جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-20@15:35:00 GMT

الضمانة العاجلة للحق في الحياة

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

الضمانة العاجلة للحق في الحياة

 

 

◄ كانت كل تداعيات العدوان واضحة أمام القضاة، ومن ثم كان يستوجب قرار وقفه بصورة عاجلة

 

د. عبدالله باحجاج

نتفق نختلف هذا من البديهيات البشرية.. من هنا يُمكن القول إنَّ قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة يوم الجمعة الماضي بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا حول الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة، ليست في مستوى تطلعاتنا كمُسلمين وعرب، وكل من يشاطرننا حق الإنسان في الحياة بصرف النظر عن وطنه ولونه وعقيدته، وهم أولئك الذين يخرجون بالملايين للشوارع في كل أنحاء العالم ضد العدوان على غزة، وهم أولئك الذين سخروا أقلامهم وفكرهم ونضالاتهم السياسية والفكرية ضد الإبادات الجماعية المتواصلة في غزة، وهم أولئك الذين لديهم إحساس على مدار الساعة بدور الجوع في فقدان الحق في الحياة.

. ومن يعيش حالة الفقد الوجودي للإنسان الفلسطيني عامة وغزة خاصة، سيتفق معنا بأن قرارات المحكمة الدولية لا تحافظ على هذا الحق للإنسان في غزة.

وعوضًا عن الانتصار لهذا الحق، راهنت على مدد زمنية طويلة نسبياً (شهر) بشأن التدابير المؤقتة، وكأن شلالات الأرواح في غزة قد توقفت، وهي تعلم أن العدوان مستمر والمذابح البربرية تتوالى يوميًا، كما راهنت على مجلس الأمن الدولي، وهي تعلم بأن واشنطن ولندن وباريس قد نصبت نفسها فيه كمدافعين عن الكيان الصهيوني بصورة عمياء، وهي تعلم أنها- أي تلكم الدول- هي طرف أصيل في كل ما حدث تاريخيًا في فلسطين المحتلة، ويحدث منذ أربعة أشهر في غزة على وجه التحديد، ومن لم يحركه المذابح الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى في غزة، فهل ستلزمه قرارات المحكمة؟

إنَّ مشهد القرارات يبدو في سيرورته كمنحة زمنية قانونية وسياسية للصهاينة وأنصارهم لتنفيذ خططهم في غزة، وستلي هذه المنحة منح أخرى تستغرقها النقاشات داخل مجلس الأمن وطبيعة الجدال حول مدى الالتزام من عدمه وأسبابه ومعوقاته، والسيرورة القضائية لا تعني بالضرورة أنها مؤامرة، وإن كانت تحمل ملامحها، وإنما هي ضمن سياقات العملية القضائية الدولية وما سيستتبعها من إجراءات دولية لاحقة، فكلنا نعلم أن قرارات المحكمة تنقل فورًا بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن؛ باعتبار أنَّ قراراتها مُلزمة، وعلى كل الأعضاء الالتزام بها، فهل نتوقع مثلا أن تقدم واشنطن ولندن على إدانة الكيان المحتل، وتحميله مسؤولية الجرائم والإبادات داخل مجلس الأمن؟ من هنا فإنِّه سيتم اللجوء الى إخراجات سياسية، وإلى نقاشات عقيمة بشأن الالتزام من عدمه، وطوال هذه الفترات الزمنية القانونية يواصل الكيان المحتل عدوانه ويسقط ضحاياه بحجج لن تنقُصها المبررات التي ستتصدى لتسويقها واشنطن ولندن داخل مجلس الأمن، كحجة رفض المناطق الآمنة وحجة اتخاذ رجال المقاومة المنشآت المدنية مقارًا لعملياتهم.. إلخ.

كان ينبغي على محكمة العدل الدولية أن يكون من أهم قراراتها المستعجلة وقف العدوان / الحرب فورًا، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية لغزة عاجلاً إذا ما أرادت الحفاظ على الحق في الحياة للشعب الفلسطيني، وهذا ما كانت تتأمله ناليدي باندور وزيرة خارجية جنوب أفريقيا عندما قالت- في مؤتمر صحفي- إنَّ هناك خيبة أمل من عدم استصدار قرار من المحكمة بوقف الحرب، فمن سيحكم على مدى التزام الصهاينة بقرارات المحكمة؟ سنجد الكيان الصهيوني وأنصاره فقط في ظل إخفاق المحكمة في تشكيل لجان تقصي الحقائق.

إنَّنا أمام قرارات يستحيل معها وقف المذابح بسبب عقيدة ما يسمى بالجيش الإسرائيلي التي تكشف عنها جرائمه البربرية ومذابحه التي طالت أغلبها الأطفال والنساء، كما إن هناك ألوية في ما يُسمى بالجيش الإسرائيلي مكوَّنة من المنظمات اليهودية الإجرامية، فمثلًا فقد تم تشكيل لواء "جولاني" من عناصرها، وهو من أشهر الألوية، كما قد تم الاستعانة بعناصر متطرفة من أنحاء العالم، وكلهم يحملون الحقد ضد المسلمين، ويعتبرون- مع الصهاينة- المسلمين عدوهم المشترك منذ 1400 عام كما يصرحون بذلك علانية.

كانت كل تداعيات العدوان واضحة أمام القضاة، ومن ثم كان يستوجب قرار وقفه بصورة عاجلة، ونركز هنا على المذابح والإبادة الجماعية التي قبلت بها المحكمة كحجة بنت عليها قراراتها، فلماذا لم تتخذ قرار وقف العدوان؟ هنا حالة استغراب كبرى، وربما تنكشف لاحقًا بما جرى وراء الكواليس، فقضاة المحكمة يعلمون فعلًا بالآلاف الذين راحوا ضحية المذابح في غزة، وصلت في أحد الأيام إلى أربع مذابح، ولنا في مذبحة مستشفى المعمداني ما ندلل به على الخطأ التاريخي للرهان على المعتدي لتجنب مذابحه وجرائمه، فهذه المذبحة هي من أكبر المذابح في حق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، فقد قصف طيران الصهاينة المستشفى الذي كان يحتمي فيه المدنيون والمهجرون.. فسقط 500 شهيد وعشرات الجرحى.

من حق الشعب الفلسطيني الحياة، وهذا هو القاسم المشترك للإنسانية جمعاء، قد نختلف على ما عداه لكن هذا الحق لن يختلف عليه أحد، وكل من يُبيح المذابح فهو لا ينتمي للإنسانية، وإطاله أمد العدوان إباحة لهذا الحق، لذلك كان يستوجب الضمانة العاجلة لحق الفلسطينيين في الحياة من محكمة العدل الدولية، وهذا لم يحدث.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تقرير بريطاني: اليمن يفرض معادلاته ويعيد تشكيل الأمن البحري في المنطقة

يمانيون../
في تطور لافت يعكس التحولات الجذرية في موازين القوى الإقليمية، كشف تقرير نشره موقع ميدل إيست مونيتور البريطاني أن العدوان الأمريكي الأخير على اليمن لم يحقق أيًّا من أهدافه المعلنة، بل تحوّل إلى نموذج جديد للفشل الاستراتيجي الذي يلاحق السياسات الأمريكية في المنطقة، خصوصًا في ظل تنامي دور صنعاء كقوة صاعدة تُعيد تشكيل ملامح الأمن البحري.

وأشار التقرير إلى أن العمليات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية تسببت بخسائر اقتصادية وعسكرية جسيمة للولايات المتحدة، قدّرت بمليارات الدولارات، مؤكداً أن تلك العمليات لم تكن مجرد ردّ فعل، بل عبّرت عن مستوى متقدم من التخطيط والقدرة على خوض معارك معقّدة تُربك أعتى التحالفات العسكرية.

وأكد التقرير أن قرار واشنطن بوقف العدوان على اليمن، دون التنسيق المسبق أو إشراك الكيان الصهيوني في صياغة الاتفاق، كشف عن تصدّع كبير في العلاقة بين الحليفين التقليديين، خصوصًا بعد أن تزامن ذلك القرار مع ضربة صاروخية يمنية استهدفت مطار اللد المحتل، المعروف صهيونيًا باسم “بن غوريون”، ما ضاعف من حجم الإحراج الإسرائيلي وعمّق الشرخ مع البيت الأبيض.

وأضاف الموقع أن هذه التطورات أخرجت اليمن من كونه قوة محلية تدافع عن حدودها، إلى لاعب إقليمي ذي تأثير مباشر في معادلات الأمن البحري والتجارة العالمية، لا سيما في البحر الأحمر وباب المندب، حيث باتت حركة الملاحة تخضع لحسابات صنعاء وخياراتها السياسية والعسكرية.

وخَلُصَ التقرير إلى أن إعلان وقف العدوان من قبل واشنطن منح صنعاء انتصاراً سياسياً ومعنوياً بالغ الأهمية، وعزّز من حضورها الإقليمي كقوة تمتلك من الجرأة والصلابة ما يكفي لتحدي الهيمنة الأمريكية ومجمل المعسكر الغربي، وهو ما يغيّر جذريًا شكل المعادلات الجيوسياسية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • هنغاريا تبدأ انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية بدعوى تسييسها
  • برلمان المجر يوافق على مشروع قانون الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية
  • البرلمان المجري يصوّت لصالح بدء الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية
  • تقرير بريطاني: اليمن يفرض معادلاته ويعيد تشكيل الأمن البحري في المنطقة
  • المحكمة العليا تجيز لترامب سحب الحماية المؤقتة من الترحيل لنحو 350 ألف فنزويلي
  • الزمالك يستعرض المبالغ المالية التي دفعت للمحاكم الدولية
  • العفو الدولية تدعو إلى التحقيق في الضربات الجوية الأمريكية باليمن التي خلفت عشرات القتلى من المهاجرين
  • صدمة لـ بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية
  • النائب فايز أبو حرب: مصر كانت ولا تزال داعمة للحق الفلسطيني في كل المحافل الدولية
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء