الفرق بين الشره والنهم وحب الطعام
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
تعتبر عادات الأكل والتغذية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، وتختلف تلك العادات من شخص لآخر بناءً على عوامل متعددة، بما في ذلك الجوانب النفسية والبيولوجية والاجتماعية. من بين المفاهيم التي قد تشوبها بعض الارتباك، تأتي الشره والنهم وحب الطعام، وعلى الرغم من أنها تشير جميعها إلى عملية تناول الطعام، إلا أنها تختلف في معانيها وتأثيراتها على الصحة العامة.
الشره تشير إلى الرغبة القوية والمفرطة في تناول الطعام بصورة غير منتظمة، وغالبًا ما تكون مصحوبة بالشعور بالجوع الشديد أو الرغبة الشديدة في تناول أطعمة معينة. يمكن أن تكون الشره ناتجة عن العوامل النفسية مثل الإجهاد أو القلق، أو قد تكون نتيجة للجوع الحقيقي الذي يحدث بسبب عدم تناول الطعام بانتظام. ومع ذلك، فإن الشره عادة ما تكون غير محدودة وقد تؤدي إلى تناول كميات كبيرة من الطعام دون الشعور بالشبع.
النهمالنهم يشير إلى الرغبة في تناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة دون أن يكون هناك شعور حقيقي بالجوع. يمكن أن يكون النهم ناتجًا عن العوامل النفسية مثل الاكتئاب أو الضغط النفسي، وقد يتسبب في تناول الأطعمة على نحو غير منتظم وبكميات كبيرة دون الشعور بالرضا أو الشبع. ويُعتبر النهم مشكلة صحية تتطلب الانتباه لتجنب التعرض لمخاطر الزيادة الزائدة في الوزن والسمنة.
حب الطعامحب الطعام هو الرغبة الطبيعية والصحية في تناول الطعام بمتعة واستمتاع. يشعر الشخص الذي يعاني من حب الطعام برغبة طبيعية في تجربة الأطعمة المختلفة والتمتع بنكهاتها، ولكنه يحافظ في الوقت نفسه على التوازن والاعتدال في تناول الطعام دون الإفراط. يُعتبر حب الطعام جزءًا طبيعيًا من تجربة الحياة ولا يسبب مشاكل صحية مثل الشره والنهم إذا تم ممارسة بانتظام وبمعدلات معقولة.
على الرغم من أن الشره والنهم وحب الطعام يشيران جميعهم إلى تناول الطعام، إلا أنهم يختلفون في السياق والمعنى والتأثير على الصحة العامة. يجب السعي للحفاظ على عادات تغذية صحية ومتوازنة وتجنب الإفراط في تناول الطعام أو التسرع في الأكل. وفي النهاية، يجب على الأفراد الاستمتاع بتجربة الطعام بمعتدل والاستمتاع بنكهات الحياة دون الوقوع في الإفراط أو النهم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الشره النهم فی تناول الطعام
إقرأ أيضاً:
غواي… حين تكون الخطيئة مرآة الروح
مايو 12, 2025آخر تحديث: مايو 12, 2025
حسام باظة
في رواية غواي للكاتبة وفاء شهاب الدين الصادرة عن مجموعة النيل العربية بالقاهرة، نجد أنفسنا أمام عمل أدبي يستدرج القارئ كما تستدرج الغواية قلب العاشق، فلا يملك إلا أن يستسلم لسحر السرد، متورطًا في عالمٍ يشتبك فيه المحظور بالمباح، والبراءة بالذنب، حتى تتماهى الحدود، وتصبح الحقيقة ككفّ امرأة ترتجف تحت المطر، لا تعرف إن كانت تطلب دفئًا أم خلاصًا.
تُفتَح الرواية على نغمة شجن خفي، كموسيقى خلفية لحلمٍ مشوب بالقلق. ليست غواي مجرّد قصة، بل هي مساحة لتأمل الضعف الإنساني حين يلتقي بالشغف، وحين تتحول الرغبة إلى لعنة، والحنين إلى خنجر بارد في خاصرة الروح. إنّ بطلة الرواية لا تُرسم كضحية ولا كخاطئة، بل ككائن يتلوى في مرجل الأسئلة الوجودية، تارةً تستجدي الغفران، وتارةً تسخر من فكرة الخلاص برمّتها.
السرد في غواي مشغول بعناية نادرة، حيث تتداخل الأزمنة كأنها أنفاس راقصة في غرفة مغلقة، والحوار لا يأتي لأداء وظيفة بل ليكشف المستور، وليدفع القارئ دفعًا إلى مناطق داخلية لم يكن يجرؤ على ولوجها. الكاتبة هنا لا تهادن، بل تمسك بيد قارئها وتأخذه إلى الحافة، ثم تهمس في أذنه: “انظر… هذه أنت، إذا ما كُشفت كل أقنعتك.”. فاللغة هنا هي البطل الحقيقي، لغة مشبعة بالإيحاءات، أنثوية الإيقاع، جريئة دون ابتذال، رقيقة دون ضعف. كل جملة كأنها قطرة عطرٍ مُرٍ تسيل على جلدٍ متعب، توقظه ولا تريحه. وفاء شهاب الدين في هذه الرواية تُراهن على الكتابة كفعل مواجهة، لا كأداة تسلية؛ ولذلك فإن غواي ليست رواية تُقرأ بل تُعاش.
تمضي الرواية في خط سردي ملتف كأفعى، حيث تتشابك الحكايات وتتماوج الرغبات، فلا يعود القارئ متأكدًا إن كان يقرأ عن امرأة واحدة أم عن شظايا امرأة تكسّرت تحت وطأة التجربة. البطلة ليست نموذجًا نمطيًا ولا صوتًا خافتًا، بل كيانٌ متمرّد ينهض من بين الرماد، يرفض التصنيف، ويتحرّك بين الحب والرفض، بين الندم والرغبة في الانتقام، كأنها تمشي على حافة هاوية كلما ظنّ القارئ أنها اقتربت من النجاة.
حين تمسك برواية غواي، لا تتوقع أن تدخل عالماً هادئاً أو حكايةً تمضي في خط مستقيم… بل استعدّ لأن تُسحب إلى دوّامة من المشاعر المتناقضة، حيث تتقاطع الرغبة مع الندم، وتتمازج البراءة بالخطيئة، ويصبح الحب نفسه بابًا مواربًا على الجحيم.
“غواي” ليست مجرد عنوانٍ لافت، بل مفتاحٌ ثقافي يحمل جذوره في اللغة البدوية، حيث تعني الكلمة “الحبيب كثير الحب”، ذاك الذي لا يهدأ قلبه ولا يعرف الاعتدال في العاطفة… وكأن الكاتبة أرادت منذ اللحظة الأولى أن تشير إلى أن ما ينتظرنا ليس حكاية حب تقليدية، بل مواجهة عميقة مع أنفسنا. في هذه الرواية، تكتب وفاء شهاب الدين من داخل الجرح، لا من خارجه. تُعرّي النفس البشرية، وتقدّم بطلتها لا كضحية ولا كمذنبة، بل كامرأة تنوء تحت ثقل الشعور، وتسير في دربٍ غير ممهد نحو ذاتها الحقيقية
في روايتها غواي، تأخذنا الكاتبة وفاء شهاب الدين في رحلة داخلية قاسية، تختبر فيها الروح نفسها على محك الرغبة والذنب، الشوق والخطيئة، فتُعري هشاشة الإنسان حين يقف عاريًا أمام مرآة ذاته. ليست غواي مجرد عمل روائي، بل هي طقس اعتراف غير معلن، ونصّ تتكشّف فيه الحقيقة بالتدريج، كما تتسلل الخيانة إلى قلب مطمئن… بهدوء، وبدون استئذان.
العنوان نفسه يحمل مفتاح الدخول إلى عالم الرواية. فكلمة “غواي”، كما تفسّرها الكاتبة، هي لفظة بدوية تعني “الحبيب”، لا بمعناه البسيط، بل كـ”كثير الحب”، ذلك الذي يحب حتى التهلكة، ويغوي ويُغوى، كما لو كان الحب لعنة أبدية تطارده أو هو يطاردها. ومن هذا العنوان، تبدأ الدلالة الكبرى: ماذا لو كان الحب نفسه هو الخطيئة؟ وماذا لو كانت الغواية ليست فعلًا إراديًا، بل قدرًا؟ إن في اختيار هذا اللفظ البدوي ما يضفي على النص مسحة من الأصالة، ويمنحه بعدًا ثقافيًا غائرًا في التقاليد واللهجات التي طالما حمَلت الحكمة والغواية معًا.
تمضي الرواية في خط سردي ملتف كأفعى، حيث تتشابك الحكايات وتتماوج الرغبات، فلا يعود القارئ متأكدًا إن كان يقرأ عن امرأة واحدة أم عن شظايا امرأة تكسّرت تحت وطأة التجربة. البطلة ليست نموذجًا نمطيًا ولا صوتًا خافتًا، بل كيانٌ متمرّد ينهض من بين الرماد، يرفض التصنيف، ويتحرّك بين الحب والرفض، بين الندم والرغبة في الانتقام، كأنها تمشي على حافة هاوية كلما ظنّ القارئ أنها اقتربت من النجاة.
وفاء شهاب الدين كاتبة تعرف تمامًا كيف تحرّك أدواتها. فهي لا تكتفي برسم الشخصيات، بل تغوص في دواخلها، وتجرّدها من الزيف، وتقدّمها لنا مشحونة بالتناقض، وهذا ما يمنح الرواية نبضها الحقيقي. اللغة هنا ليست محض وسيلة، بل كائن حيّ، يتنفس مع كل جملة، ويئنّ أحيانًا. جملها قصيرة كالسكاكين، مشبعة بالإيحاء، لا تتورع عن فضح المشاعر، ولا عن مداعبة القارئ ثم صفْعه بحقيقة غير متوقعة.
الرواية تطرح سؤالًا مؤلمًا: من الذي يدين من؟ الرجل الذي سقط في الغواية، أم مجتمع لا يرحم؟ هل كان البطل مذنب فعلاً، أم أن العالم من حوله كان مهيأ لسقوطه منذ البدء؟ هنا، تتقاطع غواي مع كل التجارب الإنسانية التي يُدفع فيها الأفراد إلى الخطأ، ثم يُصلبون وحدهم على خشبة العار.
إن غواي ليست قصة تُقرأ مرة وتُطوى، بل وجعٌ يُستدعى كلما فكرنا في معنى الحب، وفي كُلفة أن تكون كثير الحب… أن تكون غواي.
رواية تستحق أن تُقرأ، لا لأنها تسلّي، بل لأنها تُفجّر الأسئلة، وتترك القارئ مشتعلاً بعد أن يُغلق الصفحة الأخيرة
فهي نص أدبي يضجّ بالصدق، بالوجع، بالجمال المشاكس… وهي دعوة صريحة لأن نعيد النظر في مفاهيم الغواية، الحب، والخطيئة. رواية تكتبها امرأة، عن رجل، لكنها تُلامس كل روح، رجلاً كان أو امرأة، عرف ما معنى أن تُحب حتى تتكسر.
هذه الرواية ليست دعوة للغواية، بل هي تأملٌ في كيف يصبح الإنسان فريسةً لهشاشته، كيف قد يحمل داخله الملاك والشيطان معًا، وكيف تكون المرأة — لا كرمز بل ككائن متكامل — مرآةَ المجتمع ومقصلة أحكامه في آنٍ واحد. في غواي، كل قارئ قد يرى نفسه، أو يهرب منها خوفًا مما قد يراه.
إنها رواية تُزعج، وتؤلم، وتثير… لكنها لا تُنسى. ففيها تأخذنا الكاتبة وفاء شهاب الدين في رحلة داخلية قاسية، تختبر فيها الروح نفسها على محك الرغبة والذنب، الشوق والخطيئة، فتُعري هشاشة الإنسان حين يقف عاريًا أمام مرآة ذاته. ليست غواي مجرد عمل روائي، بل هي طقس اعتراف غير معلن، ونصّ تتكشّف فيه الحقيقة بالتدريج، كما تتسلل الخيانة إلى قلب مطمئن… بهدوء، وبدون استئذان.
العنوان نفسه يحمل مفتاح الدخول إلى عالم الرواية. فكلمة “غواي”، كما تفسّرها الكاتبة، هي لفظة بدوية تعني “الحبيب”، لا بمعناه البسيط، بل كـ”كثير الحب”، ذلك الذي يحب حتى التهلكة، ويغوي ويُغوى، كما لو كان الحب لعنة أبدية تطارده أو هو يطاردها. ومن هذا العنوان، تبدأ الدلالة الكبرى: ماذا لو كان الحب نفسه هو الخطيئة؟ وماذا لو كانت الغواية ليست فعلًا إراديًا، بل قدرًا؟ إن في اختيار هذا اللفظ البدوي ما يضفي على النص مسحة من الأصالة، ويمنحه بعدًا ثقافيًا غائرًا في التقاليد واللهجات التي طالما حمَلت الحكمة والغواية معًا.
وفاء شهاب الدين كاتبة تعرف تمامًا كيف تحرّك أدواتها. فهي لا تكتفي برسم الشخصيات، بل تغوص في دواخلها، وتجرّدها من الزيف، وتقدّمها لنا مشحونة بالتناقض، وهذا ما يمنح الرواية نبضها الحقيقي. اللغة هنا ليست محض وسيلة، بل كائن حيّ، يتنفس مع كل جملة، ويئنّ أحيانًا. جملها قصيرة كالسكاكين، مشبعة بالإيحاء، لا تتورع عن فضح المشاعر، ولا عن مداعبة القارئ ثم صفْعه بحقيقة غير متوقعة.
الرواية تطرح سؤالًا مؤلمًا: من الذي يدين من؟ المرأة التي سقطت في الغواية، أم مجتمع لا يرحم؟ هل كانت البطلة مذنبة فعلاً، أم أن العالم من حولها كان مهيأ لسقوطها منذ البدء؟ هنا، تتقاطع غواي مع كل التجارب الإنسانية التي يُدفع فيها الأفراد إلى الخطأ، ثم يُصلبون وحدهم على خشبة العار.
إن غواي ليست قصة تُقرأ مرة وتُطوى، بل وجعٌ يُستدعى كلما فكرنا في معنى الحب، وفي كُلفة أن تكون كثير الحب… أن تكون غواي.
رواية تستحق أن تُقرأ، لا لأنها تسلّي، بل لأنها تُفجّر الأسئلة، وتترك القارئ مشتعلاً بعد أن يُغلق الصفحة الأخيرة.