الجزيرة:
2024-06-16@14:33:34 GMT

من موردو الأسلحة الرئيسيون لإسرائيل؟

تاريخ النشر: 10th, May 2024 GMT

من موردو الأسلحة الرئيسيون لإسرائيل؟

يعيد تعليق الولايات المتحدة إرسال شحنة أسلحة إلى إسرائيل التي تواصل حربها على غزة، الحديث عن الدول الرئيسية الموردة أسلحة لتل أبيب وتلك التي أوقفت صادراتها العسكرية إليها مع تصاعد الاحتجاجات والانتقادات لتلك الحرب إلى جانب قضايا ومرافعات قضائية لدى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

 الولايات المتحدة

قال مسؤولون أميركيون إن شحنة الأسلحة التي علقت واشنطن إرسالها إلى إسرائيل مكونة من 1800 قنبلة تزن كل منها ألفي رطل (907 كيلوغرامات) و1700 قنبلة تزن كل منها 500 رطل وهي أسلحة تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات.

وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة اتخذت القرار بسبب مخاوف من "استخدام القنابل التي تزن ألفي رطل ومن مدى التأثير الذي قد تحدثه في المناطق الحضرية المزدحمة" مثل رفح.

لكن السيناتور جيم ريش أبرز عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ قال في تعليقات أدلى بها في التاسع من مايو/أيار إن هناك أسلحة أميركية بمليارات الدولارات ستكون في طريقها لإسرائيل، منها قذائف للدبابات وذخائر تحول القنابل غير الموجهة إلى أسلحة دقيقة، وذلك رغم بطء إجراءات الموافقة.

من جهته، ذكرموقع أكسيوس في التاسع من مايو/أيار أن من المتوقع أن يقدم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تقريرا بالغ الأهمية إلى الكونغرس حول تصرفات إسرائيل في قطاع غزة و"الذي لن يصل إلى حد الجزم بأنها تنتهك شروط استخدام الأسلحة الأميركية".

ووقعت الولايات المتحدة وإسرائيل في 2016 مذكرة تفاهم ثالثة مدتها 10 سنوات تغطي الفترة من 2018 إلى 2028 وتنص على تقديم 38 مليار دولار في صورة مساعدات عسكرية و33 مليارا على شكل منح لشراء عتاد عسكري و5 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي. كما تلقت إسرائيل 69 بالمئة من المساعدات الأميركية العسكرية لها في الفترة من 2019 إلى 2023، وفقا لبيانات أصدرها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في مارس/آذار.

وتمضي إسرائيل في شراء 75 طائرة من إف-35، وتسلمت 36 منها حتى العام الماضي ودفعت ثمنها بمساعدة أميركية، إلى جانب أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل على تطوير وتسليح منظومة القبة الحديدية للدفاع الصاروخي القصير المدى، الذي طُور بعد حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وأرسلت الولايات المتحدة مرارا مئات الملايين من الدولارات إلى إسرائيل للمساعدة في إعادة التزود بصواريخ الاعتراض الخاصة بنظام القبة الحديدية، إلى جانب مساعدتها أيضا في تمويل تطوير نظام "مقلاع داود" الإسرائيلي المصمم لإسقاط الصواريخ التي تطلق من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر.

ألمانيا

زادت الصادرات الدفاعية الألمانية إلى إسرائيل بنحو 10 أمثالها إلى 326.5 مليون يورو (351 مليون دولار) في 2023 مقارنة بالعام السابق عليه، إذ تتعامل برلين مع طلبات الحصول على تراخيص هذه الصادرات كأولوية بعد طوفان الأقصى الذي نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

لكن منذ بداية هذا العام، ومع تصاعد الانتقادات الدولية لحرب إسرائيل في غزة، أقرت الحكومة الألمانية على ما يبدو عددا أقل بكثير من صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وقالت وزارة الاقتصاد في العاشر من أبريل/نيسان ردا على استفسار في البرلمان من مشرع يساري إن الحكومة لم تسمح حتى ذلك الحين سوى بشحنات قيمتها 32 ألفا و449 يورو فقط.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، التي كانت أول من ينشر هذه البيانات في 2023، أن ألمانيا تزود إسرائيل أساسا بمكونات لأنظمة الدفاع الجوي ومعدات للاتصالات، وشملت الأسلحة المصدرة 3 آلاف سلاح محمول مضاد للدبابات و500 ألف طلقة ذخيرة لأسلحة نارية آلية أو نصف آلية.

وتشير بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن ألمانيا قدمت نحو 30 بالمئة من المساعدات العسكرية لإسرائيل في الفترة من عامي 2019 إلى 2023.

 إيطاليا

أكد مصدر بوزارة الخارجية الإيطالية في التاسع من مايو/أيار أن إيطاليا أوقفت منح موافقات جديدة على التصدير منذ بداية حرب غزة، مشيرا -في تصريح لرويترز- إلى أن "كل شيء توقف.. وتم تسليم آخر الطلبيات في نوفمبر/تشرين الثاني".

وفي حين يحظر القانون الإيطالي تصدير الأسلحة إلى الدول التي تخوض حروبا وإلى تلك التي تُعتبر أنها تنتهك حقوق الإنسان الدولية، قال وزير الدفاع جويدوكروزيتو في مارس/آذار الماضي إن إيطاليا مستمرة في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل لكن بموجب الطلبيات الموقعة من قبل فقط بعد التحقق من أن الأسلحة لن تستخدم ضد المدنيين في قطاع غزة.

وأرسلت إيطاليا في ديسمبر/كانون الأول وحده أسلحة قيمتها 1.3 مليون يورو إلى إسرائيل بما يزيد بـ3 أمثال عن الكمية التي أرسلتها في الشهر نفسه من 2022.

كما قدمت إيطاليا 0.9 بالمئة من الأسلحة التي استوردتها إسرائيل في الفترة بين عامي 2019 و2023 بما شمل طائرات هليكوبتر ومدفعية بحرية، وفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

بريطانيا

على خلاف الولايات المتحدة، لا تمنح الحكومة البريطانية أسلحة لإسرائيل مباشرة وإنما تمنح الشركات تراخيص لبيع مكونات في الغالب تدخل ضمن سلاسل التوريد الأميركية لقطع مثل طائرات إف-35.

فقد منحت بريطانيا العام الماضي تراخيص تصدير لبيع معدات دفاعية لإسرائيل بما لا يقل عن 42 مليون جنيه إسترليني (52.5 مليون دولار) مخصصة بالأساس لبنود تشمل ذخائر وطائرات مسيرة وذخائر أسلحة صغيرة ومكونات طائرات وطائرات هليكوبتر وبنادق هجومية.

وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك للبرلمان -أمس الخميس- إن بريطانيا تطبق أحد أكثر أنظمة مراقبة التراخيص صرامة في العالم وتراجع بشكل دوري التوصيات بشأن مدى التزام إسرائيل بالقانون الإنساني، مضيفا "فيما يتعلق بتراخيص التصدير، لم يتغير الوضع بعد التقييم الأخير".

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون -في خطاب ألقاه في لندن الخميس- إن "الولايات المتحدة هي كدولة مزود كبير لإسرائيل بالأسلحة. أما في المملكة المتحدة فالحكومة ليست مزود إسرائيل بالأسلحة، لدينا عدد من التراخيص، وأعتقد أن صادراتنا الدفاعية إلى إسرائيل تشكل أقل من واحد في المئة من مجموع ما تستورده. وهذا فرق كبير".

وأضاف أن مبيعات الأسلحة ستبقى خاضعة "لآلية صارمة" لتجنب أي مساهمة في انتهاك القانون الدولي.

ودعت بعض أحزاب المعارضة اليسارية الحكومة إلى إلغاء تراخيص التصدير في ظل الارتفاع الحاد في عدد القتلى في قطاع غزة وإلى نشر المشورة القانونية التي استند إليها تقييم استمرار صادرات الأسلحة.

كندا وهولندا

وأوقفت كندا وهولندا شحنات الأسلحة إلى إسرائيل هذا العام بسبب مخاوف من احتمال استخدامها بطرق تنتهك القانون الدولي الإنساني، كقتل المدنيين وتدمير المناطق السكنية في قطاع غزة الذي تواصل إسرائيل حربها عليه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مخلّفة عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين وسط وضع إنساني يوصف بالكارثي ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات أسلحة إلى إسرائیل الولایات المتحدة الأسلحة إلى إسرائیل فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ديفيد هيرست: بلينكن يجر الولايات المتحدة إلى أعماق المستنقع الإسرائيلي

انتقد الكاتب الصحفي البريطاني، ديفيد هيرست الدعم الكامل والغطاء الذي توفره الولايات المتحدة ووزير خارجيتها، أنتوني بلينكن لدولة الاحتلال الإسرائيلي، رغم تعنتها في الموافقة على صفقة وقف إطلاق النار في غزة، مقابل مرونة عالية أبدتها حماس في هذا الشأن.

وقال هيرست الذي يترأس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، إن سلوك أنتوني بلينكن على مدى ثمانية شهور مضت من الحرب في غزة شكل حالة نادرة من الإجماع أنه لا يمكن الوثوق به، ذلك أن قدرته على قلب الحقائق رأساً على عقب أثار استغراب حتى أكثر المتشككين من أصحاب الخبرات، وهي شكوى يتردد صداها في أرجاء المنطقة من الدوحة إلى عمان، وفي القاهرة إلى وأنقرة مروراً بتل أبيب.

وأضاف في مقال له بالموقع، ترجمته "عربي21" أن بلينكن يفشل الصفقة المقترحة، بقلبه للحقيقة، وتوفيره غطاء للرفض الإسرائيلي، بل ويتسبب في سحب واشنطن أكثر فأكثر، عبر التورط العسكري المباشر، إلى أعماق المستنقع الإقليمي الذي تسبب في إيجاده بنيامين نتنياهو.

تاليا نص مقال ديفيد هيرست:
ليس من اليسير حمل الدبلوماسيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط على الاتفاق على أي شيء. إلا أن سلوك رجل واحد على مدى ثمانية شهور مضت من الحرب في غزة شكل حالة نادرة من الإجماع بين مثل هذه المجموعة من الناس، مفاده أنه لا يمكن الوثوق بأنطوني بلينكن.

وذلك أن قدرة وزير خارجية الولايات المتحدة على قلب الحقائق رأساً على عقب أثار استغراب حتى أكثر المتشككين من أصحاب الخبرات، وهي شكوى يتردد صداها في أرجاء المنطقة من الدوحة إلى عمان، وفي القاهرة إلى وأنقرة مروراً بتل أبيب.

ينخرط بلينكن حالياً فيما أطلق عليه أحد أسلافه، جيمز بيكر، عبارة "دبلوماسية القطة الميتة." كتب تلميذ بيكر، أهارون ديفيد ميلر، تغريدة عبر حسابه في تطبيق إكس (تويتر سابقاً) يقول فيها: "إن الغاية ليست الوصول إلى صفقة وإنما ضمان فشلها، فالقطة الميتة موجودة على عتبة باب الطرف الآخر".

إن القطة الميتة، أو التي تعاني من سكرات الموت، في هذه اللحظة هي صفقة وقف إطلاق النار في غزة، والتي مازالت معطلة.

لا جدال في أن حماس غدت أقرب إلى قبول هذه الصفقة من إسرائيل، والدليل على ذلك متعاظم. وقبل ذلك كانت حماس قد وقعت على صفقة وقف إطلاق نار قدمتها لها كل من مصر وقطر على مسمح ومرأى من مدير المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) بيل بيرنز. كان من المقرر أن تضمن تلك الصفقة وقفاً دائماً للحرب.

وعندما نأت كل من إسرائيل والولايات المتحدة بنفسيهما عنها، رحبت حماس بالمبادئ التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن في خطابه، والذي حث فيه إسرائيل على قبول "وقف تام وشامل لإطلاق النار." كما ردت حماس بنفس الإيجابية على قرار مجلس الأمن الدولي الذي أجيز برعاية الولايات المتحدة نفسها.

كانت تلك المبادئ في غاية الوضوح، ولقد تضمنت ما يلي: ينبغي استمرار الوقف الدائم لإطلاق النار بعد تبادل مبدئي للرهائن، وينبغي أن يكون هناك انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، ويجب أن يتمتع أهل غزة بحرية العودة إلى ديارهم، عدم جواز إدخال أي تغيير على حدود غزة أو على تركيبتها السكانية، ووجوب أن يتوفر لدى سكان القطاع الإمكانية التامة للحصول على المساعدات الإنسانية، إضافة إلى المضي قدماً في جهود إعادة الإعمار.


نقطة عالقة
تعارض إسرائيل كل واحدة من هذه المبادئ وترفضها بشكل قاطع. فلطالما أصرت على أنها لن تسمح لأي وقف لإطلاق النار بأن يحول دون تحقيق غاياتها من الحرب، والتي تتضمن تفكيك حماس كقوة عسكرية وكسلطة حاكمة في قطاع غزة. ولم تزل تسد الطريق في وجه المساعدات ولا تسمح لها بالمرور من خلال معابرها الحدودية، ولا توجد لديها نية رفع الحصار عن القطاع، وخاصة بعد انتهاء الحرب.

والأهم من ذلك أنها لم يصدر عنها أي التزام بالتقيد بوقف إطلاق النار فيما لو فشلت المفاوضات التي من المقرر أن تتم ما بين المرحلتين الأولى والثانية من تبادل الرهائن والأسرى.

وهذا هو لب الموضوع. فمنذ التبادل الأول للسجناء والرهائن في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لا توجد سوى قضية جوهرية واحدة تحول دون التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار.

مازال الجميع بانتظار رد رسمي من إسرائيل على خطاب بايدن وكذلك على قرار مجلس الأمن الدولي.
وحتى الآن لم يزل بلينكن هو الذي يتحدث باسمها طوال الوقت. ولذلك كان من الغرائب أن يصر بلينكن أثناء جولته الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط على تحميل حماس المسؤولية وتوجيه اللوم لها بحجة أنها لم تقبل بعد بالصفقة.

ومازالت المحادثات تراوح مكانها بسبب رفض إسرائيل القبول صراحة بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار. ولذلك كان ينبغي على بلينكن أن يمارس كل ضغوط واشنطن على إسرائيل.

على الرغم من كل ذلك، أعلن بلينكن أن "إسرائيل قبلت المقترح كما هو" – وهو تصريح يتناقض تماماً مع جميع التصريحات العلنية التي صدرت مراراً وتكراراً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي يلقي من خلالها بظلال من الشك على الصفقة، هذا بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة الصادرة عن مستشار الأمن القومي تزاخي هانيغبي، الذي قال إن تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس والجهاد الإسلامي يتطلب سبعة شهور أخرى من الحرب.

وفي محاولة صفيقة لقلب الحقيقة رأساً على عقب، متجاوزاً بذلك حتى ذاته، قال بلينكن: "بإمكان حماس أن تجيب بكلمة واحدة فقط – أن تقول نعم".

والحقيقة هي أن حماس تقدمت الآن بردها الرسمي، ولقد اطلع موقع ميدل إيست آي على نسخة من ذلك الرد.

هناك بالفعل تعديلات على الوثيقة، وهي ليست، كما يتم الزعم، تعديلات طفيفة – وإن كانت أكثر انسجاماً مع ما ورد في خطاب بايدن وورد في قرار مجلس الأمن الدولي مقارنة بالموقف الإسرائيلي. فلقد ضمت حماس ممر فيلادلفيا إلى قائمة الأماكن التي يجب أن تنسحب منها القوات الإسرائيلية في المرحلة الأولى من الصفقة والتي تستغرق اثنين وأربعين يوماً. كما أصرت على أن يكون السجناء الذين سوف تطلق إسرائيل سراحهم بحسب ما ورد في قائمة حماس، والتي تتضمن شخصيات قيادية في حركات المقاومة مثل مروان البرغوثي.


وقاية إسرائيل
لكن التعديل الأكبر والأهم كان في صياغة الفقرة الرابعة عشر، والتي تتعلق أساساً بالانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وبالسؤال الهام حول ما إذا كان بإمكان أي من الفريقين الانسحاب من طرف واحد من العملية والعودة إلى الحرب من جديد.

كانت الفقرة الرابعة عشر تنص على أن الوقف المؤقت للعنف سوف يستمر وصولاً إلى المرحلة الثانية "طالما أن المفاوضات على شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق ماتزال مستمرة،" وأن الجهات الضامنة للصفقة سوف تبذل "كل جهد ممكن لضمان استمرار تلك المفاوضات غير المباشرة إلى حين تمكن الطرفين من التوصل إلى اتفاق".

أما النسخة التي تتضمن تعديلات حركة حماس فتقول إن وقف إطلاق النار المؤقت سوف يستمر إلى أن يتم الإعلان عن "هدوء مستدام"، والذي يُقصد به التوقف التام عن النشاطات العسكرية في الطرفين، وأن المفاوضات سوف تستمر إلى أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول تبادل الأسرى.

بالإضافة إلى ذلك، تطالب حماس الآن بأن ترفع إسرائيل الحصار المستمر منذ سبعة عشر عاماً على قطاع غزة وأن تقوم بسحب جميع قواتها خلال المرحلة الابتدائية من اتفاق وقف إطلاق النار.

تنسجم هذه التغييرات الأساسية مع معنى وجوهر ما ورد في خطاب بايدن وما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي. ولكن إسرائيل سوف تعارضها بكل صرامة، لأنها تعني أنه بمجرد إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن والسجناء، فلن تتمكن إسرائيل من التراجع عن الالتزام بالوقف الدائم لإطلاق النار.

لا يحتاج الأمر إلى عبقري لإدراك أن وقاية إسرائيل في نفس الوقت الذي لا تتوفر لديها النية للالتزام بما ورد في خطاب بايدن ولا بما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي لن يعود بالفائدة على الولايات المتحدة ولن يخدم أغراضها.

باتت هذه الأغراض جلية، ولعله يأتي في مقدمتها حاجة الإدارة الأمريكية إلى وقف هذه الحرب في أسرع وقت ممكن لأن ذلك يخدم مصلحة بايدن الشخصية والسياسية، وهو الرئيس الذي بلغ من العمر عتياً ويرغب في أن يعاد انتخابه رئيساً للبلاد على الرغم من أنه في كثير من الأحيان لا يتمكن من قراءة النص المعد له على الشاشة. ناهيك عما لديه من مصلحة خاصة في أن يوقف الحرب قبل أن تتوسع دائرتها، بعد أن باتت قاب قوسين أو أدنى من التوسع، في لبنان ثم في المنطقة بأسرها.

ما يفعله بلينكن هو العكس تماماً من ذلك. فهو يتسبب في سحب واشنطن أكثر فأكثر، عبر التورط العسكري المباشر، إلى أعماق المستنقع الإقليمي الذي تسبب في إيجاده نتنياهو.

طرف واحد هو الذي سوف يستفيد من استمرار الحرب في غزة وسوف يستفيد من فتح جبهة جديدة في لبنان، وذلك هو اليمين المتطرف المتمثل في الحركة الصهيونية الدينية. لا قبل لنتنياهو بالتخلي عن ذلك الحزب. وذلك أن انسحاب بيني غانتز من وزارة الحرب لا يعتبر شيئاً من الناحية السياسية مقارنة بخروج إيتامار بن غفير منها. وحالما يحدث ذلك، فإن نتنياهو يعلم بأنه سيواجه بمن يتحدى قيادته للائتلاف اليميني الحاكم.


ذلك الإحساس الغامر
وبناء على ذلك لم يزل نتنياهو يرد على كل جولة من المفاوضات تُمنى بالإخفاق بشن هجوم عسكري جديد.

بعد رفضه لصفقة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في القاهرة والدوحة أثناء الاندحار، وفي خضم تزايد احتمال أن يصدر بحقه أمر توقيف دولي بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، جاء رده متمثلاً في شن هجوم عسكري على رفح.

وهنا أيضاً، استدعى الأمر من المصلحة القومية الإسرائيلية المطالبة بالحذر. لم يبد تردداً من أن ينبذ الدعم الذي يتلقاه من الجيش المصري، والذي لو أنه تدبر في الأمر بشكل استراتيجي، كما ينبغي أن يفعل الزعيم الحق، لأدرك أن إسرائيل سوف تحتاج إلى ذلك بعد أن ينتهي الصراع.

بإمكان قادة الجيش المصري، لو رغبوا في ذلك، أن يحيلوا الحياة إلى حالة من المعاناة المستمرة على امتداد حدود إسرائيل مع سيناء التي تمتد إلى ما يقرب من مائتي كيلومتر، وذلك من خلال تخفيف القيود التي يفرضونها حالياً على تجار المخدرات وتجار السلاح الذين تعج بهم الصحراء.

بدلاً من ذلك بادر نتنياهو إلى إهانتهم – وأمعن في الإساءة إليهم، حينما حرمهم مما كان يشكل لهم مصدر دخل شخصي من العملات الصعبة، وذلك عندما أغلق معبر رفح وأمر باحتلال ممر فيلادلفيا.

كان التفاهم غير المكتوب بينهم يقضي بأن أي إغلاق من هذا النوع سوف يكون مؤقتاً. إلا أن نتنياهو قرر الآن نقض ذلك التفاهم أيضاً، تاركاً قادة العسكر في مصر في حالة من الازدراء. إنه فعل أبعد ما يكون عن الحكمة في منطقة كهذه.

وعلى نفس الشاكلة، جاء رد نتنياهو على خطاب بايدن من خلال شن عملية لإنقاذ الرهائن في مخيم النصيرات، وهو الأمر الذي لم تدم آثاره المفيدة على الرأي العام المحلي أكثر من 24 ساعة.

سرعان ما انتهى الاحتفال الصاخب بإنقاذ أربعة رهائن – حيث قطعت الشبكات الإعلامية الإسرائيلية برامجها المسجلة بما يناسب يوم السبت لتعود إلى البث الحي – وحل محله وجوم تام للتدبر فيما أعلن عنه من تكلفة إجمالية لهذه العملية.

لم يكن أمراً قابلاً للتكرار. ولم يكن ذلك بديلاً للتفاوض. فقدت إسرائيل أثناء تنفيذ العملية ضابط شرطة في القوات الخاصة، وإذا ما صدقنا حماس فيما أعلنت عنه، فقد قضى في العملية ثلاثة أخرون من الرهائن.

حالة من الفوضى
إلا أن ما كان سبباً أكبر في الحيرة هو ادعاء الولايات المتحدة أنها قامت بدور حاسم في عملية تحرير الرهائن. فبينما كان عدد الموتى في الجانب الفلسطيني يتجاوز 270، كان المرء يتوقع من مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن ينأى بنفسه عن مثل هذه الكارثة، ولكنه فعل العكس تماماً من ذلك، حيث ادعى الفضل في تنفيذ ما وصفه بـ "العملية الجريئة".

ليس معلوماً بالضبط ما هو الدور الذي قامت به المخابرات الأمريكية أو فريق استنقاذ الرهائن التابع لها في هذه العملية. إلا أن الطائرات العمودية الإسرائيلية التقطتها الكاميرات وهي تهبط وتقلع على الشاطئ، على بعد بضعة أمتار من الرصيف البحري الذي أنشأته القوات البحرية الأمريكية من أجل تزويد غزة بالمساعدات الإنسانية.

فما كان من سينتكوم، القيادة العسكرية الأمريكية التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، إلا أن قالت إنه بينما استخدمت إسرائيل منطقة جنوبي الرصيف الذي أنشأته الولايات المتحدة كموقع للهبوط، "فإن مرافق الرصيف الإنساني، بما في ذلك المعدات والأفراد والموارد، لم يستخدم منها شيء في عملية إنقاذ الرهائن".

إلا أن مسؤولاً في وزارة الدفاع الأمريكية، في حديث له مع موقع ميدل إيست آي، قال إن استخدام إسرائيل للشاطئ، على مرمى حجر من الرصيف، يعني أننا كنا جزءاً من العملية".

أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة كانت ستبلغ بأي خطة استنقاذ ينفذها الإسرائيليون عبر الشاطئ نظراً لأن أمريكا تحتفظ بمنظومة دفاع جوي عند الرصيف.

ما من شك في أن تعاون الولايات المتحدة في عملية لتحرير الرهائن ينجم عنها قتل أكثر من 270 فلسطينياً، وربما سقط فيها عدد آخر من الرهائن، يزج بسياسة الولايات المتحدة إزاء تحرير الرهائن في حالة من الفوضى.

وذلك أن سياستها تهدف إلى إقناع إسرائيل بالحقيقة الجلية التي ما فتئ الرهائن أنفسهم، وكذلك عائلاتهم، يرفعون عقيرتهم من حين لآخر بها، ألا وهي أن القاتل الوحيد للرهائن هو القصف الإسرائيلي المستمر.

بل إن التورط الأمريكي في مثل هذه العملية من القتل الإجرامي يفضي إلى العكس من ذلك تماماً. في تصريح لموقع ميدل إيست آي، يقول فرانك لوينستاين، المبعوث الخاص السابق إلى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إدارة أوباما: "كانت حجة إسرائيل باستمرار هي أنها لا تحتاج إلى وقف لإطلاق النار من أجل إنقاذ الرهائن. ومن المحتمل أن تؤدي عملية الإنقاذ إلى تعميق الإصرار لدى إسرائيل على ذلك".


الضعف الأمريكي
ليس هذا في صالح الولايات المتحدة. لا ريب أن نتنياهو منطقي فيما استخلصه من أن بايدن ضعيف، وبأنه يزداد ضعفاً شهراً بعد شهر.

أساساً، لا يستطيع بايدن، وليست لديه الرغبة في، وقف العدوان الإسرائيلي. كان قد هدد على الملأ بأنه سوف يحظر تسليم القنابل الثقيلة التي يحتاجها نتنياهو في هجومه على رفح. لم يبال نتنياهو، ومضى قدماً في الهجوم على أية حال، فما كان من بايدن إلا أن تراجع عن تهديده.

ذكرت القناة الثالثة عشر مؤخراً أن "تقدماً كبيراً" تم إحرازه باتجاه "التفاهمات" التي قد تسمح بتسليم الشحنات المعلقة إلى إسرائيل في المستقبل القريب: "ضمن إطار التفاهمات التي تتطور بين واشنطن وتل أبيب، سوف تجبر إسرائيل على الالتزام بتعهدات أمام واشنطن بأنها لن تهاجم باستخدام قنابل معينة سوف تقوم إدارة بايدن بتسليمها الأماكن المكتظة بالسكان، بما في ذلك الأماكن المأهولة داخل رفح".

إذن، بإمكان إسرائيل الحصول على القنابل الثقيلة التي وعد بايدن بوقف تسليمها، ولسوف تستمر في عملية رفح التي حذرها بايدن من المضي قدماً فيها.

في كل مرحلة من هذه الحرب المستمرة منذ ثمانية شهور، تسفر الدبلوماسية الأمريكية عن ضعفها، وهي التي تتحمل مسؤولية جسيمة عما آل إليه الأمر بالنسبة لإسرائيل والقوات الأمريكية في المنطقة نتيجة لذلك.

حسبما هي الأمور الآن، وجراء التواطؤ الفعال من قبل بلينكن، لن يتيسر تجسير الهوة بين إسرائيل وحماس، رغم أن الهوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في حقيقة الأمر، أضخم بكثير من تلك التي بين حماس والولايات المتحدة أو بين حماس والأمم المتحدة.

فحماس، والولايات المتحدة، والثلاثة عشر بلداً في مجلس الأمن الدولي الذين صوتوا لصالح القرار، كلهم يريدون وقفاً مباشراً ودائماً لإطلاق النار. وبذلك تكون إسرائيل هي الأقلية التي تسعى لضمان عدم تحقيق ذلك، مع العلم أنه لا بلينكن ولا بايدن لديهما رأس المال السياسي الكافي لوقفها عند حدها.

مستوى جديد من الانحطاط
من شأن المضي قدماً في الحرب في غزة أن يضمن استمرار التصعيد في الصراع المحتدم بين إسرائيل وحزب الله، حيث يسعى كل من الطرفين، وبشكل متزايد، إلى الضرب في العمق من أراضي الطرف الآخر. وليس هناك ضمانة لتخفيف التصعيد على الحدود الشمالية سوى التوصل إلى وقف مباشر لإطلاق النار في غزة.

لا يخطر ببالي أي وقت آخر عبر السنين الست والسبعين من هذا الصراع المرير كانت فيه القيادة الإسرائيلية بهذا العناد والإصرار على إنجاز ما لا يمكن تحقيقه من غايات الحرب – في عهد رئيس للولايات المتحدة في غاية الضعف وقلة الحيلة وانعدام القدرة على وقف الحرب.

كان جيمس بيكر وجورج شولتز من عمالقة الدبلوماسية والحسم مقارنة بمن هم من أمثال بلينكن.
كنت قد ظننت من قبل أن مزيجاً من نتنياهو والرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب هو أدنى مستوى من الانحطاط يمكن الوصول إليه. ولكن ثبت لي أنني مخطئ، وأن الأسوأ لما يحصل بعد.

كل التنازلات التي حصلت عليها إسرائيل في عهد الرئيس ترامب – مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واتفاقيات أبراهام – لا تكاد تبين أمام الإسناد الذي قدمه بايدن لإسرائيل بينما هي مستمرة في شن الحرب على غزة بكل هذه الوحشية، وطوال هذا الوقت.

ثبت أن المزيج بين نتنياهو ورئيس أمريكي ينتسب إلى الحزب الديمقراطي هو الذي أوصل هذا الصراع إلى أخطر اللحظات وأكثرها إجراماً في تاريخه.

مقالات مشابهة

  • البرلمان الألماني يرفض مقترحا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
  • التوقيع في مقر الخارجية الأمريكية على اتفاقية توأمة بين المغرب والولايات المتحدة للحد من انتشار الأسلحة
  • ماذا تفعل الاستخبارات الأمريكية في غزة؟
  • المندوب الأوكراني لدى الأمم المتحدة: الولايات المتحدة لم تجد أي انتهاكات لدى كتيبة "آزوف"
  • كيف تشارك الولايات المتحدة في الجهد الاستخباري بحثا عن الأسرى؟
  • ديفيد هيرست: بلينكن يجر الولايات المتحدة إلى أعماق المستنقع الإسرائيلي
  • رغم حرب غزة.. تعرف على أشكال الدعم الأمريكي لإسرائيل
  • البرلمان الألماني يرفض مقترحا لوقف صادرات الأسلحة إلى "إسرائيل"
  • غالانت مهاجما فرنسا: تتبنى سياسات عدائية ضد إسرائيل
  • روسيا تتدرب على إطلاق أسلحة نووية تكتيكية برؤوس حربية وهمية