عربي21:
2025-05-27@23:41:22 GMT

فلسطين وصحوة الجامعات الغربية

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

ما يجري من صحوة الجامعات الغربية غير المسبوق في تاريخ هذه الجامعات، صعب على التفسير، بعد أن عاث اللوبي الصهيوني لعقود، فسادا وتخريبا وسيطرة عليها، من خلاله بثه الدعايات المغرضة تثبيتا لروايته وسرديته في اغتصاب فلسطين، فأتى العدوان الصهيوني على غزة اليوم، ليفكّ ويُبطل السحر الذي نسجته الدعايات الصهيونية على مدى ذلك التاريخ، ولتنتقل هذه الصحوة التي شملت جامعات عامة وخاصة اعتقل مئات من الطلبة والأساتذة خلالها، إلى الجامعات الفرنسية، وعلى رأسها جامعة السوربون، ثم إلى أستراليا وبريطانيا وغيرها.



اللافت أن تنطلق هذه المظاهرات والاعتصامات، ثم الاعتقالات التي طالت الطلبة، من جامعات أمريكية عريقة كهافارد وجورج واشنطن وييل وغيرها، رغم حرص اللوبي الصهيوني الشديد والطويل منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة على تغيير رؤساء جامعات واستبدالهم بآخرين، لما رأى في مواقفهم وسياساتهم تأييدا ودعما للحق الفلسطيني. وكان لافتا أيضا انضمام الكادر التدريسي لجامعة جورج تاون للمتظاهرين، حيث خرج الأساتذة ينددون بالممارسات القمعية الصهيونية في غزة، ويطالبون بوقفها، وكفّ أمريكا عن تسليح قتلة الشعب الفلسطيني.

المثير للدهشة والاستغراب كان أن يُلف تمثال جورج واشنطن بالعلم الفلسطيني، وقد لاحظ كثير من الخبراء والباحثين منذ انطلاقة العدوان على غزة، أن جبهات الحرب الأخيرة ليست كجبهات حروب العرب مع إسرائيل في السابق، فالجبهات اليوم لم تعد مقتصرة على جبهات القتال، بعد أن امتدت إلى جبهات الأكاديميين والسوشيال ميديا، والذي برز بوضوح تراجع وهزيمة السردية الصهيونية لأول مرة في المعاقل الغربية. عادت الجامعات الغربية لتلعب دور تطبيق الشعارات التي طالما رفعها الغرب وهي الحرية وحقوق الإنسان، بعد أن رأت الشعوب الغربية أن هذه الحقوق مهدورة ومسحوقة في غزة، حين عكستها شاشات التلفزة في غزة وحتى قبل غزة، مما عرّى الساسة والسياسيين الغربيين وشعاراتهم، وكشف تغيرا مزاجيا غربيا تجاه الكيان الصهيونيكل هذا بالتأكيد نتيجة عمل تراكمي طويل وعريض على امتداد العالم، كل ينفق من سعته، وكل ينفق من مخزونه التخصصي. وهنا لا بد من التذكير بأن أول ما ظهرت المظاهرات المليونية كان عام 2003 يوم نددت المظاهرات بالعدوان الأمريكي على العراق عام 2003، لتتجدد اليوم بزخم أقوى وأضخم وأوسع وأعمق على مستوى النخب وذلك ضد العدوان الصهيوني على غزة، وهو ما ينبئ بأن التسونامي الحقيقي سيكون أقوى أو أخطر مستقبلا، إن تجاهل الغرب مطالب المتظاهرين والمحتجين.

اللافت أن يطالب رئيس مجلس النواب الأمريكي؛ الرئيس جو بايدن بتعبئة الحرس القومي لاقتحام الجامعة لوقف ما وصفه بمعاداة السامية إن استمر الحراك الطلابي. وقد تلقى كل رؤساء الجامعات الأمريكية تهديدا بالفصل إن فشلوا في إخماد هذه التحركات، ولكن على ما يبدو فإن الطلبة مصممون على المضي قدما في تحركاتهم بعد أن رفع بعض طلبة كولومبيا شعارات ضد رئيس مجلس النواب الأمريكي "جونسون.. أنت مقرف"، على الرغم من أن رئيسة الجامعة من المنحازين للكيان الصهيوني، وجامعتها العريقة هذه لها شراكات مع كبرى الجامعات في العالم، بالإضافة إلى علاقة مميزة مع الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي يعني أن الغليان الطلابي والجامعي والأكاديمي وصل إلى درجة الانفجار.

ذكرتنا هذه التحركات الطلابية بحراكات الطلبة سابقا في فيتنام تحديدا، وكذلك بحراك طلبة إندونيسيا في إسقاط سوكارنو، أو بدور الجامعات العربية في الربيع العربي، وبالتالي عادت الجامعات الغربية لتلعب دور تطبيق الشعارات التي طالما رفعها الغرب وهي الحرية وحقوق الإنسان، بعد أن رأت الشعوب الغربية أن هذه الحقوق مهدورة ومسحوقة في غزة، حين عكستها شاشات التلفزة في غزة وحتى قبل غزة، مما عرّى الساسة والسياسيين الغربيين وشعاراتهم، وكشف تغيرا مزاجيا غربيا تجاه الكيان الصهيوني، فقد كشف مركز استطلاع الرأي الأمريكي (بيو) أن أكثر من ستين في المائة من الشباب الأمريكي ذي الشريحة العمرية بين 18- 29 يعارض إسرائيل وممارساتها القمعية في غزة.

نحن نشهد اليوم ربيع الجامعات العالمية، وهي رسالة لكل القوى المستبدة بأن زلزال الطلبة قادم، وإن تأخر، ولن يُنبئ أو يخبر عن موعده، كحال الزلازل الطبيعية، ورسالة بالمقابل إلى الجامعات العربية لدى أنظمة الليكود العربي واستبدادها؛ أن الخطر ماثل أمامكم، فتداركوا أمركم، ولا تظنوا للحظة أن صمت الشعوب ونخبها دليل على الموافقة والرضا، فإن الصمت لا يعني العجز، ولكن الصمت هو عبارة عن تراكم معرفي وغضب، لينفجر دفعة واحدة، فالربيع العربي لم ينته، وإن كان قد خمد، ولكن موجته الثانية كما عودتنا كل ثورات العالم ستكون أقوى من موجته الأولى.

باختصار فإن أمريكا اليوم أمام لحظة تاريخية، تُعيدها إلى الوراء خمسين عاما، يوم انتفضت جامعاتها مطالبة بوقف الحرب في فيتنام، فتدخل الحرس القومي والمخابرات الأمريكية للتجسس على الطلبة واعتقالهم وقتل بعضهم من أجل فض الاعتصامات، بأوامر من الرئيسين جونسون ثم نيكسون، ولكن في تلك المرة كان الحدث داخليا، لكن اليوم الحدث خارجي وهو فلسطين، وإن كان يمس في جوهره صلب ونواة السياسة الأمريكية لتعلقها بالكيان الصهيوني، ويمس بشكل مباشر كل القوى الأمريكية المعنية الحزبية والسياسية والعسكرية والقوى الناعمة.

ولذا، فإن هذا الحراك له ما بعده، وآفاقه ومخاطره على الأمن القومي لن يكون بسيطا، وإنما مركبا ومعقدا. لقد أرسل الطلبة، جيل المستقبل، بمظاهراتهم أن السردية الإسرائيلية ماتت وانتهت، وأن خديعة السياسيين الغربيين لشعوبهم انتهت كذلك، وأن الطلبة عرفوا مدى الحضور الصهيوني في السياسة والاقتصاد الأمريكي ولو كان على حساب أمريكا وحاضرها ومستقبلها..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجامعات فلسطين إسرائيل إسرائيل امريكا احتجاجات فلسطين جامعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجامعات الغربیة على غزة بعد أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الكيان الصهيوني وتاريخ النازية

كلما ذُكرت النازية، يقفز إلى الذهن جملة من الكوارث الإنسانية التي خلّفتها الحربان العالميتان الأولى والثانية، وكيف تسبب الزعيم النازي الألماني هتلر في إشعال الحروب في أوروبا وأفريقيا وآسيا. وخسرت البشرية أكثر من خمسين مليون إنسان، معظمهم من المدنيين، ودُمّرت عشرات المدن في أوروبا تحديدًا.

ولعل الكيان الصهيوني لا يزال يتغنى بالمذبحة التي تعرّض لها اليهود على أيدي النازية، ويفترض من الضحية أن تستوعب الدرس، وأن تكون لحظة تأمل. وبعد عقود من انتهاء الحرب العالمية الثانية، يقوم الكيان الإسرائيلي بتكرار المأساة من جديد في حق الشعب الفلسطيني منذ قيام الكيان الإسرائيلي غير الشرعي في الخامس عشر من مايو 1948، بواسطة العصابات الصهيونية، وأيضًا بتواطؤ بريطاني -وهي سلطة الانتداب- وتخاذل عربي، وعدم تنسيق من القيادة العربية الموحدة وجيوشها التي دخلت الحرب دون تخطيط، وفي ظل خلافات كبيرة واختراقات تحدثت عنها الوثائق التاريخية لحرب فلسطين عام 1948.

ومنذ نكبة فلسطين وتشرد ملايين من الشعب الفلسطيني في الشتات، وبقاء الآخر تحت سلطة الاحتلال، وخلال أكثر من سبعة عقود، مارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع صور الانتهاكات الإنسانية: من قتل المدنيين، وتشريد السكان، وهدم آلاف المنازل، واعتقال آلاف الفلسطينيين، ومارس أبشع وأشنع الأعمال الإرهابية. ووقفت المنظمات الحقوقية والمدنية عاجزة عن ردع هذا الإجرام النازي الحديث، كما عجزت الأمم المتحدة عن أن تطبق قرارات الشرعية الدولية، مما جعل دور المنظمة الدولية غير فعّال، وأصبحت الثقة معدومة في مقدرتها على تطبيق القانون الدولي الإنساني على سلطات الاحتلال.

ولعل العامل الأهم الذي أدّى دورًا محوريًّا في تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 حتى الآن، هو الموقف الأمريكي المنحاز مع الكيان الصهيوني، وبشكل علني، من خلال الدعم العسكري والاقتصادي والاستخباراتي بشكل كبير. ولعل هذا التوجه الأمريكي جعل الأمم المتحدة الأمريكية عاجزة عن أداء الدور الذي أكّد عليه الميثاق منذ عام 1945. كما أن السلطات الإسرائيلية تمادت في سلوكها الإجرامي، ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، ولكن ضد الشعوب العربية المحيطة بالكيان، خاصة لبنان وسوريا ومصر والأردن، خلال الحروب المتعددة، ولا تزال الأراضي العربية في جنوب لبنان وهضبة الجولان، علاوة على الأراضي الفلسطينية، محتلة.

عودة إلى علاقة التاريخ بالنازية؛ حيث شهدت الحرب الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، منذ السابع من أكتوبر 2023، مفارقات كبيرة على صعيد الحروب الحديثة. فقد شكّل يوم السابع من أكتوبر هزيمة إستراتيجية مدوية للكيان الصهيوني، باعتراف قيادات الكيان. وبدلًا من المواجهة العسكرية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، دخلت إسرائيل في موجة من الجرائم الإنسانية، التي تحولت إلى إبادة جماعية، من خلال تقارير الأمم المتحدة، وقرار محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية، ومن خلال التغطية الإعلامية التي لم يسبق لها مثيل، بفضل التقنية والهاتف الذكي، مما جعل شعوب العالم تشاهد تلك الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي وقيادته، مما خلق شعورًا بالصدمة، وخرجت ملايين من الشعوب تندد بتلك الجرائم البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية في العصر الحديث.

لقد أعادت مظاهر الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي -ولا يزال- في قطاع غزة وعموم فلسطين، مشهد جرائم النازية في الحرب العالمية الثانية. ورغم وقوع اليهود ضحايا تلك الحرب المدمرة، فإن الكيان الصهيوني يكرر نفس المأساة الإنسانية ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني. وسوف يتذكر العالم بعد عقود أن ذكرى جرائم النازية تكررت مرتين: مرة في أوروبا من خلال أحداث الحرب العالمية الثانية، ومرة أخرى في فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني.

ويبدو لي أن النظام الدولي الحالي قد سقط أخلاقيًّا وقانونيًّا وإنسانيًّا. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي القطب الأوحد، المسؤولة الأولى عن تمادي الكيان الإسرائيلي، وفشلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، في قيادة العالم نحو السلام الشامل والعادل. وكانت القضية الفلسطينية هي إحدى ضحايا الانحياز الأمريكي تجاه المحتل الإسرائيلي، رغم أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول العربية كبيرة، وتفوق مصالحها الاقتصادية مع الكيان الصهيوني. ولكنها عقدة التاريخ، والهيمنة الصهيونية على مقدرات القرار السياسي في واشنطن، من خلال جماعات الضغط، وفي مقدمتها منظمة «إيباك» التي تعد ذراع الكيان الصهيوني داخل المؤسسات الفيدرالية الأمريكية، خاصة الكونجرس والبيت الأبيض ووزارة الخارجية.

إن العالم يشهد مذابح يومية في قطاع غزة، حيث عشرات الآلاف من الأبرياء من المدنيين، من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، ودُمّر القطاع الصحي، وأصبحت المجاعة تهدد أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة الذي يعد مدمَّرًا من قبل جيش الاحتلال.

القمة العربية الأخيرة في بغداد تكرّس العجز العربي، من خلال بيانات أصبحت لا قيمة لها في ظل العجز والتشتت العربي، ووجود المشاريع الاستراتيجية المشبوهة التي تخدم مصالح ضيقة.

إن النازية الصهيونية أصبحت واضحة المعالم، في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة، التي أشعلت الحروب والصراعات في المنطقة، وهي لا تريد أن تتوقف عن الحرب الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني. ومن هنا، فإن العالم مطالب بوقف الجريمة والإبادة الجماعية، وإنقاذ الأرواح من النازية الجديدة التي يمارسها نتنياهو، المطلوب اعتقاله دوليًّا بموجب مذكرة الاعتقال الصادرة من محكمة الجنايات الدولية.

كما أن المقاومة اليمنية تؤدي دورًا محوريًّا في خلخلة الموقف الإسرائيلي، وتجعل الكيان الصهيوني في حالة مرتبكة، من خلال إطلاق الصواريخ على مطار اللد بشكل متواصل. ويُعدّ موقف صنعاء إيجابيًّا ومساندًا بشكل قوي للمقاومة الفلسطينية. وإذا حدث وقف لإطلاق النار -وهو المرجح وسط الضغوط الدولية- فإن جماعة أنصار الله اليمنية تكون قد أدّت دورًا كبيرًا فيما يخص الضغط على حكومة نتنياهو المتطرفة.

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • تعليمية ظفار تكرم 671 من الطلبة المجيدين
  • سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء
  • شهيدان وجرحى بقصف للعدو الصهيوني على قطاع غزة
  • حماس تدعو لحماية الأقصى من خطر التهويد الصهيوني
  • جرائم الاحتلال الصهيوني ومواجهته
  • الشيخ نعيم قاسم: صمود اليمن نموذج يحتذى والمقاومة خيار لا رجعة عنه في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي
  • بعد لقائه الشرع.. المبعوث الأمريكي إلى سوريا: عصر التدخلات الغربية انتهى
  • مؤتمر صحفي بميناء الحديدة يستعرض أضرار العدوان الصهيوني الأمريكي، وإعلان جهوزية الموانئ لاستقبال كافة السفن
  • استشهاد صحفي فلسطيني وعدد من أفراد عائلته في قصف العدو الصهيوني لجباليا