"بلومبيرغ": أوروبا تستعد لحرب تجارية عبر الأطلسي مع ترامب حال فوزه بالانتخابات الرئاسية
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
قالت وكالة "بلومبيرغ" إن أوروبا تستعد لحرب تجارية عبر المحيط الأطلسي مع دونالد ترامب إذا فاز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وبحسب "الوكالة" بدأت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبروكسل بالتخطيط للطوارئ، حيث من الممكن أن تؤدي ولاية ترامب الثانية إلى فرض تعريفات جديدة تستهدف الكتلة.
وقال مسؤول أوروبي للوكالة، إن المفوضية الأوروبية بدأت في إعداد تقييم لعواقب الانتخابات، مع إيلاء "اهتمام خاص" للسيناريو الذي يظهر فيه ترامب كفائز.
وأضاف أن "وصول الجمهوري إلى السلطة لفترة ولاية جديدة سيؤدي إلى فرض تعريفات تجارية موجهة ضد الاتحاد الأوروبي".
وذكرت الوكالة سابقا أن فريق ترامب يقوم بتشكيل قائمة محتملة من الإجراءات ضد الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن أن تشمل إدخال تعريفة تجارية دنيا مشتركة بنسبة 10٪.
وفرضت الولايات المتحدة في عهد ترامب في النصف الأول من عام 2018 رسوما جمركية على واردات منتجات الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي - 25% و10% على التوالي، أو 6.4 مليار يورو سنويا.
وفرض الاتحاد الأوروبي بالمقابل رسوم "إعادة توازن" انتقامية على واردات سلع مختلفة من أمريكا بقيمة 2.8 مليار يورو.
وفي عام 2021، اتفق الطرفان على التعليق المتبادل للتدابير المتعلقة بالسلع المتضررة وإيجاد حل مقبول للطرفين.
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي انتخابات دونالد ترامب الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
كيف حول الاتحاد الأوروبي ملف الهجرة إلى صفقات بالمليارات؟
منذ مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة لم يعد ملف الهجرة غير النظامية بالنسبة للاتحاد الأوروبي مجرد مسألة إنسانية أو تحد أمني داخلي، بل تحول إلى ما يشبه المزاد الجيوسياسي المفتوح تُعرض فيه المليارات على طاولة التفاوض مقابل وعود بإيقاف تدفقات بشرية نحو القارة العجوز.
وبحسب منظمة أوكسفام، تحولت دول الجنوب -ولا سيما شمال أفريقيا ومنطقة الساحل- إلى أطراف متعاونة في معادلة لم تكن في الأصل شريكة في صياغتها، لكنها أصبحت حيوية في تنفيذها.
ووفقا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الأوروبي، فإنه مع تصاعد الخطاب الشعبوي واليميني المتطرف في العواصم الأوروبية وتزايد الضغوط السياسية الداخلية باتت الحكومات الأوروبية تبحث عن "حلول سريعة" لمشكلة اللجوء تضمن أمن الحدود وتبعد النقاش عن الداخل المتشنج.
ويشير التقرير المعنون "أثر الشعبوية على سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي" إلى أن هذه الحلول غالبا ما تترجم إلى اتفاقيات مع دول توصف بالفقيرة أو الهشة سياسيا، مقابل دعم اقتصادي مشروط ومراقبة أمنية مشددة تجبر المهاجرين على المرور بتفتيش ومراقبة دقيقة قبل أن يقتربوا من السواحل الأوروبية.
ومع تكرار هذه التجارب مع دول مثل تونس وموريتانيا ومصر والمغرب والسنغال تعود إلى الأذهان تجربة الاتفاق الأوروبي مع تركيا عام 2016، ويُطرح التساؤل: هل تمثل هذه الاتفاقيات برامج تنمية حقيقية؟ أم أنها مجرد خصخصة للحدود الأوروبية وتمويل لمنع الفقراء من الاقتراب من ثروات الشمال؟
View this post on Instagram
A post shared by الجزيرة (@aljazeera)
تركيا 2016.. صفقة الخوففي مارس/آذار 2016 وقّع الاتحاد الأوروبي وتركيا -حسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية- اتفاقا حاسما نص على إعادة جميع المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية مقابل تعهد بروكسل بدفع 6 مليارات يورو على مراحل لتحسين أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا.
إعلانكما وعد الاتحاد بتسريع مفاوضات الانضمام الأوروبية، وإلغاء تأشيرات الدخول للأتراك إلى فضاء شنغن، وهو وعد لم يتحقق إلى يومنا هذا، بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الاتفاق جاء بعد أزمة اللاجئين الكبرى في 2015 حين دخل أكثر من مليون شخص إلى أوروبا، أغلبهم من سوريا والعراق وأفغانستان، وكان القادة الأوروبيون تحت ضغط شعبي غير مسبوق دفعهم إلى البحث عن شريك خارجي يغلق الباب مقابل ثمن.
ورغم أن الاتفاق أدى فعليا إلى خفض أعداد المهاجرين عبر بحر إيجة بنسبة 90% خلال عام واحد فإن تكلفته الإنسانية كانت عالية، وبات اللاجئون أداة تفاوض بين أنقرة وبروكسل.
وأضافت "لوفيغارو" أن هذا الاتفاق شكّل نقطة الانعطاف التي فتحت المجال أمام خصخصة سياسات الهجرة، لكن من دون إطار قانوني ملزم، مما ترك الباب مفتوحا لتجاوزات كثيرة، بل وخلق نوعا من الاعتياد السياسي على فكرة دفع الأموال مقابل إغلاق الحدود.
وفي تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية عام 2017 وصف الاتفاق بأنه "تبادل لاجئين مقابل أموال"، وتحدث عن حالات اعتقال في تركيا وترحيل، ولا سيما بعد محاولة الانقلاب في 2016.
وأصبح هذا النموذج "قالبا جاهزا" لتصميم صفقات جديدة مع دول الجنوب تمثلت في اتفاقات جديدة لا تتعلق بإعادة اللاجئين فحسب، بل تمتد لتشمل مراقبة الحدود ومكافحة "الهجرة من المصدر"، مما يعني فرض سيطرة أمنية تمتد إلى العمق الجغرافي لأفريقيا، وفقا للتقرير.
وترى منظمة العفو الدولية أنه في الوقت الذي تمتلك فيه تركيا مؤسسات تفاوض قوية وورقة ضغط فعلية فإن دولا أفريقية تدخل إلى هذه الاتفاقات من موقع ضعف، وغالبا ما تستخدم أزماتها الاقتصادية وسيلة إقناع، لذا فهي لا تملك القدرة على فرض شروط عادلة أو المطالبة بضمانات حقوقية حقيقية.
المال لحماية أوروبا من فقراء العالموحسب صحيفة إندبندنت البريطانية في يوليو/تموز 2023، وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تونس بقيمة تجاوزت مليار يورو ضمن ما وصفها قادة الاتحاد بـ"الشراكة الإستراتيجية الشاملة"، والتي تتضمن مكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي.
وجاء الاتفاق في ظل تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس بعد تجميد البرلمان واحتكار الرئيس قيس سعيّد السلطة، مما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية أوروبية، لكن الاتحاد تجاهل تلك التحفظات مقابل ما سماها "مكافحة شبكات تهريب البشر".
وقد نص الاتفاق على تقديم دعم مالي مباشر وغير مباشر للحكومة التونسية يُقسّم على شكل تمويلات للبنية التحتية، ودعم لقوات الأمن وحرس السواحل، إلى جانب برامج مراقبة رقمية وتمويل معدات تكنولوجية.
وقد وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هذا الاتفاق بأنه "صفقة بلا ضمانات حقوقية"، في حين أكدت منظمة "برو أزول" الألمانية أن ما يحصل هو "خصخصة للسياسات الأوروبية"، حيث تدفع بروكسل مقابل أن تقوم دول أخرى بـ"الدور القذر نيابة عنها"، على حد قولها.
هذا النموذج من التمويل تكرر مع دول أخرى مثل موريتانيا التي استقبلت في مارس/آذار 2024 زيارة من مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية إيلفا يوهانسون، حسب الوكالة الموريتانية للأنباء.
إعلانوقد تم توقيع مذكرة تفاهم تتضمن تخصيص 210 ملايين يورو لتقوية قدرات الأمن ومراقبة الحدود البحرية والبرية في مواجهة ما تسمى "طريق الهجرة الأطلسي" نحو جزر الكناري.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن موقع إسبيكتوميديا المتخصص في تتبّع انتهاكات حقوق الإنسان، تحولت موريتانيا إلى محطة في الإستراتيجية الأوروبية الرامية إلى إغلاق الطريق الأطلسي نحو جزر الكناري.
وفي مصر، بلغت المساعدات الأوروبية لمراقبة الحدود أكثر من 110 ملايين يورو في الفترة بين 2021 و2024، بحسب تقارير مركز الهجرة المختلطة، وهو ما ترافق مع تمدد في النفوذ الأمني الأوروبي -خصوصا الألماني والفرنسي- في ملف إدارة السواحل المصرية الشرقية والغربية.
ومن المثير في هذه الاتفاقيات أنها تصاغ غالبا -بحسب منظمة "ستيت واتش" الحقوقية- في غياب رقابة برلمانية شفافة، سواء من الجانب الأوروبي أو المحلي، وتدرج تحت بنود "الشراكة الطوعية" رغم أنها تحمل تبعات اجتماعية وإنسانية ضخمة، حيث باتت مراكز الاحتجاز في تلك الدول تمتلئ بمهاجرين من جنوب الصحراء ترحلهم أوروبا بشكل غير مباشر عبر تمويل الحكومات الحاجزة لهم.
ويرى تحليل لإذاعة صوت ألمانيا أن المتابع لهذا النهج لا يخرج عن إستراتيجية قديمة تم تكريسها عبر ما يعرف بـ"الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل أفريقيا"، والذي أنشئ عام 2015، ورُصد له أكثر من 5 مليارات يورو لتقليص دوافع الهجرة في القارة السمراء.
لكن تقارير التقييم التي صدرت لاحقا عن البرلمان الأوروبي بينت أن أغلب المشاريع ركزت على الجوانب الأمنية والرقابة بدلا من التنمية الحقيقية وخلق فرص العمل.
وهكذا، يتحول اللاجئ أو المهاجر غير النظامي -وفقا لمنظمة أوكسفام- إلى بند قابل للبيع والشراء ومادة تفاوضية بين طرف يملك المال وآخر يبحث عن البقاء.
أما الأمل في حماية كرامة الإنسان أو توفير طرق آمنة للهجرة النظامية فيغيب عن النصوص والاتفاقات، ويُترك لمنظمات المجتمع المدني أن تطالب به بلا نتيجة تُذكر، على حد قول المنظمة الحقوقية.
حين تصبح الحدود سوقافي صيف 2024 كشفت صحيفة دير شبيغل الألمانية بالتعاون مع شبكة لايت هاوس ريبورتس عن وثائق تظهر أن الاتحاد الأوروبي قد موّل عبر شركات خاصة تكنولوجيا متطورة لمراقبة المهاجرين في دول شمال أفريقيا، منها رادارات متحركة وطائرات مسيرة ونظم ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات السكانية.
وتعمل الشركات التي نفذت هذه العقود مثل إيرباس دفانس وهنسولدت في مجال التسلح والمراقبة، مما يثير تساؤلات بشأن عسكرة سياسة الهجرة.
ولم تعد الاتفاقات الأخيرة تقتصر على منح التمويل المباشر، بل باتت تشمل تكليف شركات أمنية أوروبية بتنفيذ المشاريع داخل الدول الشريكة، مما يؤدي فعليا إلى خصخصة الرقابة على الحدود.
وعلى سبيل المثال، قامت شركة كوغنيتك الألمانية بتركيب أنظمة التعرف على الوجوه في مراكز حدودية في دول عربية عدة على ساحل المتوسط.
وفي موريتانيا، وقّعت الحكومة عقدا مع شركة فرنسية لإنشاء نظام معلوماتي مشترك مع خفر السواحل الإسباني لمراقبة تحركات القوارب في "المثلث البحري" الرابط بين نواذيبو وجزر الكناري.
وبحسب منظمة ستيت واتش، فإن هذا المشروع يخضع لمراقبة مباشرة من الوكالة الأوروبية فرونتكس المعروفة بسجلها المثير للجدل في انتهاك حقوق المهاجرين، وهذه الدينامية تضعف السيادة الوطنية، وتجعل ملف الهجرة حقل "تجارب للرقابة الرقمية" تنفذ تحت شعار "مكافحة الهجرة غير النظامية"، في حين أن جوهرها يتمثل في تصدير التكنولوجيا الأمنية الأوروبية على حساب المبادئ الحقوقية.
كما أن معظم التمويلات تدار عبر مؤسسات أوروبية لا تخضع للمساءلة المحلية، مثل بنك الاستثمار الأوروبي أو الوكالة الأوروبية للتعاون الإنمائي، مما يجعل آليات الرقابة غائبة، بحسب المنظمة.
وفي تقييم داخلي صدر عن الاتحاد الأوروبي عام 2022 تبين أن نصف المشاريع الممولة في أفريقيا في مجال الهجرة لم تلتزم بمعايير الشفافية، ولم تقدم تقارير نتائج قابلة للتحقق.
إعلانوالأخطر من ذلك هو النزعة المتزايدة لاستغلال الذكاء الاصطناعي لتوقّع احتمالات الهجرة عبر نماذج خوارزمية تستند إلى البيانات الاقتصادية والسكانية والمناخية.
وهذا النموذج الاستباقي -الذي تطوره حاليا شركة بالانتير تكنولوجيز بالتعاون مع فرونتكس- يحول البشر إلى أهداف رقمية قبل أن يغادروا دولهم، وهو ما تراه منظمة ستيت واتش تحويلا للحدود إلى "سوق مغلقة" تباع فيها خدمات الحماية وتشترى.
في المقابل، تختفي المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي مثل حقوق الإنسان واللجوء الإنساني والكرامة، وكل شيء أصبح يدار بمنطق الربح والخسارة، على حد قول المنظمة الحقوقية.