الوطن:
2025-07-07@22:55:50 GMT

ميرال جلال هريدي تكتب: «القاهرة».. كلمة الحل

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

ميرال جلال هريدي تكتب: «القاهرة».. كلمة الحل

على مدار عقود طويلة، تعد القضية الفلسطينية المتربعة على عرش الأجندة الخارجية المصرية، ليس من منطلق مواقفها السياسية والدبلوماسية فقط، ولكن على المستوى الإلزامى من قِبل الدولة المصرية لدعم أشقائها ومواصلة جهادها ومساعيها المستمرة من أجل أن ينال الشعب الفلسطينى حقوقه ويتمتع بشرعية إقامة دولته المستقلة، تعزيزاً لدعم السلام المنشود فى المنطقة، وتأكيداً على أن العالم الخارجى يحكمه قوانين ومبادئ على الجميع الالتزام بها.

ففى دروب الحرب والمعاناة ذات المسارات المتعددة، بالنسبة للشعب الفلسطينى، ما زالت مصر تلعب دوراً محورياً فى هذه القضية من خلال مواقفها السياسية والدبلوماسية والعسكرية، مما يجعلها طرفاً رئيسياً فى أى جهود تسعى إلى إيجاد حلول دائمة وعادلة للصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والذى بدأ منذ عام 1948، واستمر هذا الدور خلال حروب متلاحقة مقدمة الدولة المصرية كافة أشكال الدعم لأشقائها الفلسطينيين، على رأسها الدعم المادى والعسكرى، والدبلوماسى، وأصبحت تتحدث بلسان حال الشعب الفلسطينى فى كافة المحافل الدولية، معلنة منذ اللحظة الأولى أن إسرائيل دولة احتلال تستهدف إبادة شعب بأكمله وإزالته من الخريطة.

مصر الدولة الوحيدة التى لم تطوِ صفحة القضية الفلسطينية أو ترجئ حديثها حفاظاً على علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دول عدة ذات صداقة مقربة مع إسرائيل، بل أعلنت موقفها المشرف وحريصة على دعم حقوق أشقائها، وإدانة كافة الممارسات التى تقوم بها الحكومة الإسرائيلية دون خشية أحد، مما ثبت أركانها كطرف رئيسى يبحث عن الوساطة الحقيقية التى تدعو إلى السلام والاعتراف بشرعية دولة فلسطين المستقلة.

وأصبحت مصر تدافع عن حقوق الفلسطينيين فى المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من خلال مندوبيها فى هذه المنظمات، ودعوتها مراراً إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مثل قرارى 242 و338 اللذين ينصان على انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة وحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم. وتلعب مصر دوراً محورياً فى الوساطة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، لا سيما بين حركتى فتح وحماس، كما تعمل بشكل مستمر على تقريب وجهات النظر بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التفاوض مع إسرائيل وإدارة الشئون الداخلية بفاعلية، وذلك من خلال استضافة مصر بانتظام اجتماعات ومباحثات بين الفصائل الفلسطينية فى محاولة لتخفيف التوترات الداخلية.

وإلى جانب الجهود الدبلوماسية، تقدم مصر دعماً إنسانياً كبيراً للفلسطينيين، خاصة فى قطاع غزة، هذا الدعم يشمل فتح معبر رفح لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية، بالإضافة إلى إرسال القوافل الإغاثية، هذه الجهود تسهم فى تخفيف معاناة الفلسطينيين وتوفير بيئة مستقرة تساعد على تعزيز الدعم الدولى لقضيتهم.

تستخدم مصر ثقلها الدبلوماسى فى المحافل الدولية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، حيث تلتزم بدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى استكمال مساعى الدبلوماسية المصرية إلى حشد الدعم الدولى لهذه القضية، ووضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته تجاه ما يحدث من كارثة إنسانية وإبادة جماعية لأهل قطاع غزة. ويمكن القول إن الوساطة المصرية تمتاز بقدرتها على التعامل مع الضغوط الدولية والإقليمية، فمصر تستفيد من علاقاتها الدولية الواسعة وعلاقاتها المتميزة مع القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وكذلك علاقاتها مع الدول العربية، لتسهيل التوصل إلى حلول مقبولة للأطراف الفلسطينية، فضلاً عن إفادتها من هذه العلاقات فى حشد الدعم الدولى لأى اتفاق مصالحة وتحقيق الضغط على الأطراف المتنازعة لتنفيذ الالتزامات المتفق عليها. وتستمر مصر فى دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية، مما يعكس التزامها التاريخى بالقضية الفلسطينية، ومع استمرار التحديات، تبقى مصر على استعداد لتقديم كل ما يلزم لتحقيق المصالحة الوطنية، إيماناً منها بأن الوحدة الفلسطينية هى السبيل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة. وتعتزم مواصلة جهودها لتحقيق المصالحة الوطنية، مدركة أن استقرار الوضع الداخلى الفلسطينى هو مفتاح لأى حل مستدام للصراع مع إسرائيل.

*عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب

عن حزب «حماة الوطن»

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

القضية الليبية.. واقع مرير والبحث عن الحل

كتب الكثير وقيل الكثير، وعُقدت مؤتمرات ولقاءات وطنية وخارجية، وصدرَت قرارات لم تُنفَّذ، ووُعِد الشعب الليبي بوعود لم تُحقَّق. جرت انتخابات المؤتمر الوطني العام عام 2012، ثم انتخابات البرلمان في 2014، وانتُخِبت هيئة إعداد الدستور منذ 2017، وبقي مشروعها في الأدراج حتى اليوم. ثم جاء موعد 24 ديسمبر 2021 ليُقفَز عليه دون أن ترى الانتخابات النور.

توالى على ليبيا عشرة مبعوثين أمميين عمل أغلبهم على تدوير الأزمة بدل حلّها، وقد يزداد العدد ليصل عشرين أو أكثر، فيما البلاد تزداد غرقًا في أزمات متلاحقة: سياسية، اقتصادية، وأمنية، بلا مبرر واضح ولا أفق. كل ذلك يحدث أمام أعين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي… وأمام الشارع الليبي الذي بدأ أخيرًا يتحرك، ولعلّه – رغم كل شيء – قد يكون بداية الحل الأمثل.

انقسام قديم أم جديد؟

حين اندلعت أحداث فبراير 2011، بدا للبعض أن الليبيين انقسموا فجأة بين مؤيدين للنظام السابق ومطالبين بإسقاطه. لكن الحقيقة أن هذا الانقسام لم يولد حينها، بل كان موجودًا قبل ذلك، وظلّ مستترًا بفعل القبضة الأمنية والخوف من البطش.

منذ السبعينيات، انقسم الليبيون في تقديرهم للمسار الوطني: فئة رأت أن ليبيا فقدت طريقها بعد تعطّل الدستور والمؤسسات، وفئة أخرى تمسكت بالنظام خوفًا من اهتزاز بلد هشّ البنية القبلية والمناطقية.

بين الإصلاح والثورة

كانت هناك أصوات تطالب بالإصلاح التدريجي بدلًا من الثورة الشاملة، خوفًا من انهيار الدولة لا مجرد سقوط السلطة. في المقابل، رأى آخرون أن البلاد بحاجة إلى بداية جديدة تُعيد روح الاستقلال ودستور 1951.

أزمة تركيبة المجتمع والدولة الغائبة

المفارقة أن الدولة أسهمت هي نفسها في ترسيخ البنى التقليدية من قبيلة وجهة ومنطقة بدلًا من مشروع وطني حديث. فظلت الدولة هشة، وزادت هشاشتها بعد عام 2011.

التدخل الأجنبي.. بين الترحيب والخيبة

حين تدخّل الخارج لإسقاط النظام، رحّب البعض بدافع المصلحة أو حسن النية، آملين أن يُصلح الأجنبي ما فسد. لكن قلة قليلة توقعت منذ البداية خطورة هذا التدخل وتداعياته الطويلة.

غياب المشروع الوطني

بعد سقوط النظام، اجتمع الليبيون حول هدف واحد هو التغيير . لكن سرعان ما انكشف غياب رؤية واضحة لما بعد ذلك الهدف، فبرز التنازع والخلافات الشخصية والتخوين، واستُدعيت خلافات الماضي بدلًا من الوحدة لبناء المستقبل.

لماذا تراجعنا وكيف نبني الدولة؟

هذا المقال تذكير بأننا بحاجة لمراجعة جذور أزمتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية. لماذا كنا في السبعينيات من الدول المتقدمة نسبيًا ثم توقفنا وتراجعنا، رغم أننا الأسبق في الاستقلال ولدينا ثروات وإمكانات هائلة؟

لماذا لا نستفيد من تجارب دول الجوار التي نجحت في ترسيخ ثقافة الدولة والقانون؟ ولماذا نقدّم القبيلة أو المنطقة على الوطن كلما سُئلنا عن هويتنا؟

كيف نبني دولة بينما مناطق واسعة كانت رهينة الفوضى والإرهاب قبل أن تتحرر بتضحيات الجيش وتصبح منارة للإعمار؟ ولماذا لا نعترف بأن العاصمة لازالت تعاني فوضى أمنية وعجزًا تنمويًا يزيد من تفاقم الأزمات الاقتصادية؟

واقع الليبيين اليوم.. وأولوية الأمن والاستقرار

نسى الليبيون إلى حد كبير الأحداث الدامية الماضية، وأصبحوا جميعًا يتوقون إلى حل حقيقي ينهي أزمتهم الطويلة. لكن هذه المرة، يبدو أن هناك وعيًا أكبر بمواطن الخلل التي عانت منها البلاد، ورفضًا لأي حلول تُفرض عليهم من الخارج أو تُقدّم بشكل غير واقعي، وهو انعكاس لثقافة الدولة الريعية التي اعتاد عليها البعض.

الجميع اليوم يتفقون على نقطة أساسية: الأمن والاستقرار هما الأساس الذي لا يمكن تجاوزه. فعملية بناء دولة ديمقراطية سياسية لن تكون ممكنة في ظل وجود السلاح خارج إطار سلطة الدولة الشرعية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالاعتراف بسلطة واحدة قادرة على قيادة مشروع وطني جامع.

لقد فشل خيار التعددية الفوضوية القائمة على الجموع والانتخابات المتعددة التي تتصدر الأولويات، لكن الحقيقة أن الانتخابات يجب أن تكون أولوية ثانية، بعد ضمان الأمن والاستقرار الذي هو القاعدة الصلبة لأي عملية سياسية ناجحة.

هل يكفي الحل الليبي – الليبي… أم نحتاج دورًا إقليميًا؟

رفعنا طويلًا شعار «الحل الليبي – الليبي»، لكن مع فشل المحاولات الوطنية المتكررة، تبرز الحاجة لدور خارجي إقليمي داعم لا مفروض.

تبدو جمهورية مصر العربية الأقرب للعب هذا الدور البناء: بروابطها التاريخية والاجتماعية مع ليبيا، ومصلحتها المباشرة في استقرار بلدنا، فضلًا عن علاقاتها المتوازنة مع الأطراف الليبية المختلفة.

وتزداد أهمية هذا الدور إذا ما تزامن مع تعاون مصري–تركي، مستند إلى علاقات مصر الدولية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، وحتى تركيا نفسها.
التعاون بين مصر وتركيا يمكن أن يخلق مساحة توافق إقليمي حقيقية تُمكّن الليبيين من إيجاد حل مستدام، بدلًا من الرهان وحده على الدول الكبرى.

ورغم محاولات البعض تشويه هذا الدور لأسباب سياسية أو جهل بطبيعة العلاقات الدولية، إلا أن الواقع يقول إن الدورين المصري والتركي، معًا، أقرب لتحقيق اختراق حقيقي من أي وساطات دولية بعيدة عن الأرض الليبية.

خاتمة: ما بعد الواقع المرير

بعد أربعة عشر عامًا من الانقسام والفوضى والوعود المؤجلة، آن الأوان أن نواجه الحقيقة:

الحل لا يأتي بشعارات جوفاء ولا بإقصاء نصف الشعب، بل ببناء دولة مؤسسات وقانون، والاعتراف بما تحقق من أمن واستقرار وتوسيعه ليشمل كل ليبيا.

نحتاج إلى مشروع وطني جامع، لا يُقصي أحدًا ولا يُستورد جاهزًا من الخارج، بل ينطلق من داخلنا وبدعم شركائنا الإقليميين الأقرب إلينا فهمًا ومصلحة.

دولة تجمع الليبيين لا تفرقهم، تعيد الاعتبار للإنسان الليبي، وتبني المستقبل بثرواته وعقول أبنائه… فهل نجرؤ على ذلك قبل أن يضيع وطن بأكمله؟

ولا نملّ التكرار في تناول قضيتنا الليبية، في محاولة للبحث عن الحلول، بخطاب يخاطب العقول النيّرة ويأخذ بيدها نحو التفكير والابتعاد عن السلبية… خطاب صادق تلتقطه القلوب الصافية بكل خشية من الله، أملاً في أن يكون بذرة خير تُثمر مستقبلًا مختلفًا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • الصحة المصرية: إصابة 14 شخصاً جراء حريق وسط القاهرة
  • قيادي بمستقبل وطن: كلمة مدبولي بقمة بريكس أكدت ثوابت السياسية المصرية الثابتة تجاه القضايا الإقليمية والدولية
  • بوصلة السودان الوطنية… ما بين الدعم الخليجي و الوقفة المصرية الصلبة
  • الخارجية الفلسطينية ترحب ببيان قمة بريكس وتدعو لتدخل دولي لوقف العدوان على غزة
  • شقيقة وزير تكتب: لا أخوض مع الخائضين، لكنها كلمة حق في وجه الجور
  • القضية الليبية.. واقع مرير والبحث عن الحل
  • بين السويس وباب المندب: هل تسهم الدبلوماسية المصرية في استقرار اليمن؟
  • المجلس الوطنى الفلسطينى: التهجير القسرى في الضفة ليس معزولا عما يجري في غزة
  • بحّار إسباني يرفع شكوى ضد إسرائيل بتهم “جرائم حرب” و”الاختطاف في المياه الدولية
  • نقابة الصحفيين المصرية تتبرأ من عماد الدين أديب بسبب إسرائيل وتؤكد شطبه من جداول القيد - صور