الفرصة الاخيرة.. سنة قبل اللا رئيس
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
لا توحي المفاوضات الحاصلة بين اسرائيل وحركة حماس بقرب التوصل الى اتفاق، او حتى تفعيل التفاوض، اذ ان التواصل معلق بين الطرفين منذ عدة ايام وليس هناك حاجة فعلية للعودة اليه، خصوصا ان اسرائيل باتت بعيدة عن الاشتباك المباشر على جبهة غزة بعد انسحاب الغالبية العظمى من قواتها العسكرية واكتفائها بالقصف من الجو، وبسبب رغبة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بالدخول الى رفح للتلويح بإنجاز عسكري امام الرأي العام.
كما ان حماس التي تقول قباداتها إنها حافظت على قدرة جيدة من امكانياتها، وعلى بنية عسكرية حقيقية بمعزل عما حصل في القطاع من قتل وتدمير، ترى انها غير مستعجلة لعقد اتفاق. فما حصل في القطاع قد حصل واسرائيل تتعرض لضغوط ديبلوماسية وسياسية وعسكرية واقتصادية، وهذا ما سيحسن شروطها التفاوضية مهما طال الانتظار، وعليه فإن استمرار الحرب،وان بشكلها الحالي، سيعني ان اي تسوية داخلية لبنانية لن تكون ممكنة.
في الاصل، هناك الكثير من التعقيدات اللبنانية المرتبطة بالملف الرئاسي مثلا، وهذه التعقيدات لا يمكن حلها الا من خلال تبدّل سريع في التحالفات والمواقف السياسية التي يجب أن تواكب التطورات الاقليمية والقرار الدولي بالحل، اذ ان التوازنات السلبية الحالية داخل المجلس النيابي تجعل من انتخاب رئيس جديد امرا صعبا للغاية حتى لو بدأ مسار الحل في مختلف الدول المعنية بالصراع.
لكن الوقت بدأ ينتهي في لبنان، اذ ان سنتين فقط تفصلنا عن الانتخابات النيابية الجديدة، ما يعني ان الحملات الانتخابية قد تبدأ بعد عام واحد، وعليه فإن عدم حصول انتخابات رئاسية خلال عام يعني أن أيا من القوى السياسية لن يكون راغبا بأن ينتخب المجلس النيابي الحالي الرئيس المقبل الذي يجب عليه ان يتعايش مع المجلس الجديد والتوازنات الجديدة، خصوصا ان "حزب الله" يجد نفسه قادرا على تحسين واقعه وواقع حلفائه النيابي وكذلك "القوات اللبنانية".
كل تلك المؤشرات قد تؤجل البت بالانتخابات الرئاسية سنوات الى الامام، ولن يكون ممكنا التوافق على اسم رئيس جديد الا في حال شعرت بعض القوى الاساسية انها اكثر قدرة على الحصول على مكاسب سياسية ضمن التوازنات الحالية مثل "التيار الوطني الحر"، الذي من المؤكد ان كتلته النيابية لن تعود الى ما هي عليه اليوم بسبب خلافه مع "حزب الله" و"قوى الثامن من اذار"، وهذا سيدفعه الى عقد تسوية تحصنه في السنوات المقبلة.
في الاشهر القليلة المقبلة سيكون صعبا على المتابعين معرفة ما اذا كان لبنان سيكون مقبلا نحو التسوية او الإنفجار، اذ ان تحسين الشروط التفاوضية يتطلب تصعيدا سياسيا واعلاميا وهذا قد يحصل في حال انتهت الحرب في الجنوب. اما في حال لم تنته الحرب، فإن اصل حصول انتخابات نيابية في وقتها سيكون محل نقاش بين الجميع، ف"الثنائي الشيعي" لن يقبل اي انتخابات من دون جنوب لبنان كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريحاته الاخيرة عن الانتخابات البلدية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئاسة على المحك: هل يجرؤ النواب على تغيير الوجوه على أعتاب الدورة الجديدة: هل آن أوان فرز رئيس جديد
صراحة نيوز – د. خلدون نصير – المدير المسؤول
مع اقتراب انعقاد الدورة العادية الجديدة لمجلس النواب في تشرين الثاني المقبل، يعود إلى الواجهة مجددًا ملف رئاسة المجلس، وسط تسريبات تؤكد نية الرئيس الحالي أحمد الصفدي الترشح لولاية رابعة .
وهنا، يطرح سؤال: هل يمكن أن تستمر المؤسسة التشريعية بذات القيادة حتى لو لم تُقنع الشارع ولم تحمِ هيبة النواب أو تعزز دورها الرقابي؟
الإجابة، باختصار: لا.
رئاسة استنزفت رصيد المجلس
خلال الدورة الماضية، وعلى مدار أكثر من عامين، لم تُفلح الرئاسة الحالية في تعزيز صورة المجلس أو في رفع سويّة الأداء التشريعي أو الرقابي. بل على العكس، ظهر الرئيس في أكثر من مناسبة بموقع “عريف صف”، كما يصفه ناشطون عبر الفضاء الاكتروني. كما برزت ملامح تفرد في إدارة الجلسات، وتهميش لأدوات المساءلة، وسوء تعامل مع نواب يمثلون قوى حزبية وازنة.
وما زاد الطين بلة، أن رئاسة المجلس لم تتمكن من مساءلة الحكومة بجدّية، رغم حجم الأسئلة والاستفسارات التي طُرحت، كما لم تُناقش أي من الاستجوابات التي تقدم بها النواب تحت القبة، ما حوّل المجلس إلى ما يشبه منصة شكلية.
أرقام لا تكذب: تقرير “راصد” نموذجًا
في معرض تقييمه لأداء الدورة العادية، يؤشر مركز “راصد” إلى ضعف الأداء الرقابي؛ إذ قُدّم 898 سؤالًا من 105 نواب، لكن نسبة الأسئلة النوعية لم تتجاوز 1.4%، فيما استحوذت الأسئلة الشكلية على النسبة الأكبر، في انعكاس مباشر لضعف التوجيه والإدارة تحت القبة.
الاستجوابات لم تجد طريقها للنقاش، والنظام الداخلي ظل حبرًا على ورق في عديد جلسات، وسط غياب الحزم وضعف السيطرة على الإيقاع النيابي. هذه الحال لا يمكن إعفاؤها من مسؤولية الرئاسة، لا شكلاً ولا مضمونًا.
التغير لمصلحة النواب اولا قبل القواعد الشعبية
الدعوة للتغيير لا تأتي فقط استجابةً لرغبة الشارع أو من منطلق التقييم السياسي، بل تنبع من حاجة ملحّة للنواب أنفسهم لاستعادة هيبتهم التي تآكلت، وقدرتهم على التأثير والرقابة والتشريع. فبقاء القيادة الحالية لن يُفضي سوى إلى مزيد من فقدان الثقة بين الشعب وممثليه، وسيعزز مشاعر السخط والتشكيك في جدوى البرلمان.
التغيير هو بمثابة حق وواجب في آنٍ واحد، وهو بوابة نحو تجديد الأداء، وإعادة بناء صورة المجلس كمؤسسة قادرة على حمل الملفات الوطنية ومحاسبة الحكومة لا مجاملتها.
ورسالتي الى النواب المحترمين أنتم أمام مفرق طرق، فإما أن تختاروا رئيسًا جديدًا قادرًا على ضبط الإيقاع وتفعيل أدوات الرقابة، وإما أن تُعيدوا المشهد الذي دفع الناس إلى اليأس من المجالس والتمثيل.
اختيار الرئيس ليس إجراءً بروتوكوليًا، بل هو رسالة سياسية تُطلقونها للناس: هل أنتم مع التغيير والإصلاح؟ أم مع التكرار والاستمرار في إخفاقات لا يحتملها الوطن؟
خلاصة القول:
إذا أراد النواب أن يُعيدوا للمجلس اعتباره، وإذا أرادوا أن يُحسنوا تمثيل شعبهم، وإذا أرادوا أن يثبتوا أنهم أصحاب قرار لا أدوات ضمن مشهد مُجهَز سلفًا، فعليهم أن يبدأوا التغيير من الأعلى، من رئاسة المجلس.
التغيير ليس مطلبًا شعبيًا فحسب، بل فرصة نيابية لإنقاذ مؤسسة دستورية يجب أن تبقى قوية ومهابة