لم يقتصر دعم الحراك المناهض للاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة على الجهات العربية والإسلامية المعروفة تقليديا وعقائديا بدعمها للقضية الفلسطينية، بل امتد ليشمل منظمات يهودية مناهضة للفكر الصهيوني وتوجهات الحكومة الحالية.

وتزامن ذلك مع حملة تحريض واسعة وقمع ضد هذه المنظمات والجهات، بحجة معاداة السامية أو الصهيونية، ودعم "الإرهاب والتطرف".



وتعد منظمتا الصوت اليهودي من أجل السلام، وحركة "ناطوري كارتا" من أكثر الجهات اليهودية التي دعمت الحراك الداعم لفلسطين وتعرضت للهجوم جراء ذلك.

 الصوت اليهودي من أجل السلام
مجموعة تهدف إلى "تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين"، ورغم أنها لا تعارض بشكل صريح وجود "إسرائيل"، لكنها تعارض احتلال الأراضي الفلسطينية وتدعو إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق وكرامة جميع الناس في المنطقة.

وتأسست المجموعة عام 1996 في سان فرانسيسكو على يد نشطاء مناهضين للاحتلال، بما في ذلك توني كوشنر ونعوم تشومسكي، وهي حركة وطنية تضم نشطاء طلابيين في الجامعات.

وبحسب موقعها الرسمي، تعتمد المجموعة على التمويل الذاتي والتبرعات، وتبلغ ميزانيتها الإجمالية حوالي 3 ملايين دولار، تستخدم هذه الموارد لتعزيز رؤيتها وأهدافها المتمثلة في الحرية والعدالة والمساواة.

We’re proud anti-Zionists at JVP. But what is Zionism and why are we opposed to it? pic.twitter.com/sCby1roSUq — Jewish Voice for Peace (@jvplive) November 28, 2023
وتقدم المجموعة نفسها على أنها "تتصور قطع خرسانة جدار الفصل العنصري منهارة على الأرض الفلسطينية الحرة، والسجون والمعتقلات الإسرائيلية فارغة ومفككة، ونتصور عودة اللاجئين الفلسطينيين ولم شملهم مع عائلاتهم ومجتمعاتهم، ونتصور الفلسطينيين، من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وهم يعيشون مع احترام حقوقهم غير القابلة للتصرف، ويبنون المدارس والمستشفيات ويزرعون بساتين الزيتون بالموارد التي يحتاجون إليها".

وينشط ما يقرب من 12 فرعا لها في حرم الجامعات، ويعمل الأعضاء مع فروع أخرى من المجموعات الطلابية المختلفة المناهضة لـ "إسرائيل".

وبعد بدء الحرب الحالية على غزة، دعت المجموعة الحكومة الأمريكية لـ "اتخاذ خطوات فورية لسحب التمويل العسكري لإسرائيل ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين".

ومن جهته، يقول موقع "كاكليست" الإسرائيلي، عن حراك الجامعات الأمريكية والمنظمات الداعمة لفلسطين: "يبدو أن الجهة التي تجاوزت الخط الأحمر وتسببت في أكبر قدر من الغضب هي منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، التي لا توجه أي انتقاد تقريبا للفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر".

All Eyes on Rafah.

Israeli tanks are opening fire on Palestinian in Rafah, and the Israeli military has sealed off all crossings into Gaza. Palestinians are completely cut off from aid or fuel. Over 600,000 children in Rafah are at risk of starvation. Drinking water could run… pic.twitter.com/IsdNB4zOc1 — Jewish Voice for Peace (@jvplive) May 10, 2024
وأضاف الموقع أن مجموعة الصوت اليهودي تنشط بشكل رئيسي في الجامعات الكبرى على السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، وتتمتع بتبرعات من بعض أكبر المؤسسات، وتدعم حركة المقاطعة (BDS) وتشجع السياسيين الذين لديهم مواقف معادية ومناهضة لـ "إسرائيل".

وبهذا، أفادت صحيفة "بوليتيكو" بأن العديد من أكبر المانحين للرئيس الأمريكي جو بايدن، يقدمون الدعم المالي لبعض المنظمين للمظاهرات المؤيدة لفلسطين، ومن بين هؤلاء الرعاة للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، هناك عائلات ذات نفوذ قوي جدا في أوساط الحزب الديمقراطي الأمريكي، ولا سيما عائلة سوروس، وروكفلر، وبريتزكر.

وأكدت الصحيفة أنه تقف خلف الاحتجاجات في حرم جامعة كولومبيا والجامعات الأمريكية الأخرى، منظمات الصوت اليهودي من أجل السلام" وIfNotNow التي تمولها مؤسسة Tides التي أسسها جورج سوروس وتتلقى أموالا من بيل وميليندا غيتس. 

وهذه المؤسسة منحت ما يقرب من 500 ألف دولار لمجموعة الصوت اليهودي من أجل السلام على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقا للإقرارات الضريبية.

وأوضح موقع "كاكليست" أن "التظاهرات التي شارك فيها نشطاء المجموعة والمقابلات التي أجروها منذ 7 أكتوبر، تكشف عن خط لا يحمل الكثير من الفهم أو التعاطف مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والعكس صحيح، وسهام انتقادات المنظمة تكاد تكون دائما موجهة نحو إسرائيل وردها العسكري في قطاع غزة".

وذكر أنه في بيان المجموعة الأولي اعترفت بـ "سلسلة الأحداث التي أدت إلى اندلاع الحرب، لكنها رفضت إدانة حماس بشكل واضح لا لبس فيه، وشرعت على الفور في الهجوم قائلة: إن جذر العنف هو القمع والفصل العنصري الإسرائيلي والاحتلال وتواطؤ الولايات المتحدة فيه، هذا هو مصدر كل هذا العنف". 

ونتيجة التحريض المستمر، أعلنت جامعة كولومبيا تعليق عمل المجموعة اليهودية مع منظمة طلابية أخرى، بزعم انتهاك لوائح الجامعة فيما يتعلق بإقامة الفعاليات في الحرم الجامعي، وأنهما تستخدمان خطاب "الترهيب والتهديد". 

"ناطوري كارتا" 
وتعني "حارس المدينة"، وهي حركة دينية يهودية مناهضة للصهيونية، وتضم مجموعة من النشطاء الذين يمثلون العديد من الذين يدافعون عن اليهودية الحقيقية ويروجون لليهودية التقليدية في معارضة الفلسفة الصهيونية. 

وتعارض الحركة وجود دولة "إسرائيل"، وتدين الاحتلال الصهيوني لفلسطين، إلى جانب إدانة الفظائع المستمرة المرتكبة ضد شعبها، وتؤكد أن الحركة الصهيونية تشكلت من قبل يهود غير ملتزمين بهدف تحويل اليهودية من دين إلى قومية، واستبدال الوفاء بالتوراة بالولاء لحركة سياسية باعتبارها الصفة المميزة لليهودي. 

وتقول الحركة إنه "من أساسيات اليهودية أننا شعب منفي بأمر إلهي، وكان مطلوبا أن نكون مواطنين مخلصين، وليس متمردين أو يشنون حروبا، وكان نفينا من الأرض المقدسة مرسوما إلهيا وسينتهي بأعجوبة في الوقت الذي تتحد فيه البشرية جمعاء في الخدمة الأخوية للخالق، ولذلك فإن أيديولوجية الصهيونية، وهي ابتكار حديث، تسعى إلى إنهاء المنفى بالقوة، تتعارض مع العقيدة اليهودية وآلاف السنين من التقاليد اليهودية المقبولة جيدا".

Should Jews celebrate so called Israeli independence date ?https://t.co/9OsbU75xzc pic.twitter.com/0YNL1MCnYy — Neturei Karta (@NetureiKarta) May 13, 2024
ويشارك أعضاء ناطوري كارتا بنشاط في الأحداث والمظاهرات إلى جانب الفلسطينيين، ويدعوون إلى حل سلمي للصراع وإنهاء السياسات الصهيونية عبر "التفكيك السلمي لدولة إسرائيل".

وجاء في تقرير لموقع "فورورد" المعروف بدعمه لـ "إسرائيل"، أنه "غالبا ما تظهر صور المسيرات المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب مجموعة من الرجال اليهود الأرثوذكس، يرتدون المعاطف السوداء الطويلة وقبعات الفرو الخاصة بالحريديم، مع وجود علامات كبيرة على أجسادهم، ويعد اليهود الحريديم مشهدا نادرا في الاحتجاجات من أي نوع، لكن المجموعة ظهرت في الاحتجاجات في بوسطن، وجيرسي سيتي، ومونتريال، وواشنطن العاصمة، ومانهاتن وبروكلين".

وأضاف التقرير أنهم "ليسوا متظاهرين مضادين؛ وبداً من ذلك، تنتقد إشاراتهم إسرائيل بأقسى العبارات، وتلقي باللوم عليها في كل أعمال العنف التي شهدتها الحرب وتشجع على القضاء التام على الدولة اليهودية، وهي مواقف ترتبط عموما فقط بالجماعات اليسارية المتطرفة - ولا تكاد تكون أبدا مع الجماعات الأرثوذكسية، التي تتماشى مع إسرائيل".

Rabbi Yisroel Dovid Weiss for Neturei Karta International speaking today at a press conference outside the United Nations headquarters in NYC in support of the proposed resolution to recognize Palestine as a full UN member. pic.twitter.com/hbiOXOkmIF — Neturei Karta (@NetureiKarta) May 10, 2024
واعتبر أن "معاداة ناطوري كارتا للصهيونية متطرفة، لدرجة أن معظم الجماعات الأرثوذكسية، تبرأت منها، في حين أن معظم الطوائف الحريدية تقبل دولة إسرائيل العلمانية، حتى وإن لم تؤيدها، تعمل ناطوري كارتا بنشاط على تقويضها والدعوة إلى تفكيكها، وقد تحالفت مع أعداء إسرائيل، بما في ذلك أولئك الذين عبروا عن معاداة السامية بشكل علني، مثل إيران وحزب الله".



وجاءت في اللافتات، التي حملها أعضاء الحركة في التظاهرات المناهضة للحرب: "التوراة تطالب بإعادة كل فلسطين إلى السيادة الفلسطينية، ويهود التوراة الحقيقيون يعارضون العدوان على الأقصى واحتلال كل فلسطين، وأن دولة إسرائيل لا تمثل يهود العالم".

وقد ركزت تصريحات الحركة في المسيرات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الفرق بين اليهودية والصهيونية، والمقارنات بين محنة الفلسطينيين في غزة واليهود خلال المحرقة؛ ويشيرون إلى قيام "إسرائيل" بالمصطلح العربي الفلسطيني النكبة.

وركزت التصريحات أيضا على المعدلات المتزايدة الأخيرة لمعاداة السامية حول الحرب، مؤكدة أن "إسرائيل" هي أصل العنف المتزايد تجاه اليهود. وقال يسرائيل دوفيد فايس، وهو أحد قيادات الحركة خلال تجمع في جيرسي سيتي: “إن دولة إسرائيل باحتلالها شعب فلسطين، تعمل على تفاقم معاداة السامية.. تراجعوا وفكروا في سبب معاداة السامية هذه".

واعتبر التقرير أنه "نظرا لتكتيكات ناطوري كارتا المتطرفة في الماضي، فإن العديد من اليهود، حتى أولئك المناهضين للصهيونية بحماس، يشعرون بالقلق من التحالف مع المجموعة المتهمة "بيع إخوانهم اليهود" من خلال التحالف مع الجماعات المعادية للسامية، فضلا عن استخدام مظهرهم كعملة لتقديم أنفسهم كمتحدثين باسم اليهود".

On Tuesday, May 7, 2024, as Rafah came under attack, an emergency 'Hands Off Rafah' protest was called at the student encampment at McGill University in Montreal at 6 PM, a delegation of Jews attended and expressed their solidarity with the people of Gaza pic.twitter.com/X9cuGvVodO — Neturei Karta (@NetureiKarta) May 8, 2024
وأضاف "تشير العديد من المقالات الأكاديمية إلى أساليبهم في الظهور في الأحداث الكبرى التي يحضرها الصحفيون، معتمدين على ملابسهم الأرثوذكسية لجذب الانتباه إلى قضيتهم".

وبهذا الشأن، تقول رابطة مكافحة التشهير "ADL": إن "اليهود من جميع الأصناف يتبرؤون من المجموعة على نطاق واسع، لكن خطاباتهم المنتظمة في المظاهرات من المحتمل أن تقنع المارة بأن موقفهم ضد إسرائيل منتشر على نطاق واسع بين اليهود المتدينين".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإسرائيلي ناطوري كارتا الولايات المتحدة إسرائيل الولايات المتحدة حرب غزة ناطوري كارتا الصوت اليهودي من اجل السلام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معاداة السامیة ناطوری کارتا دولة إسرائیل العدید من pic twitter com

إقرأ أيضاً:

بعد فاتورة المياه.. الجمعية التعاونية الإسرائيلية تثير الجدل في تونس

أثارت فاتورة صادرة عن الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه باسم جمعية تدعى "التعاونية الإسرائيلية" في تونس جدلا بين التونسيين على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت تزداد الأصوات المناهضة للتطبيع في البلاد.

والفاتورة الصادرة في شهر مايو الماضي تظهر عنوان الجمعية  بتونس ورقم اشتراكها، وقال تونسيون إنهم تحققوا من صحة رقم الاشتراك على موقع الشركة التونسية للماء، ووجدوا أن الجمعية لها اشتراك حقيقي.

واستغرب تونسيون على مواقع التواصل وجود الجمعية في وقت تشتد الحرب في غزة، واتهم بعضهم السلطات بالتطبيع سرا فيما ترفضه علنا، فيما قال آخرون إن الجمعية قديمة في تونس وخاصة بيهودها ولا علاقة لها بإسرائيل.

وأمام الجدل الكبير الذي تسببت فيه الوثيقة، أكد المؤرخ التونسي، زاهر كمون، أن الجمعية قديمة في تونس وكانت تعتني باليهود الذين تواجدوا في البلاد منذ ما قبل قيام إسرائيل.

وفي حديث لإذاعة" إي إف إم" التونسية أوضح كمون أن اليهود كان يطلق عليهم اسم الطائفة الإسرائيلية وهي نسبة لـ "بني إسرائيل"، وأن الطائفة الإسرائيلية هم سكان شمال أفريقيا من اليهود، وفق تعبيره.

وتعد تونس من أشد المؤيدين للفلسطينيين، كما دان رئيسها قيس سعيد مرارا "الإبادة الجماعية" المستمرة في قطاع غزة.

وقبل الاستقلال في العام 1956، كان عدد اليهود في تونس أكثر من 100 ألف، غير أنه انخفض إلى حوالي ألف شخص.

تعد جزيرة جربة حيث تسكن أقلية يهودية، الوجهة السياحية الأولى بامتياز لتونس والتي يرتكز اقتصادها بشكل أساسي على هذا القطاع الذي يوفر عملة صعبة لموازنة الدولة.

مقالات مشابهة

  • سبب معارضة اليهود المتدينيين حرب إسرائيل في غزة.. فيديو
  • إسرائيل ترفض مشروع قرار أميركيا بمجلس الأمن ودول أوروبية تؤيد مقترح بايدن
  • إسرائيل تعارض مشروع قرار أمريكي حول هدنة غزة
  • بعد فاتورة المياه.. الجمعية التعاونية الإسرائيلية تثير الجدل في تونس
  • الإعلام الصهيوني يحتفي بالإنجاز السعودي بشأن تغيير صورة اليهود في المناهج الدراسية
  • نشر الآلاف من قوات الشرطة الإسرائيلية في القدس قبيل مسيرة الأعلام
  • الكيان الصهيوني يواجه مأزقاً لا فكاك منه
  • اللوبي الصهيوني.. الثقب الأسود في السياسة الأمريكية
  • قطر تسلم "حماس" مقترحا أكدت أنه أقرب بكثير إلى مواقف الحركة وإسرائيل
  • الإعلام العبري يكشف عدد اليهود المتبقين في مصر