موقع النيلين:
2025-05-29@05:23:18 GMT

عامان على حرب أوكرانيا

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT


تدخل الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، بعد أن اتسم العامان الماضيان بالمأزق العسكري للقوات الروسية، التي كانت تعتقد أنها ستُسقط النظام في كييف وتفرض عملاءها في غضون أشهر أو أسابيع على بدء عدوانها، ولكن ونحن ندلف إلى العام الثالث لهذه الحرب باتت موسكو تعلّق آمالها على فقدان صبر أمريكا والغرب في دعم زيلنسكي، مستغلة هذا التردد الغربي والانقسام وسط صفوف الدول الغربية لتحقيق انتصارها السياسي، لاسيما مع انشغال واشنطن وعواصم الغرب بشكل عام في العدوان الإسرائيلي على غزة، بحيث باتت الأخيرة أشبه بفخ ليس للقوات الإسرائيلية، وإنما للغرب بشكل عام، فخ متعدد الجبهات، عسكرياً وسياسياً وإعلامياً وأخلاقياً وأكاديمياً حتى.

في عواصم القرار الغربية تتصاعد المخاوف من إمكانية تراجع الدعم العسكري والأمريكي لكييف، مما يجعل أوروبا وحيدة في مواجهة روسيا ليس من حيث الكلفة العسكرية والاقتصادية، وإنما من حيث الانكشاف السياسي أمام قوة بوتين، بحيث يتجرأ على عواصم غربية أخرى، أو في أقل الأحوال يجعلها عرضة للابتزاز الروسي، مما يعني تزايد الفجوة بين الغرب وأمريكا، التي تتعالى فيها أصوات تطالب بالابتعاد عن أوروبا المكلفة مالياً وسياسياً وحتى عسكرياً لها دون مقابل كبير.

وبينما حددت موسكو شروطها ولا تزال مستمسكة بها وهي رضوخ أوكرانيا واستسلامها للقوات الروسية، فإن كييف مصرة على الصمود وعدم الرضوخ للإمبراطورية الروسية، التي أنعشها بوتين من جديد، منقلباً بذلك على العقيدة الأمنية والعسكرية التي صكّها غورباتشوف ويلتسين والمتضمنة هوية روسيا الأوربية، ليأتي بوتين ويعيد هوية روسيا الآسيوية كما أرادها ستالين ومن قبله، وهو ما دفع غورباتشوف إلى القول قبل وفاته بأن بوتين انقلب على كل إرثه.

 

الظاهر لنا حتى الآن بأن بوتين يحقق انتصارات على الأرض لكن مقابل خسائر بشرية هائلة، وحتى خسائر في المعدات التي بلغت أرقاماً خيالية من تدمير الطائرات والدبابات والمدفعية، واستنزاف خزائن السلاح الروسي، فقد قدّرت الأوساط الغربية عدد قتلى الروس بأكثر من 200 ألف قتيل، أما الأوكران فقد فشلوا في تحقيق انتصار على الأرض، لكنهم لم يستسلموا، مما جعل المعركة أشبه ما تكون بفخ ومأزق للطرفين، وتراوحت خسائر الأوكران بين 70 ألف قتيل بحسب تقديرات أمريكية، و60 ألفا وفقاً لتقديرات روسية، بينما أعلن زيلنسكي أول أمس في مؤتمره الصحفي أن عدد قتلى جيوشه بلغ 31 ألف قتيل، علماً أن أوكرانيا تعد ثلث روسيا سكانياً، وباتت عاجزة عن الحشد والتعبئة بعد كل هذه الخسائر، بينما روسيا التي تنتظر انتخاب شكلي لبوتين الشهر المقبل تواجه بالمقابل نفس مأزق الحشد بعد أن قتل أكثر من 200 ألف من قواتها، وهروب أكثر من مليون شاب من روسيا على خلفية التجنيد التي أطلقته موسكو.

الحقيقة الثانية المهمة في هذه الحرب فهي أنها تعتمد على سلاح وذخيرة الآخرين، فالقوات الروسية تعتمد على المسيرات الإيرانية، واليوم ثمة اتهامات أمريكية بتلقي موسكو صواريخ بالستية إيرانية، أما قذائف المدفعية الروسية فتأتيهم من كوريا الشمالية، بينما أوكرانيا تنتظر الدعم العسكري الغربي، حيث إن الاتحاد الأوربي تعهد بـ 54 بليون دولار للدعم، وهو بحاجة للغطاء الأمريكي الذي يواجه خلافاً داخلياً قد ينعكس سلبياً على الحرب في أوكرانيا، على الرغم من تخصيص 60 بليون دولار للحرب في أوكرانيا ولكن لا تزال بحاجة لتصديق الكونغرس الأمريكي، وما لم تحظ كييف بمثل هذه الأسلحة المتطورة، فإنها ستواجه مأزقاً وربما هزيمة أمام القوات الروسية.

ومع الإصرار الروسي على الاستسلام الأوكراني، ورفض الأخير ذلك، يبقى التعويل الروسي على الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أن تفرز رئيساً مثل ترمب، يعيد العلاقة مع روسيا إلى ما كانت عليه، ويتخلى بالتالي عن دعم أوكرانيا، وهو الذي سبق أن عبر غير مرة عن رغبته بالتخلي عن النيتو، وبأنه أصبح عبئاً على الأمن الأمريكي، وهنا سيدفع الأمريكي ثمناً باهظاً لا أقله من فقدان هيبته العالمية المرهونة بعقد الاتفاقيات والتسويات، إن هو استسلم لموسكو.

اليوم بعد عامين على الغزو الروسي ترسخت نظرية البعض في أن الحرب ستعزز تحالف بكين ـ موسكو مقابل تحالف الغرب، بحيث يتحول العالم إلى ثنائي التحالف، كما كان ثنائي القطبية خلال الحرب الباردة، والغرب اليوم يحاول أن يعالج اعتماده على الصين وثرواتها، قبل أن تدهمه ظروف مماثلة للغزو الروسي لأوكرانيا، فواجه يومها مشكلة علاج مصادر طاقته، وهي نقطة ضعفه الكبيرة أمام التحدي الروسي، ولذا فعلى أوروبا أن تستبق وضعاً صينياً مماثلاً.

وفي الوقت الذي نلمس يوماً بعد يوم تعزيزا وتعضيدا لحلف روسيا والصين، نرى ضعفاً وتمزقاً على صعيد الحلف الأوروبي ودوله، وخسارة حلفائهم، إن كان في العالم العربي أو غيره، وهو ما يتناقض مع ما يكسبه المعسكر الآخر من حلفاء جدد.

لقد كان الغزو الروسي لجورجيا 2004 ولضم القرم 2014 جرس إنذار للقوى الغربية، لم تدركه ولم تتعامل معه في حينه،  لكن غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022 شكل صدمة كهربائية لهذه القوى، وفي حال لم تتنبه له، فإن الصدمة القادمة ستكون مدمرة في ظل تنامي الحلف الروسي الصيني، وتراجع معسكر الغرب بشكل عام.

د. أحمد موفق زيدان – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

بوتين يطرح شروطه لوقف الحرب مع أوكرانيا ويطلب تعهدا مكتوبا

28 مايو، 2025

بغداد/المسلة: اشترط الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا أن يقدّم القادة الغربيين تعهّدًا مكتوبًا بوقف توسّع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقًا، ورفع جزء من العقوبات المفروضة على روسيا، وفقًا لما نقلته رويترز عن ثلاثة مصادر روسية مطلعة.

وبعد محادثة استمرت أكثر من ساعتين مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، قال بوتين إنه وافق على العمل مع أوكرانيا لصياغة مذكرة تُحدد ملامح اتفاق سلام، بما في ذلك توقيت وقف إطلاق النار. وأوضحت موسكو أنها تعمل حاليًا على صياغة نسختها من المذكرة دون تحديد موعد لإنهائها.

لكن كييف وحكومات أوروبية اتهمت موسكو بالمماطلة لكسب الوقت، بينما تواصل قواتها التقدّم في شرق أوكرانيا.

ونقلت رويترز عن مصدر روسي رفيع المستوى: “بوتين مستعد للسلام، لكن ليس بأي ثمن”.

وبحسب المصادر الثلاثة، فإن بوتين يريد تعهّدًا مكتوبًا من القوى الغربية الكبرى بعدم توسيع حلف الناتو – في إشارة واضحة إلى استبعاد انضمام أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا ودول سوفييتية سابقة أخرى للحلف.

كما تطالب روسيا بأن تبقى أوكرانيا دولة حيادية، ورفع بعض العقوبات الغربية، وتسوية مسألة الأصول السيادية الروسية المجمّدة في الغرب، وضمان حقوق المتحدثين بالروسية في أوكرانيا.

وقال المصدر الأول إنه في حال أدرك بوتين أنه غير قادر على الوصول إلى اتفاق سلام بشروطه، فسيلجأ إلى تحقيق انتصارات عسكرية لإقناع الأوكرانيين والأوروبيين بأن “السلام غدًا سيكون أكثر إيلامًا”.

من جهتها، تؤكد أوكرانيا أن لا يجب أن تُمنح حق النقض (الفيتو) على طموحاتها للانضمام إلى الناتو، وتقول إنّها بحاجة إلى ضمانات أمنية قوية من الغرب تردع أي هجوم روسي مستقبلي.

وأشار المصدر الأول إلى أنه إذا رأى بوتين فرصة تكتيكية في ساحة المعركة، فسيدفع بمزيد من القوات، إذ يرى الكرملين أن روسيا قادرة على مواصلة الحرب لسنوات رغم العقوبات والآلام الاقتصادية الغربية.

وأضاف مصدر ثانٍ أن بوتين بات أقل ميلًا للتنازل عن الأراضي، ويتمسك بموقفه العلني بأنه يريد السيطرة الكاملة على المناطق الأربع التي تدّعي روسيا ضمها شرق أوكرانيا. وقال: “بوتين شدّد موقفه بخصوص الأراضي”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • هذه شروط بوتين لوقف الحرب ضد أوكرانيا .. أولها لجم الناتو
  • بوتين يطرح شروطه لوقف الحرب مع أوكرانيا ويطلب تعهدا مكتوبا
  • روسيا.. لافروف يكشف شروط موسكو لوقف الحرب مع أوكرانيا
  • أوكرانيا تشن هجوماً واسعاً على روسيا وتعطل حركة الملاحة الجوية في موسكو
  • الحرب في أوكرانيا.. ترامب: بوتين يلعب بالنار
  • الخارجية الروسية: موسكو تعمل على صياغة مسودة لاتفاق سلام في أوكرانيا
  • روسيا تشن أكبر هجوم بالمسيّرات على أوكرانيا وترامب يتهم بوتين بـالجنون
  • ترامب بعد الضربة الروسية على أوكرانيا: بوتين أصبح مجنونا
  • ترامب يحذّر بعد أعنف هجوم على أوكرانيا: بوتين يدفع روسيا نحو الهاوية
  • أوكرانيا حاولت اغتيال الرئيس الروسي بوتين أثناء زيارته لكورسك