لمياء الصديق(أبوظبي)
شكّل التنبؤ بالطقس تحدياً معقداً للعلماء والمختصين، إذ يعتمد على توازن دقيق بين النماذج الفيزيائية والبيانات الضخمة المتغيرة باستمرار. ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى هذا الميدان، بدأت الأرصاد الجوية تشهد تحولاً نوعياً وغير مسبوق. فالتقنيات الذكية لم تعد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت ركيزة أساسية تعيد تعريف دقة التنبؤات وسرعتها، وتفتح المجال أمام أنماط جديدة من الإنذار المبكر وحماية المجتمعات.


ومن تحسين الزراعة وإدارة الطاقة إلى دعم النقل والحد من الكوارث الطبيعية، يثبت الذكاء الاصطناعي أنه شريك حقيقي للإنسان في مواجهة تقلبات المناخ وتحديات المستقبل..
وبفضله أصبح من الممكن تحليل كميات هائلة من بيانات الطقس في وقت قياسي، والتعلّم من أنماط جوية سابقة لتوليد توقعات أسرع وأكثر دقة.
اقرأ أيضاً.. مؤتمر «التنبؤ بالطقس» يختتم أعماله في أبوظبي

 كيف يغير الذكاء الاصطناعي قواعد التنبؤ بالطقس؟


قبل دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الأرصاد الجوية، كان الرصد والتنبؤ بالطقس يعتمد بشكل أساسي على الملاحظات البشرية المباشرة وأدوات تقليدية مثل مقاييس الضغط والحرارة والرياح، ثم تطور لاحقًا ليعتمد على النماذج العددية المعقدة والحواسيب العملاقة. وبالرغم من أن هذه الأساليب حققت تقدمًا مهمًا، فإنها كانت تعاني من قيود زمنية ودقة محدودة؛ إذ قد يستغرق إعداد التوقعات ساعات طويلة، وغالبًا ما كانت النتائج أقل دقة في ما يتعلق بالتنبؤ بالكوارث الجوية المفاجئة مثل الأعاصير والفيضانات. كما أن قدرة هذه النماذج على استيعاب الكم الهائل والمتزايد من البيانات المناخية كانت محدودة، ما جعل الحاجة ملحّة لابتكارات جديدة تمهد الطريق أمام دخول 
الذكاء الاصطناعي.
 كيف تطورت توقعات الأحوال الجوية؟
تطوّرت التوقعات الجوية بشكل تدريجي، لكنه هائل، خلال العقود الماضية. ومنذ أول توقع جوي بمساعدة الحاسوب في عام 1950، تحسنت دقة التوقعات بشكل مطّرد بفضل التقدّم العلمي والتكنولوجي المتواصل. ويشمل ذلك القدرة على جمع كميات هائلة من البيانات ودمجها في نماذج الطقس، إلى جانب زيادة قوة الحوسبة اللازمة لمعالجة هذه المعلومات.

في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية، أسهم التقدم في استخدام تقنية الأقمار الاصطناعية في سدّ فجوات البيانات في نصف الكرة الجنوبي، ما ساعد على تقليص الفجوة في دقة التوقعات بينه وبين النصف الشمالي.

وبفضل هذه التحسينات، أصبح من الممكن، كمعدل تقريبي، إضافة يوم كامل إلى أفق التوقعات كل عشر سنوات. 

 وبحسب أحد المؤشرات، أصبحت توقعات الطقس لخمسة أيام دقيقة بقدر ما كانت عليه التوقعات لثلاثة أيام في عام 2000.

شكل نموذج العام 2020 الأساس للنماذج الأكثر تطوراً في الذكاء الاصطناعي التي استمر تطويرها في شركة مايكروسوفت، إضافة إلى تلك التي صنعتها شركات عملاقة في التكنولوجيا على غرار برنامح "ديب مايند" من شركة "جوجل".

ومع حلول عام 2023، أخذت تلك النماذج الذكية تثبت أنها أكثر تطوراً من الطرق التقليدية المستعملة لتوقع أحوال الطقس في الأمد القصير. وفي العام  نفسه، استطاع نظام "غراف كاست" GraphCast الذي يعمل ضمن نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب مايند"، إنتاج توقعات للطقس تمتد على عشرة أيام، خلال دقيقة واحدة وباستعمال آلة مفردة. فيما تطلب الأمر نفسه استخدام حاسوب خارق يعمل على مدار ساعات طويلة، باستخدام الطرق التقليدية. وقد أظهرت ورقة علمية نشرتها مجلة "ساينس" أن "غراف كاست" تفوق على أفضل أنظمة "التوقع العددي للطقس" بمقدار تسعين في المئة.
كذلك أدت القفزات النوعية الأخيرة في الذكاء الاصطناعي، إلى حدوث طفرات في تطور توقعات الأحوال الجوية.
وفي مارس 2025، قدم باحثون من جامعة كامبردج نموذجاً ذكياً جديداً حمل اسم "آردفارك" Aardvark، يستطيع أن يتفوق على برنامج "نظام توقع أحوال الطقس العالمي" الذي تستخدمه "الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي" باستخدام عُشرْ ما يقدم لذلك البرنامج من البيانات.وفق في مجلة نيتشر.

ووصفه متخصصون بالأحوال الجوية بأنه "ثورة في توقع الطقس". وسيتيح لكل من يستعمله صنع تقارير شخصية عن الأحوال الجوية باستعمال الهاتف الخليوي. وفق "independentarabia ".
 
الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة والمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى دمجت نماذج الذكاء الاصطناعي في مجموعات التنبؤ الحالية لديهما، كما تعاون مكتب الأرصاد الجوية  مع معهد آلان تورينغ لفهم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا لتحسين التنبؤ بالطقس.

 الكمبيوتر الخارق الخاص بمكتب الأرصاد الجوية والذي أعلن عنه خلال عام 2020   أخبار ذات صلة ثورة وظائف الذكاء الاصطناعي.. مهن حديثة تقتحم المجال «خلوة البيانات الاقتصادية» حوارات لمواكبة التحول الرقمي

كيف يتم التنبؤ بالطقس؟
 الذكاء الاصطناعي يعمل من خلال نماذج التعلم الآلي العميق والشبكات العصبية على تحليل بيانات ضخمة قادمة من:


* الأقمار الاصطناعية.


* محطات الأرصاد الأرضية.


* الرادارات الجوية.


* المجسات البحرية والجوية.



تُدمج هذه البيانات مع توقعات جوية سابقة، تعود إلى بضع ساعات أو حتى أيام، باستخدام تقنية تُعرف بـ"استيعاب البيانات"، وذلك لرسم الصورة الأدق للحالة الراهنة للغلاف الجوي. وتُلقَن هذه "اللقطة اللحظية" أو الحالة الابتدائية إلى حاسوب فائق السرعة مبرمج على نموذج للطقس. يعتمد هذا النموذج على تقسيم كوكب الأرض إلى شبكة ثلاثية الأبعاد، ويستخدم معادلات فيزيائية تصف حركة الهواء. ومن خلال حلّ هذه المعادلات، يُمكن للحاسوب "تسريع" اللقطات، وبالتالي التنبؤ بحالة الطقس. وتُكرّر هذه العملية كل بضع ساعات، ما يتيح تحديث النموذج بشكل مستمر اعتماداً على بيانات جديدة من الغلاف الجوي الفعلي. والنتيجة: نقطة انطلاق كل توقع جديد تكون أقرب ما يمكن إلى الواقع. وفق بلومبرغ.

 


فوائد الذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية

مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان الأرصاد الجوية، شهدت عملية الرصد والتنبؤ بالطقس تحولًا جذريًا. فقد أصبح بالإمكان معالجة كميات هائلة من البيانات المناخية القادمة من الأقمار الصناعية والرادارات والمجسات الأرضية في ثوانٍ معدودة، بدلًا من الساعات الطويلة التي كانت تتطلبها النماذج التقليدية.
 تمكن الذكاء الاصطناعي من تحسين دقة التوقعات قصيرة وطويلة المدى، والتنبؤ بشكل أسرع بالكوارث الجوية المفاجئة مثل العواصف المدارية والسيول، مما يتيح للجهات المختصة الاستجابة بشكل أسرع وإنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر. كما يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير استراتيجيات للتكيف مع تغيّر المناخ عبر نماذج أكثر مرونة تتعلم باستمرار من البيانات الجديدة.


تحسين دقة التنبؤات


أظهرت التجارب الميدانية أن نماذج الذكاء الاصطناعي قادرة على تحقيق مستوى عالٍ من الدقة في التنبؤات الجوية، حتى لعدة أيام مقبلة. بفضل تقنيات التعلم الآلي، كما يمكن للخوارزميات رصد الأنماط الخفية داخل كميات هائلة من البيانات المناخية، مثل صور الأقمار الصناعية وقراءات الرادار وأجهزة الاستشعار الأرضية. هذه القدرة تقلل من هامش الخطأ مقارنة بالطرق التقليدية التي تعتمد على معادلات فيزيائية معقدة، وتمنح صانعي القرار والجمهور توقعات أكثر موثوقية بشأن الأمطار، العواصف، أو درجات الحرارة.



الإنذار المبكر بالكوارث الطبيعية


من أبرز إسهامات الذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية قدرته على اكتشاف إشارات مبكرة لكوارث طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وموجات الحر قبل حدوثها بفترة زمنية كافية. تعتمد الخوارزميات على تحليل بيانات تاريخية وسيناريوهات مناخية مشابهة للتعرف على أنماط غير مرئية للبشر أو للنماذج التقليدية. هذه الميزة تمنح السلطات الوقت اللازم لاتخاذ تدابير وقائية مثل الإجلاء المبكر أو تجهيز أنظمة الطوارئ، وهو ما يترجم مباشرة إلى إنقاذ الأرواح وتقليل حجم الخسائر المادية.


إدارة موارد الطاقة والزراعة


يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في التخطيط المستقبلي للقطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة. فبالنسبة للمزارعين، تساعد التنبؤات الدقيقة في اختيار أنسب الأوقات للزراعة والحصاد، وتقليل مخاطر تلف المحاصيل نتيجة الصقيع أو الجفاف. أما شركات الطاقة، فتستفيد من التوقعات الجوية في التكيف مع الطلب المتغير على الكهرباء، سواء خلال موجات الحر التي ترفع استهلاك أجهزة التبريد، أو في فترات البرد القارس التي تزيد الطلب على التدفئة. كما يمكن التنبؤ بظروف الرياح والشمس لتحسين كفاءة إنتاج الطاقة المتجددة، ما يجعل النظام الكهربائي أكثر استقرارًا واستدامة.


دعم النقل الجوي والبحري


تمثل دقة التنبؤات الجوية عنصرًا أساسيًا لضمان سلامة قطاعي الطيران والملاحة البحرية. يساعد الذكاء الاصطناعي شركات الطيران على تحديد المسارات الجوية الأكثر أمانًا وتجنب مناطق الاضطرابات أو العواصف المفاجئة، مما يقلل من مخاطر الحوادث ويضمن راحة الركاب. وعلى الصعيد البحري، تتيح هذه النماذج الذكية رصد التغيرات في التيارات والرياح، وهو ما يمكّن السفن من اختيار طرق أكثر أمانًا، ويقلل من احتمالية التعرض لمخاطر الطقس القاسي في عرض البحر.



مواجهة التغير المناخي


إلى جانب التنبؤات اليومية والإنذارات المبكرة، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا استراتيجيًا في دراسة التغير المناخي على المدى الطويل. من خلال تحليل بيانات تمتد لعقود من الزمن تشمل درجات الحرارة، مستويات البحار، وأنماط الغازات الدفيئة، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد الاتجاهات المناخية الكبرى والتنبؤ بآثارها المستقبلية. هذه القدرة تمنح صانعي القرار أدوات أدق لوضع سياسات بيئية مستدامة، مثل إدارة الموارد المائية في ظل احتمالات الجفاف أو التخطيط لمناطق معرضة لخطر الفيضانات الساحلية. كما تساعد النماذج الذكية الباحثين على محاكاة سيناريوهات مختلفة لانبعاثات الكربون، وتقدير تأثيرها على المناخ العالمي، ما يفتح المجال لتبني استراتيجيات فعالة للتخفيف من آثار الاحتباس الحراري والتكيف معها.


نماذج عملية من الواقع


لم يعد دور الذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية مجرد نظريات أو تجارب مخبرية، بل تجسّد في تطبيقات واقعية أحدثت فرقاً ملموساً. على سبيل المثال، طوّرت شركة جوجل نموذجها المعروف باسم GraphCast، الذي أثبت قدرته على تقديم توقعات جوية أسرع وأكثر دقة من بعض النماذج التقليدية المعتمدة منذ عقود. يستخدم هذا النظام بيانات تاريخية ضخمة للتنبؤ بحالة الطقس لمدى يصل إلى عشرة أيام، مع تقليل هامش الخطأ في رصد الظواهر المتطرفة مثل العواصف والأمطار الغزيرة.
 تبنّت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ومراكز الأرصاد في الولايات المتحدة أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الأقمار الصناعية بشكل لحظي، مما يتيح التنبؤ بمسارات الأعاصير قبل ساعات أو حتى أيام من وصولها إلى اليابسة. هذه القدرة منحت السلطات المحلية وقتاً إضافياً لتنظيم خطط الإجلاء وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
طورت الهيئة الوطنية للأرصاد في اليابان حلولاً قائمة على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بظاهرة المونسون الموسمية، وهي أنماط رياح موسمية تتميز بانعكاس اتجاه الرياح بشكل موسمي، ما ساعد المزارعين على الاستعداد بشكل أفضل لموجات الأمطار الغزيرة وضمان إدارة فعّالة للمياه.
في الهند، استعانت السلطات بخوارزميات مشابهة للتنبؤ بالفيضانات المفاجئة، ما ساهم في إنقاذ آلاف الأرواح في المناطق المعرضة للخطر.

أطلقت شركة جوجل نظام التنبؤ بالفيضانات في المناطق المعرضة في الهند، لينطلق أول إنذار في سبتمبر2018 في منطقة باتنا.

ما فائدة النظام للقاطنين في مناطق الخطر؟
تعد التنبيهات المبكرة التي يقدمها نظام التنبؤ مهمة جدًا في مناطق الخطر، إذ توفر لهم فرصة لإخلاء منازلهم بمجرد إرسال التنبيه. وضاعفت جوجل فترة التنبيه المبكر لتصل إلى 48 ساعة، ما يمنح السكان وقتًا أطول للاستعداد.ويقدم النظام معلومات عن عمق الفيضان، في المناطق التي يتوفر لدى فيها جوجل بيانات عن العمق في أنحاء السهول الفيضية.


تُظهر هذه الأمثلة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار إضافي، بل أصبح أداة استراتيجية تضعها الدول والمؤسسات في صميم سياساتها المناخية والاقتصادية.



الإمارات والذكاء الاصطناعي في الأرصاد الجوية

شهدت دولة الإمارات خطوات رائدة في توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز دقة وكفاءة التنبؤات الجوية، بما يخدم الاستدامة ويقلل من المخاطر المناخية. من أبرزالمبادرات:

جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومبادرة "إيم فور سكيل"، وجامعة شيكاغو أطلقت برنامجاً
 تدريبيًا فريدًا من نوعه في مجال التنبؤ بالطقس، يهدف إلى مساعدة الحكومات على تقديم توقعات مخصّصة تلبي الاحتياجات الزراعية المحلية، بما في ذلك احتياجات ملايين المزارعين..مع ما يفرضه تغيّر المناخ من أنماط طقس متطرفة ومتقلبة على المجتمعات حول العالم.

* نموذج التنبؤ الحضري الدقيق: طورت شركتا G42 وNVIDIA نموذج CorrDiff الذي يوفر توقعات جوية بدقة تصل إلى 200 متر، ما يسهم في تحسين سلامة الطيران والمواصلات في المدن ..ويوفر هذا النموذج التوليدي المخصص محاكاةً أسرع وأعلى كفاءة وأقل تكلفة، بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ بالظواهر المناخية المتطرفة .

* الاستمطار الذكي: يستخدم المركز الوطني للأرصاد خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط السحب وتحديد أفضل الأوقات لتفعيل عمليات الاستمطار، مما يعزز الأمن المائي ويزيد من فعالية الهطول.

* تحذيرات مبكرة محسنة: تم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع معايير منظمة الأرصاد العالمية لتحسين سرعة ودقة التحذيرات المناخية، مما يتيح الاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية.

اقرأ أيضاً..الإمارات.. ريادة عالمية في توظيف الذكاء الاصطناعي لمواجهة التغير المناخي


* الحوسبة الفائقة للأرصاد: أطلق المركز الوطني للارصاد نظام "أتموسفير" الفائق الأداء، الذي يقلل زمن المعالجة من ساعات إلى دقائق، ويدعم التنبؤات المعقدة في الظروف الجوية المتقلبة. ويعمل الحاسوب الفائق الذي أطلق عليه اسم "أتموسفير" على نظام HPE Cray EX، ويوفر منصة متطورة لإنجاز مهام تتطلب قدرات حسابية هائلة كالحوسبة، والحوسبة المتسارعة، والبرمجة، والتخزين، والشبكات، الأمر الذي سيساعد الباحثين في المركز على تنفيذ العديد من العمليات المعقدة بدقة عالية وسرعة أكبر كالنمذجة والمحاكاة العددية، واستخدام الذكاء الاصطناعي، وتوظيف قدرات التعلم العميق لمعالجة البيانات المعقدة، والتنبؤ بأحداث الطقس وغيرها. 

 هذه الجهود تؤكد كيف أصبح الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية في الإمارات لمواجهة تحديات المناخ، ودعم التخطيط المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز سلامة المجتمع والبنية التحتية.

قدرات الذكاء الاصطناعي
أكد خبراء ومتخصصون في قطاع التكنولوجيا، أن قدرات الذكاء الاصطناعي على دعم مسيرة
 الاستدامة العالمية لا تقتصر على قطاع معين بل تشمل القطاعات الاقتصادية كافة، وذلك في وقت تعتبر فيه مشكلات التغير المناخي والتدهور البيئي من أبرز التحديات التي تواجه الإنسانية ولا تقتصر مجابهتها على قطاع محدد .

وأوضحوا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الاستدامة ومواجهة التغير المناخي، يشمل التخطيط واستخدام التقنيات والحلول والرقابة على تنفيذ المهام على اختلافها بأقل الموارد وبأدنى حد ممكن من الانبعاثات.

وتشمل المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا مهما فيها على سبيل المثال لا الحصر، "الطاقة والمياه والنقل والزراعة والصناعة وسلاسل التوريد".. ويمكن استخدامه لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والمكاتب والشركات، وتحسين وترشيد إدارة المياه وإعادة تدويره
.

تقدّم في تنبؤات الطقس بالذكاء الاصطناعي
نموذج ECMWF AIFS يزيد الدقة بنسبة تصل إلى 20٪ 
المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى طوَّر نظام الـ AI Forecasting System (AIFS)، الذي يتفوق على النماذج التقليدية في عدة جوانب، منها التنبؤ بمسارات الأعاصير قبل 12 ساعة من الطرق السابقة.
 GenCast:  يتجاوز التنبؤات التقليدية لـ 15 يومًا 
أظهر نموذج GenCast قدرة كبيرة على تقديم تنبؤات حتى مدى 15 يومًا، مع أداء أفضل من النماذج التقليدية، مع تحسينات في التنبؤ بالأحداث الجوية الشديدة.
FengWu: يوسّع المدى الزمني للتنبؤ المتوسط إلى 11.25 يومًا
 نموذج تعلم آلي من مختبر الذكاء الاصطناعي في شنغهاي حقّق قدرة تنبؤية فعالة لمدة نحو 11.25 يومًا للتنبؤ المتوسط المدى، شاملاً عناصر مثل الأمطار، درجة الحرارة، حركة الرياح، وحتى ظواهر مناخية طويلة الأجل.
 OMG-HD:  تنبؤات عالية الدقة تعتمد على البيانات الملاحظة مباشرةً
 النموذج يستخدم بيانات ملاحظة من محطات سطحية، أقمار صناعية، ورادارات، دون المرور بعمليات الدمج المعقد التقليدية.وقد تفوَّق على أنظمة مثل ECMWF-IFS وHRRR لفترات التنبؤ القصيرة (حتى 12 ساعة) في الولايات المتحدة، مع تحسينات ملموسة في درجات الحرارة، الرطوبة، وغيرها.
arXiv
5. ACE2 البريطاني: تنبؤات موسمية باستخدام موارد حسابية. كما أظهر 
نموذج ACE2 مهارات تنافسية مع النماذج الفيزيائية التقليدية عند التنبؤات الموسمية (3-4 أشهر مقدَّمًا)، مع متطلبات أقل للطاقة والحوسبة، ما قد يساعد في نشر هذه القدرات خصوصًا في الدول ذات الإمكانيات المحدودة.
أداة التنبؤ بالتّدفّق (Flood forecasting): بعد إعصار Ragasa الذي تسبب بفيضانات كارثية في عدة مناطق، ابتكر فريق بحثي من جامعة ميشيغان أداة تعلم آلي تعمل مع نموذج المياه الوطني الأميركي لتحسين التنبؤ بالفيضانات، ما رفع دقة التنبؤ حتى 6 أضعاف في بعض الحالات.
 Surya: نموذج للتنبؤ بالانفجارات الشمسية، وهو ثمرة 
تعاون بين ناسا وIBM، قادر على التنبؤ بالتوهّجات الشمسية بدقة أعلى من الطرق التقليدية، مما يساعد في حماية الأقمار الاصطناعية والبنى التحتية الأرضية من تأثيرات الطقس الفضائي.
تحديات وقيود أمام الذكاء الاصطناعي

* التنبؤ بالأحداث الجوية الشديدة (مثل العواصف القوية أو البُنى السحابية المتقلبة) ما زال صعبًا، خصوصًا تحديد الشدة بدقة.

* نماذج الذكاء تحتاج إلى بيانات أكثر تفصيلًا وتحديثًا سريعًا لتقليل الأخطاء التراكمية بالسياق الطويل.

* التحديات في الترصُّد في المناطق التي تفتقر إلى محطات مراقبة، أو التي تكون فيها البيانات محدودة أو غير مستقرة.

* الأبعاد الأخلاقية والقانونية مثل الشفافية، الخصوصية، والتأكد من موثوقية التنبؤات المستخدمة في القرارات الحاسمة.
*الاعتماد على البيانات الضخمة


تعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على البيانات التاريخية والحديثة، وأي نقص أو تحيز في هذه البيانات قد يؤدي إلى تنبؤات غير دقيقة.

لحاجة إلى الحوسبة الفائقة

معالجة كميات هائلة من البيانات تتطلب موارد ضخمة في الحوسبة والطاقة، ما قد يقيّد استخدامها في بعض الدول النامية.

* الشفافية وتفسير النتائج

 بالرغم  من دقة التنبؤات، يظل فهم "كيف" توصل الذكاء الاصطناعي إلى نتائجه تحديًا، ما يثير مخاوف تتعلق بالشفافية والمساءلة العلمية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة الطقس

يتجه العالم نحو تعزيز دمج الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالطقس، وقد يصبح الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في رسم سياسات الاستدامة ومكافحة الكوارث المناخية عالميًا.
وبينما لا يخلو من تحديات، يظل مستقبله واعدًا كأداة استراتيجية لحماية الأرواح والموارد، وضمان استدامة أفضل.وبذلك، يمهد الذكاء الاصطناعي الطريق نحو مستقبلٍ أكثر استعدادًا وتوازنًا مع تقلبات المناخ.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التوليدي التنبؤ بالطقس مايكروسوفت الطقس الذكاء الاصطناعي أحوال الطقس جوجل الذکاء الاصطناعی إلى النماذج التقلیدیة الطرق التقلیدیة التغیر المناخی التنبؤ بالطقس دقة التنبؤات تحلیل بیانات دقة التنبؤ فی المناطق ر المناخ ما یتیح

إقرأ أيضاً:

استثمار ضخم في الإمارات.. مايكروسوفت تُنفّذ خطة بـ15.2 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي

يأتي هذا الإعلان الاستثماري الضخم مدعوماً بموافقة رسمية غير مسبوقة من وزارة التجارة الأمريكية، مكّنت مايكروسوفت من استيراد رقائق ذكاء اصطناعي من طراز "إنفيديا إيه 100" إلى الإمارات.

أعلنت شركة مايكروسوفت، الإثنين، عن نيتها رفع إجمالي استثماراتها في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 15.2 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2029.

وسيُوجّه الجزء الأكبر من هذا المبلغ والذي يشمل 7.3 مليارات دولار أنفقتها الشركة منذ 2023 ونحو 7.9 مليارات دولار ستُضاف خلال الأعوام الأربعة المقبلة، إلى تطوير بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

ويتضمّن الإعلان استثماراً مباشراً بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة "جي 42" (G42) للذكاء الاصطناعي، التي يترأس مجلس إدارتها نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن الوطني، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.

ترخيص نادر يفتح الباب أمام رقائق متطورة

ويأتي هذا الإعلان الاستثماري الضخم مدعوماً بموافقة رسمية غير مسبوقة من وزارة التجارة الأمريكية، مكّنت مايكروسوفت من استيراد رقائق ذكاء اصطناعي من طراز "إنفيديا إيه 100" إلى الإمارات.

وأشار سميث إلى أن شركته، التي كانت "من بين الشركات القليلة" التي حصلت على تراخيص تصدير خلال عهد إدارة جو بايدن، وخزّنت حتى الآن نحو 21,500 شريحة من هذا النوع في الدولة.

وفي سبتمبر الماضي، حصلت مايكروسوفت على ترخيص جديد يسمح لها بشحن 60,400 شريحة إضافية، موضّحاً أن هذه الموافقات تستند إلى "ضمانات تكنولوجية صارمة" تمنع أي استخدام خارج الإطار المصرّح به.

اتفاقية استراتيجية تُرسّخ الشراكة الرقمية

ويُعتبر هذا التعاون جزءاً من اتفاقية أوسع في مجال الذكاء الاصطناعي وقّعتها الإمارات والولايات المتحدة في مايو خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أبوظبي.

وتندرج الاتفاقية ضمن التزام استثماري مشترك بقيمة 1.4 تريليون دولار تم الإعلان عنه في مارس، ويشمل التزام الإمارات بتمويل أو بناء أو الاستثمار في مراكز بيانات داخل الولايات المتحدة لا يقل حجمها وقدراتها عن تلك المُنشأة على أراضيها.

كما تتضمّن الاتفاقية التزامات أمنية تاريخية من أبوظبي بمطابقة لوائحها المتعلقة بالأمن القومي مع المعايير الأمريكية، خصوصاً في ما يتعلق بحماية التكنولوجيا الأمريكية المنشأ ومنع تحويلها إلى جهات غير مرخصة.

Related تصاعد الغضب داخل مايكروسوفت.. احتجاجات واعتقالات بسبب عقود مع الجيش الإسرائيليالإمارات تطلق نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة وينافس أوبن آي وديب سيك"فالكون عربي".. الإمارات تدخل سباق الذكاء الاصطناعي بلغة الضاد الطموح الإماراتي في مواجهة الحواجز التكنولوجية

وتسعى دولة الإمارات إلى أن تصبح قطباً عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، في إطار جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن عائدات النفط. لكن هذا الطموح يعتمد بشكل حاسم على قدرتها على الوصول إلى تقنيات أمريكية متقدمة، لا سيما رقائق الذكاء الاصطناعي التي تخضع لقيود تصدير صارمة تهدف أساساً إلى منع وصولها إلى الصين.

وحتى مع السماح باستثناءات محدودة لدول حليفة، فإن هذه الاستثناءات تأتي عادةً مع سقوف كمية وضمانات أمنية مشددة.

ويُعدّ تعاون مايكروسوفت مع الإمارات — المدعوم بترتيبات أمنية وتكنولوجية موثوقة — مؤشراً على تحوّل في تصنيف واشنطن لحلفائها في السباق الرقمي العالمي، ويعزز من موقع الدولة كشريك استراتيجي لا غنى عنه في توسيع النفوذ التكنولوجي الأمريكي جنوبي آسيا والخليج.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة جو بايدن مايكروسوفت الإمارات العربية المتحدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب اعلان اعلان اخترنا لك "المهمة الأصعب في تاريخ الحروب الحديثة"..تقرير لـ"الغارديان" يتناول عمليات انتشال الضحايا في غزة الكنيست يبحث الأربعاء "قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين" بدعم من نتنياهو.. ما تفاصيل المشروع وخلفياته؟ الرئيس الأوكراني زيلينسكي يحضر قمة يورونيوز حول توسيع الاتحاد الأوروبي ترامب يشكك في جدية بن سلمان بشأن ربط التطبيع بحل الدولتين.. فهل أحرجه؟ طرد الشيخ محمد الشعال من مسجدين في ريف دمشق.. ما السبب؟ اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 مباشر. ترامب يجدّد تهديده لحماس.. وإسرائيل تعلن تحديد هوية جثامين 3 رهائن 2 "رسالة غامضة وسيارة مهجورة".. توقيف المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة بعد اختفائها لساعات 3 من رحلة هادئة إلى كابوس دموي.. ما الذي نعرفه عن الهجوم داخل القطار في بريطانيا؟ 4 أكبر قمر في العام.. لماذا يعتبر القمر العملاق القادم مميزًا؟ 5 كل ما تريد معرفته عن القمر العملاق في نوفمبر اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس غزة إيران الذكاء الاصطناعي بنيامين نتنياهو دراسة ثقافة ضحايا طعن الحزب الديمقراطي الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • «الشؤون الإسلامية» تدمج الذكاء الاصطناعي والإرشاد المباشر لخدمة المعتمرين
  • جوجل تنافس ستارلينك في الفضاء لتلبية الطلب على الذكاء الاصطناعي
  • لماذا ارتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي العام بالأسلحة منذ ولادته؟
  • نسخة سيري القادمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي من غوغل
  • أمطار رعدية.. «الأرصاد الجوية» تعلن حالة الطقس اليوم الأربعاء 5 نوفمبر 2025
  • الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس مصر اليوم الثلاثاء ودرجات الحرارة
  • استثمار ضخم في الإمارات.. مايكروسوفت تُنفّذ خطة بـ15.2 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي
  • أميركا والإمارات تتحالفان لتسريع سباق الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة
  • العراق يحتل المراتب الأخيرة عربياً و86 عالمياً في استخدام الذكاء الاصطناعي