استلم ذو الفقار علي بوتو السلطة في باكستان من رئيسها السابق الجنرال يحيى خان بعد أن فقدت بلاده جزأها الشرقي، بنغلاديش في عام 1971، ثم جاء جنرال آخر وانتزعها منه لتبدأ لعنة بوتو.

إقرأ المزيد عالم نووي بـ"طاقية إخفاء"!

سارع رئيس باكستان المدني إلى انتهاج مسار جديد بهدف التخلص من مضاعفات الحروب والانقلابات والتخلف الاقتصادي.

لتحقيق التنمية الاقتصادية عزز دور الدولة، وأعاد تنظيم علاقات بلاده الخارجية التجارية، تم قام بتأميم الشركات، وأعلن في مارس عام 1971 عن إصلاح زراعي للقضاء على بقايا المجتمع الاقطاعي، جرى بموجبه بحلول عام 1976 تقسيم 400 ألف هكتار من الأرض إلى 67 ألف مزرعة فلاحية.

إصلاحاته يقول أنصاره أنها أسهمت في الرفع من مستوى معيشة مواطنيه، وفي توطيد الاستقرار الداخلي، وهي أضعفت مكانة "22 عائلة" كانت تهيمن على اقتصاد باكستان. فعل كل ذلك لتصبح بلاده ندا لخصمها اللدود الهند بما في ذلك في مجال التسلح النووي.

من إنجازات بوتو أيضا وضع دستور جديد للبلاد في عام 1973، حولها إلى النظام البرلماني، وبموجب ذلك قاد بلاده رئيسا للوزراء، واتبع سياسة مستقلة ابتعدت عن السير في ركب الولايات المتحدة.

بالتوازي مع ذلك، جرى حظر حزب الشعب الوطني المعارض، واعتقال قادته، فيما فرضت التعديلات الدستورية قيودا على السلطة القضائية.

أراد زعيم حزب الشعب أن يشكل باكستان بطريقته الخاصة، وأن يحشدها خلفه من دون معارضين يعيقون "المسيرة"، لكنه لم يتمكن من ذلك لفترة طويلة.

فاز حزبه الحاكم في الانتخابات البرلمانية في عام 1977 بـ 155 من أصل 200 مقعد، إلا أن كتلة التحالف الوطني الباكستاني التي ضمت تسعة أحزاب معارضة، اتهمت بوتو بتزوير نتائج تلك الانتخابات وطالبت باستقالته، وكان رده حملة قبض طالت أكثر المعارضين نشاطا، وفرض الاحكام العرفية في البلاد.

انتشرت أعمال شغب وعنف جماعية، وتصدت قوات الأمن ما أدى إلى مقتل 270 شخصا. تدهورت الأوضاع وسنحت الفرصة لرئيس أركان الجيش الجنرال ضياء الحق الذي كان عينه بوتو في المنصب قبل عام!

انقلب ضياء الحق على بوتو في 5 يوليو عام 1977، حل البرلمان وعلق العمل بالدستور، ونصب نفسه رئيسا لإدارة عسكرية للبلاد.

بعد وقت قصير من القبض على رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو، أطلق سراحه بعد أن حرم من القيام بأي نشاط سياسي، لكنه لم يهدأ وشن حملة ضد خصمه ضياء الحق، فبادر الجنرال إلى اعتقاله مع خمسة من المقربين منه في سبتمبر 1977، ثم اتهم بأنه متورط في قتل منافس سياسي في عام 1974، وبدأ العد العكسي.

انطلقت محاكمة بوتو نهاية يناير عام 1978، وأعد ضياء الحق مسرح القضاء للتخلص من بوتو نهائيا، بوصفه رئيس الوزراء المخلوع بأنه قاتل، وأنه لن يفلت من العقاب القاسي.

قضت المحكمة بإعدام بوتو، وفي فبراير عام 1979، أيدت المحكمة العليا الباكستانية الحكم، ولم يتبق أمامه وهو في زنزانته في سجن روالبندي ينتظر تنفيذ الحكم ضده، إلا أن يطلب من خصمه رئيس البلاد الجديد الجنرال ضياء الحق الرحمة، لكنه رفض وعد ذلك أمرا "مهينا"، كما منع افراد عائلته من طلب العفو من الجنرال نيابة عنه.

انهالت مناشدات من قادة العالم إلى الرئيس ضياء الحق بتخفيف العقوبة عن بوتو. المناشدات جاءت من مختلف أرجاء العالم. من بين القادة العرب الكبار، العاهل السعودي الأسبق الملك خالد بن عبد العزيز، ومن قادة العالم، الزعيم السوفيتي لونيد بريجنيف، والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ورئيس الصين هوا جيو فينج.

ضياء الحق لم يستمع لأحد، وما كان أمام ذو الفقار علي بوتو صبيحة يوم 4 أبريل عام 1979، إلا أن يتضرع إلى ربه في  كلمته الأخيرة  قبل إعدامه قائلا: "يا إلهي ساعدني لأنني لست مذنبا".

دفن جثمان ذو الفقار علي بوتو سرا، ولم يسمح لأسرته بالسير في جنازته وتوديعه إلى مأواه الأخير. بدا بعد ذلك كما لو أن مصير أسرة بوتو قد ارتبط بمصير باكستان بخيط طويل من الدم. قتل أربعة من أبنائه الخمسة، ولم يبق على قيد الحياة إلا ابنته سنام.

قتل ابنه شاهناواز على يد زوجته الأفغانية في 19 يوليو عام 1985، وقتل مرتضى بوتو في اشتباك مع رجال الأمن في مدينة كراتشي في 20 سبتمبر عام 1996، وقتلت في 27 ديسمبر عام 2007 ابنته بينظير التي كانت تولت رئاسة حكومة باكستان مرتين، وأخيرا قتل جاويد بوتو على يد مجهولين في واشنطن في 1 مارس عام 2019.

خصم بوتو الجنرال ضياء الحق هو الآخر لم يهنأ بحياته، وقتل في 17 أغسطس عام 1988 بتفجير طائرة من طراز "هرقل 130" كانت تقله وآخرين من مطار بهاوالبور إلى مطار راولبندي، بطريقة غامضة.

المصدر:  RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف الاتحاد السوفييتي بريجنيف ضیاء الحق فی عام

إقرأ أيضاً:

الهند تجدد حرب المياه على باكستان

سكتت مدافع الحرب بين الهند وباكستان، ولكن المواجهة لا تزال تحدث ضجيجا في حرب أخرى تدور رحاها بين البلدين حول نهر السند الذي ينبع من التبت وجبال الهيمالايا الهندية، ويتدفق لمسافة تقارب 3 آلاف كيلومتر عبر باكستان نحو بحر العرب.

هكذا افتتحت صحيفة لوتان تقريرا بقلم كوم باستين من نيودلهي، ذكرت فيه أن الهند علقت العمل بمعاهدة مياه نهر السند الذي يمر عبر أراضيها إلى باكستان، بعد اتهامها إسلام آباد بتدبير هجوم في كشمير في أبريل/نيسان، قتل فيه 26 سائحا، وهو قرار ذو أثر بالغ على البشر والنظام البيئي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس تنشر تقريرا صادما عن معاملة الأسرى الفلسطينيين بسجن إسرائيليlist 2 of 2جان بيير فيليو: ألعاب الجوع في غزة جرائم يوميةend of list

وقد ثار وزير الداخلية الهندي أميت شاه قائلا "لن تعاد معاهدة مياه نهر السند مع باكستان أبدا. لن يسمح بعد الآن للمياه التي تعود لمزارعينا بالتدفق إلى باكستان. سنبني قناة لتحويل مسارها".

تصاعد التوتر بين الهند وباكستان مع تبادل الإجراءات العقابية (الجزيرة)

وقعت هذه المعاهدة عام 1960 برعاية البنك الدولي بين الجارتين المتنافستين، وقد صمدت رغم اشتباكات البلدين المتكررة، ولم يستخدم نهر السند وسيلة ضغط حتى خلال الحروب الهندية الباكستانية، كما يقول أشوك سوين الأستاذ في جامعة أوبسالا بالسويد موضحا "كان هذا أحد الأمثلة النادرة على التعاون المتسق وإن كان ناقصا".

خطر الموت جوعا وعطشا

ورغم نفي إسلام آباد أي علاقة لها بالهجوم في كشمير، فقد بدأ التصعيد، وكانت معاهدة نهر السند أول ضحاياه، إذ جمدتها الهند من دون سابق إنذار، ومن جانب واحد في ٢٣ أبريل/نيسان، بعد ساعات فقط من الهجوم وقبل أسبوع من عملية سيندور العسكرية ضد باكستان.

ورغم وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 10 مايو/أيار، لا يزال تجميد تدفق المياه قائما، وتعلن الهند الآن أنها تشيد السدود والقنوات اللازمة للسيطرة على النهر، ولكن باكستان تهدد بحمل السلاح مجددا، وحذر وزير دفاعها من أن "العدوان لا يمارس بالمدافع أو الرصاص فحسب، إذ إن حجب أو تحويل المياه قد يسبب الموت جوعا وعطشا. إذا حاولت الهند بناء منشأة على نهر السند، فسنضرب".

صورة المياه المتدفقة من كشمير الهندية التقطت من خط السيطرة من الجهة الباكستانية (الجزيرة)

وبدلا من خوض مواجهة مسلحة جديدة، تسعى باكستان إلى مواجهة جارتها من خلال المجتمع الدولي، ويرى أشوك سوين أن القانون يؤيد موقفها، إذ "لا يمكن تعليق معاهدة نهر السند من جانب واحد لأنها لا تتضمن بندا للخروج".

إعلان

وقد عززت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي هذا الرأي عندما قضت بأن نيودلهي لا يحق لها وحدها البت في تقسيم المياه، ورحبت إسلام آباد بالقرار "المتفق مع القانون الدولي"، في حين تواصل الهند الدعوة إلى حل ثنائي، لأن هذا التعليق مشروع في نظرها بسبب سلبية إسلام آباد تجاه الجماعات المتطرفة على أراضيها، كما تقول الصحيفة.

أمر غير ممكن

يقول الصحفي الهندي المتخصص في قضايا المياه هيمانشو ثاكار "لا أعتقد أن استخدام المياه كسلاح أمر مرغوب فيه، لكن الهند بذلت قصارى جهدها لإنهاء دعم باكستان للإرهاب"، ثم يذكر أن الهند لم تتجاوز الحدود الهيدرولوجية المحددة لأنهارها، مشيرا إلى أن التهديدات الهندية رمزية في المقام الأول، ويضيف "قطع المياه عن باكستان أمر غير ممكن".

نيودلهي تقوض دبلوماسيتها المائية. لن تتمكن الهند بعد الآن من المطالبة بحصة عادلة من نهر براهمابوترا إذا استخدمت المياه ضد جيرانها

بواسطة أشوك سوين

ويوافق أشوك سوين قائلا "إن بناء قناة لتحويل المياه أمر غير واقعي، لأنها تتطلب حفر نفق يزيد طوله على 100 كيلومتر عبر جبال الهيمالايا"، ويضيف "إنه وعد مقدم للرأي العام المحلي، من دون أساس تقني جاد".

من جهة أخرى، أعلنت الهند عن نيتها مراجعة اتفاقية تقاسم مياه نهر الغانج مع بنغلاديش التي أصبحت على خلاف معها منذ تغيير النظام في داكا، وقد تأتي هذه الإستراتيجية بنتائج عكسية، ويقول أشوك سوين إن "نيودلهي تقوض دبلوماسيتها المائية. لن تتمكن الهند بعد الآن من المطالبة بحصة عادلة من نهر براهمابوترا إذا استخدمت المياه ضد جيرانها".

وهناك ضحية أخرى لهذه الحرب المائية هي النظام البيئي في جبال الهيمالايا، حيث تتزايد التقارير المقلقة حول آثار الاحتباس الحراري على دورة المياه الإقليمية، ولذلك فإن ذوبان الجليد وتطور الرياح الموسمية هما من سيحدد مستقبل نهر السند.

مقالات مشابهة

  • لعنة السقا تلاحق طليقته.. مها الصغير تعتذر عن موقفها المحرج مع منى الشاذلي.. القصة الكاملة
  • الهند تجدد حرب المياه على باكستان
  • ضياء السيد: أتمنى بقاء وسام أبوعلي في الأهلي.. ويجب الاستثمار في قطاع الناشئين
  • ضياء السيد: أتمنى بقاء وسام أبوعلي.. ويجب الاستثمار في قطاع الناشئين
  • كربلاء زرتِ الفؤاد تأسفاً
  • لعنة "الشرق الأوسط الجديد"
  • اعتقال متحدث باسم جيش الحق.. هدد الحكومة والأحزاب في العراق
  • السوداني: الإمام الحسين مدرسة في الحق والثبات
  • من الجيش الأمريكي.. "الناتو" يُعيّن قائدًا جديدًا
  • الناتو يُعيّن قائدًا جديدًا لـ “التحالف الأوروبي” ويعزز وحدة الحلف