تناول الجميع صفقة مدينة رأس الحكمة من منظور استثماري فقط، وتلك ليس هي الحقيقة، بل الحقيقة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحرب التي تواجهها الدولة المصرية منذ ٢٠١٠ وإلى وقتنا هذا، وتلك الحقبة هي إرهاصات لحرب تاريخية من الغرب الاستعماري الذي يتلون ويتنوع ويتغير داخل ثياب وأسماء مختلفة لكن المضمون والهدف واحد وهو السيطرة على مصر لاستمرار قوتهم وتواجدهم الدائم.
منذ اختفاء إمبراطورية الأجداد "الفراعنة" أصبحت مصر الرحم للمخاض عن أي إمبراطورية أو قوى عظمى تولد أو تموت، والسبب يرجع إلى موقعها الجغرافي كحجر زاوية مهم يربط قارات العالم بجانب أنها الدرب والمسار إلى الموارد الطبيعية والثروات للمنطقة.
الإمبراطورية الرومانية، ومرورًا بالفرس، والمغول، والعثمانيين، وبريطانيا وأخيرًا أمريكا معظمهم ولد ورحل من رحم مصر، وفي كل ذلك اتفق الجميع "الأصدقاء قبل الأعداء" وما زالوا يتفقون على أن تظل مصر هكذا حتى يتسنى لهم حلم الصراع على القوة.
هكذا كانت أدوات مخطط الاستعمار الغربي بزرع كيان "إسرائيل" تابع لهم على الحدود المصرية ليعطيهم شرعية التدخل والتواجد الدائم في تلك المنطقة مع ضرب إمكانية التوحد أو التماسك بين الشرق والغرب العربي، وحتى تكون كل تحركات مصر نحو محاولة استرجاع قوتها المفقودة منذ آلاف السنوات تحت متابعة ذلك الاستعمار، والآن وفي أصعب حروب التاريخ التي تدور بين الصهيونية العالمية وأدواتها المتمثلة في الاستعمار القديم الحديث وفي الصورة أمريكا وذيولها في الغرب، وكيانهم الإسرائيلي ضد روسيا والصين هكذا واجهت مصر إرهاصات ذلك الصراع المتمثل في تطويقها بحزام ناري مشتعل يحاول جرها إلى اللهيب لإحراقها ومن ثم الاستيلاء عليها، وذلك لضمان الاستمرار أو على الأقل المساومة على ما هو قادم.
ومن هنا لا بد أن نقدم التحية والتقدير والتهنئة أيضا للشعب المصري العظيم والقيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية وكل الأجهزة الأمنية والسيادية على عبقرية التعامل مع تلك الحرب والخروج من دائرة اللهيب دون الاحتراق، وإجبار جميع المتصارعين على حكم العالم بجعل مصر شريكا وليس طريقا في ما هو قادم، هكذا هو التحليل السليم لصفقة مدينة رأس الحكمة والتي أفضى الصراع إلي الاتفاق على إقامتها، كمدينة رقمية من الجيل المتقدم تعمل كمرتكز تجاري لدول المنطقة، وإدارة الملاحة في قناة السويس وهذا ما وضحه قرار الرئيس بالتصديق علي ازدواجية قناة السويس بطول ١٩٢ ذهابًا وإيابًا ليصبح المسار الملاحي بدون أي انتظار مع ربط ذلك بطريق الحرير الصيني ومرتكزه قناة السويس وتمدده علي سواحل البحرين الأحمر والمتوسط للربط التجاري بين قارات العالم الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقيا، وذلك بعد تكامل بعض المشروعات علي سواحل البحرين الأحمر والمتوسط لتصبح مصر الشريك والطريق والمرتكز للتجارة العالمية، ولذا طبقا لتلك الرؤية قد انتهي اقتراح طريق الهند آسيوي الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي في قمة العشرين العام الماضي وهنا سبب الحرب في غزة التي كانت تهدف إلي إقامة مدينة رقمية في سواحل غزة علي البحر المتوسط علي شاكلة مدينة رأس الحكمة تدير قناة بن جوريون الإسرائيلية المزمع حفرها وتربط التجارة مع الخليج ودول الشام وتتلاقي مع طريق الهند آسيوي المعلن عنه والوصول إلي أوروبا، تحول عظيم في تاريخ مصر وما نحتاجه هو دائرة صناعة قرار متخصص وجهاز إداري للدولة عصري يتعامل مع تلك الحالة الوليدة بالخير.
جمال رشدي: كاتب مهتم بالشأن العام
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مدينة رأس الحكمة الإمبراطورية الرومانية الاستعمار الغربي جمال رشدي رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
جامعة قناة السويس: اعتمد الرؤية والرسالة الخاصة بالخطة الاستراتيجية الجديدة
تواصل جامعة قناة السويس خطواتها الحثيثة نحو استكمال إعداد خطتها الاستراتيجية (2025 – 2030)، حيث عقد فريق إعداد الخطة اجتماعه الدوري لمناقشة آخر المستجدات المتعلقة بتطوير الأهداف والغايات والأنشطة التنفيذية، بما يعزز مكانة الجامعة ضمن مؤسسات التعليم العالي المتميزة محليًا وإقليميًا.
جاء الاجتماع في إطار التوجه المستمر للجامعة نحو ترسيخ مفاهيم الجودة والتميز المؤسسي، ومواكبة التحولات الحديثة في مجالات التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وذلك برعاية ودعم الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، الذي أشار إلى أن مجلس الجامعة قد اعتمد الرؤية والرسالة الخاصة بالخطة الاستراتيجية الجديدة، والتي تجسد تطلعات الجامعة نحو الريادة في بناء مجتمع معرفي يعتمد على الابتكار، والتعليم الذكي، والبحث العلمي المتقدم، إلى جانب إعداد كوادر قادرة على المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، والمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد الدكتور محمد سعد زغلول، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث ورئيس لجنة إعداد الخطة الاستراتيجية، أن الاجتماع جاء استكمالًا لسلسلة من اللقاءات الهادفة إلى بلورة الأهداف والغايات التفصيلية للخطة، وضمان توافقها مع أولويات الدولة المصرية ورؤية مصر 2030، مشيرًا إلى أن الجامعة تتبنى نهجًا علميًا ومنهجيًا في التخطيط يعتمد على المشاركة الواسعة وقياس الأداء المستمر بما يحقق التطوير المؤسسي المستدام.
من جانبها، أوضحت الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أن الخطة الاستراتيجية الجديدة تولي اهتمامًا خاصًا بتفعيل الدور المجتمعي للجامعة وتعزيز ارتباطها بالبيئة المحيطة من خلال مشروعات ومبادرات تنموية تُسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتلبية احتياجات المجتمع، مؤكدة أن الخطة تمثل خارطة طريق لتحقيق جامعة أكثر تميزًا واستدامة في الأعوام المقبلة.
ويأتي استمرار انعقاد لجنة إعداد الخطة الاستراتيجية تأكيدًا على التزام جامعة قناة السويس ببناء مستقبل مؤسسي يقوم على الابتكار، والشراكات الفاعلة، والجودة الشاملة، بما يرسخ مكانتها كجامعة رائدة تسهم بفاعلية في تحقيق رؤية الدولة نحو التنمية المستدامة.