إرهاب حوثي عابر للبحار.. توسيع الهجمات إلى المتوسط يسقط زيف نصرة غزة
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
أعلنت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، عن تصعيد إرهابي جديد يستهدف خطوط الملاحة التجارية المارة في البحر الأبيض المتوسط. وسط تأكيدات صريحة على سقوط شماعة "نصرة غزة" التي ظلت تروج لها الميليشيات لتبرير هجماتها ضد السفن التجارية المارة في باب المندب والبحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي.
وبحسب تصريحات أدلى بها القيادي الحوثي يحيى سريع، المعين كمتحدث عسكري للميليشيات أن جماعته بدأت ما أسماه المرحلة الرابعة من التصعيد ضد السفن المتوجهة لموانئ فلسطين من البحر الأبيض المتوسط.
وقال سريع إن هذه الخطوة تأتي تنفيذا لما أسماه مرحلة التصعيد الرابعة والتي دخلت حيز التنفيذ مساء الجمعة، متوعدا بما أسماه عقوبات شاملة على جميع سفن شركات الشحن التي لها علاقة بالدخول إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت، وأن جماعته ستقوم بمنع جميع سفن تلك الشركات من المرور في منطقة عمليات الجماعة وبغض النظر عن وجهتها.
تصريحات القيادي الحوثي، كشفت حقيقة الأهداف والأجندة التي تسعى الميليشيات الحوثية تحقيقها من وراء التصعيد في البحر الأحمر وتوسيعه إلى بحار ومحيطات عالمية. فخلال الأشهر الماضية، اقتصرت الميليشيات على استهداف السفن المارة قبالة السواحل اليمنية سواء في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، قبل أن توسع عملياتها في مارس الماضي ومحاولة استهداف سفن تجارية تمر بالمحيط الهندي والساحل المحاذي لجنوب إفريقيا.
الحكومة اليمنية، وفي مناسبات عديدة دحضت زيف تلك الادعاءات الحوثية التي تطلقها مراراً لتبرير هجماتها الإرهابية ضد خطوط التجارة العالمية في البحر الأحمر الذي يمثل شرياناً رئيسياً للنقل البحري بين آسيا وأوروبا. وأكدت أن ما يجري يأتي بإيعاز إيران لتحقيق أهداف سياسية لصالحها بعيداً عن شماعة "نصرة غزة" التي يتم الترويج لها.
التصعيد الحوثي الجديد بتوسيع دائرة إرهابهم ضد الملاحة الدولية، جاء متزامناً مع تأكيدات دولية بشأن قرب انفراجه سياسية لإيقاف الحرب الدائرة في قطاع غزة في ظل المحادثات المكثفة التي تجرى برعاية دولية لإبرام هدنة جديدة تفضي إلى التهدئة الشاملة.
ويرى الكثير من المراقبين أن ما تقوم به الميليشيات الحوثية يندرج ضمن مشروع إيراني وورقة وابتزاز للوصول إلى صفقة مجزية في الملفات التي يجري التفاوض حولها بين الغرب وطهران. وأن توسيع الهجمات الحوثية وإرسال التهديدات إلى مناطق بعيدة عن السواحل اليمنية يؤكد أن الهدف بعيد كل البعد عن ما يجري في قطاع غزة وأن انتهاء الحرب لن يوقف إرهاب الحوثيين ضد الملاحة الدولية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: فی البحر
إقرأ أيضاً:
صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة
مع إعلان صنعاء الانتقال إلى المرحلة الرابعة من عمليات الحصار البحري ضد كيان الاحتلال، تدخل المواجهة العسكرية فصلاً أكثر جرأة في سياق تصعيد متدرّج بدأ مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتنامى على مراحل اتّسمت بالتوسع المدروس في بنك الأهداف. حيث تعتبر هذه المرحلة تراكم عملياتي تصاعدي، انتقل من استهداف السفن المرتبطة مباشرة بموانئ الاحتلال، إلى فرض معادلة عقابية شاملة تشمل كل شركة تواصل التعامل مع تلك الموانئ، أيّاً كانت جنسيتها أو وجهة سفنها.
وتشمل المرحلة الجديدة رصد واستهداف السفن التابعة لكبرى شركات الشحن البحري في العالم، مثل ميرسك، CME، Hapag-Lloyd، Evergreen وغيرها. لا يقتصر التهديد على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، بل يشمل كل سفينة مملوكة لشركات تتعامل تجارياً مع تلك الموانئ، أينما وجدت. وقد بدأ الرصد الفعلي للسفن العاملة في خطوط الإمداد بين موانئ المتوسط الشرقي والموانئ المحتلة، إضافة إلى ناقلات النفط المرتبطة بعمليات التزويد اليومي لكيان الاحتلال.
كما تحرص صنعاء على توثيق عملياتها كمشاهد عملية إغراق السفن ومنها ما كان متجهاً إلى ميناء إيلات. وعلى الرغم من أن الميناء مغلق منذ أشهر، إلا أن التصعيد الأخير يستهدف توسيع نطاق الحظر ليشمل ميناءي حيفا وأسدود، وهو ما يُعد تطوراً استراتيجيا في عمق البحر الأبيض المتوسط.
المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجد نفسها أمام خصم لا يتبع نمطاً تقليدياً في التموضع أو الاستهداف. كما أن البنية غير المركزية لعمليات صنعاء، واعتمادها على التضاريس الجغرافية والانتشار المرن، يقلل من فعالية الضربات الجوية، ويجعل الرد الإسرائيلي أقرب إلى المعاقبة الرمزية منها إلى الفعل الرادع. ويقول الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إلى أن عدم وجود قواعد عسكرية دائمة أو منشآت حساسة واضحة للاستهداف في اليمن، فضلاً عن فاعلية الأجهزة الأمنية لدى صنعاء، جعل كل محاولات الرد الإسرائيلية أقرب إلى محاولة “إرباك” داخلية دون مكاسب عملياتية.
الولايات المتحدة، التي حاولت في الأشهر الماضية تنفيذ ضربات استباقية ضد أهداف في اليمن، فشلت بدورها في ردع صنعاء أو إيقاف عملياتها البحرية. الموجة الأولى من الضربات الأميركية لم تحقق أي أثر استراتيجي يُذكر، بل تسببت أحياناً في تقوية سردية صنعاء داخلياً، باعتبارها طرفاً يتعرض للعدوان بسبب موقفه السياسي من غزة.
المفارقة أن صنعاء، رغم التفاوت الهائل في الإمكانيات العسكرية مقارنة بواشنطن أو تل أبيب، استطاعت الحفاظ على نسق عملياتي مستمر، بل ورفع سقف التصعيد على مراحل، ما يدل على أن الردع الأميركي لم يعد كافياً في التعامل مع الجهات الفاعلة غير التقليدية في المنطقة.
بالتوازي مع هذا المسار العسكري، يتكرّس تحوّل سياسي لا يمكن تجاهله. فالحكومة في صنعاء، التي وُصفت لسنوات بأنها غير شرعية أو متمردة، باتت تبني اليوم شرعية وظيفية وميدانية نابعة من قدرتها على التأثير الفعلي في موازين الصراع، ليس فقط داخل اليمن، بل في الإقليم. نجاحها في فرض معادلة ردع بحرية، والتزامها بخطاب سياسي منضبط لم يكن يوماً مجرد دعاية، منحها مساحة أكبر من الحضور السياسي والإعلامي في ملفات تتجاوز الحدود الوطنية.
هذه التحولات لا تعني بالضرورة الاعتراف الدولي الرسمي، لكنها تشير إلى واقع سياسي جديد يتشكل في المنطقة، طرفه الأساسي قوى تصاعدت بفعل مراكمة القوة الذاتية، وتماسك الخطاب، وفعالية الأداء العملياتي، لا بفعل التسويات أو الرعاية الدولية.
في مرحلة يشتد فيها الضغط على غزة، تبدو صنعاء كطرف يحافظ على تصعيد ميداني مباشر ضد كيان الاحتلال دون تراجع، ودون أن تنجح محاولات الاحتواء أو الردع في كبحه. التصعيد الأخير لا يعكس فقط تصميماً عسكرياً، بل يشير إلى قدرة استراتيجية على توسيع المساحات التي تستنزف الكيان، وفرض معادلات جديدة في عمق البحر، وسط غياب فعّال لأي رد مكافئ. وإذا استمرت هذه الدينامية، فإن موازين الصراع البحري في شرق المتوسط قد تكون على موعد مع مرحلة أكثر اضطراباً، لا يمكن احتواؤها بالخطاب وحده، ولا بالقصف من الجو.