الفاشر.. ملاجئ للمرضى تحت الأرض مع استهداف المرافق الصحية
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
الفاشر– في ظل الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، اضطر السكان المدنيون إلى اتخاذ إجراءات غير تقليدية للحفاظ على سلامتهم والحصول على الرعاية الطبية اللازمة، جراء القصف المتكرر من قبل قوات الدعم السريع على المستشفيات والمرافق الطبية في المدينة.
وأدى القصف المدفعي المتواصل على المدينة إلى خروج جميع المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة باستثناء المستشفى التخصصي للنساء والتوليد "السعودي".
ورصدت الجزيرة نت كميات كبيرة من أكياس الرمل والتراب المرصوصة عند مداخل هذه الملاجئ تحت الأرض، في محاولة مرتجلة لتوفير حماية ضعيفة ضد القصف المدفعي، حيث تعمل الكوادر الطبية بإمكانيات ومعدات محدودة لتقديم الرعاية اللازمة.
في حديثه مع الجزيرة نت، قال مدير عام الصحة بشمال دارفور إبراهيم خاطر، إن فكرة إنشاء الملاجئ داخل المستشفى جاءت بعد تكرار عمليات القصف المدفعي الذي يستهدف المرافق الصحية في المدينة.
وتستخدم هذه الملاجئ، وفق خاطر، كملاذات آمنة للكوادر والعمال والموظفين والمرافقين. وعندما يشتد القصف، تتحول إلى غرف للعمليات الجراحية. ودعا المسؤول الصحي إلى تدخل عاجل لإنقاذ المدنيين من الكارثة الإنسانية.
وأشار إلى أن المستشفى السعودي ظل صامدا ويعمل بكفاءة وقدرات مهنية عالية طيلة الأيام الماضية، وقال إنه قادر على الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية للسكان المحتاجين في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الفريق الطبي والإداري وفي ظل إصرارهم على البقاء لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية.
من جهته، لفت محيي الدين إبراهيم، أحد المتطوعين بالمستشفى، إلى أن تضرر المرافق الصحية في المدينة بشكل كبير جراء القصف دفع بعض المتطوعين إلى التنسيق مع إدارة المستشفى لإنشاء ملاجئ تحت الأرض وتحويلها إلى مرافق طبية مؤقتة.
وقال للجزيرة نت إنه بالرغم من هذه الإمكانيات المحدودة، فإن العاملين الطبيين يبذلون قصارى جهودهم لمواجهة حجم الإصابات والأمراض، مشددا على أن الوضع الأمني المتردي في المدينة زاد من معاناة السكان المدنيين.
أما المتطوعة إيمان الصادق، فبينت أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان المدينة هي ما حفزها على التطوع، وقالت للجزيرة نت "أنا أعمل هنا في استقبال حالات الجراحة والباطنة والإصابات المختلفة". وعبرت للجزيرة نت عن فخرها بما يقومون به من عمل تطوعي لخدمة المجتمع.
خط دفاعي
وتتكون هذه الملاجئ من حاويات (سعة 20 قدم)، تم دفنها في باطن الأرض وتغطيتها بأكياس من التراب. وداخل هذه الهياكل، توجد غرفة مكتب للأطباء والطاقم الطبي، بالإضافة إلى غرفة للعمليات الطبية الطارئة في حالة اشتداد القصف أو الاشتباكات، ولكي يتمكن الأطباء والطاقم الطبي من مباشرة المهام الطبية والإسعافية بأمان.
وهذه الملاجئ صُممت تحت إشراف إدارة المستشفى التخصصي للنساء والتوليد (السعودي) بهدف توفير الحماية اللازمة للأطباء والمدنيين، ولضمان استمرارية الخدمات الصحية الحيوية. وبذلك، تُعد هذه الملاجئ خطًا دفاعيًا أساسيًا لضمان وصول الخدمات الصحية إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا.
في هذه الأثناء، لا تزال عمليات القصف التي تستهدف المرافق الطبية مستمرة في المدينة. فقد تعرض المستشفى السعودي في الفاشر لقصف عنيف يوم أمس الاثنين، مما أدى إلى تدمير غرفة المعمل وبعض عنابر المرضى وإصابة عدد من الأشخاص.
ويقول الدكتور إبراهيم خاطر، مدير عام الصحة للجزيرة نت، إن نحو 6 أشخاص لقوا حتفهم الاثنين جراء القصف على مدينة الفاشر، فيما أصيب نحو 30 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. ولفت إلى المعاناة التي يواجها السكان في سبيل الحصول علي الرعاية الطبية.
وهذا التصعيد في الهجمات على المرافق الطبية يأتي في وقت تشهد فيه الفاشر ظروفًا إنسانية صعبة، حيث يحتاج الآلاف من النازحين إلى الرعاية الطبية الأساسية. وتدعو السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية إلى ضرورة وقف هذه الهجمات وضمان حماية المرافق الطبية والكوادر العاملة بها.
يقول الناشط محمد آدم سليمان إن شدة القصف دفعت عددًا كبيرًا من سكان المدينة إلى إنشاء ملاجئ في منازلهم للحماية من تلك الهجمات أيضا. وأوضح سليمان للجزيرة نت، أن المدنيين يعيشون حالة من الرعب والخوف جراء تصاعد وتيرة القصف على المدينة هذه الأيام.
وقال إن الهجمات تسببت في سقوط عدد من الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى، مشيرا إلى أن الأهالي باتوا يقضون معظم أوقاتهم في تلك الملاجئ المرتجلة داخل منازلهم، بحثًا عن الأمان والحماية من شظايا القصف والقذائف التي تستهدف المدينة بشكل متكرر.
ودعا سليمان في هذا الصدد المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لوقف هذه الهجمات على المدنيين وتوفير الحماية اللازمة لهم. كما طالب بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للأسر التي تضررت جراء القصف.
وأكد الناشط أن استمرار هذه الهجمات أدى إلى نزوح جماعي للسكان من المدينة، مما سيفاقم من معاناتهم ويزيد من أعباء النازحين في إقليم دارفور عامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المرافق الصحیة المرافق الطبیة للجزیرة نت جراء القصف فی المدینة
إقرأ أيضاً:
اليماني ينتقد تجميد الحكومة للتعويضات الطبية ويعتبره "واقعة" تكذب "شعار" تعميم التغطية الصحية
انتقد الناشط النقابي الحسين اليماني، عدم تطبيق الحكومة قرار مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الصادر في يوليوز 2019، والذي يقضي بالرفع من التعريفة الوطنية المرجعية للأعمال الطبية، ومن نسبة التعويضات، معتبرا أن ذلك يعد « تناقضا تاما » مع شعار الدولة الاجتماعية.
وقال اليماني إن هذا الوضع يمثل « واقعة مادية وملموسة، تكذب الخطاب الحكومي في تعميم التغطية الصحية »، مضيفا أن ورش التغطية الصحية « لن يعرف النجاح المنشود، بدون الرفع من نسبة التعويضات، والتصدي للممارسات الاحتكارية لقطاع الصحة، وبدون الرفع من مستوى الخدمات في القطاع العام، والحد من زحف وسيطرة القطاع الخاص على المشهد الصحي ».
وأوضح المصدر ذاته أن السبب في ضعف التعويضات عن الملفات الطبية، يرجع إلى « تجميد التعرفة المرجعية الوطنية منذ سنة 2005، حيث تنص على أن ثمن زيارة الطبيب العام لا يتجاوز 70 درهما »، وكذلك إلى « تنامي جشع لوبي المصحات والأدوية وارتفاع أرباحهم واستثماراتهم، مع إجبار المرضى على دفع المصاريف خارج الفواتير ».
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أصدر قرارا بتاريخ 17 يوليوز 2019، وافق بموجبه على الرفع من التعريفة الوطنية المرجعية للأعمال الطبية التي ستعتمدها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وعلى إقرار تعويض بنسبة 100% عن الأجهزة التعويضية والبدائل الطبية وأدوات الانغراس الطبي المقبول إرجاع مصاريفها أو تحملها.
كما وافق القرار على التعويض عن الأدوية الجنيسة بنسبة 90%، وعن النظارات الطبية بمبلغ 400 درهم للإطار، و400 درهم للزجاج العادي، و800 درهم للزجاج التدريجي، إلى جانب التعويض عن البدائل المتعلقة بعلاجات الأسنان، في حدود سقف 3000 درهم في السنة الواحدة، عوض سنتين، ورفع التعويض عن العلاجات الخارجية والاستشفاءات إلى نسبة 80%.
وحدد القرار فاتح يناير 2020 كتاريخ لدخول هذه التعويضات حيز التنفيذ، كما نص على العمل على تقييم آثارها بعد سنتين من ذلك، على أن يتم تمويل هذه الإصلاحات خلال تلك الفترة « بواسطة الفائض المالي الناتج عن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض دون اقتطاعات إضافية في اشتراكات المشغلين والشغالين ».
كلمات دلالية التغطية الصحية الحسين اليماني الدولة الاجتماعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي