منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، أي منذ أن قرّر "حزب الله"، منفردًا، فتح جبهة الجنوب لمساندة الفلسطينيين في قطاع غزة، لا يزال يتردّد السؤال ذاته، الذي يشغل بال المسؤولين اللبنانيين الخائفين على المصير، وكذلك يقلق كل لبناني من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال. وهذا السؤال دفع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى زيارة تل أبيب وبيروت في مهمة تحمل طابع العجلة، لأن هذا السؤال تحّول فجأة من "هل تنجح إسرائيل في جرّ لبنان إلى حرب شاملة ومدمّرة" إلى صيغة جديدة من طرحه، وهو يلخص مدى قلق واشنطن مما يحضّر له الإسرائيليون للبنان عندما "يصفى" لهم الجو في غزة، وبالتحديد في رفح.

إذًا فإن السؤال المطروح اليوم ليس إذا كانت تل أبيب ستُدخل "حزب الله" في حرب مواجهات مفتوحة وواسعة وشاملة، بل أصبح على الشكل التالي: متى ستجد إسرائيل نفسها مستعدة لمثل هكذا مواجهة، هي تعرف مسبقًا أن هذه الحرب ستكون مكلفة، وسيكون لها تداعيات خطيرة على الداخل الإسرائيلي كما على الداخل اللبناني.
ولأن لا جواب حتى الآن لدى القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب عن هذا السؤال بالتحديد فإن الوضع المتوتر والمتفجّر على طول الخط الأزرق الممتد من الناقورة حتى مزارع شبعا سيبقى على حاله. وهذا ما تميل إليه قّلة من جنرالات الحرب إلى أن يحين الوقت المناسب، في نظرهم، لتوجيه ضربة موجعة للبنان بحجة ضرب "حزب الله"، تمامًا كما فعل جيش الاحتلال في قطاع غزة، الذي أصبح غير آهل للسكن في شكل عام، بحجة ضرب حركة "حماس".
فما يجري حاضرًا على طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل هو أقّل من حرب شاملة وأكثر من مناوشات وتبادل للرسائل النارية بين "حارة حريك" وتل أبيب، خصوصًا أن هذه الرسائل تدخل في حسابات عواصم القرار بعدما ضربت إسرائيل بالقرارات الدولية بعرض الحائط، متحدّية المجتمع الدولي بأسره، وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية، التي حرّكت أساطيلها الحربية في اتجاه البحر الأبيض المتوسط بعد عملية "طوفان الأقصى".
فآموس هوكشتاين الذي لم يفشل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وألد أعدائه لن يُسجّل على نفسه بأنه فشل في مهمتين مزدوجتين: الأولى، إبعاد شبح الحرب عن لبنان، والثانية، تثبيت ترسيم الحدود اللبنانية – الإسرائيلية البرّية، مع علمه المسبق أن هذه المهمة أصعب بكثير من "مهمته البحرية"، باعتبار أن التفاوض على رائحة البارود وعلى وقع أصوات الصواريخ والقذائف يجعل المفاوضين أكثر تشدّدًا في مواقفهم، وأكثر تمسّكًا بشروطهم، وأكثر تعنتًا، وذلك اعتقادًا منهم بأن ما يُقدَّم في الميدان يمكن استثماره على أرض الواقع، من دون الأخذ في الاعتبار ان النار تستجلب النار، وأن الحقد المتبادل يولّد حقدًا أكبر، مع الإشارة إلى أن أشدّ الحروب ضراوة بين ألدّ الأعداء انتهت بمعاهدات صلح وسلام، إذ أن مصير الحروب، أيًّا كان نوعها أو القائمون بها، آيل إلى تفاهمات ولو بحدودها الدنيا. فالشواهد في التاريخين الحديث والقديم كثيرة في هذا المجال، إذ لم يُسجّل أن حربًا دامت إلى الأبد، وإن كان في بعض أوجهها شيء من حرب "داحس والغبراء".
وعلى رغم أن طبول الحرب تُقرع في تل أبيب، ويسمع صداها أهالي المناطق القريبة من الحدود الجنوبية، فإن كثيرين من اللبنانيين يعيشون حياتهم الطبيعية وكأن لا حرب في الجنوب، ويتصرّفون على سجيتهم على طريقة "حايدة عن ظهري بسيطة"، من دون التلميح إلى تمكّن الفنان المصري عمرو دياب من حشد ما لم يستطع أي حزب من الأحزاب اللبنانية حشده في ليلة واحدة، إذ قُدرّت أعداد الذين توافدوا إلى الواجهة البحرية لمدينة بيروت بنحو 22 ألف معجب، وبالثياب البيض.
وهذا الموضوع وإن دلّ على شيء فعلى أن "ثقافة الحياة" هي الطاغية، وأن نظرية التكامل التضامني بين أعضاء الجسد الواحد سقطت نظريًا على حساب نظرية الفصل بين جزء وآخر. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: تل أبیب

إقرأ أيضاً:

الجيش اللبناني: نتابع بدقة تحرك المجموعات الإرهابية

أكد الجيش اللبناني، الجمعة، أنه يتابع تحركات ما وصفها بالمجموعات الإرهابية، مشيرا إلى أن جهوده حاليا تتركز على حفظ الاستقرار والسلم الأهلي.

وأوضح الجيش في بيان له أن قائده رودولف هيكل، أكد في اجتماع استثنائي عقده مع أركان قيادة الجيش اللبناني وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، وعدد من الضباط لمناسبة العيد الثمانين للجيش، عن أن "الجيش يتابع بدقة أي تحرك لمجموعات إرهابية، ويعمل على توقيف أعضاء هذه المجموعات".

وأشار هيكل إلى أن "جهود الجيش ترتكز حاليا على حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، وتأمين الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها ومنع أعمال التهريب، ومواجهة التهديدات الخارجية"، وبين أن "التواصل مستمر مع السلطات السورية في ما خص أمن الحدود، باعتبار أنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى استقرار البلدين".

وتابع: "الجيش نفذ انتشارا واسعا ومهما في منطقة جنوب الليطاني بالتنسيق والتعاون الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - اليونيفيل، فيما لا يزال العدو الإسرائيلي يحتل عدة نقاط عقب عدوانه الأخير على بلدنا. إن استمرار الاحتلال هو العائق الوحيد أمام استكمال انتشار الوحدات العسكرية، وقد أبدى الأهالي في الجنوب تعاونا كاملا مع الجيش، وقيادة الجيش تتواصل باستمرار مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية".

وتطرق هيكل خلال الاجتماع "إلى التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية، وزودهم بالتوجيهات اللازمة في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان".

وهنأ هيكل "الضباط بعيد الجيش، مؤكدا أن "المؤسسة العسكرية تؤدي دورها بفاعلية في هذه المرحلة كما في كل المراحل السابقة، وهذا عائد إلى جميع عناصرها على اختلاف رتبهم ووظائفهم".

ولفت إلى أن "الجيش مستعد دائما للعطاء والتضحية وسط التحديات القائمة، بخاصة الانتهاكات والاعتداءات المتزايدة من جانب العدو الإسرائيلي ضد سيادة لبنان وأمنه، وما ينتج عنها من سقوط قتلى وجرحى ودمار"، معرباً " عن تقديره للعسكريين على جهودهم وتضحياتهم".

مقالات مشابهة

  • علاج الشك المستمر في الوضوء والصلاة
  • فتح: التظاهرات ضد مصر بتل أبيب محاولة مشبوهة لتحييد دورها المحوري في دعم غزة
  • عاجل| مقتل شخصين بعد تبادل لإطلاق النار على الحدود الأردنية السورية
  • الجيش اللبناني: نتابع بدقة تحرك المجموعات الإرهابية
  • اتفاق سري بين واشنطن وتل أبيب..ما مصير غزة؟
  • قائد الجيش اللبناني: التواصل مستمر مع السلطات السورية لتأمين الحدود
  • ويتكوف يصل تل أبيب..وعيون العالم على وقف العدوان
  • تحركات لافتة لليونيفيل جنوباً.. ماذا حصل في بعض القرى؟
  • الاحتلال يفشل في تبرير حربه على غزة أمام العالم.. رواية تل أبيب تنهار
  • توترٌ على الحدود الشمالية.. هذا ما جرى مع دورية للجيش