رأي الوطن : هدنة تكشف الدمار وتؤكد الصمود الفلسطيني
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
كشفت الهدنة المؤقَّتة الَّتي يشهدها قِطاع غزَّة عن حجم الدَّمار الَّذي تعرَّض له القِطاع ولو بشكل جزئي؛ نتيجة حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي شنَّها كيان الاحتلال الصهيونيِّ، وفق سياسة الأرض المحروقة، من خلال القصف الجوِّيِّ والبرِّيِّ والبحريِّ والتجريف والتهديم وإزالة المعالم الَّتي ظهرت جليَّة مع توقُّف هذا القصف الهمجيِّ.
إنَّ ما ارتُكِبَ من جرائم ضدَّ الإنسانيَّة، رغم وحشيَّته غير المسبوقة الَّتي لَمْ يشهدها العالَم في تاريخه الحديث، وعدم قدرة سكَّان شمال القِطاع من العودة إلى أطلال منازلهم، حتَّى وإن كانت تلك العودة لالتقاط ما يلزم من حاجيَّات معيشيَّة تساعدهم على ممارسة أبسط النشاطات الحياتيَّة في أماكن نزوحهم وسط وجنوب القِطاع، إلَّا أنَّها ستظلُّ فرصة لوقف القتل والإجرام الَّذي يرتكبه كيان الاحتلال ضدَّ أبناء فلسطين العُزَّل، حيث يجِبُ أن يواكبَ هذا الوقف المؤقت، على الأقلِّ تسريع إدخال ما يحتاجه القِطاع المُحاصَر وسكَّانه من احتياجات أساسيَّة وطبيَّة، خصوصًا مع الحالة الَّتي فرضها الاحتلال عَلَيْهم، وحرمانهم حتَّى من مشاهدة منازلهم المُدمَّرة كُليًّا أو جزئيًّا، ولو للبحث في ركامها عن شهدائهم أو بعض أشيائهم الضروريَّة.
ولا يزال القِطاع بلا ماء وطعام وخبز وكهرباء ودواء ووقود، وبلا مُقوِّمات للحياة ولو بحدِّها الأدنى، وكأنَّ زلزالًا قويًّا ضربَه، ويبقى الرهان الرئيس على قدرة أبناء فلسطين على التحمُّل والصمود في بلداتهم ومُدُنهم ومُخيَّماتهم، ورفض الرحيل القسريِّ الَّذي يسعى كيان الاحتلال الصهيونيِّ فرضَه عَلَيْهم، ولقَدْ أظهرَ الفلسطينيون جَلدًا أسطوريًّا، حيث سجَّلت الإمكانات الإعلاميَّة القليلة مشاهد ترصد عودة الفلسطينيِّين إلى منازلهم، بعد أن غادروها قسرًا منذ بدء العدوان، عادوا وهُمْ يحملون أطفالهم وأمتعتهم فوق الشَّاحنات والمَركبات وعربات تجرُّها الأحصنة والحمير، رغم أنَّ مأساويَّة المشهد في شمال القِطاع والَّذي يؤكِّد أنَّ أحياء كاملة مُسِحت عن الخريطة. ورغم أنَّ الرهان على المُجتمع الدوليِّ لَمْ يَعُدْ خيارًا حقيقيًّا، حيث تؤكِّد الأحداث أنَّ الرضوخ الصهيونيَّ للهدنة المؤقَّتة جاء نتيجة صمود المقاومة وربط أيِّ تصوُّر لتبادل الأسرى بهدنة إنسانيَّة، فما ارتُكِبَ من جرائم يؤكِّد أنَّ الإجرام الصهيونيَّ لا يوجد له خطوط حمراء مُلزِمة أثناء عدوانه على الشَّعب الفلسطينيِّ، فالأطفال والنِّساء والشيوخ في قِطاع غزَّة يقتلون بالطائرات الحربيَّة والأسلحة المُحرَّمة دوليًّا دُونَ محاسبة دوليَّة، فالمُجتمع الدولي والأطراف كافَّة، باتوا مطالَبِين بسرعة الاستجابة لنداء الإنسانيَّة والانحياز لمبادئها وضرورة حمايتها، وتحمُّل المسؤوليَّة واتِّخاذ قرار يفرض وقف الحرب، ويضْمَن عودة النَّازحين ويكفُل بقوَّة القانون الدوليَّ والإنسانيَّ تأمين جميع الاحتياجات الأساسيَّة لأبناء فلسطين وبشكلٍ مستدام.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الق طاع
إقرأ أيضاً:
اليوم الـ 600 من العدوان الإسرائيلي.. نداء دولي عاجل لوقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة
تُكمل اليوم الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» توثيق اليوم الـ 600 من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في واحدة من أبشع وأطول جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، وسط صمت دولي مخزٍ وتقصير إنساني فاضح عن وقف المأساة، العدوان لم يقتصر على قتل الأبرياء، بل شمل تدميراً شاملاً للبيئة المدنية، واستهدافاً ممنهجاً للبنية التحتية، والمستشفيات، والمدارس، والمساجد، والمخيمات، في مشهد كارثي لا سابق له.
خلال هذه الفترة، ارتقى أكثر من 54.056 شهيدًا ومفقودًا، تُشكل النساء والأطفال نحو 70% من إجمالي الضحايا، بينهم 12.400 شهيدة و18.000 طفل، فيما تجاوز عدد المصابين 123.000 جريح، كثير منهم بإعاقات دائمة، لا يزال 11، 200 شخص تحت الأنقاض، في ظل تعذر عمليات الإنقاذ بسبب نقص المعدات والوقود واستمرار القصف. ومنذ استئناف العدوان في 18 مارس 2025، قُتل قرابة 4.000 مدني وأصيب أكثر من 11.000 آخرين.
نفّذت قوات الاحتلال أكثر من 11، 859 مجزرة ضد العائلات، أسفرت عن إبادة كاملة لـ 2.172 عائلة، ومحوها من السجل المدني، بينما نُكبت 5.070 عائلة أخرى ولم ينجُ منها سوى فرد واحد، واستُشهد من الطواقم الميدانية 360 من الكوادر الطبية، و113 من الدفاع المدني، و220 صحفيًا وصحفية، و736 عنصرًا من الشرطة وأمن المساعدات، و203 موظفًا في وكالة الغوث، إضافة إلى 800 معلم وأكاديمي.
تسبّب العدوان في تدمير أكثر من 80% من البنية التحتية، بما يشمل المستشفيات، ومحطات الكهرباء، وشبكات المياه، والاتصالات، وحوّل غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة، حيث دخل القطاع مرحلة «كارثة المجاعة»، وبحسب منظمة الفاو، فإن 95% من الأراضي الزراعية أصبحت غير صالحة للزراعة، ما أدّى إلى توقف سبل العيش، وتواجه 1.9 مليون نسمة خطر المجاعة، فيما تُوفي 57 طفلًا بسبب الجوع والجفاف، ويُقدّر أن أكثر من 80% من السكان يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وسط تحذيرات من أن 71.000 طفل دون سن الخامسة معرضون لسوء تغذية حاد.
دُمّرت أكثر من 68.918 وحدة سكنية بشكل كامل، وتضررت 330.500 وحدة جزئيًا، فيما طالت الاعتداءات 89% من المساجد في غزة (أي 1.109 من أصل 1.244 مسجدًا)، بينها 828 مسجدًا دُمرت كليًا، بالإضافة إلى 3 كنائس، و40 مقبرة تعرضت للاستهداف، دُمرت منها 21 كليًا و19 جزئيًا.
يعاني الأسرى الفلسطينيون من انتهاكات جسيمة منذ بدء العدوان، حيث ارتقى 44 أسيرًا من غزة في السجون قبل الإبادة، ضمن 70 شهيدًا قضوا في سجون الاحتلال، في وقت يُحتجز فيه 1.846 معتقلاً من غزة كمقاتلين غير شرعيين، دون أية ضمانات قانونية.
تستمر سياسة التهجير القسري عبر أوامر إخلاء شملت مؤخرًا مناطق في جنوب القطاع مثل خانيونس وبني سهيلا والقرارة، إضافة إلى شمال القطاع مثل بيت لاهيا وجباليا، ما أسفر عن نزوح أكثر من 300 ألف مدني مؤخراً، وتكدّس عشرات الآلاف في منطقة المواصي الساحلية، وسط أوضاع صحية وإنسانية كارثية.
استهدفت قوات الاحتلال 241 مركزًا للإيواء، معظمها تابع لوكالة الأونروا، ما أدى إلى مقتل المئات من النازحين، كان آخرها استهداف مدرسة الجرجاوي في حي الدرج، والذي أسفر عن استشهاد 30 مدنياً على الأقل، أغلبهم من النساء والأطفال.
يشهد القطاع الصحي انهيارًا شبه كامل، حيث تم تدمير أكثر من 32 مستشفى و165 مركزًا صحيًا، بينما خرج أكثر من 80% من المنشآت الصحية عن الخدمة، وسط نقص يفوق 90% في الأدوية والمستلزمات الطبية، وانقطاع مستمر للكهرباء والوقود، ما يُهدد حياة آلاف المرضى يوميًا، خصوصًا الأطفال ومرضى السرطان والفشل الكلوي.
لليوم الـ 80 على التوالي، يُواصل الاحتلال حصاره وحرمانه للقطاع من إدخال المساعدات، ما أدى إلى ندرة المواد الأساسية وارتفاع جنوني في الأسعار، حيث بلغ سعر كيس الطحين أكثر من 10 أضعاف سعره المعتاد، فيما تُباع المواد الغذائية، إن وُجدت، عبر السوق السوداء، ونتيجة لتأخير إدخال الشاحنات، التي لا تغطي أقل من 15% من احتياجات القطاع (600 شاحنة يوميًا على الأقل)، تفاقمت الفوضى والانهيار في آلية الإغاثة، ما تسبب في سقوط 3 شهداء و46 إصابة قرب نقطة توزيع المساعدات برفح.
أما في الضفة الغربية، فقد شهدت منذ 7 أكتوبر 2023 تصعيدًا متسارعًا في الاعتداءات الإسرائيلية، شمل 5.939 عملية هدم لمنازل ومنشآت، وتهجير آلاف المدنيين، ومصادرة 52.000 دونم، إضافة إلى إنشاء 60 بؤرة استيطانية جديدة، واقتحامات متكررة للمسجد الأقصى ضمن محاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني.
الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد»، إذ تدين هذه الإبادة الجماعية التي دخلت يومها الـ 600، وسط دعم أمريكي وصمت دولي معيب، فإنها:
تُجدد دعوتها لوقف فوري وغير مشروط للعدوان، وفتح كامل للمعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والطواقم الطبية.
تُطالب بإحالة قادة الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبتهم كمجرمي حرب.
تدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين، وفرض عقوبات على دولة الاحتلال لردعها.
تُناشد كل أحرار العالم، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى التحرك العاجل للضغط من أجل وقف الجرائم وتوفير الحماية الدولية للمدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
اقرأ أيضاًالهلال الأحمر الفلسطيني يناشد المجتمع الدولي بالضغط لإدخال المساعدات لغزة دون شروط
ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 54249 شهيدا و123492 مصابًا
الإغاثة الطبية بغزة: القطاع الصحي ينهار مع نقص الكوادر والمستلزمات