تصعيد للحوثيين يستهدف خلال أسبوع 7 سفن أمريكية وبريطانية منها ثلاث مدمرات
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
باتت عمليات جماعة الحوثي ضد السفن الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن شبه يومية، في إشارة إلى تصعيد لافت بمسار العمليات التي ينفذها الحوثيون ضد سفن البلدين اللذين تشن قواتهما ضربات صاروخية ضد مواقع للجماعة في العمق اليمني منذ 12 يناير/ كانون الثاني؛ وقد توعد الحوثيون باعتبار السفن والمصالح الأمريكية والبريطانية أهدافا مشروعة.
منذ أربعاء الأسبوع الماضي؛ أعلن الحوثيون استهداف ثلاث مدمرات (اثنتان أمريكيتان ومدمرة بريطانية) بالإضافة إلى سفينة دعم لوجستي أمريكية (نفت واشنطن الأمر) وسفينة شحن تجارية أمريكية وناقلة نفط بريطانية (ساهمت في إطفاء نيرانها مدمرة أمريكية وفرقاطتان فرنسة وهندية) وسفينة حاويات أمريكية.
يأتي هذا الاستهداف المتواتر في فترة زمنية قصيرة ضمن سياق تصعيد لافت للجماعة، وتحديداً عقب خطاب زعيمها، الخميس، الذي توعد بردّ قاس على استمرار الضربات الصاروخية الأمريكية والبريطانية في العمق اليمني.
خلال أسبوع، استهدف الحوثيون أربع سفن حربية أمريكية وبريطانية؛ وبصرف النظر عن تضارب تصريحات الحوثيين والأمريكيين والبريطانيين فيما يتعلق بمدى دقة الإصابة؛ إلا أنه يبقى تصعيدا عسكريا لا يمكن تجاهله، لا سيما وقد اعترف الطرفان بوقوعه؛ علاوة على أن التصريحات الصحافية لطرفي أي حرب تتداخل بعوامل وحسابات عديدة.
كما أن هذا التصعيد الذي يقود زمامه الحوثيون “دفاعا عن النفس وانتصارا للمظلومية الفلسطينية” هو ضد سفن ومدمرات ربما لم تتعرض لهجوم مماثل في الشرق الأوسط منذ عقود؛ مما يؤشر لخطورة ما تشهده المنطقة وأهمية المواجهة الدائرة حاليا في البحر الأحمر.
كما أن التواتر السريع في تنفيذ العمليات الأخيرة المعلنة، يؤكد أن الأيام المقبلة قد تشهد تصعيدا أعنف؛ وكأن “أنصار الله” يدركون أن الولايات المتحدة لا ترغب في توسيع دائرة المواجهة والذهاب إلى حرب إقليمية، ليس تحاشيا للتأثير على الحرب الإسرائيلية على غزة وحسب؛ بل لأن واشنطن، أيضا، تعيش مرحلة فارقة انتخابيا، بالإضافة إلى استمرار تصعيد عدد من أعضاء الكونغرس ضد هجمات بايدن في اليمن باعتبارها غير قانونية. وبالتالي، فواشنطن ليست في موقف يسمح لها باتخاذ قرار بتصعيد عسكري أوسع ضد الحوثيين، قد تكون نتائجه مخيبة للآمال الانتخابية للرئيس الديمقراطي المقبل من ناحية، ومن ناحية أخرى ستدفع الحوثيين لمزيد من التصعيد ضد السفن الأمريكية في ظل تحذير قادة عسكريين أمريكيين من تطور قدرات الإصابة في صواريخ الحوثيين؛ وبالتالي فالأمر سيكون أكثر حرجا للبيت الأبيض.
ولعل الحوثيين سيضغطون على هذا العامل بمزيد من التصعيد في سبيل تحقيق نتائج يريدون من خلالها إنجاز ما يمكن اعتباره نصرا، وذلك عبر إيقاف التصعيد الأمريكي والبريطاني في العمق اليمني، أو عودة القطع الحربية الأمريكية والبريطانية إلى مواقعها السابقة. وهذا أمر لا يمكن التكهن بإمكانية حدوثه في ظل الوضع الراهن؛ إلا في حال توقفت الحرب الإسرائيلية على غزة؛ فإن مبرر تواجد هذه القوات لن يبقى قائما؛ وإن كان خبراء عسكريون يذهبون في قراءة هذه الاحتمالات بعيدا، مستبعدين ذلك على الأقل في الوقت الراهن؛ لما يمثله البحر الأحمر كمنطقة استراتيجية عسكريا بالنسبة لواشنطن بعد الأحداث الأخيرة.
صواريخ مناسبة
بعد يومين من استهداف سفينة دعم لوجستي أمريكية، أعلن الحوثيون، الأربعاء، استهداف المدمرة الأمريكية (يو إس إس غريفلي) عقب ساعات من إعلان القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) إسقاط المدمرة ذاتها لصاروخ أطلقته الجماعة اليمنية.
وكان زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، قد توعد القوات الأمريكية والبريطانية بالانتقام إزاء عدوانها على اليمن.
وأعلن الحوثيون في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، عن أحدث عملية ضد إحدى أهم المدمرات في سلاح البحرية الأمريكية بالمنطقة، إذ استهدفوا المدمرة (يو إس إس غرافيلي).
وقال الناطق العسكري باسم الجماعة، العميد يحيى سريع، في بيان إن” القوات البحرية بالقوات المسلحة اليمنية، وبعون الله تعالى، أطلقت عدة صواريخ بحرية مناسبة على المدمرة الأمريكية يو إس إس غريفلي في البحر الأحمر”.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد أعلنت في بيان فجر الأربعاء إنه تم إسقاط صاروخ كروز مضاد للسفن أطلقه الحوثيون. وقال البيان على منصة إكس: “في حوالي الساعة 11:30 مساء (بتوقيت صنعاء)، أطلق المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران صاروخ كروز مضادا للسفن من المناطق التي يسيطروت عليها باتجاه البحر الأحمر. تم إسقاط الصاروخ بواسطة “USS Gravely (DDG 107). “ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار”.
فيما أكد العميد سريع “أن كافة السفن الحربية الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي المشاركة في العدوان على بلادنا صارت ضمن بنك أهداف قواتنا، وسوف يتم استهدافها ضمن حق الدفاع المشروع عن بلدِنا وشعبِنا وأمتِنا وتأكيدا على استمرار الموقف اليمني المساند لفلسطين”.
كما أكد “استمرار القوات المسلحة اليمنية في منع الملاحة الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى وقف العدوان على غزة وكذلك رفع الحصار”.
وكان الحوثيون أعلنوا، الاثنين، استهداف سفينة دعم لوجستي (لويس بي بولر) التابعة للبحرية الأمريكية بصاروخ بحري، وذلك أثناء إبحارها في خليج عدن؛ الأمر الذي نفته واشنطن.
وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية، يوم الأحد، أن طاقم سفينتها (إتش إم إس دايموند) نجح، السبت، في صد هجوم بطائرة مسيرة تابعة للحوثيين استهدفت السفينة في البحر الأحمر.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية، الجمعة، إن الحوثيين أطلقوا صاروخا بالستيا مضادا للسفن باتجاه المدمرة الأمريكية (يو إس إس كارني) في خليج عدن، وتم إسقاطه. وفي ذات اليوم، تم الإعلان عن استهداف الحوثيين لسفينة أم/ ڤي مارلين لواندا؛ وهي ناقلة نفط بريطانية تحمل علم جزر مارشال، وكانت إصابتها دقيقة؛ وتسببت باشتعال النيران في أحد صهاريج الشحن.
وكان الحوثيون استهدفوا بتاريخ 24 يناير سفينة حاويات تابعة للفرع الأمريكي لشركة ميرسك الدنماركية العملاقة.
تكرر ذكر”بصواريخ بحرية مناسبة” في البيانات الأخيرة للحوثيين. في إشارة إلى الحرص على عدم ذكر نوعية الصواريخ؛ خاصة منذ إشارة زعيم الجماعة إلى حدوث تطور نوعي في قدراتهم الصاروخية.
وبحسب خبراء ،فإن كان ثمة تطور فهو في نسبة دقة الإصابة، باعتبار الصواريخ البالستية مخصصة لأهداف ثابتة؛ وبالتالي فاستخدامها ضد أهداف بحرية متحركة مهمة ليست يسيرة.
مهمة خاصة
إلى ذلك، نقلت قناة الجزيرة، اليوم الأربعاء، عن مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اعتزام الاتحاد إطلاق مهمته الخاصة في سياق الحفاظ على الأمن وحماية الملاحة الدولية من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر منتصف فبراير/ شباط المقبل.
وقال إنهم يسعون لبدء عمل القوة الأوروبية لحفظ الأمن بالبحر الأحمر في 17 فبراير/ شباط المقبل، مؤكدا أن القوة الأوروبية ستقتصر مهمتها على حماية السفن التجارية فقط من التهديدات، وردع أي هجمات في البحر الأحمر، “ولن تكون جزءا من هجمات ضد الحوثيين”.
في السياق؛ شهدت الرياض مباحثات سعودية روسية بشأن الأوضاع في المنطقة. والتقى السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالقائم بأعمال السفير الروسي لدى اليمن، أفغيني كودروف.
وقال الدبلوماسي الروسي في تدوينة على منصة إكس إنه التقى (الثلاثاء) بالسفير السعودي، وناقشا “الأحداث الأخيرة في اليمن بالتركيز على ضرورة تواصل الجهود الدولية الرامية إلى دفع تسوية سلمية للنزاع في البلد، وناقشنا أهمية انتهاء العمل على خريطة الطريق للتسوية، كما تم التأكيد على الحاجة إلى خفض التوترات الجديدة في المياه المحيطة باليمن”.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر أمريكا الحوثي سفن الأمریکیة والبریطانیة فی البحر الأحمر یو إس إس
إقرأ أيضاً:
بين 'غدير' و'معراج'.. تفكيك محتويات الصندوق الأسود للحوثيين
في مؤتمر صحفي استثنائي عُقد بالساحل الغربي، كشفت المقاومة الوطنية اليمنية عن تفاصيل شحنة أسلحة إيرانية تم ضبطها في 27 يونيو الماضي، وُصفت بأنها "الأخطر" منذ اندلاع الحرب في اليمن. وقد سلطت الشحنة، بما تحويه من تقنيات متقدمة وصواريخ استراتيجية وطائرات مسيرة انتحارية، الضوء على مرحلة تصعيدية جديدة في الدعم الإيراني المباشر للحوثيين، مع ما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على الملاحة الدولية واستقرار الإقليم.
تضمنت الشحنة صواريخ بحرية من طراز "غدير"، ذات مدى يصل إلى 300 كيلومتر، وقادرة على حمل رؤوس متفجرة تزن نصف طن، وهو ما يعني قدرتها على استهداف السفن التجارية وناقلات النفط في عمق البحر الأحمر. كما شملت صواريخ "قدر 380" الموجهة بالرادار، والتي يصعب تشويشها، إلى جانب صواريخ "صقر 358" المحمولة جوًا والمخصصة لمواجهة الطيران العسكري على ارتفاعات متوسطة.
التحول الأخطر تمثل في إدخال طائرات "معراج 532" الانتحارية، ذات القدرة على تنفيذ هجمات جماعية متزامنة، اعتمادًا على نظام توجيه مزدوج عبر الأقمار الصناعية، وهي ذات التقنية المستخدمة سابقًا في استهداف منشآت نفطية سعودية.
جانب آخر من الخطورة تمثل في المضبوطات الإلكترونية، والتي شملت معدات تنصت وتجسس من نوع "سايفون"، إسرائيلية الصنع، وأجهزة حرب إلكترونية معقدة تشمل أنظمة تشويش واختراق وتحكم عن بعد، بالإضافة إلى أجهزة تضليل ملاحي (GPS spoofing) تستخدم للتشويش على الطائرات والسفن.
ظهور هذه المعدات في شحنة واحدة يكشف عن حجم التعقيد والتنوع في شبكة التهريب الإيرانية، ومدى اختراقها للعقوبات الدولية، بل وتعاونها مع وسطاء خارجيين – بمن فيهم شركات ومعدات من دول لا ترتبط رسميًا بطهران.
وفق ما أكد العميد صادق دويد، المتحدث الرسمي باسم المقاومة الوطنية، فإن هذه الأسلحة ليست موجهة ضد المقاتلين، بل هدفها "ذبح المدنيين وشل الاقتصاد العالمي"، مضيفًا أن إيران تكشف من خلال هذه الشحنة عن وجهها الحقيقي كمصدر تهديد مباشر للملاحة الدولية وأمن الطاقة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ورأى محللون عسكريون أن إدخال صواريخ "غدير" إلى مسرح العمليات يعني تهديدًا صريحًا لحركة التجارة في باب المندب، إذ يمكن لهذه الصواريخ إغلاق المضيق الحيوي لأسابيع في حال استخدامها بشكل مكثف.
تمثل هذه الشحنة دليلًا ماديًا جديدًا على انتهاك طهران لقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2231 المتعلق بحظر تصدير الأسلحة. وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران تبرئة نفسها عبر التصريحات الدبلوماسية، فإن المعدات المضبوطة – ومنها صواريخ تحمل علامات إيرانية ومكونات إلكترونية ذات منشأ واضح – تقوّض تلك الادعاءات.
دعت المقاومة الوطنية، من خلال مؤتمرها، المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع هذه التهديدات، عبر توسيع عمليات الاعتراض البحري في بحر العرب والبحر الأحمر، وفرض عقوبات "ذكية" على شبكات التهريب، خصوصًا تلك النشطة عبر سلطنة عُمان والسواحل اليمنية. كما طالب الخبراء بتسليح القوات الوطنية، وفي مقدمتها المقاومة، لتمكينها من التصدي لهذا النوع من التهديدات.
وتكشف هذه العملية عن تغير جوهري في طبيعة الحرب في اليمن، حيث تسعى إيران لنقل معركتها الإقليمية إلى السواحل اليمنية، مهددة الأمن البحري العالمي من خلال وكلائها الحوثيين. وإذا لم يُواجه هذا التصعيد بتحرك دولي حازم، فإن المنطقة قد تكون على أعتاب فوضى جديدة تتجاوز حدود اليمن، وتطال عمق التجارة العالمية وأمن الطاقة الدولي.