لا تترك الطيور وحيدة وهي تحمل المنضدة
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
(1)
يتطلب الأمر حوالي خمسين سنة من الوَجْدِ، والعذاب، وعدم الاستواء في العالم، وغياب الاتساق مع الأحباب، والأصدقاء، والرِّفاق، والجيران كيما يخلع المرء أوجاعه، وما مضى، وقميصه، ورغبته في الاندثار، وذلك من أجل أن يرتدي الدَّم في بيجامة النَّوم، ويبدأ اليقظة والسَّهر على لا شيء في حراسةٍ مُخْتَرَقة.
(2)
مشكلة كبيرة: يريد العَشاء نبيذا وطهوا، ويرغب الأصدقاء والرِّفاق في سكاكين وثوم وبصل وخَلٍّ وذكريات، وأطمحُ للنَّوم.
(3)
يموتون لأجل المَلِك، والمَلِكُ يحيا بسبب مَلِكٍ آخر لأجل مَلِكٍ آخر (وهكذا دواليك).
(4)
يُمَوِهونَه بالشُّهداء.
(5)
ليس الجرح عذابا. ليس الجرح غصنا يابسا أو أخضر.
على الجرح أن يكون إسهامك في اللغة.
(6)
الكلمات ليست أصغر ولا أكبر من الحياة (وينبغي أن يكون هذا خبرا مهمَّا لعَدَدٍ قليلٍ منَّا).
(7)
أشاغب وجهكِ ونسيانكِ بالمزيد من العتمة.
(8)
كلُّ ما تقولُ احتاطت به لغةٌ أجنبيَّةٌ.
(9)
لا يكفُّون عن الحشرجة، لا يَصِلون إلى البَرَكة، تركلهم الرُّكبة، ولا يَبلغون القول.
(10)
ما دام الجسد لا يزال يتقبَّل القسوة فإن الروح لا تزال مجرد وهم (هل هناك طريقة أخرى كي يعتذر المرء لجسده، إذن)؟
(11)
لن يدفنوك هنا (إيَّاك، ثم إيَّاك، أن تذهب إلى مكانٍ آخر)!
(12)
خطوتكَ رغبةٌ (لا تأتِ إلى ذكريات هذا الزّقاق مرَّة أخرى).
(13)
يُرَمِّم خُصُومَه (لا يكتفي بهم، وكفى).
(14)
كلُّهم عذرٌ وجيه للخيانة.
(15)
يلتحقون بالأموات، ثم يتدثَّرون بالأحياء.
(16)
الأعالي ليست صُدفة، ولا قَدَرا: إنها عمل الميكانيكي في الهواء.
(17)
الكتابة صنعة غير عادلة.
(18)
لماذا في كل مرَّة يطول فيها الوقت لا يتعاظم الموت؟
(19)
هذا القاربُ سقيمٌ، وذاك البحر خُلَّب.
(20)
الموت استفاقة.
(21)
اللغة تَطَفُّلٌّ (على احتمالٍ كانَ يمكن أن يكون أسوأ).
(22)
هذا الصُّداع الفظيع المتكرر صار مُريبا حقَّا (وقد صار يحدث خارج رأسه، في أيَّة حال. وهذه هي أسوأ وأفضل الأنباء).
(23)
تبتسم كثيرا تلك السَّيدة الجميلة (لك، ولغيرك)، وأخشى كثيرا أن ابتسامتها ليست في مصلحة الجميع.
(24)
أنصاف المثقَّفين أكثر خطورة ألف مرة من الجهلة والأغبياء بالكامل (إن كنتُ قد قلتُ هذا من قبل فإنني أعيد القول).
(25)
هذه الدُّنيا ليست عظيمةً بما فيه الكفاية، ولا عادلةً بما فيه الكفاية، ولا كبيرةً بما فيه الكفاية، ولا جديرةً بما فيه الكفاية كي أتَّخذ فيها قرارا مصيريَّا وحاسما بما فيه الكفاية.
وحتى حين أموت، سيحدث ذلك في مكان قصيٍّ من هذه الدُّنيا (التي أسميناها، نحن العرب، هكذا لأسباب تخصُّها وتتعلق بلساننا أيضا).
البعير أيضا، حين تراوده المنيَّة، يعتزل الدنيا كي يموت وحيدا في مكان لا يرى فيه احتضاره، ونزوعه، ومكابدات ومكابرات غرغراته الأخيرة، أي أحد. ثم يستلقي على أحد جنبيه، وينسى، ويغفو.
(26)
يحب النَّاس الفكاهة والمَرَح. حسنٌ جدا: أنا لا أحب الفكاهة ولا المَرَح (ولم يخسر أيُّ أحدٍ أيّ شيء).
(27)
النَّاس أشرار (يا أيها الذين أرغمتموني على حضور هذا الحفل البهيج).
(28)
الضِّفدع أنا، وأنا الضِّفدع (وأعرف أن معشر الشُّعراء سيتهمونني بالبؤس الذي أعترفُ به بلا أي جهد أو عناء، في أية حال).
(29)
ينبغي أن يصل المرء إلى حالة من الصَّفاء والسلام بحيث يتخلص من المشاعر المتطرِّفة. هذا، طبعا، إذا ما كان من اللازم على المرء ألا يكون إنسانا.
(30)
الحياة هي اللحظة. الكتابة عن الحياة تاريخٌ ناقص، ومشوَّه، ومشبوه، وادِّعاءات مُشَذَّبة لا مناص منها (وهذا شأن ضروريٌّ، ومؤسِفٌ للغاية).
(31)
الكتابة لعثمة. الكلام تأتأة (كأني قلت هذا من قبل). الصَّمت ليس رضوانا ولا خَلاصا (لا أعتقد أني قلت هذا من قبل.
(32)
لا تمكِّنهم من التَّشفيات البروتوكوليَّة في الفناء. لا تخبرهم إنك ميِّت. ولا بد أنه ستكون في الآخرة طريقة لتجنُّب رؤيتهم (هناك، ومرَّة أخرى أيضا).
(33)
غادرتكِ في الكُحْل، وفي اهتزازٍ مفاجئٍ لذراعك ِوهي تحطُّ على الخاصرة، وفي تلويحةٍ كالوَسَن تبتعد عنها الكاميرا في فيلم أحبُّه لكني لن أقول لك عنوانه، وفي المنديل غير المُعَطَّر.
غادرتكِ.
(34)
أعبثُ، أُجيدُ، أُدرِكُ، أنجحُ، أُخفقُ، أتظاهر باللغة (شعراء العالم لا يَصِفُونك).
(35)
سيمضي كل هذا إلى شيءٍ آخر (لا داعي لمعرفته المُسبَقَة أبداً).
(36)
الجَمال عابِرٌ، وهو يواظب على التَّعلق بالزَّائل، وتكتبه المخاطرة في السَّرمد.
(37)
يعذِّبهم الطُّغاة، وينكِّلون بمن لهم طغيانٌ عليهم (ويبدو أن هذه طريقتهم للمضي قُدُماً نحو المستقبل).
(38)
الانتحار تربيةٌ قاسيةٌ، ويتيمةٌ، وفظيعةٌ، ونَفَسٌ طويلٌ (حتى بعض الذين قضوا انتحارا لم يدركوا ذلك).
(39)
الأب: معضلة ليست في محلِّها، لكنها في محلِّه.
(40)
تستطيع بلادهم مسرحيَّة أخرى.
(41)
لا يموتون في الواقعة (بل يُسَلِّطون القصص على الكتب المدرسيَّة).
(42)
سوف أتصدَّقُ، قُبيل موتي، بكلِّ ما أملكُ: المقت، والغضب، والحُنق، والازدراء، والكراهية، وعدم إمكانية الصَّفح.
(43)
هذه الليلة تريدُ المزيد من القِطط، والحليب، وخِمار الأم. هذا الويلُ يُريدُ المزيد من الخمرة.
لا أريد هذه الليلة.
(44)
تأخرتُ كثيرا عن الجسر الذي تضعضع بين ثديي أمِّك، وأمّي، والحصباء، ودرَّاجتي الهوائيَّة، والسُّور.
(45)
احذر: لا تمضي المسافة إلى هنا.
(46)
كم خلخالا في الطَّريق منكِ؟
تلك الأجراس موقوفة على الأبديَّة، فقط.
(47)
أصبحت الخزينة مليئة بالكذب، والقرارات، والأمعاء، ومحاولات الزِّراعة.
(48)
دَعْهُم في غَيِّك لا يبرحون. لا تترك الطُّيور وحيدة وهي تحمل المنضدة.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بما فیه الکفایة ة أخرى
إقرأ أيضاً:
مسؤول سابق في تسلا: الروبوتات البشرية ليست مناسبة للمصانع
يرى "كريس والتي" قائد الفريق السابق لتطوير روبوت "أوبتيموس" الخاص في شركة "تسلا" أن هذه الروبوتات ليست مجهزة للعمل بالمصانع أو البيئات اللوجستية والمخازن، وذلك وفق حديثه مع موقع "بيزنس إنسايدر" (business Insider) المختص بالأعمال والتكنولوجيا، ونقله موقع "تيك سبوت" (Tech Spot) المهتم بالتكنولوجيا.
وفي أغسطس/آب 2021، كشفت "تسلا" عن نموذج الروبوتات البشرية متعددة الاستخدامات الخاصة بها تحت اسم "أوبتيموس" (Optimus) مع هدف أساسي في نظرها، وهو استبدال العمالة البشرية في المهام المتكررة "المملة" أو حتى المهام التي تمثل خطرا على حياة الإنسان.
وخلال السنوات التالية لإعلان "تسلا" عن الروبوت الجديد، ظهرت النماذج الأولية منه في العديد من مؤتمرات الشركة وآخرها مؤتمر "وي روبوت" (We Robot) الذي أقيم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ومع أن الروبوتات كانت مذهلة بهذا الحدث فإن تحقيقا لاحقا كشف أنه كان يتم التحكم فيها عن بعد من قبل عمالة بشرية.
ورغم كل هذا التأخير والمشاكل التي تواجهها روبوتات "أوبتيموس" فإن إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركة تسلا ما زال متفائلا بها لدرجة الإيمان بأن كل شخص في العالم سيتملك روبوت "أوبتيموس" خاصا به مما يدفع بقيمة "تسلا" لأكثر من 25 تريليون دولار، وأضاف بأن "تسلا" تبدأ في استخدام الروبوتات داخل مصانعها مع نهاية هذا العام.
ولكن "والتي" قاد الفريق السابق لتطوير روبوت "أوبتيموس" لديه وجهة نظر أخرى، فهو يرى أن الروبوتات لن تكون مفيدة لأن غالبية أعمال الصناعة والنقل تعتمد على السرعة، فكلما كان الروبوت أسرع في تنفيذها كانت النتائج أفضل، ولكن روبوتات "أوبتيموس" ليست سريعة بما يكفي لتكون عملية بهذه البيئات.
إعلانوبينما كان "والتي" يعمل سابقًا في "تسلا" فإن لديه سببًا لكره روبوتات الشركة، إذ أسس عام 2022 شركة تدعى "ميترا" (Mytra) تصنع روبوتات نقل أشبه بالبلاط تعتمد في تنقلها على أجزاء خاصة تثبت في الأرضية، كما أضاف "والتي" أن تصميم البلاط أكثر عملية من الروبوتات البشرية كونها قادرة على الحركة بشكل أسرع وفي مدى حركي أقل من ذاك الخاص بالروبوتات البشرية، مضيفًا أن أزمة المدى الحركي الواسع بالروبوتات البشرية كفيل بتعطيل إنتاجها لسنوات طويلة.
ويبدو أن مخاوف "والتي" لا أساس لها من الصحة، إذ قامت عدة شركات عالمية بتوقيع عقود من أجل الحصول على روبوتات بشرية واستخدامها في مصانعها، ومن بينهم شركة "جي إكس أو للوجستيات" (GXO Logisitcs) التي تعاونت مع "أجيليتي روبوتيكس" (Agility Robotics) للحصول على روبوتات "ديجيت" (Digit) الخاصة بالشركة واستخدامها في مخازنها، ومن الجدير بذكره أن "ديجيت" هي الروبوتات التي استخدمتها "أمازون" للمرة الأولى بمخازنها عام 2023.
كما أعلنت "بي إم دبليو" (BMW) صانع السيارات الألماني الشهير أن الروبوتات البشرية تبدأ العمل بمصانعها في القريب العاجل، وتحديدًا مصنع سبارتانبورغ في ساوث كارولينا الأميركية.