شوية تقعر في تفسير الحرب:
ربما تكون هذه الحرب السودانية بروفة لاندلاعها في دول أفريقية أخرى، من القرن الأفريقي إلى وسط أفريقيا إلى دول الساحل/السهل.
القصة بسيطة للغاية، هذا الجزء من أفريقيا يعاني من فشل التنمية الاقتصادية ونتج عن ذلك عشرات الملايين من الشباب العاطلين عن العمل، الذين ليس لديهم أمل في حياة شبه كريمة.
اعتاد الكثير من هؤلاء الشباب على محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا على متن قوارب متهالكة محفوفة بالمخاطر. لكن هذا المنفذ أصبح صعباً على نحو متزايد لأن أوروبا شددت سيطرتها على حدودها بطرق مختلفة. ولهذا السبب أنتهي الأمر بجل هؤلاء الملايين حبيسين داخل فقرهم الأفريقي في بلدانهم ومنطقتهم.
وبعد عقود من التوجه الاقتصادي النيوليبرالي الفاشل، انتهى الأمر بالمنطقة بأكملها كبؤرة متشبعة بملايين الرجال العاطلين عن العمل الذين ليس لديهم ولا شبه أمل في حياة معقولة. تشكل هذه المجموعة من الشباب اليائسين احتياطيًا جاهزا للفوضى والدمار في انتظار قيام قوة داخلية أو خارجية بتجنيدهم لتنفيذ أجندا اقتصادية أو سياسية شائنة.
وبما أن المنطقة ذات أهمية سياسية وغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الموارد النادرة، فإن ما حدث في السودان سيحدث في بلدان أخرى، لأسباب مختلفة في كل بلد، ولكن القصة الأساسية ستبقى كما هي: ملايين الشباب الفقراء العاطلين عن العمل في انتظار قوة ما، خارجية أو داخلية، لتنظيمهم وتسليحهم واستخدامهم في تنفيذ أجندات شريرة معادية لمصالح أفريقيا وتهدف لنهب ثرواتها الغنية. ولا يهم دفع مرتبات لمثل هذا الجيش ويمكن أن يكون المرتب هو ما ينهبونه من أموال غيرهم والنساء السبايا والمغتصبات.
يمكن لهؤلاء الرجال اليائسين الذين استأجرهم الأجانب لتدمير قارتهم أن يتخيلوا أنفسهم كمقاتلين شجعان ويشفشفوا شعارات ثورية ، في حين أنهم في الحقيقة مجرد فلنقايات وسلالة مثيرة للشفقة تخدم أسيادًا أجانب يطعمونهم ويسلحونهم ويسيطرون عليهم بالكامل.
ونفس المنطق الذي وفر الخلفية الإقتصادية لتجنيد المقاتلين يوفر نفس الظرف لتجنيد جيوش من المتعلمين والمثقفين والكتاب والناشطين الذين ينضمون لخدمة الحلف الشيطاني بحكم الحاجة واحيانا بفقه البحر ما بيابا الزيادة.
كما أن الشق المثقف الذي يتم تعيينه بفضل نفس الحاجة الاقتصادية سيحاولتصوير الأشاوس كمقاتلين شجعان ويخترع أسباب معقدة لنشوب الحرب تعطيها مسحة من الشرعية وتحجب جوهرها الحقيقي، في حين أن المقاتلين والأقلام المستأجرة كلاهما فلنقاليالت مرتزقة مثيرون للشفقة فقدوا كرامتهم وحياءهم.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
ما صحة الادعاءات المنسوبة لماكرون حول دور فرنسا في تطور أفريقيا؟
انتشرت منشورات على وسائل التواصل تنسب لرئيس فرنسا إيمانويل ماكرون تصريحات مفادها أن أفريقيا لن تزدهر من دون دور فرنسي، لكن التحقيق كشف عدم صحتها، وأكدت مصادر دبلوماسية فرنسية أنها "كاذبة"، في ظل تصاعد النفوذ الروسي بالقارة. اعلان
زعمت منشورات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرح بأن "أفريقيا لن تتمكن من الازدهار دون مشاركة فرنسا"، وأن انسحاب باريس قد يوقف التقدم في القارة.
وجاء في أحد المنشورات التي حصدت نحو 700 ألف مشاهدة ما يُنسب لماكرون: "لا تزال أفريقيا أقل القارات تطورًا، ويُظهر التاريخ أن لنا دورًا في دعم نموها. والانسحاب الكامل يمكن أن يوقف التقدم".
وتظهر في المنشورات المتعددة نفس الصورة الصحفية لماكرون، والتي تم التأكد عبر بحث عكسي عن الصور أنها تعود إلى لقاء صحفي خلال قمة أوروبية عقدت في بروكسل بتاريخ 6 مارس 2025.
وعلى الرغم من انتشار هذه الادعاءات، لم تجد وكالة EuroVerify أي ذكر للتصريحات المنسوبة لماكرون في خطاباته أو التقارير الإخبارية أو البيانات الرسمية الصادرة عنه.
كما نفت مصادر دبلوماسية فرنسية صحة هذه الاقتباسات، ووصفتها بأنها "كاذبة".
Relatedساحل العاج: الجيش الفرنسي ينسحب من آخر معاقله في إفريقيا بعد مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو شاهد: إيمانويل ماكرون يغني في ملهى ليلي في إفريقياهل كانت مناديل أم كوكايين؟ شائعات تثير ضجة حول ماكرون وميرتس في "قطار كييف"لماذا يتم نشر هذه الادعاءات؟نشرت عدد من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي التي نسبت التصريحات المزعومة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محتوى دعائيًا يروّج لصالح روسيا ويدعم "تحالف دول الساحل"، وهو تحالف يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي دول تحكمها أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة عبر انقلابات.
تأسس التحالف رداً على تهديدات "الإيكواس" بالتدخل العسكري لإعادة الحكم المدني في النيجر، بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم في يوليو 2023.
وكان الاتحاد الروسي أول جهة تعترف بالتحالف، في وقت توسّع فيه موسكو نفوذها في القارة الأفريقية، بينما تعمل فرنسا على سحب قواتها من المنطقة تدريجيًا، في ظل تصاعد المعارضة للوجود العسكري الفرنسي هناك.
الخلافات السابقةوعلى الرغم من عدم صحة التصريح الأخير المنسوب إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن دور بلاده في تطور أفريقيا، إلا أن تصريحات سابقة له حول تدخل فرنسا في القارة أثارت ردود فعل غاضبة من بعض القادة الأفارقة.
ففي يناير 2024، اتهم قادة تشاد والسنغال ماكرون بإظهار الازدراء بعد أن صرّح بأن زعماء غرب أفريقيا "نسوا أن يشكروا فرنسا" على دعمها في مكافحة الجماعات المتشددة في منطقة الساحل.
ومنذ عام 2022، بدأت فرنسا سحب قواتها تدريجيًا من غرب أفريقيا، وذلك في ظل تصاعد المعارضة للوجود العسكري الفرنسي في المنطقة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة