في حادثة نوعية، ضمن إطار الاشتباك المستمر، بين المقاومة في لبنان و"جيش" الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء معركة طوفان الأقصى، وانطلاق العمليات المساندة للمقاومة الفلسطينية من جنوبي لبنان، تصدّت المقاومة الإسلامية، منتصف ليل الأحد – الاثنين، لمحاولتَي تسلل لجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية، حين حاولت ‏قوة إسرائيلية من لواء غولاني التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية، من جهة خربة زرعيت، في مقابل بلدة راميا اللبنانية، فتفاجأت بانفجار عبوة ناسفة كبيرة، قبل أن تستهدفها المقاومة بعدد من قذائف ‏المدفعية، وتحقق فيها إصابات مباشرة، كما جاء في بيانات الإعلام الحربي.



ومع اشتداد حركة نزوح المستوطنين، وما رافقها من تكثيف لعمليات المقاومة في لبنان، ارتفع الحديث، من جديد، عن ضرورة انسحاب مقاتلي المقاومة، وتحديداً قوات الرضوان، إلى شمالي نهر الليطاني. كما أصبح، في وقتٍ لاحق، في لائحة مطالب الوسيط الأميركي، عاموس هوكشتاين، الذي طالب بـ"جنوبيّ الليطاني منطقةً خالية من أيّ مسلّحين ومُعَدّات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للجيش اللبناني واليونيفيل". وبعد التهديدات في مختلف المستويات، أتى التصدي لمحاولتي التسلل، ليجيب بوضوح عن كل الأسئلة، ويردّ على التهديدات والشائعات، وليثبّت وقوف المقاومين في لبنان عند نقطة التماس الأولى دفاعاً عن أرضهم.

لم يُظهر تصدي المقاومة الإسلامية لعمليتي التسلل، حضورَ عناصرها عند الحدود اللبنانية الفلسطينية فحسب، بل ألقى أيضاً الضوء على مجموعة من العناوين المهمة.

التصدي الحدث أشار أولاً إلى قدراتٍ متقدمة للمقاومة في لبنان على مستوى الرصد، الليلي تحديداً. ثمّ أظهر ثانياً مرونةً سريعةً في تحويل معطيات الرصد إلى غرفة العمليات، وتحليل الوضع الميداني، وإرسال الأوامر والتعامل مع الحادث بسرعةٍ شديدة جداً.

ثالثاً، إذ كان التصدي للتسلل الأول، من خلال القذائف الصاروخية، إلا أن التصدي الثاني كان من خلال تفجير عبوّةٍ ناسفة كبيرة في القوات المتسللة، بحسب بيان الإعلام الحربي للمقاومة. ويشير ذلك إلى قدرة المقاومة على التقدم والحضور عند نقاطٍ محاذية للحدود اللبنانية الفلسطينية، من أجل زرع عبوات ناسفة، وألغام، والانسحاب من دون أن يعلم الجيش الإسرائيلي بأصل العملية. وهذا يمثل فشلاً كبيراً في قدرات الرصد للاحتلال، ويعزز مخاوف سكان الشمال، من إمكان أن يشهدوا في مستوطناتهم طوفاناً شبيهاً بذاك الذي غمر مستوطنات غلاف غزة.

رابعاً، فشلُ مجموعة من لواء غولاني، وهو من ألوية النخبة، في "التسلل" ليلاً إلى الأراضي اللبنانية، على رغم تقدمهم المفترض في تقنيات الحرب الليلة، وحركة المسيّرات التجسسية المستمرة، وقدراتها التقنية التجسسية المتقدمة. كل هذا يُعيد السؤال بشأن قدرة هذا "الجيش" على القيام بهجوم بري علني واسع على الأراضي اللبنانية.

وفي حين تتعالى الصيحات الإسرائيلية اليوم من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، تجدر الإشارة إلى أن أول من خرق هذا القرار كان العدو الإسرائيلي في إنزاله العسكري على بلدة بوداي البقاعية، بعد عدة أيامٍ فقط على صدور القرار، ووقف العمليات العسكرية بموجبه. كما تبعته، فيما بعدُ، مجموعةٌ من الانتهاكات والخروقات، في البر والبحر والجو.

ما جرى منتصف الليلة الفائتة، يُضاف إلى بعض العمليات النوعية للمقاومة في الأشهر الأخيرة، كما يُعَدّ من أهم نقاط الاشتباك الحديثة، بعد انتزاع لبنان حقَّه النفطي في البحر المتوسط من العدو الإسرائيلي.(الميادين) المصدر: الميادين

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأراضی اللبنانیة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟

يمانيون | تحليل
في خضم حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، تتجلى أهمية الدور اليمني المحوري في تغيير قواعد الاشتباك، وتحويل مسار المعركة من محيط غزة إلى عمق كيان العدو ومفاصله الاقتصادية والعسكرية. ومع اتساع رقعة العمليات اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية، تظهر بوضوح الفوائد الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة التي تجنيها قوى المقاومة في غزة من هذا الدعم المتعدد الأبعاد، وبالأخص من العمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية.

إن أكثر ما يربك العدو اليوم هو أن الصواريخ والطائرات اليمنية لا تنطلق من حدود فلسطين، ولا يمكن حصارها ضمن جغرافيا المعركة، بل تأتي من آلاف الكيلومترات، لتحلق فوق منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والصهيونية، وتصل إلى مطارات الاحتلال، وموانئه، وقواعده الجوية، ومراكزه الاقتصادية في العمق المحتل. هذا التطور الميداني لا يربك العدو فحسب، بل يشتت حساباته ويكسر تفرّغه لحسم المعركة في غزة.

وبحسب الخبير العسكري اليمني العميد مجيب شمسان، فإن العلاقة بين العمليات اليمنية وبين الواقع الميداني والإنساني في غزة باتت علاقة تكامل استراتيجية، حيث كل تصعيد صهيوني يقابله ردع يمني، وكل خطوة عنصرية على الأرض في غزة، تترجم إلى تصعيد بحري أو جوي أو صاروخي من صنعاء.

منع التهجير وكسر أهداف الحرب
من أبرز الفوائد التي جنتها المقاومة الفلسطينية من الموقف اليمني المساند، هو إفشال مخطط التهجير الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، وهو المخطط الذي كان نتنياهو يعوّل عليه لتحقيق نصر استراتيجي يعيد به التوازن السياسي الداخلي لكيانه المهتز. لكن مع وجود تهديد حقيقي على منشآت العدو الحيوية، أصبح تنفيذ هذا المخطط محفوفًا بتكلفة باهظة، بل وغير ممكن في ظل انكشاف الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال.

ويذهب العميد شمسان إلى القول بأن الصواريخ اليمنية حين تضرب ميناء إيلات أو مطار اللد أو ميناء حيفا، فهي لا تُلحق الضرر بالبنية التحتية فحسب، بل تحرم العدو من فرصة تنفيذ أجندته في غزة بأقل كلفة ممكنة، لأن كل تصعيد في القطاع يُقابله تصعيدٌ أشدّ على جبهة البحر الأحمر أو البحر المتوسط أو حتى في الموانئ المحتلة.

توسيع الجبهة.. وإرباك الحسابات
أحد أبرز أوجه الدعم اليمني للمقاومة هو توسيع رقعة المعركة، وتحويلها من صراع محصور في حدود غزة إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. هذا التوسيع أربك الحسابات الصهيونية والأمريكية، ومنع العدو من إحكام الطوق الكامل على القطاع. بل إن العدو بات يواجه معركة استنزاف تتوزع بين البحر الأحمر، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وسوريا، والعراق، والآن اليمن.

أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، لم يُخفِ أهمية هذا الدعم، واعتبر أن “إخوان الصدق في اليمن” يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمن من دماء أبنائه ومن مقدراته. هذا الاعتراف يعكس مدى التقدير الذي توليه المقاومة للفعل اليمني، بوصفه رافعةً استراتيجية تمنحها هامشًا أكبر للمناورة والمقاومة والصمود.

شلل اقتصادي وتفكك داخلي
العمليات اليمنية لا تنحصر في البعد العسكري فقط، بل إن لها أثرًا اقتصاديًا ساحقًا على الكيان، وهو ما يصبّ مباشرة في مصلحة المقاومة الفلسطينية. فمع كل تهديد جديد تطلقه القوات المسلحة اليمنية ضد ميناء أو سفينة صهيونية، ترتفع أسعار التأمين، وتتعطل سلاسل الإمداد، وتتهاوى مؤشرات الثقة بالاقتصاد الصهيوني.

وقد أكدت تقارير إعلامية عبرية متخصصة أن القطاع الصناعي الصهيوني بات يتلقى ضربات مباشرة جراء الحصار الجوي والبحري المفروض من صنعاء، وأن موانئ مثل حيفا باتت مهددة بفقدان مكانتها كمراكز لوجستية رئيسية في المنطقة، بسبب الاستجابة المتزايدة من شركات الشحن العالمية للتحذيرات اليمنية.

رسائل مركّبة من صنعاء: دعم لا مشروط… وتهديد مفتوح
الرسالة التي ترسلها صنعاء للعالم هي أن دعم فلسطين لا يقتصر على الشعارات، بل على الفعل، وأن كلّ من يظن أنه يمكنه سحق غزة دون أن يدفع الثمن، مخطئٌ في الحسابات. لقد أصبحت المقاومة في غزة أكثر ثقة بقدرتها على الصمود، ليس فقط بفضل قدراتها الذاتية، بل بفضل توافر جبهة إقليمية حقيقية تحوّل الدعم النظري إلى نيران مشتعلة في قلب الكيان.

وفي حين تواصل الولايات المتحدة تغذية آلة الحرب الصهيونية بالسلاح والغطاء السياسي، فإن اليمن يرد على هذا التواطؤ بضرب حاملات الطائرات الأمريكية، وإخراج السفن الصهيونية من البحر، وفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر، حيث باتت القوة اليمنية تمثل حاجز الردع الأكثر تأثيرًا على الطموحات العدوانية للصهاينة في الإقليم.

ولا شك أن العمليات اليمنية غيّرت موازين الصراع، وأثبتت أن دعم فلسطين لا يعني فقط إرسال المساعدات، بل فتح الجبهات وربط الساحات وضرب العدو حيث لا يتوقع. ومن دون هذا الدعم، لكانت غزة أمام مجازر أشد، ولربما نجح العدو في تمرير أجندته القذرة.

لكن ما دامت صنعاء على عهدها، تقصف وتمنع وتردع، فإن المقاومة ستبقى صامدة، وستنتقل من مرحلة الدفاع إلى معادلة الردع، وربما ما هو أبعد.

مقالات مشابهة

  • شهيد بغارة للعدو “الإسرائيلي” على جنوب لبنان
  • إسرائيل توسع العمليات البرية بقطاع غزة وغارات مكثفة تسفر عن شهداء وجرحى
  • كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟
  • الجيش الإسرائيلي يُشعل حريقاً في الأراضي اللبنانية!
  • أحزاب اللقاء المشترك: انتصار المقاومة اللبنانية على العدو علامة فارقة في تاريخ الأمة
  • قاسم بين إنجازات 2000 وتحديات 2025: هل انتهى عصر المقاومة؟
  • سياسي أنصار الله: انتصار المقاومة اللبنانية في 2000 أعاد للأمة الثقة وغيّر معادلات الصراع
  • في ذكرى تحرير جنوب لبنان.. الرئيس المشاط: اليمن إلى جانب المقاومة حتى دحر الاحتلال بالكامل
  • خبير عسكري: الاحتلال يعمل على تقطيع أوصال غزة ولا خيار للمقاومة سوى الصمود
  • بعد 25 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.. هل تدخل "مزارع شبعا" مرحلة التفاوض؟