الرّياح هي عبارة عن حركة لِكُتل هوائيّة في الجو. وعندما نفكّر في الريح، فإننا نفكّر في الحركة الأفقية للهواء. حينما تهبّ الرياح قادمة من الجهة المقابلة فإننا قد نواجه صعوبة في التقدّم نحو الأمام، وعندما تهبّ من خلفنا، ونحن على متن درّاجة، فيا لها من سعادة!
مما تحتفظ به ذاكرتي من أول شرحٍ أُلقي على مسامعي حول الرياح في فصلٍ دراسي، أن للرياح علاقة بالحركة الأفقية والعمودية للهواء، وأنها ترتبط باختلافٍ في درجات الحرارة.
في الصيف عند شاطئ البحر، تهبّ الرياح خلال النهار من البحر نحو الأرض، وفي الليل تهبّ من الأرض نحو البحر، فلماذا يا ترى؟ لأنه خلال النهار، تكون درجة حرارة الأرض أعلى من درجة حرارة مياه البحر. يمكن أن تكون الرّمال حارقة، لكن ذلك لا ينطبق على المياه أبدًا، أليس كذلك؟
في النّهار إذن، يسخن الهواء الملامس للأرض ويتمدّد (الكمّية نفسها من الهواء سوف تشغل مساحة أكبر)، فيصبح أقلّ كثافة ويرتفع إلى أعلى، مخلّفًا وراءه فراغًا «ينادي» على الهواء الملامس للبحر، ويترتّب على ذلك رياح تأتي من البحر متّجهةً نحو الأرض. وفي الليل تبرد الأرض وتصبح درجة حرارتها أقل من درجة حرارة البحر. وبالتالي فإن الهواء فوق البحر هو الذي يرتفع هذه المرّة، «مناديًا» على الهواء الموجود فوق الأرض.
دعونا الآن نحاول أن نلقِ نظرة شاملة على الأرض. تتلقّى المنطقة الاستوائية، الواقعة بين المدارين، في المتوسّط طاقةً شمسية أكثر مقارنةً بالمناطق الواقعة شمالا، إذ أن الإشعاع الشمسي أكبر في هذه المنطقة من الكوكب.
إن متوسّط درجة الحرارة هناك سيكون أعلى، وبالتالي فإن الكتل الهوائية ستتمدّد وتصبح أقلّ كثافة وتخضع لحركة صاعدة (نحو الأعلى)، ممّا يجتذب الهواء القادم من خطوط العرض العليا. وهكذا تتشكّل الرياح التجارية التي تتّجه نحو خط الاستواء.
يبرد الهواء مع صعوده نحو الأعلى، فتتوازن درجة حرارته وتصبح موحّدة، ويتوقف الصعود على ارتفاع خمسة عشر كيلومترا تقريبًا، وتنتشر الكتل الهوائية نحو الشمال في نصف الكرة الشمالي ونحو الجنوب في نصف الكرة الجنوبي. وبعدها تنحدر الكتل الهوائية نحو الأسفل مغلقةً بذلك الحلقة.
لكن لماذا يبرد الهواء أثناء صعوده؟ أو بالأحرى لماذا تنخفض درجة الحرارة مع الارتفاع؟
عندما يتلامس جسمان بدرجات حرارة متفاوتة، يسخن الجسم الأكثر برودة ويبرد الجسم الأكثر سخونة، وبعد فترة زمنية معيّنة تتعادل درجات حرارتيهما. وهذا ما يسمّى بالتوصيل الحراري (Thermal Conduction) في الفيزياء. لكن ليس هذا ما يحدث مع الكتل الهوائية عندما تتفاوت درجات حرارتها، لأن هناك مقياسين زمنيّين يتدخّلان هنا: مقياس التوصيل بالتأكيد، ولكن ثمّة أيضا مقياس الحمل الحراري (Convection).
لقد سبق وقلنا إن الكتل الهوائية الاستوائية، التي تكون أقل كثافة، تتعرّض لقوة تؤدي إلى تصاعدها. غير أن هذه الحركة تكون سريعة، بحيث تصعد الكتل الهوائية الدافئة نحو الأعلى دون أن تتبادل الحرارة عمليًّا مع الكتل الهوائية المحيطة الأقل حرارة.
ولأن ضغط الهواء ينخفض كلما ارتفعنا، فإن الكتل الهوائية الصّاعدة تتعرّض للتمدّد، ويؤدي هذا إلى تبريدها. يحدث هذا التمدّد دون تبادل الحرارة مع البيئة المحيطة. وعندما تنحدر الكتل الهوائية نحو الأسفل عند المدارين يحدث العكس: يصبح الهواء مضغوطا بسبب زيادة الضغط المحيط به، مما يؤدي إلى تسخينه.
وهكذا يكون التدرّج الحراري (Temperature Gradient)، أي التغيّر الحاصل في درجة حرارة الغلاف الجوي كلّما ارتفعنا نحو الأعلى، محكومًا بحركات الغلاف الجوي: 9.5 درجة مئوية لكل كيلومتر بالنسبة إلى الهواء الجاف، و 6.5 درجة مئوية لكل كيلومتر بالنسبة إلى الهواء الرطب. يرجع هذا الاختلاف إلى أن الهواء عندما يكون رطبا، يتكثّف بخار الماء في قطرات أثناء صعود هذا الهواء نحو الأعلى، مما يؤدي إلى إطلاق الحرارة (وهذا على عكس عملية التبخّر التي تحتاج إلى الحرارة).
من الجدير بالإشارة أن سرعة الرياح يمكن أن تصل إلى قيم عالية جدّا قد تبلغ 200 كم/ساعة. وكلّما كانت كتل الهواء أكبر، كانت تيّارات الهواء المرتبطة بحركتها العمودية أقوى، وكانت الرياح الناتجة عنها أكثر عنفًا.
- المصدر: موقع The Conversation
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکتل الهوائیة نحو الأعلى درجة حرارة
إقرأ أيضاً:
بعد تخطيها 40 درجة.. موعد انكسار الموجة الحارة
مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة تزايد البحث من قبل الكثير عن موعد انكسار الموجة الحارة.
الموجة الحارةوتوفر «الأسبوع» لمتابعيها كل ما يخص موعد انكسار الموجة الحارة، وذلك من خلال خدمة متقدمة تتيحها لمتابعيها في جميع المجالات، ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنـــــا.
موعد انكسار الموجة الحارةوأكدت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار غدًا الثلاثاء بانخفاض طفيف في درجات الحرارة، وستتراجع بعدها بمعدل من 3 إلى 5 درجات بحلول يوم الأربعاء، حيث من المتوقع أن تسجل القاهرة الكبرى 35 درجة مئوية وتستمر حول هذا المعدل حتى بداية الأسبوع المقبل.
الموجة الحارةوأوضحت خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «أنا وهو وهي» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن هذا الارتفاع لا يقتصر فقط على درجات الحرارة، بل يصاحبه أيضًا زيادة كبيرة في نسب الرطوبة، وهو ما يزيد من الإحساس بحرارة الطقس، مشيرة إلى أن ذروة الموجة كانت أمس حيث سجلت القاهرة الكبرى 42 درجة مئوية في الظل، فيما بلغ الإحساس بها نحو 44 إلى 45 درجة.
وأضافت أن نشاط الرياح سيعود اعتبارًا من الأربعاء، مما سيُحسن الإحساس بدرجات الحرارة ويقلل نسب الرطوبة نسبيًا، موضحة أن انخفاض سرعة الرياح خلال الأيام الماضية ساهم في الشعور الكبير بارتفاع الرطوبة.
موعد ذروة فصل الصيفوأكدت أن شهري يوليو وأغسطس يمثلان ذروة فصل الصيف في مصر، مشيرة إلى أن درجات الحرارة في أغسطس عادة ما تتراوح بين 34 و35 درجة، لكن وارد أن تشهد بعض الأيام ارتفاعات مؤقتة مصحوبة بزيادة في الرطوبة.
وأشارت إلى أن نسب الرطوبة ستظل مرتفعة خلال أغسطس، مع احتمالية التعرض لموجات حر متكررة، مشيرة إلى أن الشعور بتحسن في الأجواء يبدأ تدريجيًا من منتصف سبتمبر مع تراجع الحرارة والرطوبة.
اقرأ أيضاًتصل إلى 46 درجة.. الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس غدا الاثنين
حرارة وشبورة ورياح.. الأرصاد الجوية تعلن عن حالة الطقس غدا الاثنين 7 يوليو 2025
حرارة شديدة ورطوبة.. الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل حالة الطقس غدًا الأربعاء 25 يونيو 2025