الجزيرة:
2025-10-13@10:49:30 GMT

فيلم حياة واحدة يكشف القناع

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

فيلم حياة واحدة يكشف القناع

لا يمرّ عام أو عامان دون أن تقدّم لنا السينما الغربية عملًا سينمائيًا أو تلفزيونيًا، دراميًا أو وثائقيًا؛ عن المحرقة اليهودية، وما تعرّض له اليهود على أيدي الحكم النازي إبان الحرب العالمية الثانية، لدرجة أن العالم لم يعد يعرف شيئًا عن المآسي والآلام التي تعرّضت لها الشعوب الأوروبية على أيدي النازيين سوى هذه المحرقة، وأصبحت الحرب العالمية الثانية لدى الأجيال الغربية المتعاقبة؛ مقرونة بها، كنتيجة طبيعية لعملية منهجية منظمة تقوم بها الحركة الصهيونية منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية.

غير أن توزيع فيلم (حياة واحدة) مؤخرًا ليعرض في دور السينما، بينما تتواصل حرب الإبادة الصهيو-أميركية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ حوالي خمسة أشهر، سهّل على المشاهدين القيام بالمقارنة بين ما تعرّض له اليهود على أيدي النازيين، وما يقومون به حاليًا في قطاع غزة، ومكّنهم من التوصّل إلى الحقيقة، دون أدنى لبس أو غموض، ليكتشفوا حجم التضليل والخداع والابتزاز الذي كان يعيشه العالم على مدى العقود السابقة.

الحرب الصهيونية في قطاع غزة زلزلت في أذهان العالم كل ما تم تلقينه إياه على مدى عقود طويلة حول المحرقة اليهودية عن طريق الأفلام السينمائية، والمسلسلات والإفادات الشخصية، والدراسات الأكاديمية، والمقالات والتحقيقات الصحفية، والمنتديات والفعاليات والمؤتمرات.

 

الحرب المزلزلة

عُرض فيلم (حياة واحدة) لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي (الكندي) في 9 سبتمبر/ أيلول 2023م، قبل أقل من شهر من معركة "طوفان الأقصى" وبدء حرب الإبادة الصهيو-أميركية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو لا يختلف كثيرًا عن سلسلة الأفلام الطويلة التي أنتجتها السينما الغربية الصهيونية للترويج للمحرقة اليهودية، وما تعرض له الشعب اليهودي على أيدي النازية، ومن أبرزها فيلم (جوليا 1977)، و(قائمة شندلر-1993)، و(إنقاذ الجندي رايان-1998)، و(عازف البيانو-2002) و(تذكّر-2015).

الفيلم إنتاج مشترك ساهمت فيه مؤسسة بي بي سي البريطانية، وقد أدى تزامن عرضه مع الحرب الدائرة في قطاع غزة؛ إلى قيام موزعي الفيلم بعدم الإشارة إلى اليهود في الإعلانات الترويجية للفيلم، واكتفوا بالإشارة إلى أن الأطفال من وسط أوروبا، مما أثار الكثير من الاستياء والاحتجاج، فاضطروا إلى تعديل ذلك.

الفيلم لا يقدم جديدًا من الناحية الموضوعية، وأكثر التعليقات والإشادات حول الفيلم كانت من نصيب الممثل الشهير أنتوني هوبكنز، حيث يتناول الفيلم القصة الحقيقية للشاب البريطاني اليهودي نيكولاس وينتون "نيكي"، الذي أنقذ 669 طفلًا يهوديًا من مخيمات النزوح واللجوء في تشيكوسلوفاكيا عند احتلالها سنة 1938م من القوات الألمانية بداية الحرب العالمية الثانية.

لم يدر بخلد منتجي الفيلم، عندما قرروا إنتاجه عام 2020م، أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيتعرض لحرب إبادة حقيقية كاملة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا، على أيدي جيش الاحتلال الصهيوني اليهودي، حرب لم يدر في خلد الذين كتبوا عن المحرقة أن الصهيونية (اليهودية) التي أصمّت آذان العالم بالحديث عنها، سترتكب مجازر يومية ضد المدنيين الفلسطينيين على الهواء مباشرة، أمام سمع وبصر العالم أجمع.

فكل ما قدّمه الفيلم من جوانب المعاناة اليهودية لهؤلاء الأطفال، هو وجودهم في المخيم بلا مأوى مناسب ولا طعام ولا دواء بعيدًا عن ذويهم الذين فرّوا من النازيين أو اعتقلوا أو قتلوا، وهي مشاهد لم يعد لها مكان في أدمغة المشاهدين المشغولة بمتابعة تفاصيل حرب الإبادة الصهيونية اليومية الجارية منذ خمسة أشهر في قطاع غزة.

هذه الحرب الصهيونية زلزلت في أذهان العالم كل ما تم تلقينه إياه على مدى عقود طويلة حول المحرقة اليهودية عن طريق الأفلام السينمائية، والمسلسلات والإفادات الشخصية، والدراسات الأكاديمية، والمقالات والتحقيقات الصحفية، والمنتديات والفعاليات والمؤتمرات، وجميعها تعبّر عن رأي واحد فقط، لا يسمح بتقديم رأي غيره، حيث ينبغي على البشرية أن تسلّم بذلك تسليمًا مطلقًا، وإلى الأبد.

وستكون هذه الزلزلة مقدمة لمراجعات كثيرة سيشهدها العالم بعد توقّف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، على المستوى الأكاديمي والإعلامي والسينمائي والأخلاقي والتشريعي، لتغيير الأسوار التي حرّمت على العقل البشري التفكير في حقيقة تلك المسلمات ومن وضعها وماذا يريد منها.

 

أكثر من 250 فيلمًا وثائقيًا و235 فيلمًا دراميًا عن المحرقة اليهودية، معزّزة بأكثر من 800 منظمة حول العالم تنفق مليارات الدولارات لترسيخها لدى أجيال العالم على مرّ العصور، فمن لمحرقة غزة؟

 

محرقة غزة

لجأت الحركة الصهيونية إلى العديد من الوسائل والأساليب والفعاليات والأنشطة، وأنشأت العديد من اللجان والمؤسسات والهيئات التي تغذّي تعاطف وتأييد الدول الغربية لهم، رسميًا وشعبيًا، وتستثير عقدة الذنب لديهم عما قاموا به من تقصير في حق الشعب اليهودي، من أجل تعزيز وجودهم في الدول الغربية، وتحصينه سياسيًا وقانونيًا وفكريًا واجتماعيًا، ودعم دولتهم التي أقاموها في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني بمساندة وتأييد الدول الغربية، ومن أجل أن تستدر أموال أباطرة المال اليهود وشركائهم في جميع أنحاء العالم، والتغطية على جرائم الكيان الصهيوني المتتالية بحق الشعب الفلسطيني.

سيطرت الحركة الصهيونية منذ القرن 19م على وسائل الإعلام في الدول الغربية، وسرعان ما سيطرت على شركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني ودور السينما والمسرح، والتي تم تسخيرها بصورة احترافية بارعة لصالح المحرقة والمظلومية التي عاناها اليهود على مدى التاريخ، حتى بلغ عدد الأفلام الوثائقية التي تناولت موضوع المحرقة أكثر من 250 فيلمًا، وبلغ عدد الأفلام السينمائية أكثر من 135 فيلمًا، علاوة على آلاف الحلقات التلفزيونية والإذاعية والتحقيقات الصحفية والمقالات والفعاليات، وخاصة في الدول الغربية.

ويتزامن هذا النشاط السينمائي والإعلامي، مع أكثر من 800 منظمة متخصصة في المحرقة اليهودية حول العالم، إضافة للمتاحف التذكارية التي بلغ عددها في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 60 مركزًا، بجانب الفعاليات التي تقام في ذكرى المحرقة، والتي تجمع سنويًا مليارات الدولارات من التبرعات لصالح برامجها وفعالياتها، التي يشارك فيها غالبية زعماء العالم. وقد جمع متحف المحرقة وحده في واشنطن عام 2018م مبلغ 715 مليون دولار من التبرعات بمناسبة مرور 20 عامًا على إنشائه، وحوالي مليار دولار العام الماضي بمناسبة مرور 25 عامًا على إنشائه.

لم تقتصر الحركة الصهيونية في موضوع المحرقة اليهودية عند هذا الحد، بل عملت على حمايته وتحصينه ضد أي محاولات تنتقص منه أو تشكك فيه على مستوى العالم، تحصينًا محكمًا يتناقض مع ثوابت العلم والعقل، حيث أصدر العديد من دول العالم قانونين صارمين لهذا التحصين؛ الأول يجرّم بالسجن أو الغرامة أي تشكيك في حدوث المحرقة بحثيًا أو إعلاميًا، والثاني قانون معاداة السامية، الذي يجرّم أي أفعال أو أقوال تمسّ اليهود وتضرّ بسمعتهم، بما في ذلك انتقاد المحرقة، بغض النظر عن مدى صحة هذه الأفعال والأقوال ومدى وجاهتها العلمية.

كما قامت الحركة الصهيونية بإنشاء شبكة مؤسسات متخصصة برصد كافة ما يندرج تحت معاداة السامية في كافة أنحاء العالم، واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة، مستعينين في ذلك بالضغط على المؤسسات الدولية والإقليمية، حتى إن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قرارًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، باعتبار يوم 27 من يناير/ كانون الثاني من كل عام يومًا عالميًا للاحتفال بذكرى المحرقة اليهودية.

فهل ينتبه الفلسطينيون لواجباتهم تجاه المحرقة الحقيقية التي تدور على أرضهم، ويتعرض لها شعبهم في قطاع غزة، حتى لا ينساها العالم ولا تنساها الأجيال، وحتى يتم توظيفها في كافة المحافل لاستعادة الحقوق وتحقيق الآمال والتطلعات؟

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة الحرکة الصهیونیة الشعب الفلسطینی الدول الغربیة حرب الإبادة فی قطاع غزة على أیدی أکثر من على مدى فیلم ا

إقرأ أيضاً:

«مباراة لا تقبل القسمة».. الإمارات تُصارع قطر على تذكرة سادس منتخب عربي في مونديال 2026

تتجه أنظار عشّاق الساحرة المستديرة في الوطن العربي بشكل عام، وفي قطر والإمارات بشكل خاص، إلى المباراة الحاسمة التي ستجمع بين «العنابي والأبيض» ضمن تصفيات الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026.

يدخل المنتخب الإماراتي المباراة بآمال وطموحات كبيرة، وذلك بعد فوزه الثمين على نظيره منتخب عمان بهدفين مقابل هدف، في الجولة الثانية من عمر مواجهات المجموعة الأولي من المرحلة الرابعة والنهائية المؤهلة تصفيات كأس العالم.

منتخب الإمارات

ويتصدر منتخب الإمارات ترتيب المجموعة الأولي برصيد 3 نقاط، بعد خوضه مباراة واحدة، وتتبقى له مواجهة حاسمة أمام قطر، لذلك يسعى «الأبيض» إلى الفوز بها من أجل التأهل مباشرة، وحجز بطاقة التأهل العربية السادسة إلى نهائيات كأس العالم 2026 والثانية آسيويًا.

ويسعى المنتخب الإماراتي لشق طريقه نحو مونديال 2026، الذي سيشهد تواجدًا عربيًا غير مسبوق مع ضمان مشاركة منتخبات: المغرب، تونس، الجزائر، مصر، والسعودية حتى الآن، ليكون الأبيض سادس منتخب عربي حال فوزه أو تعادله مع قطر.

وفي السطور التالية تستعرض «بوابة الأسبوع» موقف المنتخب الإماراتي ونظيره القطري قبل المواجهة المصيرية المقررة بينهما، وحظوظ كل منهما في الوصول إلى مونديال 2026، المقرر إقامته في كندا والمكسيك وأمريكا.

منتخب الإمارات وقطر فرصتان أمام الإمارات

المنتخب الإماراتي يدخل مواجهة قطر بأفضلية كبيرة بسبب صدارة المجموعة، حيث يكفيه التعادل أو الفوز للتأهل مباشرة إلى كأس العالم 2026، دون الحاجة لخوض أي مباريات إضافية.

وفي حال الخسارة، فستنتقل الإمارات إلى الملحق القاري الأخير المؤهل بدوره إلى الملحق العالمي، لتصبح رحلتها نحو المونديال أكثر صعوبة والدخول في حسابات معقدة.

منتخب قطر مصير منتخب قطر المعقد

يدخل المنتخب القطري مواجهة الإمارات تحت شعار لا بديل عن الفوز، لضمان التأهل مباشرة إلى المونديال من خلال هذه المرحلة، بعد تعادله في مباراته الأولى أمام عمان وحصوله على نقطة واحدة فقط.

جدول ترتيب المجموعة الرابعة

منتخب الإمارات.. يملك الأبيض في جعبته 3 نقاط من مباراة واحدة، وفارق أهداف +1.

منتخب قطر.. يدخل العنابي المواجهة وفي رصيده نقطة واحدة من مباراة واحدة، وفارق أهداف 0.

منتخب عمان.. يتذيل الأحمر جدول ترتيب المجموعة برصيد نقطة واحدة من مباراتين، وفارق أهداف -1.

منتخب الإمارات وقطر حسابات معقدة لمنتخبات المجموعة الرابعة

الخسارة أمام الإمارات لا تعني بالضرورة خروج قطر من سباق المونديال، لكنها ستجعل مصير العنابي معلقًا بنتائج الحسابات الدقيقة للتأهل إلى الملحق، خصوصًا مع دخول «اللعب النظيف» كمعيار محتمل في حال تساوي النقاط وفارق الأهداف.

وفي حالة خسارة قطر بفارق هدفين أو الخسارة دون تسجيل أي أهداف أمام الإمارات في مباراة يوم الثلاثاء المقبل، فهذا يعني تأهل منتخب عمان للملحق والدخول في حساباته المعقدة.

منتخب الإمارات وقطر الاحتكام لللعب النظيف

سيتم الاحتكام إلى معيار اللعب النظيف، في حالة خسارة منتخب قطر أمام نظيره الإمارات بنتيجة 2-1 وهو ما سيجعل العنابي يتساوى مع منتخب عمان من حيث النقاط وفارق الأهداف.

اقرأ أيضاًرئيس الفيفا يدعو الشعب الكندي لدعم كأس العالم 2026

محمد صبحي يطلب المشاركة أمام غينيا بيساو في تصفيات كأس العالم

مقالات مشابهة

  • لعلاج جفاف الشعر والتلف.. 4 أقنعة طبيعية بالعسل
  • نتنياهو يعلن اعتذاره عن قمة شرم الشيخ بسبب الأعياد اليهودية
  • توافد قادة وزعماء العالم المشاركين في قمة شرم الشيخ للسلام
  • السفير محمد حجازي: مصر تتعامل مع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية كـوحدة جغرافية واحدة تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية
  • طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
  • الحكومة الإسرائيلية: سيتم إطلاق سراح المحتجزين الـ20 دفعة واحدة
  • مئات الآلاف من أهالي غزة يعودون برسالة واحدة: لن نستسلم
  • «مباراة لا تقبل القسمة».. الإمارات تُصارع قطر على تذكرة سادس منتخب عربي في مونديال 2026
  • اعتقال 6 فلسطينيين في الخليل بالضفة الغربية
  • المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة