يستمر الجيش الإسرائيلي بمطالبة السكان والنازحين بإخلاء مناطق محددة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة والاتجاه نحو "المنطقة الإنسانية في المواصي"، وسط اتهامات فلسطينية بدفع السكان نحو "الموت" وتحذيرات من "كارثة إنسانية جديدة".

منطقة "إنسانية موسعة"؟

في حديثه لموقع "الحرة"، يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إنه "قبل إطلاق العملية العسكرية في شرق رفح، تم إنذار السكان ودعوتهم للانتقال إلى "منطقة إنسانية موسعة في المواصي".

وقام الجيش الإسرائيلي باتخاذ إجراءات عدة على الصعيد الإنساني، ومنها افتتاح ثامن مستشفى ميداني في منطقة دير البلح، وتنسيق انتقال بعض المستشفيات من رفح إلى المنطقة الإنسانية الموسعة بين خان يونس والمواصي، وفق أدرعي.

والسبت، قال الجيش الإسرائيلي، إن ما يناهز 300 ألف من سكان رفح توجهوا نحو المواصي منذ أن دخل شرق المدينة في السادس من مايو وحتى الآن.

وطلب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين في مناطق أخرى بمدينة رفح جنوب قطاع غزة إخلاء أماكنهم والتوجه إلى المواصي، في إشارة أخرى إلى أن إسرائيل قد تمضي قدما في خططها لشن هجوم بري على رفح.

وشملت أوامر الإخلاء الجديدة نحو المواصي مخيمي رفح والشابورة وأحياء الإداري والجنينة وخربة العدس.

لماذا "المواصي"؟

المواصي منطقة زراعية صغيرة، تمثل مساحتها 3 في المئة فقط من مساحة قطاع غزة، وتقع على الشريط الساحلي بطول عدة كيلومترات، وتمتد من دير البلح شمالا مرورا بمحافظة خان يونس، حتى محافظة رفح جنوبا بعمق كيلومتر تقريبا.

وتبعد المواصي عن مدينة غزة نحو 28 كيلو مترا، ولا تتعدى الوحدات السكنية بها نحو 100 وحدة، ويبلغ عدد سكانها نحو 9 آلاف نسمة.

ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، إلى أن المواصي "منطقة مفتوحة وفارغة نسبيا وغير مكتظة بالسكان ولا يوجد بها عقارات ولا مساجد ولا أنفاق ولا مدارس"، بالتالي يمكن للنازحين "التخييم هناك" كحل "مؤقت فقط".

وسبب إخلاء السكان من شرق رفح هو "السماح للجيش الإسرائيلي بمقاتلة حماس دون استهداف المدنيين في رفح"، وكل من سيبقى في مناطق المعارك "سيتم التعامل معه"، ولذلك فالبديل هو "النزوح بعيدا عن خط المواجهات العسكرية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

منطقة "غير آدمية"؟

يوجد في مدينة رفح المكتظة نحو 1.4 مليون فلسطيني، وفق أرقام الأمم المتحدة، نزح معظمهم من مناطق أخرى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر.

وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن منطقة المواصي تعاني أصلا من الاكتظاظ وغير قادرة على استقبال أعداد إضافية من النازحين، وليست فيها بنى تحتية وليس سهلا الحصول فيها على مياه الشرب.

ولذلك، يشير المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، إلى أن المواصي منطقة صغيرة جدا ولا تستطيع استيعاب هذا العدد من النازحين بسبب الإخلاء من مدينة رفح.

ومنطقة المواصي "غير مؤهلة ولا يوجد بها بنية تحتية ولا مياه شرب نظيفة"، لكن الجيش الإسرائيلي "لا يكترث لذلك ويترك الناس تواجه مصيرها"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، الذي ينتقد مطالب الجيش الإسرائيلي لسكان رفح بالإخلاء ناحية المواصي.

والمنطقة تستوعب 100 إلى 150 ألف شخص، والحديث عما هو أكثر من ذلك "من رابع المستحيلات"، فهي بالفعل "مكتظة بالسكان منذ 4 أشهر"، وفق حديث الغول لموقع "الحرة".

"ولا توجد منطقة إنسانية وهذا ادعاء إسرائيلي كاذب، فالمستشفيات الميدانية ومياه الشرب النظيفة غير موجودة"، حسبما يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني.

ويوضح الغول أن مناطق سكن اللاجئين بالمواصي مجرد "خيام تم تدشينها بشكل فردي وبجهود ذاتية، أو من خلال مؤسسات غير حكومية".

ولا توجد أماكن تستوعب النازحين، وحاليا يوجد أزمة إنسانية كبيرة جدا، فمن يحاول الهروب من شرق ووسط رفح لا يجد مكانا نهائيا لإقامة خيام بالمواصي، حسبما يشير الغول.

ويؤكد الرقب ما ذكره الغول، ويصف إنذارات الإخلاء الإسرائيلية من مناطق رفح بـ"غير المنظمة والفوضوية".

ويتم مطالبة السكان بالمغادرة نحو "مكان نزوح جديد لا يعلمون إلى أين"، وكأنهم ينتقلون "من موت إلى موت"، وفق الرقب.

ويحذر المحلل السياسي الفلسطيني من تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة الذي يواجه غالبية سكانه "أزمة إنسانية كبيرة وجوع وضنك وانتشار الأمراض ونقص الغذاء"، ما جعل غزة "غير مؤهلة للحياة".

ومن جانبه، يشير شتيرن إلى أن الطلب الإسرائيلي للسكان بالإخلاء يكشف "نية مواصلات المعارك" في ظل وضع حماس "شروط وعدم تليين موقفها من الصفقة".

وبغض النظر عن وجود مستشفيات من عدمه أو وجود مناطق يمكن للسكان "التخييم بها"، فإن من يدفع ثمن استمرار المعارك وعدم (تليين حماس موقفها حتى الآن) هم السكان المدنيين، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

ويعاني النازحون من أزمة إنسانية كبيرة بالفعل، وستكون النتيجة كارثية على السكان الفلسطينيين في ظل استمرار الحرب بغزة، وعدم التوصل لصفقة، لأن النزوح نحو المواصي أو غيرها يمثل مخاطرة تصل إلى حد "الموت"، حسبما يؤكد شتيرن.

عملية عسكرية "محدودة أم شاملة"؟.. ما وراء إخلاء المزيد من المناطق برفح؟ هل ما زالت  العملية العسكرية "محدودة" أم أصبحت "شاملة"؟، تساؤلات تصاحب مطالب "الإخلاء الجديدة" التي وجهها الجيش الإسرائيلي لسكان أحياء عدة بمناطق مختلفة من مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، فلماذا يتسع نطاق تلك العمليات؟ وما أسباب وتداعيات ذلك؟

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل حوالي 35 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 78 ألفا بجروح، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المحلل السیاسی الفلسطینی الجیش الإسرائیلی مدینة رفح قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تقتل 35 فلسطينيا.. وتتوغل شمال وجنوب غزة

قال مسؤولون بقطاع الصحة ووسائل إعلام تابعة لحركة حماس إن القوات الإسرائيلية قتلت 35 فلسطينيا في قصف جوي وبري في أنحاء قطاع غزة، الخميس، واشتبكت عن قرب مع مسلحين تقودهم حماس في مناطق بمدينة رفح جنوب القطاع.

وذكر سكان أن الدبابات الإسرائيلية تقدمت في جنوب شرق رفح واتجهت نحو حي يبنا غرب المدينة وواصلت عملياتها في ثلاث ضواحي في الشرق.

وقال أحد السكان الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز: "الاحتلال يحاول التقدم غربا وهم حاليا على أطراف منطقة يبنا وهي منطقة مزدحمة بالسكان، لكن لم يجتاحوها حتى الآن".

وأوضح عبر تطبيق للتراسل: "نسمع أصوات انفجارات ونرى أعمدة الدخان من المناطق التي يعمل فيها، كانت ليلة صعبة جدا".

وتسببت الهجمات الإسرائيلية المتزامنة على الأطراف الشمالية والجنوبية لقطاع غزة هذا الشهر في نزوح جماعي جديد لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم وقطع الطرق الرئيسية لإيصال المساعدات مما زاد من خطر حدوث مجاعة.

وتقول إسرائيل إنه ليس أمامها خيار سوى مهاجمة رفح للقضاء على آخر كتائب لحماس تعتقد أنها تختبئ هناك. وتتحرك قواتها ببطء في ضواحي رفح الشرقية منذ بداية الشهر الجاري.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "القوات تتصرف حاليا بشكل دقيق بعد ورود معلومات حول أهداف إرهابية في منطقة حي البرازيل وفي منطقة الشابورة مع تجنب المساس بالسكان المدنيين قدر الإمكان، بعد انتقال المدنيين من المنطقة". وأكد سكان فلسطينيون أنه لم يحدث أي توغل في الشابورة وسط رفح.

وأضاف الجيش: "القوات عثرت على قاذفة صواريخ جاهزة لإطلاق النار. وأيضا على عدد من فتحات الأنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ في المنطقة وقامت بتفكيكها وقضت على العديد من الإرهابيين خلال مواجهات عن قرب".

وقدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وكالة الأمم المتحدة الرئيسية في غزة، أنه حتى يوم الإثنين فرّ أكثر من 800 ألف شخص من رفح، منذ أن بدأت إسرائيل استهداف المدينة في أوائل مايو رغم المناشدات الدولية.

في الوقت نفسه، كثفت القوات الإسرائيلية هجومها البري في جباليا حيث دمر الجيش عدة مناطق سكنية، وقصف بلدة بيت حانون القريبة، وهي مناطق أعلنت إسرائيل عن انتهاء عملياتها الكبرى فيها منذ أشهر، لكنها تقول إنها اضطرت للعودة لمنع حماس من إعادة تجميع صفوفها هناك.

وشنت إسرائيل حربها على غزة في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وتقول السلطات الصحية في غزة إن الحملة الإسرائيلية أزهقت أرواح ما يربو على 35 ألف فلسطيني ويُخشى أن يكون هناك آلاف آخرون تحت الأنقاض.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقتل 35 فلسطينيا.. وتتوغل شمال وجنوب غزة
  • زيلينسكي يخطط لجلب المزيد من مساعدات الغرب لأوكرانيا
  • اعتراف لجيش الاحتلال: حماس لا تزال تملك صواريخ قادرة على ضرب تل أبيب
  • CIA : 65% من أنفاق حماس سليمة وهي قادرة على تجنيد الآلاف
  • وول ستريت جورنال: الفلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على متطلباتهم الأساسية
  • الأمم المتحدة: 810 آلاف فلسطيني نزحوا من رفح بسبب الهجوم الإسرائيلي
  • تمر الشهور والحرب لا تزال تخطف أرواحنا.. نازحو رفح في مرمى التشرد
  • الجيش الإسرائيلي: نواصل القتال في عدة مناطق بغزة ودمرنا بنى تحتية ومسارات تحت الأرض
  • الأونروا: إسرائيل أجبرت 810 آلاف على النزوح قسرا من رفح
  • مصادر عسكرية إسرائيلية ..حماس قادرة على ضرب تل أبيب