المؤتمر الأول لـصيادلة بورسعيد يوصي باستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير القطاع الطبي
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
كتب - أحمد جمعة:
نظمت نقابة صيادلة بورسعيد على مدار يومين، مؤتمرها العلمي المهني الأول، برئاسة الدكتور أحمد عليوة، القائم بأعمال نقيب صيادلة بورسعيد، بالتعاون مع الهيئة العامة للرعاية الصحية، وجامعة بورسعيد، بمشاركة من الصيادلة، الأكاديميين، والمهنيين في المجال الصحي، بالإضافة إلى طلاب الصيدلة بعدد من الجامعات المصرية، تحت شعار "منظور عصري لمجالات الصيدلة".
ووفق بيان، تضمن المؤتمر جلسات نقاشية حول أحدث التطورات في مجال الصيدلة والتكنولوجيا الصحية، وكيفية تطوير المهنة لتلبية متطلبات العصر، والفرص الوظيفية الجديدة بالقطاع الصيدلي، والتحديات التي تواجه عمل الصيادلة في مصر.
وشهد المؤتمر أيضًا عرضًا للبرامج التدريبية المعتمدة التي تساهم في تأهيل الصيادلة لسوق العمل، ومناقشات حول دور التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في تعزيز مجالات العمل الصيدلي.
وأكد الدكتور أحمد عليوة، رئيس المؤتمر والقائم بأعمال نقيب صيادلة بورسعيد، أهمية المؤتمر كمنصة لتبادل الخبرات والمعرفة بين الصيادلة والمؤسسات الصحية، مشيرًا إلى أن المؤتمر يمثل خطوة مهمة نحو إعادة رسم الخريطة الصيدلية في مصر ومحاربة دخلاء المهنة.
وأضاف عليوة، أن المؤتمر المهني والعلمي الأول لنقابة صيادلة بورسعيد، انتهى إلى التوصية بعقد ورش عمل شهرية للعمل على تطوير، وتأهيل عدد من الصيادلة في مجالات العمل المختلفة، مثل مجال اقتصاديات الدواء وتأثير الدواء على المريض، والصيدلة الإكلينيكية، ومراكز المعلومات الدوائية وأهمية دور الصيدلي فيها، وغيرها من الموضوعات الهامة للصيادلة.
وقال الدكتور محمد ياسر، الأستاذ المساعد بكلية الصيدلة في جامعة بورسعيد ومقرر عام المؤتمر، إن المؤتمر انتهى إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير القطاع الطبي في مصر، فضلاً عن أهمية الترابط بين عناصر المنظومة الطبية وبعضها، لما له من تأثيرات إيجابية على المريض، من حيث تقديم علاج بجودة متميزة، وتحقيق وفر اقتصادي.
وأشار ياسر، إلى التوصية بأهمية تأهيل الصيدليات الأهلية، فضلاً عن تطوير نظم إدارة الصيدليات وفق المناهج العلمية والتكنولوجية الحديثة، فضلاً عن تأهيل الصيادلة الجدد وفق احتياجات سوق العمل.
وشدد الدكتور شريف كمال الدين، مستشار رئيس هيئة الرعاية الصحية لشئون الصيدلة، على أهمية الصيدلي كعضو أساسي في الفريق الصحي، ومساهمته الفاعلة في تحسين نتائج علاج المرضى وضمان الوصول إلى الرعاية في الوقت المناسب، مضيفًا أن دور الصيادلة يتعدى توزيع الأدوية ليشمل المشاركة في تطوير سياسة الصحة العامة وتعزيز الوقاية من الأمراض.
وأكدت الدكتورة إنجي غنيم، منسق الموارد البشرية بمشروع التأمين الصحي الشامل، على الدور الهام للخبراء والمتخصصين في مجال الصيدلة لمناقشة التحديات والفرص في العصر الحالي، وأشارت إلى أن المؤتمر قدم فرصة فريدة للطلاب والخريجين للتواصل مع قادة الصناعة والتعرف على أحدث التوجهات والابتكارات.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد اليماني، أستاذ الفارماكولوجي بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، على أهمية دور الصيدلي كحجر زاوية في النظام الصحي، مشيرًا إلى أن التفاعلات الدوائية هي جزء حيوي من ممارسة الصيدلة اليومية ويجب على الصيادلة أن يكونوا مجهزين بالمعرفة والأدوات لتقييم وإدارة هذه التفاعلات لضمان سلامة المرضى وفعالية العلاجات.
وأشار الدكتور خالد مصيلحي، أستاذ العقاقير ومدير مركز التوجيه المهني وريادة الأعمال بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، إلى ضرورة حرص الصيادلة على تطوير مهاراتهم التكنولوجية والتدريب الكافي على كيفية التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الرعاية الصحية.
ونوه الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الدواء، إلى أهمية توطين صناعة الأدوية والاستفادة من القدرات الإنتاجية المحلية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات، مستشهدًا بنجاحات الدولة المصرية في إنتاج أدوية كورونا محليًا كنموذج للتوسع في صناعات أخرى لتحسين الرعاية الصحية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
واستعرض الدكتور تامر حسانين، مدير البرامج الطبية في جامعة الإسماعيلية الأهلية، أهمية استخدام البرامج والتطبيقات الحديثة في الحياة العملية واليومية للصيادلة.
وأكد الدكتور أحمد رمضان، مدير برنامج الصيدلة الإكلينيكية بجامعة المنصورة الجديدة الأهلية، أهمية تطبيق ريادة الأعمال ومبادئها في العمل الصيدلي، كما تناول الدكتور محمود الخضري، الأستاذ المساعد بجامعة حورس، الفرص المتاحة للصيادلة عبر العمل الأكاديمي داخل مصر وخارجها.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: رمضان 2024 حلمي بكر طالبة العريش مسلسلات رمضان 2024 رأس الحكمة سعر الفائدة أسعار الذهب سعر الدولار الطقس فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان صيادلة بورسعيد الذكاء الاصطناعي تطوير القطاع الطبي طوفان الأقصى المزيد
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.