منى أحمد تكتب: إمام الملحنين فيردي مصر
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
عندما يؤرخ للموسيقي العربية لابد أن يأتي اسم العبقري المتمرد سيد درويش في المقدمة ، فهوكبيرها مفجر الثورة الموسيقية، الأسطورة التي صنعت مجدا دام لأكثر من قرن ، رغم عمره الفني القصير جدا والذي لم يتجاوز ست سنوات.
ويخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن بل هو فكر وتطور، وثورة ساهمت في تجديد الموسيقي الشرقية ونقلها من عليائها المنفصل عن المزاج المصرى، والتي كان يغلب عليها المقامات التركية المليئة بالجمل اللحنية المعقدة أسيرة التحفظ والجمود، وتشبه محبيها من الطبقة الأرستقراطية،لينطلق بها من القصور نحو الأصول والفلكلور الشعبي، فتداولها الأسطوات والعمال والفلاحين والطلبة.
اتجه سيد درويش بالموسيقى للتعبيرعن الهوية المصرية والتحديث فى آن واحد، بعدما تبحر في أعمال من سبقوه واطلع علي الثقاقات الموسيقية الغربية من الجاليات التي كانت موجودة بالاسكندرية مسقط رأسه في ذلك الوقت ، فتعلم منها وأضاف عليها وأخرجها في جملة موسيقية مصرية خالصة غير مسبوقة .
لم يكن إبداع درويش في أعماله بالكلمة باللحن فقط بل أضفي عليها أبعادا أخري أهمها البعد الأنساني والتعبيري، وصبغها بالظرف المكاني والزماني، وتحول إلي مؤرخ تاريخي ، فكانت موسيقاه شاهدة علي العصر بمفرداته المتعددة ، فسطر بالموسيقي أحداثا تاريخية وسياسية وتناو قضايا إجتماعية وطبقية.
وأستطاع خالد الذكر أن يطوع الفن لخدمة قضايا الوطن ،فأشعل جذوة الروح الوطنية بين المصريين بألحانه التي كانت تسري كالنار في الهشيم، فسرعان من كان يلتقطها الشعب ويرددها في الشوارع والمقاهي والمظاهرات .
وعندما أدرك الاحتلال الإنجليزي أهمية الأغنية في صناعة الثورة، حاربوا انتشارها بالتضيق، فلجأ فنان الشعب لفكرة الرمز وأستخدمه عندما تم نفي الزعيم سعد زغلول، فقدم سيد درويش مع بديع خيري أغنية يا بلح زغلول يا حليوة ياروح بلادك ليه طال بعادك ، للمطالبة بعودته من المنفى ولكن في صورة رمزية.
وكان لهذة الأغنية بالغ الأثر في الضغط على قوي الأستعمارو رجوع زعيم الأمة إلي الوطن ،وأصبحت هذة الأغنية هي بداية لإستخدام الرمزية الفنية في السياسة.
بجانب الألتحام بالقضايا السياسية لم يكن فنان الشعب بعيدا عن الأمراض الأجتماعية في مصر ،فغنى إلى جانب الألحان الوطنية أغاني شعبية استلهمها من واقع الشعب بكافة طوائفه وطبقاته، فكان المراة العاكسة لهمومهم وقضاياهم ، ولم لا فهو فنان الشعب.
شعرالمصريون لأول مرة بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم وعن جذورهم ، من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج حضاري متنوع تميزت به الأسكندرية مسقط راسه، وتشم معها رائحة ملح الأرض الذي ينتمي إليه عموم الشعب فجمع بين التنوع والأصالة والحداثة.
وأصبحت موسيقي سيد درويش خير معبرعن الهوية المصرية لأول مرة ،وتتسلل إلي القلب والروح متجاوزة حدود الزمان والمكان، بعد أن تحولت علي يد درويشها إلى مرحلة الواقعية المرتكزة علي التنوع المصري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سید درویش
إقرأ أيضاً:
هند عصام تكتب.. الملك أمنمحات الثالث
لوهله ظننت إننى قد مللت من السرد والحديث عن قصص ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة كما ظننت أيضاً أنه قد أصيبا أيضا قارئ مقالاتي بالملل ولكن فأجاة وبدون سابق إنذار تظهر لنا قصة مشوقة لملك عظيم وتقلب جميع الموازين و تجعلنا نريد معرفة المزيد أكثر وأكثر عن تاريخ مصر الفرعونية القديمة وأبرز الملوك والملكات وبالأخص إننا منذ فترة على تواصل مع ملوك الأسرة الثانية عشر وجاء دور الملك السادس لهذه الأسرة وهو الملك أمنمحات الثالث، أحد أبرز ملوك الأسرة الثانية عشرة في المملكة الوسطى خلال الفترة ( 1855-1808 قبل الميلاد) ابن الملك سنوسرت الثالث واما عن والدته فلم يتم العثور على هويتها .
حظي الملك أمنمحات الثالث بألقاب كثيرة عظيمة منها ني ماعت رع و تعني "صاحب عدل إله الشمس" أو "العدل"
كما حمل لقب “عظيم البأس” بالإضافة إلى اسمه الشخصي أمنمحات، والذي يعني "أمون في المقدمة".
بالإضافة إلى ألقاب اسم حورس: عظيم الحياة واسم حورس الذهبي: عظيم القوة واسم النبتي: من يرث أراضي البلدين
تزوج من كلا من آت، خنيمت نفرحجت الثالث ، حتبتي، وأنجب الملك أمنمحات الرابع وسوبك نفرو و الأميرة نفرو بتاح.
حيث رفع الملك سنوسرت الثالث في عامه العشرين من حكمه، ابنه أمنمحات الثالث إلى مرتبة الوصي المشترك ، ويبدو أن الوصاية المشتركة قد تأسست من عدة مؤشرات، على الرغم من أن ليس كل العلماء يتفقون وبعضهم يجادلون بدلاً من ذلك لصالح الحكم الفردي لكلا الملكين. وعلى مدى العشرين عامًا التالية، تقاسم سنوسرت الثالث وأمنمحات الثالث العرش، حيث تولى أمنمحات الثالث الدور النشط كملك ومن المفترض أن أمنمحات الثالث تولى الدور الرئيسي حيث تتدحرج تواريخ الحكم من السنة 19 من حكم سنوسرت الثالث إلى السنة الأولى من حكم أمنمحات الثالث.
ويعتبر عصره بمثابة العصر الذهبي لما حققه من إنجازات خلال فترة حكمه التي امتدت لحوالي ٤٧ أو ٤٨ سنة.
و امتاز عصره بالهدوء والمشاريع العظيمة علي عكس ماامتاز به عصر والده «سنوسرت الثالث» حيث الحروب والغزوات وتوسيع في رقعة البلاد.
حيث ترأس أمنمحات الثالث أثناء مشاركته لوالده - الملك سنوسرت الثالث العصر الذهبي للمملكة الوسطى والتى قد شن خلالها الملك سنوسرت الثالث حملة عسكرية عدوانية للحد من غارات القبائل من النوبة .
وقد استمرت هذه الحملات لعدة سنوات وكانت وحشية ضد السكان الأصليين، بما في ذلك ذبح الرجال واستعباد النساء والأطفال وحرق الحقول. كما أرسل حملة عسكرية إلى سوريا وفلسطين، أعداء مصر منذ عهد سنوسرت الأول .
واستهدفت سياساته الداخلية السلطة المتزايدة لحكام المقاطعات، ونقل السلطة مرة أخرى إلى الملك الحاكم. ومن المتنازع عليه ما إذا كان قد فكك النظام البدوي. كما شكل سنوسرت الثالث الأساس للشخصية الأسطورية سيزوستريس التي وصفها مانيتو وهيرودوت . نتيجة للسياسات الإدارية والعسكرية التي انتهجها سنوسرت الثالث، ورث أمنمحات الثالث مصر المسالمة والمستقرة، والتي وصلت إلى ذروتها الثقافية والاقتصادية تحت إشرافه.
وجه الملك أمنمحات الثالث منذ أن أعتلى العرش منفردا أعمال اللإصلاحات الداخلية كالأعمال والمشروعات الزراعية وإرسال البعثات للمناجم والمحاجر والبناء فبدأ امنمحات الثالث بإرسال العديد من البعثات للمناجم والمحاجر في شبه جزيرة سيناء والصحراء الغربية والصحراء الشرقية، وتدل الوثائق ايضا انه قد قام في وقت ما بحملة عظيمة إلى بلاد السودان وقد وجدت آثار له في «كرمة» عند الشلال الثالث.
ومن أهم المهام التى قام بها الملك أمنمحات الثالث هو إرسال حوالي أربعة وعشرين بعثة إلى شبه جزيرة سيناء للتعدين وقطع الأحجار وقد عثر فيها على نقوش تحمل اسمه ، وقدجاء نقشًا فيه افتتاح مكان للتعدين بنجاح ويقول: «في السنة الرابعة والأربعين من حكم ملك الوجهين القبلي والبحري أمنمحات الثالث محبوب حتحور سيدة الفيروز معطي الحياة مثل «رع» أبدًا
وقد ارسل بعثات لاماكن مختلفة في مصر حسب حاجته إلى نوع الحجر اللازم له فـأرسل إلى محاجر الديوريت الصلبة وغيرها وأيضا كان يستخرج أحسن نوع من الحجر الجيري الأبيض من محاجر طرة ووجد نقش باسمه يخبرنا علي بعثته في السنة الـ ٤٣ للحصول على الحجر الجيري الأبيض لمعبد الإله.
وتعد مدينة الفيوم شاهدة علي أهم المشروعات الزراعية واهمها هو بناء سد لإنقاذ البلد من انخفاض نهر النيل علي طريق الفيوم وكان على الجزء العلوي من جانبي السد تمثالان ضخمان للملك ولم يبقَ منهما إلا بعض قطع محفوظة الآن بمتحف أشموليان بأكسفورد.
بالإضافة إلي أنه أول من قام بتدوين مقاييس للنيل والدليل هو النقوش المدونة في صخور «سمنة» و«قمة» تسجل ارتفاعات النيل، والأعمال المائية العظيمة التي قام بها «أمنمحات الثالث» لتنظيم مياه النيل عند دخولها وخروجها في منخفض ألف.
و يُعرف الملك أمنمحات الثالث بإنجازاته العظيمة في مجالات البناء والتنمية. كان حكمه فترة ازدهار واستقرار، حيث شيد مشاريع ضخمة مثل قصر اللابرنت وأهرامات هوارة، واهتم بتطوير النظام الزراعي وتنظيم المياه.
و أقام هرمه الأول في دهشور (ما يسمى «الهرم الأسود») ولكن تم التخلي عن إستكمال بنائه نظراً لظهور عيوب إنشائية عليه. ثم قرر في حوالي العام 15 من حكمه بناء هرم جديد في منطقة هوارة بالقرب من الفيوم بإرتفاع نحو 75 مترا، وقاعدة أبعادها 105 مترا، وزاوية الهرم مقدارها 57 درجة. وتم استخدام الهرم الموجود في دهشور لدفن عدد من نساء العائلة الملكية.
ربما المعبد الجنائزي المُلحق بهرم هوارة كان معروفاً لهيرودوت وديودور الصقلي باسم «قصر التيه». كما أشاد به المؤرخ سترابو وإعتبره من عجائب الدنيا. فهرم الملك الموجود في هوارة يحتوي على عدداً من أعقد السمات الأمنية التي لم يتم العثور عليها في أياً من الأهرامات الأخرى. ورغم ذلك فقد تم السطو على مقبرة الملك في العصور القديمة. أما إبنته أو أخته نفرو-بتاح فقد تم دفنها في هرم مستقل تم العثور عليه في عام 1956 ويبعد 2 كيلومتر جنوب غرب هرم الملك. وتم العثور على هريم مقبرة هرم أمنمحات الثالث ساقطاً من على قمة بنايته سليماً نسبياً؛ وهو موجود الآن في المتحف المصري بالقاهرة.