خطاب أبو عبيدة.. جرعة فخر جديدة ورسائل مهمة بمسار المعركة
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
في ظهور جديد بمناسبة دخول معركة "طوفان الأقصى" يومها الـ200، بث أبو عبيدة جرعة باتت معهودة من الفخر والنخوة والاعتزاز بالمقاومة ورجالها الصامدين على أرض القتال في قطاع غزة وبعث رسائل وصفت بالمهمة في مسار السلم والحرب.
واستقبل أحد المغردين خطاب أبو عبيدة -الذي يلقبه البعض بالمتحدث الرسمي باسم الشعوب العربية- بالقول "اشتقنا للصوت المقاوم الهادر الذي يرعب أعداء الله، اشتقنا للصوت الذي يثلج صدور قوم مؤمنين، اشتقنا لفارس وحبيب الأمة، اشتقنا لصوت عمنا الملثم".
وكما اعتاد في خطاباته الـ24 الماضية منذ هجوم السابع من أكتوبر، استهل الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام خطابه بآيتين من سورة البقرة تحملان رمزية الصراع بين الحق والباطل.
وفي هذا السياق، ظهرت في خلفية فيديو أبو عبيدة صورة لمسجد قبة الصخرة بالقدس المحتلة واقتباس من الآيتين اللتين تلاهما "رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًۭا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ".
صراع الحق والباطلوجسد الاستدلال بالآيتين صراع الحق الضعيف جسدا، القوي روحا وعقيدة، مع الباطل القوي بسلاحه وبطشه، الضعيف بعقيدته وقضيته ومعنوياته، والتي ينتصر فيها الحق بمقلاع داود، ويقتل فيها رأس الباطل، حسب قراءة محللين للخطاب.
وفي إشارته إلى فوارق القوة العسكرية بين الاحتلال والمقاومة، اجتاحت منصات التواصل موجة من الاحتفاء بما اعتبرت أقوى جملة وجهها أبو عبيدة لآلة الحرب الإسرائيلية بقوله "قبل أن نصنع السلاح صنعنا الرجال".
وببلاغته المعهودة وصوته الهادر، صوّب الملثم -وهي التسمية التي يطلقها رواد منصات التواصل على أبو عبيدة- سهام بيانه لجيش الاحتلال بأبيات من قصيدة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي، جاء فيها:
لقد عرفنا الغزاة قبلكم، ونشهد الله فيكم البدعُ
ستون عاما وما بكم خجل، الموت فينا وفيكم الفزعُ
أخزاكم الله في الغزاة فما رأى الورى مثلكم ولا سمعوا
أبو عبيدة يَستشهد في خطابه بقصيدة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي
"لقد عرفنا الغزاة قبلكم، ونشهد الله فيكم البدع
ستون عاما وما بكم خجل، الموت فينا وفيكم الفزع
أخزاكم الله في الغزاة فما رأى الورى مثلكم ولا سمعوا" pic.twitter.com/OXe1yyjFvf
— بلال نزار ريان (@BelalNezar) April 23, 2024
تحية للجماهير الأردنيةوفي كلمته المصورة التي دامت نحو 20 دقيقة، كان لافتا التحية التي قدمها أبو عبيدة للجماهير الأردنية ودعاها إلى رفع صوتها أكثر، معتبرا أنها "أهم الساحات العربية ومن أكثرها إشغالا لبال العدو وندعوها لتصعيد فعلها وإعلاء صوتها، فالأردن منا ونحن منه".
وما إن ذكر "أبو عبيدة" هذه الكلمات حتى ضجت منصات التواصل في الأردن وتصدر وسم "#أبو_عبيدة" قائمة الترند فيها، كما لبت الجماهير الأردنية الدعوة وجددت التظاهر بالقرب من السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان.
كما نوه "حبيب الشعوب والقلوب" كما يصفه محبوه، ببقية الجبهات المساندة للمقاومة وأهمها جبهة الضفة الغربية المحتلة "التي هي خاصرة هذا العدو وخط المواجهة الأقرب الذي يغير كل المعادلات".
وبفصاحته المشهودة، جاءت كلمات أبو عبيدة حاسمة في الحديث عن ضرب "العدو الذي سحقنا كبرياءه خلال 60 دقيقة في 7 أُكتوبر، ولم يستطع تحقيق أي شيء خلال 200 يوم، وهاهو لا يزال عالقا في رمال غزة محاولا لملمة صورته".
"أبو عبيدة قالها.. غزة واحنا رجالها"
جماهير الأردن تلبي دعوة أبو عبيدة وتخرج في تظاهرة بمحيط سفارة الاحتلال في العاصمة الأردنية عمّان قبل قليل.#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/oal4ka2CVV
— احمد فوزي – Ahmed Faozi (@AFYemeni) April 23, 2024
عبر المآذنوفي كلمته -التي رصدت بعض صفحات منصات التواصل بثها عبر مآذن إحدى قرى الضفة الغربية المحتلة- شدد أبو عبيدة على أن محاولة الاحتلال إيهام العالم بالقضاء على كل فصائل المقاومة هي "أكذوبة كبرى"، متوعدا إسرائيل "بمواصلة الضربات والمقاومة بأشكال متجددة وتكتيكات متنوعة ومتناسبة".
وخلفت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة أكثر من 112 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا وتجويعا غير مسبوق في التاريخ الإنساني ذهب بإسرائيل للمثول أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
وبخصوص جهود وقف إطلاق النار، قال أبو عبيدة إن الحكومة الإسرائيلية تماطل للوصول إلى صفقة للتبادل، وتحاول عرقلة جهود الوسطاء للوصول لوقف النار.
وبوساطة من قطر ومصر، تجري حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة مازالت متعثرة للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
انسجام الخطابوتعليقا على كلمة أبو عبيدة، قال المحلل السياسي الفلسطيني سعيد زياد إن مطالب المقاومة الأربعة في انسجام بين الخطاب السياسي والعسكري، والتي تنص على "وقف إطلاق النار، الانسحاب الشامل للعدو، عودة النازحين بلا شروط، رفع الحصار وإعادة الإعمار".
ورجح زياد أن يكون مصير المحتجزين مشابها لمصير الأسير الإسرائيلي رون آراد، الذي طواه النسيان، ولم تفلح إسرائيل في استرجاع رفاته حتى الآن.
وفي حديثه لقناة الجزيرة، قال زياد إن الخطاب يؤكد على صلابة الموقف، تماما مثل اليوم الأول في الحرب، وذلك بالتوازي مع صلابة التشكيلات الدفاعية، والتي تقاتل من المتر الأول في أقصى شمال بيت حانون شمال القطاع.
كما أكد الخطاب على أهمية القوى الإقليمية في المعركة، وذكر 6 جبهات تقاتل إلى جانب جبهة غزة، سواء بالفعل العسكري أو الشعبي، بدءا بإيران ثم لبنان واليمن والعراق ثم الأردن والضفة، وهذه الجبهات حتى وإن كانت بسقف عمل شعبي، أو مساحة عمل تكتيكي، إلا إنها تبقى مهمة جدا لإشغال الاحتلال عن المقاومة في غزة، حسب المحلل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات منصات التواصل أبو عبیدة الله فی
إقرأ أيضاً:
اليمن يحسم المعركة .. انكسار أمريكي وتصدّع صهيوني في وجه الصمود اليمني
يمانيون | تحليل خاص
في تطور لافت يعكس تحولات ميدانية واستراتيجية عميقة، باتت اليمن اليوم عنواناً لانكسار الهيبة الأمريكية وتصدّع المشروع الصهيوني في المنطقة. فالمقالات والتقارير التي نشرتها مؤخراً كبرى الصحف العالمية كـ”ذا هيل”، و”هآرتس”، و”الغارديان”، تكشف عن اعتراف غير مسبوق بحجم الفشل الذي مُني به العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، وتؤكد أن صنعاء لم تكتفِ بالصمود بل تحولت إلى قوة فاعلة قادرة على فرض المعادلات الإقليمية.
هروب أمريكي تحت وقع الصواريخ اليمنية
صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، المعروفة بقربها من دوائر صنع القرار في واشنطن، وصفت الاتفاق الأخير لوقف العدوان الأمريكي على اليمن بأنه “تراجع مُغلّف بالتفاخر”، مشيرة إلى أن واشنطن، وتحديداً إدارة ترامب، وجدت نفسها مضطرة للانسحاب من معركة لم تحقق فيها سوى الخسائر. فالطائرات الأمريكية المسيّرة سقطت، والطائرات المقاتلة فُقدت، والمليارات تبخرت دون مكاسب، فيما بَقيت القوة اليمنية أكثر رسوخاً وتماسكاً.
الكاتب “عمران خالد” اعتبر في مقاله بـ”ذا هيل” أن ترامب، الذي بدأ عهده بتهديد اليمنيين بـ”السحق”، اختتمه بوصفهم بـ”الشجعان”، في انعطافة تكشف اعترافاً كاملاً بالهزيمة. ولعل الأكثر أهمية هو ما خلص إليه المقال: أن الولايات المتحدة تخلّت عن الكيان الصهيوني وتركته وحيداً في ساحة المواجهة، ما زعزع ثقة “إسرائيل” وحلفائها العرب بالدور الأمريكي التقليدي كحامٍ وحليف.
اليمن كابوس تل أبيب: الاعتراف الإسرائيلي بالهزيمة
اللافت أن صحيفة “هآرتس” الصهيونية بدورها أطلقت تحذيراً مباشراً: “لا يوجد أي دولة نجحت في إخضاع اليمنيين، فلماذا تستمر إسرائيل في المحاولة؟”. هذا التساؤل لا يحمل فقط نبرة عجز، بل يكشف عن قناعة متزايدة داخل أروقة الكيان بأن الأدوات التي كانت تُستخدم لإخضاع شعوب المنطقة – كالاغتيالات والقصف المركز – لا تنجح مع شعبٍ يرى في معركته قضية وجود لا مساومة فيها.
الصحيفة نفسها أكدت أن الاغتيالات لن تُجدي نفعاً، وأن العدوان على الحديدة لن يُخضع اليمنيين، بل يزيدهم عزماً، مشيرة إلى أن هذه الحرب لم تكشف فقط صلابة اليمنيين، بل عرّت أيضًا محدودية خيارات تل أبيب، التي باتت عاجزة عن مواجهة تهديد يتجاوز حدود غزة والضفة.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة “رويترز” أن دوي صفارات الإنذار عاد ليتردد في مستوطنات “نير عام” والضفة المحتلة، بفعل صواريخ انطلقت من اليمن، لتُضيف اليمن إلى قائمة الجبهات التي باتت تشكّل خطراً مباشراً على “العمق الإسرائيلي”.
الغارديان: اليمن يُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية
أما صحيفة “الغارديان” البريطانية، فقد ذهبت إلى ما هو أبعد من تسجيل الفشل العسكري، لتؤكد أن العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن أسهم – من حيث لا يحتسب منفذوه – في تعزيز الحضور السياسي والعسكري الإقليمي لصنعاء. فبدلاً من تحجيم اليمن، عزز العدوان من استقلالية القرار اليمني، وعمّق صلته بالقضية الفلسطينية، ووسّع دائرة تأثيره في البحر الأحمر.
تقول الصحيفة إن استراتيجية “القصف الجوي” التي انتهجتها واشنطن وتل أبيب أثبتت عجزها، لأن الخصم اليمني – كما وصفته – يمتلك قدرة عالية على التكيّف، وعلى خوض “حرب استنزاف ذكية” تعتمد الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما كسر قواعد الاشتباك التقليدية، وفرض على الخصوم التفكير بطرق جديدة قد تكون أثمانها أعلى.
مفارقة الميدان والسياسة: صنعاء تمسك بزمام المبادرة
رغم الحصار، ورغم القصف المستمر، تؤكد التقارير الغربية الثلاثة أن صنعاء لا تزال صاحبة اليد العليا ميدانياً. فالقدرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ، وتسيير المسيّرات، وضرب الأهداف الحيوية في البحر الأحمر والمحيط الإقليمي، لم تتأثر بأي ضربة جوية، ما يشي بأن اليمن نجح في بناء منظومة دفاع وهجوم مرنة وغير تقليدية.
والأهم من كل ذلك، أن حضور صنعاء لم يعد يقتصر على الميدان العسكري، بل بدأ يتمدد إلى المشهد السياسي الإقليمي، كقوة تُحسب لها الحسابات، لا سيّما بعد أن أصبحت لاعباً أساسياً في معادلة الدفاع عن غزة وفلسطين، وبات صوتها يُسمع في أروقة القرار السياسي العربي والدولي.
تحولات جذرية في العلاقة الأمريكية الصهيونية
ما كشفته “ذا هيل” من “استثناء إسرائيل” من اتفاق وقف إطلاق النار بين اليمن وأمريكا، يكشف تصدعاً في المحور التقليدي (الأمريكي – الصهيوني). فلم تعد المصالح متطابقة، بل أصبحت متضادة في بعض اللحظات، وهذا ما يُقلق تل أبيب التي تشعر بأن واشنطن قد تنسحب فجأة، كما انسحبت من أفغانستان، وها هي تفعل في اليمن.
من جهتها، تتساءل “هآرتس”: هل يدفع ترامب نتنياهو لعقد صفقة مع اليمنيين كما فعل هو؟ في إشارة واضحة إلى أن تل أبيب باتت تفكر بعقلية المضطر لا المنتصر، وبأنها قد تجد نفسها مدفوعة للحوار مع قوة كانت حتى الأمس القريب تُصنفها كـ”عدو هامشي” أو مجرد وكيل إقليمي.
اليمن الجديد: من الضحية إلى صانع التحولات
ما يجري اليوم هو تحوّل عميق في موقع اليمن ضمن الخارطة الجيوسياسية للمنطقة. لم تعد صنعاء مجرد عاصمة تُقصف، بل باتت منصة لإطلاق الرسائل الصاروخية والسياسية على السواء. وهي اليوم تتحدث بلغة المنتصر، فيما يتحدث خصومها بلغة الدفاع والتبرير والخسائر.
هذا التحوّل لم يكن ليحدث لولا استراتيجية الردع المتصاعدة، والصمود الشعبي والسياسي، والقدرة على المزاوجة بين القوة والموقف الأخلاقي الداعم لقضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين.
ويمكن القول إن ما شهده العالم في الأشهر الماضية لم يكن مجرد معركة عابرة، بل محطة فاصلة في تاريخ الصراع الإقليمي. اليمن، الذي اعتقدت واشنطن وتل أبيب أنه الحلقة الأضعف، تحوّل إلى ساحة كسر هيبة. واليوم، تقف أمريكا و”إسرائيل” أمام واقع جديد: لا يمكن كسر اليمن بالقوة، ولا يمكن عزل صنعاء عن محيطها العربي والإسلامي.
لقد أصبحت صنعاء رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، وربما سيشهد التاريخ هذه المرحلة بأنها اللحظة التي بدأ فيها الانهيار الحقيقي لهيبة الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية في قلب المنطقة.