في ظلال #طوفان_الأقصى “78”

#مجزرة_النصيرات مؤلمةٌ واستعادة أربعة أسرى غير محبطة

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

بحزنٍ وأسى وغضبٍ وألم، تابع الفلسطينيون وحلفاؤهم ومحبوهم في كل مكانٍ، العملية العسكرية الأمنية الخاصة التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، التي أسفرت عن استشهاد 276 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 750 آخرين بجراحٍ مختلفةٍ، جلهم من النساء والأطفال، وكلهم من المدنيين الآمنين من سكان المخيم واللاجئين إليه من مناطق القطاع المختلفة، التي طالها القصف ودمرتها الغارات الجوية وقذائف المدفعية والدبابات، ونجح خلالها في استعادة أربعةٍ من أسراه لدى المقاومة، إلا أنه خسر ضابطاً برتبةٍ رفيعةٍ، وفقاً لتصريحات الناطق العسكري باسم جيشه، والتي لا نثق فيها كثيراً ولا نصدقه غالباً، وقتل بسلاحه ثلاثة من أسراه، وفقاً لبيان أبي عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذي نصدقه دائماً ونثق به دوماً.

مقالات ذات صلة تجديد الخطاب الإسلامي 2024/06/10

لا ننكر أبداً أننا جميعاً شعرنا بغصةٍ كبيرةٍ، وأحسسنا بمرارٍ يشبه العلقم، وألمٍ يشبه الذبح بالسكين، اجتاح أرواحنا، وطغا على قلوبنا، وترك آثاره على أجسادنا، وأتعب نفوسنا، وشغلنا لساعاتٍ طويلةٍ في فهم ما حدث، واستيعاب ما جرى، وربما أخرج بعضنا عن طورهم، وشككهم ولو قليلاً في مقاومتهم، التي يثقون فيها وفي قدراتها، ولا يشكون في صدقها ولا في إخلاصها، ولا يظنون فيها إلا خيراً، ولا يتوقعون منها إلا نصراً، ولكن حادثة النصيرات كانت مختلفة وصادمة، وموجعة ومؤلمة، وأراد منها العدو أن تكون كاويةً لوعينا ورداعةً لنا، ورافعةً لمعنويات جيشه المنهار، ومهدئةً لشعبه الغاضب الخائف على حياة جنوده وأسراه، إلا أن صورة نصره المزعوم عما قليل ستبهت، وستستعيد مقاومتنا عافيتها فوراً وستنهض، ولن يحبط شعبنا ولن يضعف عزمه.

فخسارتنا وفاجعتنا في أهلنا وشعبنا كانت كبيرة، وعدد الشهداء من كل الفئات كبير، والدمار الذي حل بالمخيم المدمر واسعٌ وشاملٌ، وزاد في الحسرة والألم نجاح العدو في تخليص أربعة أسرى، والاحتفال بعودتهم، وتبادل التهاني باستعادتهم، والإشادة بقدرات جيشهم وتفوق أجهزتهم الأمنية وبراعة فرقهم الخاصة، مما جعل طعم الخسارة مختلفاً، ومذاق المعركة مغايراً، فشعبنا لم تصدمه المجزرة التي فقد في غيرها ضعف هذا العدد وأكثر، بدءً من مجزرة مستشفى المعمداني، وصولاً إلى عشرات المجازر الأخرى التي ارتكبها العدو في مناطق مختلفة من القطاع، وقتل في بعضها أكثر من خمسمائة شهيد، إلا أن مجزرة النصيرات ستبقى مختلفة، ولا أظن أن المقاومة ستتجاوزها بسهولة، أو ستسكت عنها ولا تتعلم منها.

يعلم الفلسطينيون عموماً ومقاومتهم خاصةً أنه لم يكن من السهل على العدو الإسرائيلي، الذي عجز على مدى ثمانية أشهر من القصف والدمار والغارات العنيفة التي لم تنته، وقتل فيها وأصاب قرابة 150 ألف فلسطيني، عن تحقيق أيٍ من أهداف عدوانه على قطاع غزة، التي أعلن عنها وتشدق بها، وبرر بها عملياته وأقنع بها حلفاءه، استعادة أيٍ من جنوده الأسرى ومستوطنيه لدى المقاومة، والعودة بهم بصورة نصرٍ صريحٍ، والظهور بهيئة المنتصر القادر، إذ أفشلته المقاومة وأحبطته وكشفت ضعفه وأظهرت عواره، ونجحت وسط القصف والدمار في إخفاء الأسرى والحفاظ عليهم ورعايتهم، ولم يتمكن العدو رغم كل الوسائل التي استخدمها في معرفة مكانهم وتخليصهم، أو تحديد أماكن إخفائهم لقصفهم وقتلهم والخلاص منهم.

إلا أن هذا العدو العاجز، والحكومة الفاشلة، والجيش المنهك، والأجهزة الأمنية المصدومة، أضعف من أن يسمي ما قام به نصراً، أو أن يصنف ما حققه كسباً، فهو لم يقم بهذا العمل وحده، رغم أن عمليته جاءت متأخرة ثمانية أشهر، ما يعني أنه في حاجة إلى سنواتٍ طويلةٍ ليستعيد أسراه بهذه الطريقة، فقد استخدم في عمليته قواتٍ خاصةً مجهزةً، وفرقاً عسكرية مدربةً، ومجموعاتٍ من المستعربين خاصة، وعزز عناصره على الأرض بمساندة جويةٍ، ومتابعةٍ دقيقة بطائرات الهيلوكبتر، وقصفٍ عنيفٍ بالطائرات والدبابات والمدفعية البعيدة، وارتكب خلالها مجزرةً بشعةً يندى بها جبين أي جيشٍ يدعي الفوقية، وتخجل منها أي دولةٍ تدعي الديمقراطية.

كما لم يكن جيش العدو وحيداً، إذ هو أضعف من أن يخوض منفرداً معركةً كهذه، وأن ينجح في تحقيق ما حققه بقدراته فقط، وهو المنهك المهزوز، الواهن المرتعش، الذي يخسر يومياً قتلى وجرحى على أرض المعركة أمام قوى المقاومة في الشمال والجنوب على السواء، فقد شاركته من الجو طائراتٌ أمريكية وبريطانية، وربما أقمارٌ صناعية وأجهزة تنصتٍ ورصدٍ متطورة، لا تخجل قيادتها من الإعلان عن أنها عملت على تنفيذ هذه العملية على مدى ثمانية أشهر من عمليات التصوير والمراقبة والتجسس وجمع المعلومات وتحليل البيانات، ولعله لولا مشاركتهم ما تغنى العدو بمجدٍ لا يستحقه، ولا احتفل بنصرٍ لم يحققه.

ما حدث في النصيرات بالتأكيد ليس نصراً للعدو، ولا إنجازاً له، ولن يحسب له أو يشكر عليه، فما عاد به هو أقل بكثيرٍ مما خسره، وما حققه سيبقى يتيماً ولن يحقق مثله، ولن يتمكن من تكرار ما يشبهه، حتى ولو استعان بكل قوى العالم وأجهزة حلفائه الكبار، وستكشف كتائب القسام عن صور وأسماء من قتلهم جيشهم، وستبرهن لهم بالفعل لا بالقول، أن العدو خسر بمذاق النصر، وأن أسراه سيدفعون ثمناً كبيراً، وسيضيق عليهم، وسيشد وثاقهم، وستتضاعف الحراسات عليهم، ولن تتمكن أي قوةٍ في الأرض على استنقاذهم أحياءً، أو الوصول إليهم، ما لم تدفع الثمن، وتلتزم بالاتفاق، وتذعن للشروط، وتؤدي وتخضع لما يريده الشعب الفلسطيني وضحى من أجله، وما تفرضه المقاومة وتصر عليه.

بيروت في 10/6/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى إلا أن

إقرأ أيضاً:

نيكول كيدمان محبطة من ندرة المخرجات السينمائيات

أعربت النجمة الأسترالية نيكول كيدمان -أمس الأحد- عن أسفها لانخفاض عدد الأفلام الناجحة التي تحمل توقيع مخرجات، مشيرة إلى أنها غالبا ما تستيقظ عند الثالثة فجرا للكتابة.

كيدمان قالت خلال تسلّمها جائزة "كيرينغ وومن إن موشن" في مهرجان كان السينمائي، إنّ عدد الأفلام التي أخرجتها نساء من بين الأعمال الأعلى ربحا لا يزال "منخفضا جدا" رغم جهود الممثلة في دعم وتوجيه المشاريع التي تقودها نساء.

وتعهدت كيدمان عام 2017 بالعمل مع مخرجة مرة واحدة على الأقل كل 18 شهرا، مشيرة آنذاك إلى وجود "تفاوت كبير في الخيارات".

وقالت "قد يتساءل المرء: هل يمكن لامرأة إخراج هذا الفيلم؟ لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأسماء التي يمكن التفكير فيها".

وأكدت الممثلة الحائزة جوائز أوسكار أنها عملت مع 27 مخرجة منذ أن قطعت هذا العهد قبل 8 سنوات.

ومن بين 22 فيلما في المسابقة الرئيسية لمهرجان كان هذا العام، ثمة 7 أفلام فقط من إخراج نساء.

وأشادت كيدمان بفيلم "ذي ساوند أوف فولينغ" (Sound of Falling) للمخرجة ماشا شيلينسكي، وهو أحد الأفلام المفضلة لدى النقاد ويشكل دراما باللغة الألمانية تتمحور على صدمات تعرضت لها نساء عبر أجيال في مزرعة.

إعلان

وقالت "إنّ عرض ذي ساوند أوف فالينغ على المسرح العالمي أمر رائع".

ومع أنّها استبعدت كتابة نصّها الخاص، أوضحت أنها تستيقظ كثيرا في الليل للكتابة.

وقالت "إنه وقت مثاليّ جدا لأنك تكون في حالة من الانفصال عن الواقع"، مضيفة "أستيقظ وأكتب شيئا ما، سواء كان حلما، أو أمرا يدور في ذهني".

مقالات مشابهة

  • فصائل المقاومة الفلسطينية تحيي الشعب اليمني وتدعو قادة الأمة العربية والإسلامية للخروج من حالة الصمت المريب
  • فصائل المقاومة الفلسطينية توجه التحية للجيش اليمني وأنصار الله على الوقفة الصادقة لإسناد الشعب الفلسطيني
  • الاحتلال يرتكب مجزرة بجباليا والمقاومة توقع جنوده بكمائن صعبة
  • لجان المقاومة الفلسطينية: قرار الحظر اليمني خطوة استراتيجية لردع العدو
  • نيكول كيدمان محبطة من ندرة المخرجات السينمائيات
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • بالصور: 7 شهداء بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين غرب النصيرات
  • وفاة مؤلمة لأستاذ في الأغوار الشمالية إثر صعقة كهربائية
  • أبو زهري ينفي موافقة “حماس” على الإفراج عن أسرى “إسرائيليين” مقابل هدنة لشهرين
  • “حماس”: بناء العدو الصهيوني جدار أمني عند الحدود مع الأردن لن يحميه من جرائمه