نادي قضاة المغرب يتضامن مع رئيسه بعد استدعاءه من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية لمشاركته في ندوة علمية
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
عبر نادي قضاة المغرب عن قلقه الشديد، بخصوص استدعاء رئيس النادي لمثوله أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية بسبب مشاركته في ندوة علمية، ، حول موضوع: “قراءة متقاطعة في مشروع قانون المسطرة المدنية”.
وأكد نادي القضاة، في بلاغ صادر عن مكتبه التنفيذي أمس السبت أن مشاركة الرئيس، عبد الرزاق الجباري، في الندوة العلمية المذكورة ، كانت بصفته الجمعوية وليست بصفته القضائية، وأن الدعوة التي تلقاها من أجل المشاركة كانت بتلك الصفة، وأنه قدم تصورات الجمعية حول مشروع قانون المسطرة المدنية في علاقته باستقلال القضاء، وهو ما يبقى عملا جمعويا خاضعا، بصفة حصرية، لأحكام ظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات، طالما أن الرئاسة جهاز مستقل من الأجهزة المسيرة للجمعية، طبقا لمقتضيات المادة 17 من قانونها الأساسي.
وسجل البلاغ أن الجهة المنظمة للندوة المذكورة هي جمعية تضم مجموعة من المحامين المنتمين إلى حزب معين، وأن المحامين، وبغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، هم جزء من أسرة القضاء تطبيقا للمادة 1 من قانون مهنة المحاماة. كما أن موضوع هذه الندوة كان علميا مهنيا بحتا، حضر أشغالها وشارك فيها نقباء ومحامون منتمون إلى أطياف سياسية مختلفة، كما حضرها محامون غير منتمين، ومعهم أساتذة جامعيون، إلى جانب بعض القضاة.
وأوضح البلاغ أن للقضاة وجمعياتهم المهنية الحق في المشاركة في النقاشات العامة المتعلقة بالتشريعات ووسائل العدالة والسياسات التي لها علاقة بالقضاء والعدالة عموما بغض النظر عن الجهات المنظمة، وفق ما أوصى به تقرير المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، والصادر بتاريخ 12 يوليوز 2019، تحت عدد A/HRC/41/48، وقررته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرار حديث لها، صدر بتاريخ 06 يونيو 2023، في الملف 19-63029، المتعلق بالقاضية Ayse Sarisu Pehlivan.
كما أكد أن حق القضاة في التعبير وفي ممارسة العمل الجمعوي مكفول بموجب الدستور والقانون والمواثيق والإعلانات والتوصيات الدولية ذات الصلة، وأنه لم يرد عليهما من القيود خارج القيام بالمهام القضائية سوى عدم اتخاذ موقف سياسي صريح بالخوض في الشؤون السياسية أو ممارسة نشاط سياسي، وأن الندوة المذكورة كانت لها طبيعة علمية محضة، لم تصطبغ بأي شكل من أشكال النشاط السياسي وفق تعريفه المنصوص عليه في الفصل 15 من قانون تأسيس الجمعيات.
وشدد على أن الدستور والقانون ومدونة الأخلاقيات القضائية لا تمنع مشاركة القضاة وجمعياتهم المهنية في الندوات العلمية المنظمة من قبل أطياف المجتمع السياسي والمدني والنقابي والمهني ببلادنا، وأن هذا الأمر جاري به العمل منذ إقرار دستور 2011 إلى الآن، وذلك للاستفادة من خبراتهم في مجال العدالة وتطبيق القانون خدمة للمجتمع ومصالحه العليا. ويسجل، في هذا الصدد، مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ندوة نُظِّمت حول “إصلاح العدالة بالمغرب”، بتاريخ 25 يناير 2023، من طرف مجموعة نيابية تمثل حزبا سياسيا.
وأعلن المكتب عن تضامنه المطلق واللامشروط مع رئيس “نادي قضاة المغرب”، عبد الرزاق الجباري، المعروف، في إطار تمثيله للجمعية، بدفاعه عن استقلال القضاء وحقوق القضاة، وبدعمه لقيم الوطنية واحترام القانون والحياد والتجرد والشفافية والنزاهة المهنية والفكرية. ويَعتبِر، في هذا السياق، أن الأمر باستدعائه بسبب نشاطه الجمعوي يشكل استهدافا لـ “نادي قضاة المغرب” وتضييقا على ممارسته لأنشطته بكل حرية وفق ما يكفله الفصل 12 من الدستور، كما أنه ردُّ فعل على مواقف هذا الأخير من الدفاع عن “الأمن المهني” للقضاة.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: نادی قضاة المغرب
إقرأ أيضاً:
محمد دياب يكتب: «العدالة المهدورة» بين قضاة ومحامى الفيسبوك
الحقيقة لم تعد محل اهتمام بعدما فرض هواة الظهور ومروّجو الفوضى سيطرتهم على المشهد العام. تحوّل كل حادث أو قضية رأي عام إلى سيرك مفتوح، يتصارع فيه من لا علاقة لهم بالأمر، ليقدّم كل منهم فقرته السمجاء على مسرح الهراء.
بمجرد ظهور خبر أو نشر صورة، تنفجر المنصات بأشخاص قرروا فجأة أنهم النيابة العامة، وهيئة الدفاع، وخبراء الطب الشرعي، بل والقضاة أنفسهم. يوزعون الاتهامات، يصدرون الأحكام، ويحتفلون بتنفيذها افتراضيًا.. ثم يعودون لتناول عشاءهم كأن شيئًا لم يكن!
التريند يسبق العدالة ويصنع روايات هشةالتريند يسبق القانون بخطوات، يصنع الأحكام قبل أن تُفتح ملفات التحقيق. لا يُنتظر بيان رسمي، ولا يُحترم تحقيق قائم، فكل ما يحتاجونه منشور مجهول أو لقطة مجتزأة ليبنوا عليها روايات هشة لا تصمد أمام بساطة الحقيقة.
وراء هذه الجلبة، يقف "محامون بالمراسلة" لا يشغلهم إقناع القاضي بقدر ما تشغلهم كاميرا البرامج، يبيعون الوهم على شاشات التوك شو، يؤلفون دراما لا أصل لها، فقط ليكسبوا متابعين. منهم من يظن أن ارتداء بدلة وترديد عبارات قانونية يعني أنه نابغة، بينما هو لا يعرف الفرق بين الدفع والادعاء.
محامو الشاشات: دراما قانونية بلا مضمونتحول البعض إلى تجار قضايا، يختارون فقط ما يصلح للعناوين الكبرى وما يثير اللغط، ليقفزوا فوقه ويصرخوا بأنهم "محامي الشعب" و"صوت المظلومين".. لكن صوتهم لا يتعدى شهرتهم، ولا مظلوميتهم تتجاوز حساباتهم البنكية
فهل تُحل القضايا بالمزايدات؟ وهل تتحقق العدالة بالمشاهدات؟
نحن أمام مشهد هزلي لا يضحك، بل يُبكي، حيث يُترك الحق للقضاء الإلكتروني وتُشنق البراءة في تعليقات فيس بوك.
النقاش لم يعد قائمًا على المعرفة والتخصص، بل تحوّل إلى ساحة يهيمن عليها المدّعون ويتوارى فيها أهل الخبرة، ممن يحولون الحوادث إلى مواسم لصيد اللايكات، ويتعاملون مع آلام الناس كفرص ذهبية للانتشار.
مرافعات على المسرح لا في المحكمةمنصة المحاكم تراجعت في نظرهم، فأصبح الحضور الأهم أمام الكاميرات، يصخب ليُرَى لا ليقنع، ويخوض المعارك من أجل تريند لا متهم
كأن الشرف المهني لم يعد يعني شيئًا، والمرافعة تحولت إلى أداء مسرحي هابط لا يخضع لأي نقد أو مراجعة.
هذه الفوضى الأخلاقية تنال من هيبة العدالة، تزعزع ثقة الناس في مؤسساتهم، وتجرّ المجتمع إلى صراع مع ضجيج لا يعرف منطقًا ولا حدودًا، حيث يعلو صراخ الجهل على صوت القانون.
فإلى متى تظل هذه المسخرة قائمة؟ وإلى متى نمنح ميكروفوناتنا لمن لا يستحق؟
آن الأوان لأن نغلق هذا المسرح، ونعود للمنصة الحقيقية.. منصة القانون، لا منصات الجهل الإلكتروني.