الوجه الآخر لدولة-56 الظالمة.. التمييز العرقي ضد أبناء السودان
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
بقلم: إبراهيم سليمان
رغم النفي الباهت من وزارة الخارجية السودانية، لما بدر من ضباط الجوازات ضمن بعثة السجل المدني بيوغندا، ثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن هنالك قرارا قد صدر من السلطات السودانية، بحرمان جماعي لمواطنين سودانيين ينتمون إلى اثنيات محددة من غرب السودان، من الحصول أو تجديد جوازات سفرهم؟ إذ أن هنالك أفراد عاديون، لا ترتقي شهاداتهم إلى الشك، قدموا إفادات ومستندات تأكد وقوع هذه التصرفات من بعثة السجل المدني في كمبالا.
حيث كتب الرائد شرطة ياسر محمد النور محمد بخط يده الآثمة، على صورة جواز سفر المواطن عثمان مختار محمدي بشار "حظر: قرار وزاري رقم 54 لسنة 2024م" وهو تأكيد مادي أن القرار 54 قد صدر، وأن وزارة الخارجية، تحاول عبثاً مدارة سوأة تصرفها المشين.
من الغباء الظن أن حرمان أثنيات تصنف أنها حواضن افتراضية لقوات الدعم السريع، سيحقق النصر للجيش السوداني، وتمكن حكومة بورتسودان من حسب معركتها مع الشعب السوداني، لصالح استمرار "سيستم" دولةــ56 الجهوية العنصرية.
رغم أن مصادرة جوازات الساسة المعارضين للأنظمة الحاكمة عبر التاريخ، ليست بجديد، إلاّ أن اتخاذ مثل هذا القرار كعقاب جماعي يسرى ضد أفراد لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب الدائرة الآن، لهو الشطط بعينه، يظهر قبح مآل دولةــ 56 الظالمة.
كيف لمنظومة جهوية تمثل أقلية ضئيلة من مكونات الأمة السودانية، أن تسيطر على القرار السيادي في البلد، وتقرر بمزاجية معيبة لمن تمنح الجنسية، ومن من ينزع الجواز السوداني، ومتى؟ الجواز السوداني الذي منح لكل من هبّ ودبّ، طيلة عهد الإنقاذ، يحرم منه، أبناء من استبسل أسلافهم في دحر الغزاة، وكانوا من صانعي استقلال السودان، من المستعمر الإنجليزي ــ المصري؟ ولهم زادهم المقدر في كافة مراحل بناء الدولة السودانية!
والشيء بالشيء يذكر، وبمناسبة ذكرى رحليه المر، في 24 أبريل 2015م تورد موسوعة الويكيبيديا أن القامة الوطنية الكبير محمد الفيتوري عليه شآبيب الرحمة "أسقطت عنه الحكومة السودانية إبان عهد الرئيس جعفر نميري الجنسية السودانية وسحبت جواز سفره لمعارضته للنظام، فمنحته حكومة طرابلس عام 1974 الجنسية الليبية".
وهو قرار ظاهره سياسي، لكنه لا يخلُ من عنصرية بغيضة، إذ أن شاعرنا الراحل، ظل من منتصف السبعينات بلا جنسية سودانية، إلى أواخر عهد نظام الإنقاذ، رغم تعاقب الحكومات، لذا ليس غريباً أن يرى نفسه أنه ابن أفريقيا، وهو شاعر أفريقيا بكل جدارة. ولا غرو أن من أشهر قصائده: (الحصاد الأفريقي) التي حواها ديوان (عاشق من أفريقيا) في الستينيات. وغناها الراحل محمد وردي وعُرفت في الأدب الثوري السوداني باسم (أصبح الصبح). وذلك بعد ان حوّر وردي الكثير من أبياتها منها (أبداً ما هُنت يا أفريقيا يوما علينا)، فجعلها (يا سوداننا)! حسبما أورده الكاتب مصطفى البطل في أحدى مقالاته (غربا بتجاه الشرق).
ما أقدمت عليه السلطات السودانية، النازحة في بورتسودان، يمثل قمة الإفلاس السياسي، يبرر الإصرار على إنهاء دولةــ56 التي أطرت للفرز الجهوي، والتمييز العرقي التي أوصلت البلاد للحرب الدائرة الآن.
ووزارة الخارجية، واحدة من "الحواكير" شبه المغلقة، على من يتوهمون إنهم الأوصياء على الآخرين، ومن غير الممكن أن يدخلها، أبناء الغبش دون وساطة، "كتمومة جرتق" شأنهم في ذلك شأن كافة المواقع السيادية والتنفيذية الحساسة في الدولة. لذا ليس مستغرباً أن يصدر القرار رقم ــ 54 المشؤوم لسنة 2024م، القاضي بحظر أبناء أثنيات بعينها من الحصول على الجواز السوداني أو تجديده لهم.
على السلطات السودانية، تدارك هذا القرار المشين فورا، وعلى بعثة السجل المدني بيوغندا، الاتصال الفوري بمن حظرت تجديد جوازاتهم، لمراجعتها وإجراء اللازم مع الاعتذار، وإلا فعلى نفسها جنت براقش.
# لا لاستمرار دولة ــ 56 الظالمة.
ebraheemsu@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
في ظل اتهامات لحفتر والإمارات.. الجيش السوداني ينسحب من المثلث الحدودي
أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، الأربعاء 11 يونيو/حزيران 2025، عن تنفيذ قواتها عملية إخلاء لمنطقة المثلث الحدودي المحاذي لكل من مصر وليبيا، وذلك في إطار ما وصفته بـ"الترتيبات الدفاعية لصد العدوان".
وقالت القوات المسلحة، في تعميم صحفي مقتضب، نشرته على صفحتها على منصة "فيسبوك": إن "قواتنا أخلت اليوم منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان ومصر وليبيا"، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول طبيعة الإخلاء، أو ما إذا كان مؤقتاً أو نهائياً، مكتفية بختام التعميم بعبارة: "نصر من الله وفتح قريب".
ويأتي هذا التطور بعد يوم واحد فقط من اتهام الجيش السوداني لقوات اللواء الليبي خليفة حفتر بدعم هجوم شنته قوات الدعم السريع على نقاط حدودية في ذات المنطقة، وهو ما اعتبره "اعتداءً سافراً على السيادة السودانية"، واتهم فيه أيضاً دولة الإمارات بتقديم دعم لوجستي وعسكري للمهاجمين.
وليس معروفا إن كانت عملية الإخلاء مرتبطة بتغيرات ميدانية حساسة أو تحركات عسكرية محتملة في المنطقة، في وقت يشهد فيه السودان تصعيداً متزايداً بين الجيش والدعم السريع، وسط اتهامات متبادلة وتدخلات إقليمية تُعقد المشهد أكثر فأكثر.
وتعتبر منطقة المثلث الحدودي من أكثر النقاط الجغرافية حساسية في الإقليم، كونها تمثل بوابة محتملة للتهريب أو الإمداد أو الاختراق عبر الصحراء المفتوحة.
ليست المرة الأولى
ويُشار إلى أن الاتهامات السودانية لحفتر بدعم قوات "الدعم السريع" ليست وليدة اليوم؛ ففي يونيو/حزيران 2024، وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، اتهم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، قوات تابعة لحفتر ـ وعلى رأسها كتيبة "سبل السلام" السلفية المتمركزة في مدينة الكفرة ـ بإيصال شحنات ذخيرة ومدافع هاون إلى قوات "الدعم السريع"، في عمليات توريد قال إنها تمت بإشراف مباشر من اللواء 106، الذي يقوده خالد حفتر، نجل خليفة حفتر.
ورغم هذه الاتهامات، خرج حفتر حينها في كلمة مصورة لينفي أي تدخل في الحرب الدائرة بالسودان، معتبراً تلك المزاعم "أكاذيب مغرضة"، مؤكداً التزامه بما سماه "عقيدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة"، ومجدداً حرصه على "علاقات حسن الجوار" مع الخرطوم.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة حميدتي حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.