خطوة حاسمة.. مصر ترفع العقبات أمام السوريين للعودة إلى بلادهم
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
أعلنت السلطات المصرية قرارًا جديدًا يهم السوريين المقيمين في مصر والراغبين في العودة إلى بلادهم، حيث قررت إعفاءهم من غرامات عدم تجديد الإقامات لمدة ثلاثة أشهر، في خطوة تهدف إلى تسهيل عودتهم وتذليل العقبات المالية التي واجهتهم خلال الفترة الماضية.
وأكدت مصادر مصرية، في تصريحات لـ”العربية.نت”، أن القرار بدأ تنفيذه بالفعل، مشيرة إلى أن الغرامات المتراكمة بسبب تأخير تجديد الإقامة كانت تشكل عائقًا رئيسيًا أمام عودة عدد كبير من السوريين، وتختلف قيمة الغرامات بحسب مدة التأخير، ما أدى إلى تراكم مبالغ مالية كبيرة على بعض المقيمين، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ هذا التيسير الاستثنائي.
ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها مصر لتسهيل عودة السوريين بعد التغيرات السياسية الأخيرة في سوريا، في وقت تشهد فيه حركة العائدين نشاطًا متزايدًا، خاصة عبر ميناء نويبع البحري حيث غادر آلاف السوريين مصر خلال الأشهر الستة الماضية باتجاه الأردن، ومن ثم إلى سوريا عبر معبر جابر الحدودي، بحسب تصريحات رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر المهندس محمد عبد الرحيم، وأكدت الهيئة تقديمها كل الدعم والتسهيلات للسوريين، مستخدمة عبارات بحرية مجهزة بأحدث وسائل السلامة لضمان راحة المسافرين.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المصرية كانت قد فرضت في السابق قيودًا على دخول السوريين، حيث منعت شركات الطيران قبول الركاب السوريين القادمين باستثناء الحاملين لإقامات مؤقتة غير سياحية، وقيّدت دخول السوريين الحاصلين على تأشيرات أو إقامات أوروبية وأمريكية وكندية دون موافقة أمنية مسبقة، بالإضافة إلى مراقبة دخول السوريين المتزوجين من مصريين.
يُذكر أن عدد السوريين المسجلين في مصر ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث قفز من حوالي 12,800 في نهاية 2012 إلى أكثر من 153,000 مسجل بنهاية 2023، فيما تشير تقديرات منظمة الهجرة الدولية إلى وجود نحو مليون ونصف مليون سوري في مصر.
توغل إسرائيلي في ريف القنيطرة السوري واعتقال 6 مدنيين بينهم طفل بزعم تفكيك خلية لـ”فيلق القدس”
توغلت قوة عسكرية إسرائيلية، صباح الاثنين، في بلدتي عين الزيتون والدواية بريف القنيطرة الأوسط جنوبي سوريا، ونفذت عمليات دهم واسعة لمنازل المدنيين، حيث اعتقلت 6 مواطنين بينهم طفل. واتهم الجيش الإسرائيلي المعتقلين بأنهم أعضاء في خلية تابعة لـ”فيلق القدس” الإيراني، في عملية خاصة جنوب سوريا.
وأفادت مصادر سورية بأن من بين المعتقلين شخصًا كان محتجزًا سابقًا في سجن صيدنايا لمدة ثماني سنوات، أفرج عنه بعد رحيل حكومة بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وأشارت إلى أن القوات الإسرائيلية توغلت برفقة نحو عشر سيارات وكلاب بوليسية، وبقيت لفترة قصيرة قبل أن تغادر المنطقة، دون الكشف عن مصير المعتقلين أو التهم الموجهة إليهم.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن اعتقال عناصر وصفهم بالخطيرين من “خلية فيلق القدس” خلال عملية ليلية دقيقة في منطقة تل كودنة جنوب سوريا، في إطار حملات متكررة تستهدف مناطق في ريف القنيطرة.
وتشهد المناطق الحدودية بين سوريا واحتلال الجولان تصاعدًا في التحركات العسكرية الإسرائيلية، التي تشمل عمليات حفر وبناء سواتر ترابية، فضلاً عن مداهمات متكررة، وسط استمرار القصف الجوي والعمليات البرية التي تستهدف البنية التحتية العسكرية السورية، في سياق سياسة إسرائيلية تهدف إلى تثبيت سيطرتها على المنطقة العازلة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاقتصاد السوري سوريا حرة سوريا ومصر مصر
إقرأ أيضاً:
رغم الفقد والدمار.. عالقون خارج غزة ينتظرون فتح معبر رفح للعودة إلى وطنهم
غزة- كان معبر رفح محطة أم ناجي الأخيرة ومسرح وداعها لابنها الصحفي صالح الجعفراوي، قبل أن تغادر في الأشهر الأولى من الحرب لتلقي العلاج من السرطان في دولة قطر. وقطعت الأم بوابة المعبر بجسدها، لكن قلبها ظلّ معلّقا على كتف ابنها، في عناق لم تكن تدري أنه الأخير.
"أشوف وجهك على خير يمة"، كانت هذه آخر كلماتها لولدها صالح قبل أن يفترقا، فلم تكن تعلم أنها ستشاهده لاحقا جثة هامدة ملطخة بالدم، عبر وداع أبدي بارد على شاشة الهاتف.
توالت على أم ناجي سلسلة من الفواجع خلال عامي الحرب، حيث أُسر ابنها البكر، ثم أُصيبت بالسرطان، فغادرت قطاع غزة للعلاج، قبل أن تستقبل خبري استشهاد ابنها الآخر، وتدمير منزلها.
وزير الخارجية بدر عبد العاطي يقول في تصريح متلفز إن تصريحات إسرائيل بشأن #معبر_رفح مجرد لغو ونشر للأكاذيب pic.twitter.com/2HUFuMvwbG
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) December 14, 2025
ارتباط عقائديوفي صفقة تبادل الأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار عاد ابنها الأسير حرّا بعد 16 شهرا من سجون الاحتلال، لكن بوابة معبر رفح الموصدة في وجه الغزيين العالقين خارج القطاع، حالت دون تمكنها من ضمّ نجلها المحرر إلى صدرها، أو حتى من زيارة قبر ابنها الشهيد.
وتتوق أم ناجي للحظة عودتها لغزة برغم ما فيها من وجع ودمار. وتقول للجزيرة نت "أنا غائبة عن غزة بجسدي، لكن حبها يجري في عروقي"، وترى أنها ترتبط بغزة ارتباطا بعقيدة لا بمكان أو ممتلكات، وتوضّح "من يعرف معنى الرباط في غزة لا يستطيع الفكاك منها، لذلك كنت دائما أدعو ألا يحرمني االله أجر الرباط فيها وإن كنت بعيدة عنها".
ورغم ما تحمله المدينة من ذكريات موجعة بالنسبة إليها، لم تتصالح السيدة مع فكرة البعد عنها، حتى مع توفر حياة أكثر رفاهية خارجها، وتستعيد فضل غزة عليها قائلة "لقد أكلت من خيرها، وتربّيت فيها، وتزوجت وأنجبت، فكيف أنسى فضلها؟".
إعلانتحمل أم ناجي في قلبها حزنا كبيرا ولا تطلب أكثر من فتح المعبر لتتمكن من الجلوس عند قبر ابنها الشهيد والحديث معه والشعور بقربه، واحتضان ابنها الذي عاد من الأسر، ولتعانق أحفادها الجدد، وتعود إلى زوجها، وتستعيد ما تشتّت من حياتها، "كان حلمي نرجع نجتمع كاملين، لكن فراغ صالح سيبقى غصّة للأبد".
"ليس للاستبدال"
مثل أم ناجي، بقيت حياة الشاب شكري فلفل معلّقة عند بوابة المعبر منذ اللحظة الأولى لوداع قطاع غزة، وهو الذي اضطر لمغادرته قسرا في اليوم الذي لم يبقَ له ولعائلته أي مأوى سوى الرصيف، فخرج إلى مصر وهو يحمل معه "عقدة الناجي" كما يقول.
ومنذ مغادرته، لم يعش شكري خارج غزة بقدر ما علّق حياته على أمل العودة، يستيقظ كل صباح باحثا عن خبر واحد: هل فُتح معبر رفح؟.
كان اندفاع شكري للعودة لافتا، خاصة أمام حجم الخسائر الفادحة التي تكبّدها هو ووالده، والتي تبدو في نظر أي إنسان سببا كافيا للاستقرار في الغربة. يقول شكري للجزيرة نت "أكثر من 90% من استثماراتنا العقارية دُمّرت، ومصنع الأثاث العائلي مُسح من الخارطة، ومتاجر المكملات الغذائية التي كنا نملكها لم يبقَ منها شيء".
ورغم كل ذلك، لا يتحدث شكري إلا بلغة الأمل "خسرنا كل شيء، لكننا سنعود إلى غزة وستُعمّر بأيدي أبنائها". ويقول إن "الوطن ليس مكانا قابلا للاستبدال، ولا يعوّضه أي مكان في العالم".
ويضيف "من أول دقيقة في غربتي أنتظر الرجوع لأرى شوارع مدينتي، ومن تبقى من جيراني وأصدقائي، وأن أعود لأبدأ، حتى لو كانت البداية من الصفر".
وإذا كان فقدان البيت والعمل يدفع البعض للتمسّك بالعودة، فإن الغربة عند آخرين كانت امتحانا يوميا للأمومة والكرامة معا، فلم تخرج إيمان سلّام من غزة بحثا عن حياة أفضل، بل فرّت من تحت القصف، تحمل أطفالها وفتات ذكرياتها وشيئا من مدخرات عمرها، التي تحوّلت فجأة إلى وسيلة للنجاة، لا للحياة.
خلّفت إيمان خلفها زوجها الصحفي في غزة، الذي اختار أن يبقى ليؤدي واجبه المهني في تغطية ما يجري في المدينة، حينما كانت هي تحمل ثقل الخوف عليه ووجع الغياب وتحمّل مسؤولية 4 أطفال.
وصلت إيمان إلى بلد لا تعرف فيه أحدا، بلا بيت، ولا عمل، ولا حماية، لكنها بقيت متمسكة برسالتها التعليمية، حيث كانت تعمل في إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، ورغم وجع الغربة فإنها لم تتخلَّ يوما عن طلابها الذين بقوا في غزة، حيث شاركت في تعليمهم عن بُعد، وداومت على التواصل معهم لتمنحهم ما تبقى من حقهم في التعلم.
لكن جهدها وجهد الكثيرين مثلها لم يؤخذ بعين التقدير. كما قالت، وفوجئ هؤلاء بمنحهم إجازة استثنائية قسرية غير مدفوعة لمدة عام كامل، لتجد نفسها مع 600 موظف فجأة بلا رواتب. وتقول إيمان "موظف الأونروا الذي خدم اللاجئين سنوات أصبح اليوم يقف في طوابير الجمعيات الخيرية ينتظر كيلوغرامين من اللحم المجمّد تحت حر القاهرة".
"أي كرامة بقيت بعد هذا المشهد؟" هذا الشقاء دفع إيمان لانتظار اللحظة التي يُسمح لها بالعودة لمدينتها، وتقول للجزيرة نت "كل ما أريده أن يلم شملي بزوجي في مكاننا ومدينتنا وأن نعود لحياتنا العادية، هل كان ذنبنا أننا نجونا من القصف كي نموت ببطء في الغربة بلا أفق لانتهائها؟".
إعلان رغم الخساراتولا يختلف الحال كثيرا عند من حملوا غزة في أعمالهم للعالم، ثم وجدوا أنفسهم عالقين خارجها، بعيدين عن أهلهم وحلمهم، تماما كالمخرج فريد خالد، فمنذ 25 عاما، يحمل كاميرته ويجوب شوارع غزة وأحياءها، يصنع أفلاما تُعرّي الألم وتُبرز جمال المدينة التي أحبّها.
أسّس فريد شركة إنتاج في غزة، وأخرى في مصر، وظلّ يتنقّل بينهما بحكم عمله، إلى أن اندلعت الحرب حينما كان في القاهرة. وقال للجزيرة نت "انفصلت عن عائلتي التي بقيت في جباليا وتدمّر المنزل وعاشوا عامين من البؤس وأنا بعيد عنهم".
لم تتوقف محاولات فريد للاجتماع بعائلته، فقد أجهضها إغلاق معبر رفح كلها، وقال للجزيرة نت "خسرتُ شركتي التي أسستها بشق الأنفس بمئات آلاف الدولارات، وخسرت بيتي، لكن لا خسارة كبعدي عن عائلتي التي عاشت كل الخوف وحدها"، وينتظر فريد فرصة واحدة ليعود إلى غزة، ويعيد بناء ما تبقّى من حلمٍ صنعه بكفاح ربع قرن.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن هناك توافقا مبدئيا على عدم فتح المعبر باتجاه واحد، إلا بعد الحصول على ضمانات واضحة تتيح عودة العالقين خارج قطاع غزة، وذلك بعد الإعلان الإسرائيلي في 3 ديسمبر/كانون الأول 2025 عن نية الاحتلال فتح المعبر باتجاه واحد فقط، ما أثار اعتراض وزارة الخارجية المصرية التي أكدت رفض أي مسار يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين.
رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: #مصر تملك الحق في "فيتو سياسي" ضد فتح إسرائيل #معبر_رفح من جانب واحد#المسائية pic.twitter.com/MmfvHjslxM
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 3, 2025
"ليست استثنائية"في هذا السياق، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة للجزيرة نت، أنّ عدد المسافرين من القطاع منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بلغ نحو 120 ألف مواطن، منهم قرابة 80 ألفا عالقون في مصر بانتظار السماح لهم بالعودة إلى القطاع، في حين يتوزّع نحو 40 ألفا آخرين على 19 دولة حول العالم لأسباب مؤقتة.
وأوضح المكتب الإعلامي على لسان مديره إسماعيل الثوابتة، أنّ من بين المسافرين نحو 12 ألفا و450 مريضا ومرافقيهم غادروا لتلقي العلاج، إضافة إلى 8 آلاف و300 من حملة الجنسيات الأجنبية الذين خرجوا بترتيبات خاصة بدولهم، فضلا عن آلاف الطلبة الذين سافروا لاستكمال دراستهم في الخارج.
وأشار إلى أنّ حركة السفر من حيث العدد لا تُعدّ استثنائية مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنّ الفارق الجوهري يكمن في أنّ المعابر فُتحت باتجاه واحد فقط، ولم يُسمح بالعودة إلى قطاع غزة إلا خلال فترات هدنة محدودة وبأعداد قليلة، مما أدى إلى تراكم أعداد كبيرة من العالقين خارج القطاع.
وأكد الثوابتة أنّ المكتب الإعلامي الحكومي تلقّى عشرات آلاف الطلبات من عائلات فلسطينية تطالب بالعودة إلى غزة والضغط من أجل فتح معبر رفح، مما يعكس -وفق قوله- تمسّك الغالبية الساحقة من المسافرين بالعودة وعدم اعتبار هذا الخروج هجرة بأي شكل من الأشكال، وشدد على أنّ الحديث عن "هجرة جماعية" يندرج ضمن روايات الاحتلال عن التهجير القسري.