مصر تلغي الإعفاءات الممنوحة لجهات الدولة بالأنشطة الاستثمارية.. هل تدعم القطاع الخاص؟
تاريخ النشر: 26th, June 2023 GMT
القاهرة- قررت الحكومة المصرية أخيرا وبعد سنوات من الدعم المطلق، إلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية ضمن خططها الجديدة للإصلاح وإعادة هيكلة الاقتصاد.
ووافق مجلس الوزراء المصري -في بيان له الأسبوع الماضي- على مشروع قانون بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، في إطار حرص مصر على "تحسين مناخ الاستثمار، ودعم مشاركة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وترسيخا للتوجه الخاص بكفالة فرص عادلة لمختلف الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لها".
وبحسب البيان، فإن مواد مشروع القانون تكفل المساواة بين القطاع الخاص وبين كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وكياناتها وشركاتها أو الشركات التي تسهم في ملكيتها عند ممارسة أنشطة استثمارية أو اقتصادية، وذلك من "خلال سريان الأصل العام المنصوص عليه في قوانين الضرائب والرسوم على كلتا الطائفتين دون تمييز، وإلغاء كافة الإعفاءات الضريبية أو الرسوم، وسواء كان الإعفاء كليا أو جزئيا..".
يأتي القرار الجديد استجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي تضمن -لأول مرة- الاتفاق على تكافؤ الفرص بين الدولة والقطاع الخاص وتقليص دور الشركات المملوكة للدولة والجيش في اقتصاد البلاد، وفق مراقبين.
وتبنت الحكومة المصرية خطة وصفت بالـ"طموحة" من خلال وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، التي أصدرتها واعتمدتها بشكل رسمي نهاية العام الماضي، وتضمنت خطة لبيع حصص في 32 شركة مملوكة للدولة والجهود المبذولة لتحسين الشفافية، إلا أن تنفيذها هو من سيحسم نجاح البرنامج، وفق المعهد التمويل الدولي.
وبحسب وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، فإن "وثيقة سياسة ملكية الدولة، توضح للمستثمرين دور الدولة في مختلف القطاعات كمُنظّم للنشاط الاقتصادي وفق آليّات السوق، وكيفية تخارج الدولة من الأنشطة التي سيتولى القطاع الخاص الدور الأكبر فيها".
مجلس الوزراء يوافق على مشروع قانون لإلغاء الإعفاءات الضريبية المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية لدعم مشاركة القطاع الخاص وحرصًا على شفافية المنافسة pic.twitter.com/Ff4ehydmdW
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 21, 2023
شرط نجاح القانون الجديدقلّل رئيس شركة الاستشارات الاستثمارية "بويز إنفستمنت"، في واشنطن، شريف عثمان، من أثر مشروع القانون الجديد الذي طرحته الحكومة المصرية "ما لم يشمل القانون جميع شركات الدولة بما فيها الجيش وليس قطاع الأعمال فقط حتى يمكن القول إنه سوف يحقق الغرض الذي صدر من أجله".
واعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن أي منافسة عادلة تتطلب تكافؤ الفرص للجميع وتحقيق مبدأ المساواة بين الشركات إذا كانت الحكومة المصرية تريد بالفعل زيادة دور القطاع الخاص وتمكينه في استعادة دوره الذي تأثر بشكل مباشر، وهو ما تظهره التقارير الخاصة بأنشطة القطاع الخاص التي تظهر استمرار انكماشه.
ورأى الخبير المصرفي أن أي استثناءات في القانون الجديد تجعله عديم الفائدة، وتفرغه من محتواه لصالح جهات معينة في الدولة.
امتيازات شركات الدولة تطيح بالقطاع الخاصخلال السنوات القليلة الماضية حققت الشركات المملوكة للدولة -وفقا لبيانات رسمية- أرباحا قوية، قفزت بمعدلات النمو الاقتصادي لكنها ضغطت على القطاع الخاص ودفعته إلى التراجع بشكل ملحوظ.
وذكر تقرير لوكالة رويترز في يناير/كانون الثاني 2021، أنه على مدار 3 سنوات، زادت أرباح 17 شركة قابضة غير نفطية تديرها الدولة لأكثر من 4 أمثالها، في حين انحسر الاستثمار في القطاع الخاص.
وانتقد البنك الدولي -وفقا للتقرير- الدعم السخي الذي تتلقاه تلك الشركات، مثل الاستثناءات الضريبية الخاصة لكنه يؤثر على المنافسة وينتج عنه تشوهات في الأسواق، ويدفع نشاط مستثمري القطاع الخاص إلى الانحسار.
كما أظهر آخر مسح انكماش نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر للشهر الـ30 على التوالي في مايو/أيار الماضي متأثرا باستمرار ارتفاع التضخم وقيام الشركات بخفض الإنتاج نتيجة ضعف الطلب وتراجع المبيعات.
خطوة على الطريقوصف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر سابقا أحمد ذكر الله، مشروع القانون الجديد "بالخطوة الصائبة"، وقال: "هذه الخطوة هي تصحيح خطأ كبير في هيكل الاقتصاد المصري ضمن أخطاء أخرى أدت إلى النتائج الوخيمة الحالية التي تعاني منها البلاد".
وأضاف ذكر الله، في حديث للجزيرة نت، أن هذا القانون ليس مطلبا لصندوق النقد والبنك الدوليين فحسب، بل هو مطلب جميع المستثمرين المحليين، حيث كانت الشكوى من التمييز وانعدام العدالة ومنح مميزات ضريبية وجمركية لبعض جهات الدولة وبالتالي "نستطيع أن نعتبر أنها خطوة على الطريق الصحيح في إفساح المجال أمام القطاع الخاص".
لكنه استدرك بالقول: "لا يمكن الحكم بشكل كامل على القرار إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون، ومعرفة نوع الإعفاءات الملغاة والجهات التي سيطبق عليها القانون".
وتابع "لكنها بداية جيدة ومبشرة ستؤتي ثمارها إذا صدقت النوايا وشمل القانون مشروعات وشركات القوات المسلحة حتى لا يخرج القانون من مضمونه".
تعزيز تنافسية الاقتصادوأعطت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، نصائح أساسية لمصر لتعزيز تنافسية اقتصادها -بحسب صحف محلية- على رأسها ابتعاد الدولة عن مزاحمة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية من أجل تعزيز ازدهار القطاع.
وتأخرت المراجعة الأولى من الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي -والتي كان من المفترض إجراؤها في مارس/آذار الماضي- نتيجة تباطؤ مصر في إجراء بعض الإصلاحات مثل التحول إلى سعر صرف مرن بشكل مستدام، وتنفيذ برنامج لبيع عدد من الأصول من أجل جذب تدفقات من النقد الأجنبي.
وقبل أيام تعاقدت الحكومة المصرية مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) ذراع مجموعة البنك الدولي لتمكين القطاع الخاص مستشارا إستراتيجيا لمساعدتها في بيع الأصول قبل أيام من انتهاء المهلة التي أعلنتها الحكومة لجمع نحو ملياري دولار من برنامج الطروحات الحكومية نهاية الشهر الجاري وعدم تحقيق النتائج المرجوة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
السيسي: الدولة حريصة على تعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، وفدًا من رجال الأعمال الأمريكيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي المنعقد في القاهرة، وذلك في إطار دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
ترأست الوفد الأمريكي سوزان كلارك، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية، وجون كريسمان، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي المصري والرئيس التنفيذي لشركة "أباتشي"، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
السيسي: مصر تتطلع لإنشاء منطقة صناعية أمريكية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عاجل- السيسي يؤكد تطلع مصر لإنشاء منطقة صناعية أمريكية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس الرئيس السيسي: مصر مستعدة لتكون مركزًا صناعيًا كبيرًا للصناعات الأمريكيةوصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي عقد لقاءً خاصًا قبيل الجلسة الموسعة مع رجال الأعمال الأمريكيين، بحضور المسؤولين المصريين، أعرب خلاله عن تطلع مصر لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، واستعداد الدولة الكامل لتوفير كافة التسهيلات للمستثمرين الأمريكيين.
وأكد الرئيس السيسي أن مصر تسعى لتكون مركزًا صناعيًا مهمًا للصناعات الأمريكية، مستفيدةً من موقعها الجغرافي كبوابة للأسواق العربية والأفريقية، والعلاقات القوية التي تربطها بدول القارة.
وأشار الرئيس السيسي إلى حرص الدولة على إنشاء منطقة صناعية أمريكية متكاملة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتكون نقطة انطلاق للصناعات الأمريكية نحو أسواق المنطقة، مؤكدًا أن الاستثمار في مصر يمثل فرصة حقيقية لأي مستثمر بفضل ما تتمتع به البلاد من استقرار سياسي ومجتمعي، قائم على وعي المواطنين وقدرتهم على تحمل تبعات الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي تم تنفيذها لتحقيق الصالح العام، رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.
سوزان كلارك: الشركات الأمريكية في مصر تحقق نجاحات ملموسة
من جانبها، أكدت سوزان كلارك أن زيارة وفد رجال الأعمال الأمريكيين إلى مصر تأتي تأكيدًا على قوة التحالف الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، مشيدةً بالنجاحات التي تحققها الشركات الأمريكية العاملة في مصر، وعلى رأسها شركة "أباتشي"، التي تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين.
وفي ختام اللقاء، أعرب الرئيس السيسي عن تقديره لنجاح أعمال شركة "أباتشي" في السوق المصري وتوسيع استثماراتها، مؤكدًا أن الدولة المصرية مستعدة لتقديم كل أوجه الدعم اللازم للمستثمرين الأمريكيين، وتذليل أي عقبات أمام توسع أعمالهم في مصر.
الرئيس السيسي: مصر حريصة على تعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنميةوخلال الاجتماع الموسع مع ممثلي الشركات الأمريكية، رحب الرئيس السيسي بوفد رجال الأعمال، مؤكدًا عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وحرص الدولة على تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأشار الرئيس إلى أن مصر سوق كبيرة ذات بنية تحتية متطورة، تضم مناطق اقتصادية واعدة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي توفر بيئة استثمارية جاذبة مدعومة بتشريعات محدثة لدعم الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى برنامج إصلاح اقتصادي قوي ساهم في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وزيادة الإنتاجية، وخلق فرص عمل جديدة.
وأكد الرئيس السيسي أن الدولة المصرية تقدر خصوصية العلاقات مع الولايات المتحدة، وترحب بالاستثمارات الأمريكية الجديدة، وتلتزم بتوفير كافة التسهيلات الممكنة لضمان نجاح عمل الشركات والمستثمرين الأمريكيين في مصر، مشددًا على أهمية تعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق أهداف النمو المستدام في البلاد.