شقيقة وزير تكتب: لا أخوض مع الخائضين، لكنها كلمة حق في وجه الجور
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
لا أخوض مع الخائضين،
لكنها كلمة حق في وجه الجور.
بقلم: أميرة عمر بخيت
بدءًا:
الحرية لنا ولغيرنا، والديمقراطية تعني أن لكل فرد الحق في اختيار مواقفه ومساره نحو الغاية الكبرى: الوطن.
العدل والعدالة أولى بها أقوالنا، وأفعالنا، وخلافاتنا الفكرية، مهما كانت: سياسية، دينية أو ثقافية.
و الدول لا تُبنى بالأكاذيب، ولا تُدار بالافتراء، ولا تنهض عبر رمي من يخالفنا الرأي بقاذورات القلب المريض وأحقاد النفوس السقيمة.
الإصلاح لا يأتي أبدًا عبر السقوط الأخلاقي المحض.
ومن أراد الخير لوطنه حقًا، فليبدأ بأخلاقه، وليتعلم أدب الخلاف، وحُسن الموعظة، وسعة الصدر.
ثم،
كأي مواطن سوداني، وكأي فرد من هذا الشعب العظيم الصابر، فإن للبروفيسور – شقيقي الحبيب معز عمر بخيت – كامل الحق في اختيار وسيلته وتوقيته لخدمة وطنه وشعبه.
وأنا على يقين تام، وثقة لا يعتريها شك، بأن نواياه خالصة في بذل علمه، وتسخير خبراته، ووقته وجهده، في خدمة المواطن السوداني؛ ذلك الإنسان الذي أنهكته الأمراض، وأعجزته التحديات، وتكاد تنوء به الهموم. هذا المواطن لن تداويه أو ترفع عبء معاناته بوستات سخيفة وكتابات مبتذلة. لن يكون سوء الأدب أبداً سبيلًا للتغيير، ولا عونًا لمن أنهكهم المرض، ولا بديلًا عن الفعل الصادق الذي يُحدث فرقًا، ويوفّر الدواء ويخفف المعاناة.
هذا الشعب العظيم اشتهر بحسن الخلق و الأدب الجم و نقاء القلب والاحترام وتحري الصدق فمن أين اتى هؤلاء !
د. معز عمر بخيت، اختار العودة إلى وطنه، ليقدّم ما يستطيع من دواء وعلاج، وفي الخاطر أن يرد بعضًا من جميل أرضٍ وهبت وما استبقت شيئاً من خير في القلب والروح والجسد.
قرر أن يعود طائعًا وقد اختار الوفاء في توقيت عصيب، وبلادنا تمر بأكثر مراحلها التاريخية تعقيدًا ؛ حروب وصراعات، وأمراض تفترس المواطن، وخدمات صحية شبه منهارة.
أي إنسان شريف، محب لوطنه، وفيه ذرة من إنسانية حقة، سيجتهد بما يستطيع لرفع المعاناة عن أهله وبني وطنه: بماله، أو جهده، أو علمه، أو وقته وله خيار الكيفية والتوقيت.
أما الشتائم، وبث السموم، وانتهاك الأعراض، والافتراء على الناس، فلن يشفي مريضًا، ولن يوفر دواءً، ولن يوقف حربًا، ولن يبني وطن.
وزارة الصحة وزارة خدمية، وزارة تعاني الأسوأ في ظروف غير إنسانية، والمواطن البسيط يتهاوى بين فكي الحرب والمرض. بروفسير معز قبل التكليف الشاق والتحدي المضني وقرر أن يخوض معركته برؤية خاصة وخطط مدروسة ليساهم مع زملائه في علاج المرضى بإذن الله، وليصلح بعون الله ما استطاع من المستشفيات، وليبذل جهده لتخفيف العبء عن زملائه الأطباء، وجميع الكوادر الصحية التي تبذل الآن قصارى جهدها وأرواحها ليحيا الآخرون فبالله عليكم، كيف تحكمون؟
هو لا يملك عصا موسى، لكنه يحمل نية صادقة، وخبرة إدارية عظيمة في إنشاء المؤسسات الطبية والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتقدمة، فادعموه بدعواتكم، وأعينوه ما استطعتم، فللمجتهد إن أصاب أجران، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد،
وما الأعمال إلا بالنيات، والعبرة بالخواتيم.
أسأل الله بصدق أن يوفقك يا معز، وينجحك في مقاصدك النبيلة، وأن تتمكن، أنت وكل صادق وشريف، من تقديم الأفضل لهذا الوطن العظيم، وللمواطن السوداني، ذلك الإنسان الذي يستحق الحياة والعيش الكريم.
وأتمنى أن تُسهم فعليًا، ونحن معك بما نستطيع، في بداية فتحٍ مبين لعهدٍ طيب تنتهي فيه المآسي السودانية، والحروب، والصراعات.
اللهم افتح لنا وللسودان بابًا من الخير، نغلق به أبواب الحروب والمآسي والظلم والأمراض.
أما أنت أيها المواطن السوداني البسيط، فلك:
حبنا،
وانتماؤنا،
وعلمنا،
وجهدنا
وكل ما استطعنا اليه سبيلا ????
وختامًا،
كل الاحترام والتقدير لكل الكوادر الطبية والصحية العاملة في هذا الوقت، ولكل المتطوعين، لما يبذلونه من جهد في هذا الظرف الصعب.
ويا إخوانا، رجاءً، خليكم ناس كويسين عشان ربنا يفرّجها علينا وعلى أهلنا المرضى المساكين والمستضعفين!
وآخر القول وأوّله:
“إن الناس لم يُعطَوا شيئًا خيرًا من خُلُقٍ حسن.” إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
شروط نتنياهو تكتب الفشل للمرحلة الثانية في غزة
كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، القول إنّ المرحلة الأولى لتنفيذ خطّة ترامب في غزة أشرفت على الانتهاء، وأنّه «يركّز الآن على المهمة المقبلة وهي، تجريد حركة حماس من أسلحتها ونزع السلاح في غزة. وهذا سيحدث إمّا بالطريقة السهلة (اتفاق) أو بالطريقة الصعبة (حرب)». جاء ذلك في خطابه في الكنيست الاثنين الماضي وفي مؤتمره الصحافي مع المستشار الألماني ميرتس. وأكد نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، أن الانتهاء الرسمي للمرحلة الأولى مشروط بإعادة جثة الإسرائيلي الأخيرة المتبقيّة في غزة.
يتجاهل نتنياهو أن وتيرة إعادة المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات فاقت كل التوقّعات الإسرائيلية والأمريكية. فقد صرّح ترامب أن هناك أقل من 20 محتجزا إسرائيليا حيا، وأن قسما منهم فقد الحياة، وتبين أن هذا غير صحيح، فقد عادوا جميعا. كما ردد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، أنّ حماس لن تعيدهم جميعا لتبقى عندها ورقة للمساومة، ولم يحدث هذا. وشكّكت إسرائيل بإمكانية انتشال جثث الإسرائيليين من تحت الركام في غزّة، خلال فترة قصيرة، وتوقع مسؤولوها أنّ هذا سوف يستغرق أشهرا طويلة وربّما سنوات، وجرى الحديث حتى عن إمكانية فقدان آثار عدد منهم إلى الأبد.
وقد أثبتت التطورات المتوالية في هذا الملف بطلان الادعاءات الإسرائيلية المتكررة، أن حماس «تماطل في إعادة المحتجزين وتخرق الاتفاق».
خروقات متواصلة
لقد بررت إسرائيل العقوبات الجماعية التي فرضتها على أهالي غزة، بالادعاء أن «حماس تخرق الاتفاق»، في حين أن الحركة التزمت به بالكامل من حيث تسليم المحتجزين، والالتزام التام بوقف إطلاق النار، حتى بعد أن خرقته إسرائيل مرارا وتكرارا. في مقابل التزام الطرف الفلسطيني، لم تف إسرائيل بتعهداتها، وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار 738 مرّة، وبلغ عدد الضحايا 386 شهيدا و987 جريحا. كما أنّها لم تفتح المعابر ولم تسمح بدخول «مساعدات كاملة» كما وعدت والتزمت، إذ تدخل القطاع يوميا 145 شاحنة بالمعدّل من أصل 600 شاحنة نص عليها الاتفاق. وبالنسبة للوقود فقد دخلت غزة منذ وقف إطلاق النار 115 شاحنة فقط بنسبة حوالي 10% من 1100 شاحنة اتفق على إدخالها. وبعد هذا كلّه يردد نتنياهو، بوقاحته المعهودة، أنّ «حماس تخرق وقف إطلاق النار»، وتلحقه الإدارة الأمريكية، إمّا بإبداء التفهّم لما تفعله إسرائيل «دفاعا عن نفسها» أو بسكوت يعبّر عن الرضى أو عدم الاكتراث، ما بقيت الأمور تحت السيطرة ولم تنزلق إلى انهيار الاتفاق.
يبدو أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، لن يتغيّر في المرحلة الثانية لتنفيذ اتفاق ترامب. ولا مؤشّرات أنّ حكومة نتنياهو ستبدّل تعاملها في المرحلة المقبلة. العكس هو الصحيح، فهي ستواصل خرقها لوقف إطلاق النار والتضييق على المساعدات وعلى فتح المعابر، وسوف تنقل خروقات المرحلة الأولى كأدوات ضغط ومناورة في المرحلة الثانية. لقد كان من المفروض أن يكون دخول لمساعدات إنسانية كاملة، وفتح للمعابر ووقف فعلي لإطلاق النار، مقابل تسليم المحتجزين، لكن إسرائيل استلمتهم كما نص الاتفاق، لكنّها لم تدفع «الثمن»، إلا جزئيا واحتفظت لنفسها بالجزء الأكبر للمقايضة به لاحقا.
شروط نتنياهو
مع الحديث عن قرب إجراء مفاوضات حول المرحلة الثانية في غزّة صرّح نتنياهو أنها ستكون صعبة جدّا. قال ذلك لأنّه يعرف أن الاتفاق أصلا صعب على الهضم فلسطينيا، وأكثر من ذلك لأنّه يعرف أن شروطه هو لا يمكن أن يقبل بها الفلسطينيون. وفي كل يوم يطلع نتنياهو ومن حوله بشرط جديد ليس موجودا في الاتفاق أصلا، أو بصياغة أكثر تشددا لشرط قائم. ويمكن تلخيص شروط نتنياهو، كما هي اليوم، بالتالي:
أولا، تجريد حركة حماس من أسلحتها. وهذا هو الشرط الأهم بالنسبة للمؤسستين السياسية والأمنية في إسرائيل. ويعتبره نتنياهو مفتاحا لإعلان النصر في غزة، فقد قال مرارا وتكرارا أنه حقق الانتصارات على إيران ولبنان وسوريا وبقي عليه غزّة، وهو يصر على نزع حماس من أسلحتها الثقيلة والخفيفة بلا استثناء، وخلال فترة وجيزة. ويبدو أن الولايات المتحدة تكتفي بنزع الأسلحة الثقيلة بشكل متدرّج، لكن لن نستغرب إن هي غيّرت موقفها وتبنت الموقف الإسرائيلي.
ثانيا، نزع السلاح عن غزة: والمقصود بهذا الشرط الإسرائيلي اتخاذ خطوات تمنع إدخال الأسلحة إلى غزة، وتشمل إنشاء جهاز مراقبة لضمان هذا الأمر. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني، قال نتنياهو إن ترتيبات نزع السلاح واجتثاث التطرف في غزة تشبه تلك التي فرضت على ألمانيا واليابان عند انتهاء الحرب العالمية الثانية متجاهلا انهما بقيتا دولتان مستقلتان وهو يرفض بشدة فلسطين المستقلة.
ثالثا، حكم غزة: ما زال نتنياهو يصر على مبدأ ألا تحكم غزة لا حماس ولا السلطة الفلسطينية، وألا يشارك في إدارة شؤونها من له علاقة بالفصائل الفلسطينية. وهو يقبل بسلطة حكم دولية مثل «مجلس السلام»، شرط أن يقبل هذا الجسم الشروط الإسرائيلية بخصوص «الإدارة الفلسطينية»، والقوات الدولية والشرطة المحلية.
رابعا، اجتثاث التطرف: وهذا شرط يضعه نتنياهو من حين لآخر على الطاولة ويربطه بالانسحاب الإسرائيلي من غزة، وهو يمكنه من الادعاء دوما أن شروط الانسحاب لم تكتمل. ويعني هذا البند إحداث انقلاب في برامج التعليم وفي وسائل الإعلام وخطاب المسؤولين، بما يتلاءم ليس بالاعتراف بإسرائيل فحسب، بل بالاعتراف بها كدولة يهودية وكدولة اليهود، واجتثاث أي خطاب يناقض «حقها في الوجود كدولة يهودية».
خامسا، سيطرة أمنية كاملة: منذ بداية الحرب تردد إسرائيل أن أي تسوية في غزة تشمل هيمنة أمنية إسرائيلية مطلقة في الجو والبحر وعلى طول الحدود وفي داخل غزة، وسيطرة على المنافذ كافة وإخضاع كل ما يخرج أو يدخل القطاع لرقابة إسرائيلية مشددة.
سادسا، عدم الانسحاب الكامل: ترفض إسرائيل مبدأ الانسحاب الشامل من غزة، وتصر على الاحتفاظ ـ على الأقل – بشريط أمني على طول حدود قطاع غزة، وتروّج بأنه ضرورة أمنية لا تستطيع التنازل عنها. ويشكل هذا الشريط ما يقارب 15-20% من مساحة غزة.
سابعا، تركيبة القوات الدولية: تصر إسرائيل على حقها في قبول أو رفض مشاركة أي دولة في القوات الدولية، المزمع نشرها في غزة. وقد أعلنت أنها لن تقبل بقوات قطرية وتركية. وهناك قلق إسرائيلي من أن بعض الجهات في الإدارة الأمريكية ترى ضرورة مشاركة تركيا.
ثامنا، إعادة الإعمار: تريد إسرائيل أن تتحكم بمشروع إعادة إعمار غزة، من حيث الذين «تسمح» لهم بالمساهمة في إعادة الإعمار ومن حيث الأمكنة التي تأذن بإعمارها، إضافة إلى قيود بشأن مواد البناء والإنشاء وطرق إدخالها والرقابة عليها.
وإذا جمعنا هذه الشروط وغيرها من العراقيل والإملاءات الإسرائيلية، فإن إمكانية التقدم في المرحلة الثانية ليست صعبة فحسب، بل شبه مستحيلة. والذي قد يحدث في حال انسداد الأبواب السياسية هو العودة إلى الحرب الشاملة في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من الكوارث والدمار. هنا يلزم إعداد خطة فلسطينية – عربية بديلة، إذ لا يعقل أن تبقى خطة ترامب المجحفة هي الوحيدة المطروحة. ويجب الشروع في إعداد البديل فورا، لأن فشل خطة ترامب مصيبة إذا لم يتوفّر البديل، وقد يكون هذا البديل هو حبل النجاة.
القدس العربي