تغير المناخ يضرب إنتاجية المحاصيل بضرب قدرة المزارعين على العمل
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
يتشكل مثلث إنتاج الغذاء العالمي من "محاصيل" و"ماشية" و"بشر" يديرون هذه المنظومة. وبينما ينصرف الحديث دوما عند دراسة تأثيرات تغير المناخ على الغذاء إلى الحديث عن الضلعين الأولين، لا يتطرق كثيرون إلى الضلع الثالث، وهي المشكلة التي تعالجها دراسة دولية قادتها جامعة لوبورو البريطانية بالتعاون مع جامعات أسترالية وأميركية.
ولفتت الدراسة التي نشرتها دورية "غلوبال تشانغ بيولوجي" الانتباه إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى انخفاض قدرة المزارعين البدنية، وأوضحت أنه بحلول نهاية القرن يمكن أن تؤدي أحداث الطقس المتطرفة إلى انخفاض إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 40٪ في مناطق إنتاج الغذاء الرئيسية مثل باكستان والهند، وتزداد تلك النسبة إلى 70% في مناطق زراعة المحاصيل المهمة الأخرى في جنوب وجنوب شرق آسيا وغرب ووسط أفريقيا وشمال أميركا الجنوبية.
ويقول الباحث المشارك بالدراسة البروفيسور جيرالد نيلسون في بيان صحفي أصدرته جامعة لوبورو: "تخلص التقييمات باستمرار إلى أن تغير المناخ سيقلل من إنتاجية المحاصيل والماشية، مما يزيد من تفاقم تحديات الأمن الغذائي، ولكن نتائج دراستنا تشير إلى أن التأثيرات تتعدى المحاصيل والماشية، فالعمال الزراعيون الذين يزرعون ويحرثون ويحصدون الكثير من الغذاء الذي نحتاجه سيعانون أيضا بسبب التعرض للحرارة، مما يقلل من قدرتهم على القيام بالعمل في الحقل".
وتضمنت الدراسة استخدام نماذج حسابية للتنبؤ طورتها جامعة لوبورو، تُعرف باسم "قدرة العمل الفردية بالنسبة إلى بيئة خالية من أي إجهاد حراري".
وتعتمد النماذج على بيانات من أكثر من 700 تجربة للإجهاد الحراري، تضمنت مراقبة الأشخاص الذين يعملون في نطاق واسع من درجات الحرارة والرطوبة، وظروف مناخية مختلفة، بما في ذلك أشعة الشمس والرياح.
واستُخدم الحد الأقصى لقدرة العمل التي يمكن للأفراد تحقيقها في مناخ بارد كمعيار للدراسة، وهو ما يمثل قدرة العمل البدني بنسبة 100%.
ويعني الانخفاض في القدرة أن الناس محدودون في ما يمكنهم القيام به بدنياً حتى لو كان لديهم الدافع للعمل، وقد يترجم ذلك إلى حاجة المزارعين إلى عمال إضافيين للقيام بالعمل نفسه، وإذا لم يكن ذلك متاحا فسيتم تقليل أحجام محاصيلهم.
وتكشف الدراسة أن العمال الزراعيين يشعرون بالحرارة فعلا، حيث تشير التقديرات إلى أن نصف مزارعي الأراضي الزراعية في العالم يعملون بأقل من طاقتهم بنسبة 86٪ في ظروف مناخية قريبة من الظروف المشار إليها (1991 – 2010).
وكخطوة تالية، نظرت الدراسة في التعديلات المحتملة للتخفيف من تأثير تغير المناخ على العمال الزراعيين، وتبين أن التحول إلى العمل ليلا أو في الظل لتقليل الإشعاع الشمسي المباشر يؤدي إلى تحسين إنتاجية العمال بنسبة 5 إلى 10%.
ويتمثل الخيار الثاني الذي دُرس في زيادة الاستخدام العالمي للآلات والمعدات الميكانيكية، وخاصة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، حيث تنطوي الممارسات الزراعية إلى حد كبير على العمل البدني الشاق.
ومن جانبه، يصف أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية المصري خالد سليمان، نتائج الدراسة بأنها محاولة جيدة للفت الانتباه للضلع الثالث في إنتاج الغذاء، والذي لا يُلتفت له كثيرا.
وقال سليمان في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": إن التقارير الدولية دائما ما تركز فقط على وعي المزارع بتأثيرات تغير المناخ على محاصيله وثروته الحيوانية، لكنها لا تتطرق إلى التأثير على صحة المزارع نفسه، وهو ما عالجته تلك الدراسة.
وأوضح أن هناك ستة تأثيرات مباشرة وتأثيرا غير مباشر لتغير المناخ على أداء المزارع، ويمكن حصر تلك التأثيرات في الآتي :
أولا: التأثيرات المباشرة1- ارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ يمكن أن يجعل حالات تعرض المزارعين للإجهاد الحراري أكثر تكرارا وشدة، ويمكن أن يؤدي العمل في ظروف شديدة الحرارة إلى الإصابة بأمراض مرتبطة بالحرارة والإرهاق.
2- تغير المناخ يرتبط بزيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات، وتؤدي هذه الأحداث إلى إتلاف المحاصيل والبنية التحتية والمعدات، مما يتطلب جهودا بدنية شاقة من المزارعين للتعافي وإعادة البناء.
3- يستلزم تغير المناخ تغييرات في الممارسات الزراعية التقليدية، مثل تغيير جداول الزراعة والحصاد، وتعديل تقنيات الري، واعتماد أصناف جديدة من المحاصيل، وغالبا ما يتطلب تنفيذ هذه التغييرات جهدا بدنيا إضافيا من المزارعين.
4- التغير في أنماط هطول الأمطار وزيادة التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة، يؤدي إلى ندرة المياه في مناطق معينة، وقد يحتاج المزارعون إلى المزيد من الجهد البدني في إدارة المياه، بما في ذلك بناء وصيانة شبكات الري، لضمان إمدادات المياه الكافية لمحاصيلهم.
5- يحتاج المزارعون إلى جهد بدني إضافي في تدابير مكافحة الآفات، مثل استخدام المبيدات الحشرية، وإستراتيجيات الوقاية من الأمراض، حيث تؤدي التغيرات في درجات الحرارة والرطوبة إلى ظهور آفات وأمراض جديدة.
6- يمكن للتغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار أن تغير من ملاءمة بعض المحاصيل لمناطق معينة، وقد يحتاج المزارعون إلى الانتقال إلى محاصيل جديدة أو تعديل ممارسات الزراعة، وهو ما قد يتطلب جهدا بدنيا إضافيا.
ثانيا: تأثيرات غير مباشرةويأتي التأثير غير المباشر من أن تغير المناخ يؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل، والتعرض لتلوث الهواء، وغير ذلك من المخاطر البيئية الصحية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى اعتلال الصحة وتقليل القدرة البدنية للمزارعين على المشاركة في الأنشطة الزراعية الشاقة.
ويأمل البروفيسور بجامعة لوبورو والباحث المشارك بالدراسة جورج هافينيث، أن يساعد هذا البحث في فهم تلك التأثيرات التي يُحدثها تغير المناخ على الإنتاجية الزراعية.
ويقول هافينيث في البيان الصحفي إن "فهم التأثير الكامل لتغير المناخ على إنتاجية العمال يمكّننا من التنبؤ بالأثر الاقتصادي لتغير المناخ وتوجيه الجهود التي تضمن الحفاظ على سلامة العمال مع الحد من خسائر الإنتاجية".
ويضيف: "نأمل أن يساعد ذلك في توجيه الاستثمارات لدعم العمال الزراعيين والأمن الغذائي، حيث إن تغير المناخ يجعل بيئة العمل في الهواء الطلق غير مضيافة على نحو متزايد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تغیر المناخ على درجات الحرارة یؤدی إلى أن تغیر یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
بقوة 5.5 درجات.. زلزال عنيف يضرب مقاطعة أوشوايا الأرجنتينية
أفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأنه تم رصد زلزالا بقوة 5.5 درجات على مقياس ريختر ضرب اليوم مقاطعة "أوشوايا" في الأرجنتين.
وذكرت الهيئة الأمريكية ، أن الزلزال وقع على بعد 251 كيلومترًا من مدينة "أوشوايا" الواقعة في المقاطعة، وعلى عمق 10 كيلومترات.
ولم ترد حتى الآن أي تقارير عن وقوع خسائر بشرية أو مادية جراء الزلزال.
وفي وقت سابق؛ ضرب زلزال قوي بلغت قوته 6.6 درجات على مقياس ريختر قبالة السواحل الشمالية الشرقية لمدينة أنغورام في بابوا غينيا الجديدة، في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء 21 مايو 2025، وفقًا لما أفاد به المركز الأمريكي لرصد الزلازل (USGS) وفقا لـ رويترز.
ووقع الزلزال على عمق 53 كيلومترًا تحت سطح الأرض، وعلى بُعد حوالي 111 كيلومترًا شمال شرق مدينة أنغورام، الواقعة في مقاطعة إيست سيبيك.
حتى الآن، لم ترد تقارير عن وقوع خسائر بشرية أو أضرار مادية كبيرة نتيجة الزلزال، ولم تصدر تحذيرات من حدوث تسونامي، حيث أفادت وكالة رصد الزلازل الفلبينية (PHIVOLCS) بعدم وجود تهديد بحدوث موجات مد عاتية في المنطقة .
تُعد بابوا غينيا الجديدة من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا في العالم، نظرًا لموقعها على "حلقة النار" في المحيط الهادئ، وهي منطقة معروفة بالنشاط التكتوني العالي والزلازل المتكررة.
وتشهد البلاد سنويًا العديد من الزلازل التي تتجاوز قوتها 6 درجات، مما يجعلها عرضة لمخاطر الانهيارات الأرضية والتسونامي .
يُذكر أن زلزالًا بقوة 6.9 درجات ضرب مقاطعة إيست سيبيك في مارس 2024، وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 12 آخرين، مما يبرز التحديات المستمرة التي تواجهها البلاد في التعامل مع الكوارث الطبيعية .
تواصل السلطات المحلية والمنظمات الدولية مراقبة الوضع عن كثب، مع التأكيد على أهمية تعزيز البنية التحتية وتحسين نظم الإنذار المبكر للتقليل من آثار الزلازل المستقبلية