عبدالرزّاق الربيعي يكتب: ويستمر موكب الجمال في “جرش”
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
أثير – عبدالرزّاق الربيعي
رغم أنّ الستار أسدل على فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون بدورته الـ37، التي انطلقت يوم 26 يوليو الماضي، تحت شعار “ويستمر الفرح”، إلّا أن الأفراح في المملكة الأردنية التي رافقت زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني الذي أقيم بداية شهر يونيو الماضي، ومنها استمدّ المهرجان شعاره، ستظلّ مستمرّة، فصيف عمّان الذي يستقطب آلاف السيّاح سنويّا، مزدحم بالأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية، وكأنّ العاصمة الأردنية لا تريد لمهرجان الفرح أن ينتهي، فقد صار علامة بارزة من علاماتها، و”ظاهرة من الظواهر الثقافية البارزة في المنطقة” كما وصفها الإعلامي جورج قرداحي، وقد تابعتُ فعالياتها، منذ سنوات بعيدة، حضورا، ومساهمة في أنشطته الإعلامية، ومشاركا، وتابعت مسيرته، التي بلغت ذروة عالية في التسعينيات حين كان المهرجان تحت إدارة معالي الشاعر الراحل جريس سماوي، وظلّ يقاوم الظروف التي مرّت بها المنطقة، وعبرها، محافظا على اسمه، وسط توقّف وتراجع العديد من المهرجانات العربية.
ولم تقتصر أنشطته على مدينة “جرش” التاريخية التي يعود إنشاؤها إلى زمن حكم الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد، بل توزّعت في مناطق عدّة من بينها: مادبا، والفحيص، والمفرق، وإربد، والزرقاء والكرك، والعاصمة عمّان، التي احتضنت معظم الفعّاليات الثقافية، والجلسات الشعرية والندوات، التي أقيمت على مسارح: المركز الثقافي الملكي، والروماني، ومنتدى عبد الحميد شومان، ورابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، ودائرة المكتبة الوطنية، والجامعة الأردنية، في حالة مثلى من الشراكة بين المؤسسات الثقافية، هذه الشراكة شملت العديد من الوزارات والهيئات الثقافية المحلية، ولم أستغرب عندما سخّرت مديرية الأمن العامّ سياراتها لاستقبال، وتأمين تنقلات ضيوف المهرجان، وقد غمرنا، نحن المشاركين، إحساس بأنّ هناك شعور عام لدى الأردنيين بالمسؤولية، جعل من المهرجان، يتجاوز كونه مهرجان مدينة ليكون مهرجان دولة، متجاوزا الأطر الضيّقة إلى آفاق أكثر رحابة، كونه واجهة حضارية تعكس ثقافة البلد بأبعادها التاريخية، وينشّط الجانب السياحي، ويعرّف المشاركين بمناطق الأردن، وهذا ما تحرص عليه مهرجانات دولية تقام في أنحاء متفرقة من العالم.
هذا التنوّع لم يتوقّف عند تعدّد الأمكنة، بل امتدّ ليشمل الأنشطة نفسها، فاعتاد جرش سنويا أن يقيم العديد من الفعاليات الفنية، والأمسيات الموسيقية، والمسرحيات والحفلات الغنائية والمعارض التشكيلية، والجلسات الشعرية، والنقدية، والندوات.
ومثلما احتفى المهرجان بدورة هذا العام، محليا، بمئوية مدرسة السلط، التي شُيّدت العام 1918، احتفى بالثقافة المصرية، عربيا، حين حلّت مصر “ضيف شرف” على المهرجان، من خلال إقامة مجموعة من الفعاليات الفنية والثقافية والندوات الفكرية، ساهمت فيها شخصيات فنية وثقافية وإعلامية مصرية.
وقد عقد المهرجان ندوتين، الأولى بعنوان: “الإعلام والقدس”، والثانية ناقشت “مفهوم الدراما وأهمية نقل الواقع المعاش للجمهور”، إلى جانب مؤتمر نقدي تناول محور الأدب الشعبي، فالفكر كان حاضرا جنبا إلى جنب مع الفن، والثقافة.
وقد أتاح المهرجان للعوائل الأردنية والمقيمة والسيّاح، فرصة حضور حفلات النجوم الذين أحيوا حفلات غنائية في مسارح مدينة الأعمدة، إلى جانب استضافة فرق فنية شعبية عربية، وأجنبية، وقدّمت عروضا فولكلورية راقصة، في مسارح جرش؛ الجنوبي والساحة الرئيسة و الشمالي، إلى جانب ثلاثة مسارح في شارع الأعمدة، التي يتجاوز عدد أعمدتها الألف عمود، قدّمت فعاليات خصّصت للأطفال الذين أفردت لهم إدارة المهرجان مساحة واسعة من خلال تقديم مسرحيات، بعضها ينتمي لمسرح الحكواتي والألعاب المسلّية والموسيقى، والغناء والرسم على الوجوه، وتجسيد شخصيات كارتونية، وفعالية المكتبة المتنقلة التي تشجع الأطفال على القراءة إلى جانب سمبوزيوم جرش للأطفال (في كل بيت فنان) فللفن التشكيلي مساحة في (جرش)، حيث أقيم “سمبوزيوم الفن التشكيلي”، بمشاركة محلية وعربية وعالمية، واستضاف المهرجان أيضاً تشكيليات لبنانيات تزيد أعمارهن عن 70 عاماً في ملتقى (عبق اللون)، إلى جانب فعاليات أخرى عديدة، ولكي يكون الحضور متاحا للجميع جعلت إدارة المهرجان دخول الجمهور، لمعظم الفعاليات بدون تذاكر، مع حجز المقاعد المجاني المسبق، لبعضها، عبر موقع المهرجان، كذلك وفّرت فرصة للجمهور لحضور حفلات النجوم، عندما خفّضت قيمة التذاكر لتكون بحدود (28 دولارًا)، فهدفها من إقامة هذه الحفلات، كما صرّحت، ليس ربحيا، إنما صنع فرحة للعوائل لقضاء وقت ممتع في إجازة الصيف، ولمن لم يتمكن من الحضور، استطاع متابعتها عبر البث المباشر لمعظمها باستثناء بعض حفلات نصّت الاتفاقيات المبرمة مع النجوم على عدم بثّها، ليواصل (جرش) مسيرته التي بدأت سنة 1981م وستظل مستمرّة، إن شاء الله، مادامت هناك إرادة وطنية سخّرت كلّ إمكانياتها لنجاح المهرجان، واستمراريته.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: إلى جانب
إقرأ أيضاً:
من صنعاء إلى البيضاء ومأرب.. القبائل اليمنية تعلن جاهزيتها لمعركة “الفتح الموعود” إلى جانب غزة
يمانيون | خاص
في تجسيد حي لعمق الارتباط الشعبي والقبلي اليمني بقضية فلسطين، شهدت عدد من المحافظات والمديريات، اليوم الاثنين، حراكاً قبلياً واسعاً وفعاليات ميدانية متعددة أكدت ثبات الموقف اليمني المقاوم واحتضان القبائل لخيار المواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني وحلفائه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
في أمانة العاصمة، نظم أبناء مربع بيت الجلال في حي الحتارش بمديرية بني الحارث وقفة مسلحة، عبّروا خلالها عن دعمهم الكامل لغزة ومقاومتها الباسلة، مؤكدين براءتهم من الخونة والعملاء المرتبطين بالعدوان الأمريكي الصهيوني، ومعلنين التزامهم بوثيقة الشرف القبلي والنفير العام.
الفعالية، التي شارك فيها مشايخ وعقال وشخصيات اجتماعية، حملت رسائل قوية أكدت الجهوزية العالية للقبائل لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، وتفويضهم المطلق لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لاتخاذ ما يلزم من خيارات تصعيدية لردع العدو الصهيوني، دعماً لغزة واستجابةً لمجازر الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
البيان الصادر عن الوقفة بارك تصعيد القوات المسلحة اليمنية ضد الكيان الصهيوني، بما في ذلك العمليات النوعية في البحر الأحمر، والحظر البحري والجوي على الموانئ والمطارات الصهيونية، واعتبر ذلك رداً مشروعاً على الجرائم الوحشية بحق المدنيين في غزة.
وفي محافظة البيضاء، شهدت مديريتي ولد ربيع والعرش وقفتين قبليتين شاركت فيهما قبائل آل مهدي قيفه ووادي ثاه، بحضور مسؤولين محليين وقيادات قبلية، أكدت من خلالهما تلك القبائل استمرار التعبئة العامة والمشاركة في دورات “طوفان الأقصى”، كاستعداد عملي لمواجهة التصعيد الصهيوني ودعم جبهات الدفاع عن اليمن وفلسطين على حد سواء.
وأكد المشاركون أن قبائل البيضاء بجميع مكوناتها ثابتة في موقفها المناصر لفلسطين، وأنها تقف إلى جانب المقاومة والشعب الفلسطيني حتى تحرير كامل الأرض المحتلة. كما جددوا البراءة من كل من يتورط في الخيانة والتعامل مع أمريكا و”إسرائيل”، ودعوا إلى التعامل الحازم مع كل من يثبت تورطه وفق أعراف القبائل اليمنية، وما جاء في وثيقة الشرف القبلي.
بيان وقفة البيضاء أشاد بدور القبائل اليمنية في مواجهة المؤامرات، وبارك خطوات القوات المسلحة في فرض الحظر البحري والجوي على كيان العدو، وصولاً إلى محاصرة موانئه الاستراتيجية كميناء “حيفا”، مؤكداً أن هذا التصعيد هو جزء من معركة الردع الشامل ضد العدوان على غزة واليمن معاً.
أما في محافظة مأرب، فقد كان المشهد أكثر ارتباطاً بالجانب العملي والتطبيقي للمواقف القبلية، حيث شهدت مديرية بدبدة مسيراً راجلاً ومناورة عسكرية ميدانية نفذها خريجو المستوى الثاني من دورات “طوفان الأقصى” المفتوحة، ضمن إطار التعبئة المستمرة ورفع الجهوزية لمواجهة أي تصعيد.
المشاركون في المناورة، رددوا شعارات البراءة من أمريكا و”إسرائيل”، مؤكدين جاهزيتهم الكاملة لتنفيذ أي مهام توكل إليهم دفاعاً عن اليمن ودعماً لغزة، واستعدادهم للتصدي لأي اعتداء خارجي أو محاولات لزعزعة الأمن الداخلي.
وقد أظهر الخريجون مستوىً عالياً من المهارات العسكرية واستخدام السلاح والاقتحام الميداني، في رسائل واضحة تؤكد أن اليمن – شعباً وقبائل – دخل مرحلة جديدة من المواجهة المباشرة والمفتوحة مع تحالف العدوان، وفي طليعته الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
وتأتي هذه الفعاليات في سياق وطني يعكس تطوراً لافتاً في الحضور القبلي في المشهد السياسي والعسكري، حيث باتت القبائل اليمنية – بعد سنوات من الحرب والحصار – قوة متماسكة ومؤثرة، تمتلك أدواتها وتشارك بفاعلية في معركة الدفاع عن السيادة ومساندة القضايا الكبرى للأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين.
وثيقة الشرف القبلي، التي وقعتها مختلف القبائل خلال هذه الفعاليات، تحوّلت من وثيقة رمزية إلى ميثاق عملي يُحدد الموقف من الخونة والعملاء، ويُرسي قواعد التعبئة المستمرة، ويؤكد جاهزية القبائل للتحرك في كافة الاتجاهات، دعماً للمقاومة ورفضاً للهيمنة الأمريكية والصهيونية على القرار العربي والإسلامي.
كما أن الإعلان المتكرر عن التفويض المطلق لقائد الثورة، يعكس انسجاماً واسعاً بين القيادة الثورية والقبائل، ويُعبّر عن وحدة الصف الداخلي، خاصة في ظل التصعيد الأمريكي الصهيوني في المنطقة، ومحاولة استهداف الجبهة الداخلية في اليمن.
رسالة للعدو ورسالة للعالم
ما يجري في المحافظات اليمنية الحرة اليوم ليس مجرد فعاليات شعبية أو تحركات دعائية، بل هو امتداد لمعادلة ردع تتعزز يوماً بعد يوم، وتُرسّخ أن قبائل اليمن لن تكون إلا في خندق الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة، وأنها ترى في الدفاع عن غزة واجباً دينياً وأخلاقياً ووطنياً.
كما أن المناورات العسكرية والمسيرات المسلحة تعكس تحولاً نوعياً في بنية الجبهة الداخلية، حيث باتت القبائل قوة مدربة ومنظمة ومرتبطة بمنظومة التعبئة الوطنية، مما يرفع من منسوب التهديد الذي يواجهه تحالف العدوان، ويمنح اليمن أوراق قوة جديدة في معركة فرض التوازن الاستراتيجي.
وتؤكد هذه الفعاليات أن قبائل اليمن دخلت مرحلة جديدة من الحضور الفاعل في معركة التحرر العربي والإسلامي من الهيمنة الصهيونية والأمريكية، وأن كل قبيلة وكل فرد بات جزءاً من المعادلة العسكرية والسياسية التي تكتب من جديد في اليمن، بأقلام البنادق، وخطوط الدم، وصوت الحرية.
من صنعاء إلى البيضاء ومأرب.. القبائل اليمنية تعلن جاهزيتها لمعركة “الفتح الموعود” إلى جانب غزة Prev 1 of 7 Next