال الأيام الماضية، بدت مدني شبيهة بالعاصمة الخرطوم لجهة أزمة الاكتظاظ المروري بشوارع وسط المدينة خاصة عند ساعات الذروة وتمتد لحلول الليل في بعض الأحيان.
وفي السياق ذاته، زادت معاناة سكان مدينة مدني مع خدمة الكهرباء والمياه، إذ تشهد المدينة أزمة حادة بالإمداد الكهربائي والمائي في ظل صيف لاهب الحرارة، وازدادت وطأة المعاناة على كاهل المدينة بعد أن تحولت لوجهة أساسية لأعداد ضخمة من الفارين من جحيم الحرب المستعرة. ولم تقف معاناة مدني عند ذاك الحد، حيث فشت أزمة حادة بغاز الطهي، إذ تجاوز سعر أسطوانة الغاز الواحدة بالسوق السوداء 25 ألف جنيه سوداني أي ما يعادل 50 دولارا أميركيا تقريبًا.
وفي السياق، اعترفت السلطات الرسمية بالجزيرة بوجود أزمة مرور خانقة، وبدأت في اجتراح حلول مؤقتة بينها فتح مسارات جديدة وتحويل بعض الطرقات لتصبح اتجاها واحدا وصيانة طرق أخرى. وعزت السلطات الولائية تفاقم الأزمة لاستقبال المدينة لأعداد ضخمة من الوافدين للولاية.
وتعد مدني إحدى أهم مدن وسط السودان، وتبعد 181 كلم تقريبًا بالاتجاه الجنوبي للخرطوم، وتعتبر واحدة من أكبر المدن المتاخمة للعاصمة، وتعتبر ملتقى طرق ومعبرا من المعابر الرئيسية لمدينة بورتسودان حيث ميناء السودان الأول على ساحل البحر الأحمر.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News جزيرة الفارين السودانالمصدر: العربية
كلمات دلالية: السودان
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: بوت الشرطة وأيام العيد النضرة
في مقطع فيديو ، تداولته منصات التواصل الاجتماعي في السودان، ظهر عقيد شرطة يُعتقد أنه مدير شرطة جبل أولياء، يخاطب جنوده أثناء طابور التمام ، متحدثًا بنبرة تمزج بين الصرامة وروح الدعابة عن أهمية الالتزام بالزي الرسمي والمظهر الشرطي الذي ألفه الناس. قال: “البوت دا جبنا ليك تلبسو، نعم سخن لكن بعد شوية كراعك بتتعود عليه ، وهو بالمناسبة فيه الشفاء من تشقق الكرعين”، لقيت العبارة رواجًا واسعًا وتقديرا كبيراً. خلف هذه العبارة البسيطة، تختبئ دلالة كبيرة تؤكد عودة الشرطة إلى الميدان مسلحة بالانضباط والالتزام و هيبة الدولة.
تزامن هذا الظهور مع بدء انتشار الشرطة في مواقع حيوية بالعاصمة الخرطوم، خلال أيام عيد الأضحى المبارك النضرة وفي مقدمتها الجسور، التي استُعيد تأمينها رسميًا من الجيش لصالح قوات الشرطة. إعلان وزير الداخلية المكلف المدير العام، الفريق أول شرطة خالد حسان محيي الدين، عن هذا التحول، يعتبر رسالة واضحة بأن المرحلة المقبلة تسير نحو تثبيت الطابع المدني، لا العسكري للسلطة. فالدولة الآن تعود من خلال مؤسساتها النظامية التي تشغل مواقعها الطبيعية وتعيد فرض القانون بطريقة تؤكد علي طمأنة المواطن واستعادة أمنه.
توجيهات وزير الداخلية للقوة الشرطية بـ”حسن التعامل مع المواطنين والتحلي باليقظة” تُقرأ كتعليمات ميدانية مستدامة ، بجانب أنها بيان سياسي يحمل مضمونًا إصلاحيًا وتأسيسا لمرحلة قادمة. فالدولة التي خرجت من فظاعة الحرب، الآن تُعيد بناء شرعيتها عبر العدالة والانضباط. وهنا تتجلى أهمية أن تكون الشرطة، داعمة لاستعادة الأمن وتحقيق السلام، و انسياب الخدمات.
في هذا السياق، بحسب “سونا “عادت غرفة المعلومات المركزية التابعة للشرطة إلى العمل من داخل العاصمة، بعد تعرضها للنهب خلال سيطرة المليشيا على الخرطوم. ومعها بدأت الأجهزة الجنائية تنفيذ حملات نوعية مثل تلك التي استهدفت سوق صابرين اول امس ، حيث تم ضبط عدد من معتادي الإجرام، في خطوة تعكس القدرة على تنفيذ مهام أمنية منعية. هذه العودة التدريجية تعبّر عن استعادة السيطرة، بجانب محاولة منهجية لاستعادة الثقة، خصوصًا أن المجتمع السوداني ما زال يداوي جراحه من انتهاكات واسعة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع خلال الأشهر الماضية.
معالم هذه العودة الواثقة ظهرت جليًا في تقرير المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الصادر في 6 يونيو 2025 أشار إلى عودة أكثر من 1.1 مليون نازح إلى مناطقهم في الخرطوم وسنار والجزيرة في أقل من ستة أشهر. عودة بهذا الحجم، تعني ضمنيًا أن المواطن بدأ يرى في الدولة مظلة آمنة. غير أن هذا الاستقرار الأمني بحاجة إلى جهد موازٍ على مستوى الخدمات، وهو ما بدأت بعض مؤشرات ظهوره في زيارات ميدانية لوالي الخرطوم لعدد من المرافق الحيوية، وتشغيل محطات المياه والكهرباء ، وتعهده بإعادة تشغيل المشروعات الزراعية ضمنها الجموعية الزراعي الذي يخدم عشرات القرى.
اقتصاديًا عادت الحياة تدريجيًا إلى أسواق العاصمة، رغم آثار الحرب المفجعة، ما يدل على تعافي في الدورة التجارية. ومن هنا يبرز المشروع الأكبر الذي تطمح له الدولة : تحويل مطار الخرطوم إلى مركز عبور إقليمي. هذه الرؤية التي تدعمها منظمات دولية مثل ICAO تعتبر بمثابة خطة تطوير ضمن سياق إعادة الإعمار، كما أنها رهان على موقع السودان الجغرافي الذي قد يتحول إلى مصدر قوة اقتصادية واعدة، إذا ما توفرت له بيئة آمنة وتشريعات محفزة وبنية تحتية جيدة.
لذلك في هذا المشهد، وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة لم يعد البوت مجرّد مكمل للزي الشرطي، بل أصبح رمزًا لتحوّلٍ من فوضى السلاح إلى انضباط الدولة، ومن عشوائية الميليشيا إلى هيبة القانون. إن عودة الشرطة ، تمثل بداية عبور نحو دولة ينشدها السودانيون: دولة عدلٍ ومؤسسات، تُبنى بإرادة أهل السودان و تتجاوز الجراح . ما نشهده من تحسّن أمني خلال هذه الأيام يؤكد بأن الوطن بدأ يسترد أمنه وعافيته . فالسلام كما نعلم يُصنع في الشوارع، في المدارس، في الخدمات في تفاصيل الحياة اليومية. وهكذا، يمضي السودان بخطى واثقة نحو استعادة البلاد والسيادة وهيبة الدولة ، بالفعل الوطني المتجذّر في أرضه وصلابة أهله.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الاحد 8 يونيو 2025 م Shglawi55@gmail.com