بوابة الوفد:
2024-05-20@05:58:30 GMT

إثيوبيا تشعل القرن الإفريقي

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

توقع مراقبون أن تعيش العلاقات الإثيوبية الإريترية، أسوأ حالاتها خلال الفترة الحالية، وذلك عقب لقاء الرئيسين في القمة السعودية الإفريقية، دون عقد لقاء جانبي علي هامش القمة.

يمثل الصراع الدائر في إثيوبيا عاملًا حاكمًا لمسار العلاقات الإثيوبية الإريترية، والتي تشهد توترًا ملحوظًا إثر انتشار قوات عسكرية من الطرفان علي الحدود استعدادًا لحرب حسبمًا ذكر السياسيون الإريتريون لمؤسسة الوفد.

وجهت القوات التيغرانية، اتهامات عديدة للحكومة الإرترية لضلوعها في عمليات نهب والاعتداءات الجنسية وقتل المدنيين، أثناء مساندة الحكومة الإثيوبية في الحرب، ضد تيغراي مع منع وصول المساعدات الإنسانية للمتضريين فى شمال إثيوبيا.

وعلي غرار ذلك، نجحت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي وإيقاد وغيرهما، من نزع السلاح بين الحكومة الإثيوبية وقوات تيغراي وفقا لاتفاق بريتوريا في جنوب إفريقيا، كان اتفاق السلام بمثابة زوبعة لإسياس وكانت بداية الخلافات مع آبي أحمد.

وهو ما يطرح تساؤلات حول تطور العلاقات بين البلدين ومآلاته فى المدى القصير، كما يلقي بظلاله علي العلاقات الإريترية بإقليم أمهرة والحرب القائمة في إثيوبيا خلال الفترة الأخيرة.

القمة السعودية الإفريقية؟

في هذا السياق، عقدت السعودية قمة إفريقية، جمع عدد كبير من رؤساء وزعماء الأفارقة، كان بينهما أسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا، والدكتور آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي،  ويعد أول لقاء يجمعهما بعد تصريحات الأخيرة بضرورة توفير منذ بحري مطل علي البحر الأحمر، ما استفز ذلك التصريح الحكومة الإريترية وأصدرت بيانا تعبر عن غضبها.

وجاءت القمة، لتكشف حجم العلاقة بين الرئيسين خلال الآونة الأخيرة، بعد تداول منشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي من وجود خلافات بينهما، من قبل نشطاء إريتريين وإثيوبيين.

أسياس أفورقي يتجاهل رئيس الوزراء الإثيوبي

عقد الرئيس أسياس أفورقي، لقاءات مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان، والرئيس الصومالي حسن محمود  والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس بوروندي إيفاريست ندايشيمي.

 كما التقي برئيس جمهورية الجابون ورئيس وزراء النيجر ومالي وبوركينا فاسو، والفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السودانى، ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ورغم كل لقاءته تجاهل وجود آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي.

آبي أحمد يغمض عينه عن أسياس أفورقي

فنجد أمامنا اختفاء آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي من أجندة لقاءات الرئيس أسياس أفورقي ولكنه غير متواجد في القمة.

كما حرص الرئيس أسياس أفورقي، عرض أزمة البحر الأحمر للرؤساء الدول، علي أعقاب مطلب إثيوبيا بإن المنفذ البحري بالنسبة لبلاده "حياة أو موت".

لم يكن أسياس لوحده الذى تجاهل آبي أحمد، ولكن الطرف الثاني فعل ذلك، بعد نشر صور عبر صفحته الرسمية منصة تويتر سابقا "x حاليًا"، تجمعه بالرؤساء الذى التقي بهم علي هامش القمة.

 عقد الدكتور آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، لقاءات مع الرئيس بول كاجامي دولة رواندا، وسامية سولوهو حسن رئيسة تنزانيا، وإسماعيل عقيلة رئيس جيبوتي وحسن محمد رئيس الصومال، ومحمد بن سلمان بن عبد العزيز  ولي العهد السعودي.

البحر الأحمر يشعل القرن الإفريقي 

في شهر أكتوبر الماضي، صرح الدكتور آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، بأن البحر الأحمر بالنسبة لإثيوبيا مسألة “حياة أو موت”، مؤكدًا أنه حان الوقت لمناقشة الموضوع علنا دون خوف.

وقال أحمد، إنه حان الوقت لمطالبة إثيوبيا الحصول على منفذ بحري سيادي على البحر الأحمر، في المحافل الدولية.

أثار تصريحه جدلًا كبيرًا في منطقة القرن الإفريقي، مما حذر يمانى جبرميسكل، وزير الإعلام الإريتري، من التلاعب المستمر من أديس أبابا اتجاه منطقة البحر الأحمر ومياه النيل.

 وقال جبرميسكل، في بيان صحفي أصدره فى وقت سابق، إن حكومة إريتريا تؤكد مرارًا وتكرارًا أنها لن تنجر، كما كانت دائمًا إلى مثل هذه الأزقة والمنابر.

 وأكد وزير الإعلام الإريتري، أن الحكومة الإريترية تحث كل الأطراف المعنية على عدم الاستفزاز بهذه الأحداث.

كما علق الكاتب الصحفي الإرتري محمد شيا، رئيس تحرير مجلة النهضة الإلكترونية، علي تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بشأن منفذ بحري على البحر الأحمر، قائلا: "تصريحاته تعكس بصورة جلية العقلية الإمبراطورية العقلية الإمبراطورية الأثيوبية وحكامها عبر العصور".

إثيوبيا تريد منفذ بحري علي البحر الأحمر

وقال شيا، في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، إن إثيوبيا تريد التوسع في أراضيها وعلى البحر الأحمر علي حساب دول وشعوب منطقة القرن الأفريقي، موضحًا بأن تصريحات آبي أحمد تمثل نفس النهج الاستعماري الاستعلائي.

وأضاف رئيس تحرير مجلة النهضة الإلكترونية، أن تصريحات آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، تكشف رغبته الحقيقة للاستيلاء على ميناء أريتري وإيجاد موطئ قدم على البحر الأحمر، مؤكدا من وجود عدد من الشواهد التي تعزز ذلك وعلى رأسها بناء قوات بحرية إثيوبية بالتعاون والتنسيق مع الحكومة الفرنسية.

وأوضح الكاتب الصحفي الإرتري محمد شيا، أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي لن تكون جديدة على الشعب الإثيوبي وسبق وصرح عدد من المسؤولين الإثيوبيين من الحكومة والمعارضة على السواء، كما أنها تصريحات تلامس آمالا وأشواق متطرفين كثر من الشعوب الأثيوبية وعلي رأسهم قومية الامهرا.

واستكمل حديثه للوفد، موضحًا بأن تصريحات الحكومة الإرترية بشأن مطلب إثيوبيا باقامة منفذ بحري علي البحر الأحمر، جاء بالغموض ولكنه يؤشر  الي درجة الاستياء والاحباط من سياسة رئيس وزراء اثيوبيا، ومحاولته التنصل من التفاهمات والاتفاقات السرية التي كانت بين النظامين.

الاتفاقات السرية بين رئيسى إرتريا وإثيوبيا

وأكد أن الاتفاقات السرية بين رئيسى إرتريا وإثيوبيا، لا يعلمها أحد، مضيفا أن العداء بين النظامين بدأ، عندما وقع آبي أحمد اتفاقية بريتوريا مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الذي يعد العدو اللدود لأسياس أفورقي، لافتًا إلى أن الحكومة الإثيوبية تسعى لإنجاح السلام متجاوزا رئيس إرتريا وحلفائه من الامهرا.

الحرب الإثيوبية الإرترية

واختتم رئيس تحرير مجلة النهضة الإلكترونية، حديثه لـ"الوفد"، متوقعًا أن تصريحات آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي ستقود لمواجهة عسكرية بين إثيوبيا وارتريا، قائلًا:" أن آسياس أفورقي، لن يتسامح مع كل من يخرج عن طوعه وربما هذه التصريحات ياخذها كذريعة لتهيئة الاجواء، وحشد الشعب الارتري لمعركة دفاع عن السيادة ولا سيما الشعب الارتري يتعامل بقوة وثبات عندما يتطلب الامر الدفاع عن وحدة تراب البلد".

سياسي إرتري

قال حامد عمر إزاز، الناشط السياسي والقيادي بالمعارضة الإريترية، إن تصريحات آبي أحمد، حول إقامة منفذ بحرى مطل علي البحر الأحمر، يفتقد لأبسط مقومات الدبلوماسية والمنطق القويم  لرئيس وزراء دولة بحجم إثيوبيا.

وأضاف إزاز، في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، يستخدم به القوة من أجل الحصول علي احتياجاته، واصفًا بأنه يعود بالعالم لحقبة زمنية انقرضت، التي كان يسود فيها منطق الغاب.

وأوضح الناشط السياسي والقيادي بالمعارضة الإريترية، أن مطلب أديس أبابا بمنفذ بحري مقصود به هو ساحل البحر الأحمر لدولة إرتريا بالتحديد، لافتا إلى أن الحديث موجه لأسياس أفورقي بشكل خاص، على خليفة اتفاقية السلام التي وقعت بين النظامين في العام 2018 م.

وتابع  القيادي حامد عمر إزاز، أن مطلب أديس أبابا بمنفذ بحري، تسير في اتجاه التكامل التام الذي يمكن لإثيوبيا من امتلاك منفذا على البحر الأحمر، موضحا بأن الجميع قد لاحظ بالخطوات الاستباقية التي كانت تقوم بها دولة إثيوبيا خلال تأسيس قوات بحرية والاستعداد لبناء طريق قاري واصل لميناء عصب الإرتري.

وأشار الناشط حامد عمر، إلي أن الحرب التي أشعلها النظامان ضد الجبهة الشعبية لتيجراي، كانت القشة التي قصمت ظهر العلاقة بينهما، بعد الاتفاقية التي أدت لإيقاف الحرب بين الجيش الفيدرالي الإثيوبي والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في جنوب أفريقيا، الأمر الذي لم يرق لأسياس أفورقي رئيس إريتريا، باعتبار أن القضاء التام على عدوه تيجراي، كان أحد الأهداف الرئيسية التي جمعت بين الرجلين وقادت لتوقيع اتفاقية السلام التي كان إحدى أجنداتها تحقيق مطامع إثيوبيا في المنفذ البحري، بعد التخلص من العدو المشترك للنظامين.

ولفت الناشط السياسي والقيادي بالمعارضة الإريترية،  إلي أن يعتقد بأن  تصريحات أبي أحمد هي لاستثارة الداخل الاثيوبي، بإعتبار أن هذا المطمع من شأنه ان يوحد كافة مكونات الشعب الإثيوبي،  خاصة في ظل الإحتراب الداخلي بينه وبين قومية الأمهرا، ودق اسفين بينها وبين النظام الارتري الذين تربطهما علاقة تحالف يشكل خصما على طموحات وتطلعات أمبراطور إثيوبيا القادم.

طبول الحرب

واستطرد بأن تصريحات آبي أحمد، دعوة لدق طبول الحرب التي لا يقوى عليها حاليا لاعتبارات عدة "داخلية وخارجية"، منها الخلاف الناشب بينه وبين الأمهرا في الداخل، وضعف علاقاته مع دول الجوار الأفريقي التي يميل ميزانها لصالح إرتريا، وكذلك الأوضاع والأحداث الدولية المحتدمة.


واستكمل حديثه ل "الوفد"، حول رد حكومة إرتريا علي تصريحات آبي أحمد بشأن منفذ بحري على البحر الأحمر، فهو يظهر أمامنا عدم الاكتراث والتقليل من الشأن، قائلا "أعتقد بأن نظرة أسياس أفورقي رئيس إرتريا، لا يمكن أن تسبح بعيدا عن التطلع التام نحو إثيوبيا لاعتبارات تاريخية وثقافية واستراتيجية".


واختتم حديثه بعرضه تصريحات أسياس أفورقي، عقب اتفاق السلام الذي نفذه مع أثيوبيا، قائلا: "رأينا ذلك بوضوح في مظاهر السعادة الغامرة التي انتابته عقب اتفاقية السلام التي وقعت بينهما والتصريحات التي أدلى بها أثرها:“ إن من يعتقد بأن إرتريا وإثيوبيا بلدين منفصلين، لا يعرف شيئا”، لكنه يتأجل تحقيق هذا الحلم، كعهده إلا ما بعد التخلص من كافة الخصوم الذين أضيف إليهم رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد الذي تراجع عن هدف القضاء على الخصم اللدود تيجراي".

المجلس الوطني الإرتري

علق المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، علي تصريحات الدكتور آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، بشأن ضم وإلحاق جزء من المناطق الساحلية إلي الملكية الإثيوبية.

وأصدر المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، بيانًا صحفيا للرد عن تلك التصريحات الذي أثار استفزاز النشطاء والحكومة الإريترية. 


 وقال بيان المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي: "تابعنا باستهجان واستنكار بالغ حديث الدكتور آبي أحمد أمام جمع من أعضاء البرلمان الفيدرالي وقيادة حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا، حول ما أسماه الاطلالة على البحر، وأن البحر الأحمر ونهر النيل هما بمثابة” حياة أو موت” بالنسبة لإثيوبيا، مشيرًا إلى أن بلاده ستتخذ كل التدابير اللازمة لتحقيق أهدافها". 

وقال المجلس، إن ومن أخطر ما جاء في تصريحه قوله إنه يريد ضم وإلحاق جزء من المناطق الساحلية إلى الملكية الإثيوبية، مقابل منح إرتريا أو أية دولة جارة تُملِّكُه المنفذ، أسهمًا في شركة الهاتف الإثيوبية، أو الخطوط الإثيوبية، أو منحها قطعة بديلة من أراضي إثيوبيا، هذا التصريح العجيب لا يتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل ينتهك أيضا سيادة أراضي الدول المعنية. 

وأكد المجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي، على أن هذا التصريح يُعدُّ تعديًا سافرًا على سيادة إرتريا وعلى حقوق شعبها الذي مهر حرية ترابه الوطني بالدم، وقدم مئات الآلاف من خيرة أبنائه قرابين من أجل ذلك ليس هذا فحسب، بل أن مثل هذا التصريح قد يكون بمثابة إعلان حرب من قبل إثيوبيا على جيرانها، وعلى وجه الخصوص إرتريا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطاعات واسعة من النخب الإثيوبية درجت على تكرار الادعاءات والزعم بأن إرتريا جزء من إثيوبيا، فرطت بها الجبهة الشعبية لتحرير تقراي، متهمة الوياني بارتكاب خطأ تاريخي. هذا الادعاء الباطل يأتي متوافقًا مع الأطماع التوسعية الإثيوبية عبر التاريخ، ويقابله استهجان ورفض صارم من قبل الشعب الإرتري برمته، والذي تجسد بشكل جلي في تصويته بإجماع بـ "نعم للاستقلال" في الاستفتاء العام الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة وحضره مراقبون من عددٍ كبير من دول العالم.  

واوضح المجلس :" يبدو أن الإثيوبيين لا يريدون أن يتعلموا من التاريخ البعيد والقريب لعلاقتهم بإرتريا وبشعبها،  ولا ضير إذن من أن نُذكِّرهم بأن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الإرتري من أجل تحرير ترابه الوطني، بعد نضال سياسي وعسكري استمر لخمسة عقود، برهنت، بما لا يدع أي مجال للشك، أن الجبروت والقهر لا يمكن أن يرضخ شعبنا المناضل، الذي أرغم قوات الاحتلال على الخروج من أرضنا وهي تجر أذيال الهزيمة والعار".

وأشار إلى أن  بالرغم من المرارات التي خلفها الاحتلال الإثيوبي البغيض على شعبنا، تسامى الشعب الإرتري على جراحاته، وظل يؤكد دومًا على رغبته في نسيان الحقبة الاستعمارية المظلمة، ويمد يد الأخوة وحسن الجوار مع الشعب الإثيوبي، وصولًا إلى علاقات تكافؤ مبنية على التعاون والتكامل لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لشعبي البلدين، لقناعته الراسخة بأن أحلام بعض المجموعات الإثيوبية بالعودة الى الماضي الاستعماري، لن تخدم السلام والاستقرار في المنطقة. 

جدير بالإشارة إلى أن إثيوبيا ليست البلد الوحيد الذي لا يملك منفذًا بحريًّا، فهناك الكثير من الدول الحبيسة، ولكنها تتطور وتنمو لأنها اختارت أن تتعايش مع واقعها، وأبرمت اتفاقيات مع الدول المطلة على المنافذ البحرية، وصنعت شراكات عادت عليها بالخير.

وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا الإصرار على لغة التحدي، وإطلاق العنان للتفكير الاستعماري العقيم، واستدعاء الأساطير الكهنوتية لحكام إثيوبيا الهالكين؟ ألم يكن الأمر ميسورًا بأن تتحاور إثيوبيا مع جيرانها، من أجل استخدام موانئهم، كما فعلت ومازالت مع الشقيقة جيبوتي!!؟  

وفي هذا السياق، يحمل المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، النظام الديكتاتوري القائم في إرتريا، مسؤولية الغموض الذي يكتنف العلاقات الإرترية  الإثيوبية، وعدم سعيه الجاد لترسيم الحدود بين البلدين، وفقًا لاتفاقية الجزائر وقرار لجنة الحدود الدولية، خاصة بعد إزاحة حكم الجبهة الشعبية لتحرير تقراي (وياني تقراي) الإثيوبية من السلطة، والتي كانت تماطل في تنفيذ القرار، وقيام تحالف مشبوه بين النظامين، كما تابعنا جميعًا منذ توقيع الاتفاقية بينهما في عام 2018. 

لذا فإن السعي إلى ترسيم الحدود بين البلدين بشكلها النهائي، بناءً على الحدود الاستعمارية المتوارثة، وكذلك على اتفاقية الجزائر التي تعتبر نهائية وملزمة، أصبح أمرًا ملحًّا في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى. 

إننا في المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، نؤكد لإثيوبيا ولكافة جيراننا، على أن الشعب الإرتري يتطلع إلى بناء علاقات تعاون وتكامل معهم، والاستفادة مما حبانا الله من مقدرات اقتصادية كبيرة وموقع استراتيجي واعد وشعوب مكافحة، بما يحقق التطلعات المشروعة لشعوبنا جميعًا، والارتقاء بدولنا إلى مصاف الدول المزدهرة.

وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة أنظمة ديمقراطية في بلداننا جميعًا تحترم إرادة شعوبها وتطلعاتها. فالشعب الإرتري الذي يعيش في ظل نظام يفتقد إلى أبسط مقومات الدولة الحديثة، ويحكم من قبل نظام شمولي بالحديد والنار لأكثر من ثلاثة عقود، لا يمكنه أن يتطلع إلى بناء علاقات تعاون وتكامل مع جيرانه قبل ترتيب بيته الداخلي.

وعليه فإن من أولويات المجلس الوطني الإرتري إسقاط نظام الفرد الشمولي، وإحلاله بنظام ديمقراطي يحقق الديمقراطية والعدالة والمساواة في ربوع بلادنا.  

ختامًا، نطالب الحكومة الإثيوبية وحزب الازدهار الحاكم إعادة النظر فيما ذكره رئيس وزراء إثيوبيا، وسحب تصريحاته التي لا تخدم الاستقرار والسلام وعلاقات حسن الجوار في عموم المنطقة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المجلس الوطني الإرتري البحر الاحمر اثيوبيا أبي أحمد آبی أحمد رئیس الوزراء الإثیوبی الجبهة الشعبیة لتحریر الحکومة الإثیوبیة علی البحر الأحمر على البحر الأحمر رئیس وزراء التی کان ا إلى أن لا یمکن من قبل من أجل

إقرأ أيضاً:

إدوارد لين يصور «المجتمع العربي في العصور الوسطى»

(1)هذ الكتاب المرجع المهم واحد من آثار المستشرق البريطاني الشهير إدوارد وليم لين التي أتحفنا بها في القرن التاسع عشر، وتمثل خلاصة ممتازة وأصيلة لخبرته الواسعة في معايشة ودراسة المجتمعات العربية، وخاصة «المصرية» منها، في القرن التاسع عشر.

إدوارد وليم لين هو صاحب الكتاب ذائع الصيت «المصريون المحدثون عاداتهم وتقاليدهم» (أفضل ترجماته -من وجهة نظري- التي أنجزها عدلي طاهر نور) الذي حمل حصيلة مشاهدات وتدوين وتسجيل أمين ودقيق لكل ما رآه وعاينه على أرض مصر خلال الفترة التي قضاها فيها في النصف الأول من القرن التاسع عشر؛ وقد ظل هذا الكتاب يحظى ببريق وجاذبية لم تتيسر لكتاب آخر غيره في هذه الدائرة التي تناولها في وصف شعب من الشعوب، وتتبع تفاصيله ودقائقه بمثل هذا الحصر والاستقصاء الذي قام به لين.

وقد لقيت أعمال لين اهتمام المترجمين والباحثين والدارسين على اختلاف تخصصاتهم (في الأدب والفولكلور والتاريخ وتاريخ العصور الوسطى.. إلخ)، فترجموا وحققوا وحرروا عددا من أهم كتبه وأوفرها مادة وأغزرها صورا للوحات مرسومة بخط اليد تكاد تكون آية في دقة النقل وبراعة التصوير.

هذه الطبعة من جمع وتحرير «ستانلي لين بول»، وهو حفيد شقيقة إدوارد وليم لين، وقد ترجم فصولا منه وقدم لها المؤرخ القدير الدكتور علي حسني الخربوطلي وصدرت عن (المكتبة الثقافية) عام 1960.

(2)

وطوال الفترة من 1960 حتى 2022 لم تترجم فصول الكتاب بأكملها حتى اضطلع الباحث التاريخي والمترجم ماجد محمد فتحي بترجمة الكتاب كاملًا، وبالتقديم له والتعليق عليه، وصدر أخيرًا عن مكتبة الآداب العريقة بالقاهرة.

يعرف ماجد فتحي، في تقديم ترجمته للكتاب، بأهمية الكتاب خصوصًا أن مؤلفه هو عميد مدرسة الاستشراق البريطاني في القرن التاسع عشر، إدوارد وليم لين (1801-1873) والرجل الذي ترجم نصنا السردي الأكبر «ألف ليلة وليلة» إلى الإنجليزية، فكان صنيعه للثقافة الأنجلو سكسونية يضارع ما قدمه أنطوان جالان للفرانكفونية بترجمته ألف ليلة وليلة إلى الفرنسية.

ثم يزيد أن هذا الكتاب «المجتمع العربي في العصور الوسطى» ضمن منظومة أعمال لين الشهيرة، قد قام على جمعه وتحريره وإعداده للنشر، حفيدُ شقيقته، المستشرقُ الشهير بدوره (ربما الأشهر في الثقافة العربية بعد أن ترجمت جل أعماله إليها) ستانلي لين بول، ونشره في لندن أواخر القرن التاسع عشر.

ونظرًا لأهميته في مجال الدراسات الاستشراقية لآداب وعادات وتقاليد العرب في العصور الوسطى، وما تضمنه من تحليل ذلك المستشرق الرائد لطرائف «ألف ليلة وليلة»، فقد تصدى الباحث والمترجم «ماجد فتحي» لترجمته كاملا والتقديم بين يديه والتعليق عليه.

أما مؤلف الكتاب؛ فهو إدوارد وليم لين المستشرق الإنجليزي الشهير الذي ترجم كتاب (ألف ليلة وليلة) إلى الإنجليزية، وقدم للمكتبة التاريخية مؤلفات غاية في الأهمية تتصل بالشرق العربي الإسلامي والمجتمعات العربية خاصة في القرن التاسع عشر، فضلا على قاموسه الكبير من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية.

ولد لين في قرية هيرفورد الإنجليزية، والتحق بجامعة كمبردج، لكنه لم يكمل تعليمه الجامعي بها، وانصرف بدلا من ذلك إلى الدراسات الشرقية؛ فسافر إلى مصر عام 1825م، حيث أقام ثلاثة أعوام درس فيها طبيعة مصر الجغرافية وتاريخها، وتأمل في حياة أهلها الاجتماعية والاقتصادية، فخرج من ذلك بكتاب ضخم كان سببًا في شهرته عنوانه «طباع المصريين المحدثين وعاداتهم» صدرت ترجمته العربية تحت عنوان «المصريون المحدثون.. شمائلهم وعاداتهم» من ترجمة عدلي طاهر نور لم ينشره إلا عام 1836م. وقد نفدت الطبعة الأولى من الكتاب في أسبوعين فقط، ثم طبعت منه خمس طبعات أثناء حياة لين. ثم انصرف لين بعد ذلك إلى ترجمة (ألف ليلة وليلة)، ما بين عامي 1838م و1840م، فجاءت ترجمته دقيقة إذا قيست بالترجمات الأوروبية السابقة.(3)

وهذه الترجمة التي اضطلع بها لين تكاد لا تنفصل عن موضوع كتابه هذا الذي نتناوله في هذه الحلقة من «مرفأ قراءة»، ذلك أنه عندما انتهى من ترجمته لـ«ألف ليلة وليلة» رأى لين أنه من الضروري إضافة هوامش للعمل تشرح ما قد يخفى على القارئ الغربي من أشكال الحياة العربية التي قد ترد في الكتاب. بعد ذلك قام حفيد شقيقته «ستانلي لين بول» بجمع هذه الهوامش في الكتاب الذي بين يدينا. واختار له عنوان «الحياة العربية في زمن ألف ليلة وليلة» (أو بحسب الترجمة التي اشتهرت وذاعت «المجتمع العربي في العصور الوسطى ـ دراسات في ألف ليلة وليلة»).

ومع أن ستانلي لين بول اختار عنوان الكتاب بنفسه، إلا أنه يعترف أن هذه الهوامش مبنية بشكلٍ أساسي على مشاهدات شقيق جدته «صوفيا» إدوارد لين في القاهرة. أي أنه لم يبن -كما كان البعض يظن- على بحث تاريخي مستقص للأحوال الاجتماعية في زمن «ألف ليلة وليلة»، كما أنه لم يمتد ليشمل باقي الأقطار التي جمعت منها القصص المتضمنة في الكتاب، وإنما اقتصر إلى حد كبير على الأحوال الاجتماعية في القاهرة في القرن التاسع عشر.وإن كان في الوقت نفسه يرجع للعديد من القصص من زمن هارون الرشيد على اعتبار أنه الزمن الأكثر ارتباطًا بألف ليلة وليلة. وبغض النظر عن الدقة التاريخية للمعلومات الواردة في هذه الهوامش، فإنها تشكل في نهاية الأمر نافذة على الرؤية الغربية الاستشراقية التقليدية للمجتمع العربي.

(4)

ولعل بسبب قيمة ومركزية دراسات لين وهوامشه وملاحظاته في حركة الاستشراق الغربي، هي الدافع الذي جعل إدوارد سعيد يخصه باهتمام كبير في كتابه التأسيسي «الاستشراق ـ المفاهيم الغربية للشرق»، وربما لا تنطبق عبارة إدوارد سعيد الشهيرة القائلة بأن «الشرق صناعة غربية» على شيء مثلما تنطبق على المكانة التي احتلتها «ألف ليلة وليلة» وشغلتها في المخيال الأوروبي فقد تجاوزت كونها عملًا أدبيا «خياليا» أو «متخيلا» لتصبح في أحوال كثيرة مصدرًا رئيسيا لتشكيل نظرة الغرب إلى الشرق.

بل لتتحول عند الكثيرين لنص يمكن استخدامه كمرجع لعادات وتقاليد وتفكير المجتمعات الشرقية وهو ما فعله إدوارد لين في كتابه هذا بالضبط. إلى درجة أن كاتبا شهيرا مثل الأرجنتيني «خورخي لويس بورخس» يكاد يكون تأثره الشديد بالأدب الشرقي اقتصر إلى حد كبير على «ألف ليلة وليلة» لا غيرها.

ولكن النقطة الجدلية هنا ليست تأثير هذا العمل في العقليات المختلفة بوصفه عملا أدبيا فقط، ولكن امتداد هذا التأثير ليشكل مرآة افتراضية للمجتمع العربي.

(5)

على كل حال، فإن هذه الملاحظات لا تنتقص أبدا من قيمة الكتاب ولا أهميته، ولا ضرورته، لا أقول للمؤرخين وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا والفولكلور فقط إنما أيضا للأدباء والكتاب والمبدعين من حيث هو ذخيرة حية لأنماط من البشر والعادات والتقاليد والسلوك الإنساني والاجتماعي والثقافي التي سادت في ظل فترات تاريخية اتسمت بخصوصية نوعية في العصور الوسطى الإسلامية، وقبل الانتقال إلى العصور الحديثة والتعرض لسلسلة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي جرت منذ نهاية القرن الثامن عشر وطيلة القرن التاسع عشر، وصولا إلى القرن العشرين.

يقع الكتاب في أحد عشر فصلًا تدور حول: الدين، والجن والشياطين، والأولياء، والسحر، والكونيات، والأدب، والولائم واللهو، والطفولة والتعليم، والنساء، والرق، وطقوس الوفاة. وذيَّله مؤلفه بقائمة المصادر العربية التي اعتمد عليها لين في كتابة هذه التعليقات، ومعظم هذه المصادر كان مخطوطًا ولم يُطبع حتى وفاة لين.

وقد رأى ستانلي لين بول أن يحرر هذا الكتاب محافظةً منه على القيمة الأدبية والتاريخية لتعليقات ويليام لين عن وصف المجتمع العربي في العصور الوسطى، بإدراجها مبوَّبة ومرتَّبة في هذا الكتاب، خاصةً أنه رأى أن القاهرة ودمشق وبغداد كانت على وشك التحول للطراز الأوروبي في الكثير من مظاهرها، فأشفق أن يضيع ما رآه ولامسه شقيقُ جدته وليام لين من روح «ألف ليلة وليلة» أثناء إقامته في القاهرة لدراسة طبائع المصريين في عصر محمد علي باشا، وآثر تسجيله، فكانت نتيجة ذلك تحريره لهذا الكتاب..

إيهاب الملاح باحث مصري في الأدب والتراث والثقافة

مقالات مشابهة

  • بلزاك.. سيد الوصف والحبكة الإنسانية في القرن الـ 19
  • مفوضية اللاجئين تشعل عاصفة غاضبة.. الرد اللبناني: سنطبق القانون
  • الزمالك يهزم نهضة بركان ويتوج بكأس الاتحاد الإفريقي للمرة الثانية في تاريخه
  • مدرب الأهلي السابق يكشف اللاعب الأفضل في مباراة الترجي التونسي
  • «6» آلاف لاجئ سوداني بإثيوبيا يقاسون العزلة داخل غابة
  • فتح أسواق جديدة لتوفير فرص عمل.. أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال قمة «رايز أب»
  • أحمد عبود باشا «أحد أعمدة الاقتصاد المصرى فى القرن العشرين».. ومن أبرز رؤساء النادى الأهلى
  • إدوارد لين يصور «المجتمع العربي في العصور الوسطى»
  • الستات إيمانهم ضعيف وكلهم هيمشوا ورا المسيح الدجال.. أبرز تصريحات أحمد جلال عبد القوي ببرنامج "كلام الناس"
  • تصريحات تشافي تشعل البيت الكتالوني.. والنادي يتجه لإقالته