السنوار بين جبهتي السياسة والعسكر
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
عبدالحميد الغرباني/
وصف بالعقل المُدبر لعملية طوفان الأقصى وصفات أخرى نُعت بها وهذه بعض سيرته :
وُلد يحيى إبراهيم السنوار عام 1962 في مخيم خان يونس وبه ترعرع وتلقى تعليمه الثانوي ثم التحق بالجامعة الإسلامية وكان له نشاط فاعل شغل في ذروته موقع رئيس مجلس الطلاب، قبيل أن يتخرج بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية وفي العام 1982 م اعتقل لأربعة شهور ولم يمض أسبوع واحد من إطلاق سراحه حتى أعيد اعتقاله لأكثر من 6 أشهر وبفارق ثلاث سنوات من الاعتقال الثاني، زُج به في السجون الصهيونية وحُكم عليه بـ8 أشهر.
في غضون ذلك عاد لصفوف المُجاهدين وبتكليف من الشيخ المجاهد أحمد ياسين في العام 1986 أسس السنوار مع خالد الهندي وروحي مشتهي منظمة مجد النواة الأولى لجهاز الأمن الداخلي لحركة حماس وفي العام 1988 تاريخ الانتفاضة الأولى أُعتقل السنوار للمرة الرابعة وسَرعان ما استجوب لأكثر من 100 ساعة بحسب ما نُقل عن واحد ممن استجوبوه لأول مرة، ولم تمض فترة من الزمن حتى قضت محكمة إسرائيلية عليه بالسجن مدى الحياة لأربع مرّات أي (426 عاماً) .
في السجون الصهيونية تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة “حماس” لدورتين تنظيميتين وأدار المواجهة مع السجان الصهيوني عبر سلسلة من الإضرابات عن الطعام ، ونُقل بين عدة سجون بينها أربعة معروفة وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي وحرم من الزيارات العائلية ولم يسجل لوالده سوى زيارتين خلال أكثر من عقد فيما لم يُسمح لشقيقه بزيارته على امتداد 18 عاما .. السنوار واحد من أبرز الموقّعين على «وثيقة الأسرى لعام 2006»، الداعية للكفاح من أجل إقامة الدولة الفلسطينية.
خلف القضبان تعلم اللغة العبرية وأتقنها وخبر النفسية الصهيونية وغاص في فهم عقلية العدو، وترجم عدة كتب تتناول الكيان الصهيوني بشكل أو بآخر وألف كتبا أخرى مثل ” حماس: التجربة والخطأ” و”المجد” وهذا كرسه لرصد عمل جهاز “الشاباك” الصهيوني في جمع المعلومات وتجنيد وزرع الجواسيس وأساليب التحقيق ونظرياته والتعقيدات المُصاحبة لكل ذلك..
قضى السنوار في سجون العدو الصهيوني قرابة ربع قرن من الزمن وتعرض لصنوف التعذيب والانتهاكات.
وفي العام 2011 كسرت المقاومة الفلسطينية قيود السجان من خلال صفقة تبادل للأسرى عُرفت باسم وفاء الأحرار ، تنفس معها السنوار رفقة أكثر من ألف أسير، الحُرية. وقبل وبعد ذلك اشتهر عن السنوار التصريح بالحرب الأبدية مع الكيان ورفض القبول بتهدئة طويلة الأمد وتعليق ذلك بانسحاب الاحتلال (من حدود 67) وتفكيك المستوطنات، وعودة اللاجئين.
واصل السنوار مشواره الجهادي من موقع العضوية للمكتب السياسي لحماس بعد انتخابه العام 2012 وتولى مسؤولية كتائب الشهيد القسام، والتنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب ودائما ما كان هدفا للغارات والعمليات الصهيونية، مع ذلك برز دوره الكبير إبان عدوان العام 2014م وعملية إعادة ترتيب البيت الداخلي للحركة عقب تقييمات شاملة للأداء.
عُين مسؤول عن «ملف الأسرى الإسرائيليين» وقيادة أي مفاوضات تتعلق بشأنهم مع الاحتلال، لما عُرف عنه من الحنكة والاقتدار.. وفي سبتمبر 2015 أدرجته أمريكا في لائحتها “للإرهابيين الدوليين” أي قُبيل أن يُسند إليه ملف الأسرى الصهاينة بثلاثة شهور فقط ووضعه الكيان على لائحة المطلوبين للاغتيال في غزة.
مطلع 2017 انتخب السنوار رئيسا لمكتب حماس السياسي في قطاع غزة ليتصدر جدول اهتمامه مساعي إنجاز مصالحة وطنية تُنهي الانقسام السياسي وعمل من موقعه الجديد على تحسين العلاقات مع مصر وتوصل لاتفاقات حول بعض الملفات الحساسة والشائكة بين الجانبين.
وطرح السنوار عام 2018، مشروع «مسيرة العودة» وهي سلسلة أعمال على طول الحدود مع الأراضي المحتلّة، بهدف الضغط على العدو وتخفيف الحصار وواجه سياسة فرض رُهاب الاغتيالات على القيادات الفلسطينية عبر المشاركات العلنية في الاحتجاجات على السياج والتجوال في شوارع غزة من حين لآخر.
في العام 2021 فاز يحيى السنوار بولاية ثانية لقيادة الحركة في قطاع غزة وعُد صانع القرار الرئيسي فيها لناحية عمله بشكل وثيق مع القادة العسكريين وأيضا باعتباره القائد السياسي الأعلى في غزة، ويُسجل شريط الأحداث وسيرة هذا الرجل محاولة اغتيال فاشلة له وبغارات جوية في مايو 2021 م.
السنوار بالنسبة للعدو الصهيوني مُهندس عملية طوفان وأهم الأهداف الإستراتيجية للعدوان الحالي واسمه يتردد على ألسنة كل مجرمي الحرب الصهاينة ليل نهار دونما توقف وهو منذ منتصف نوفمبر على قائمة العقوبات البريطانية والفرنسية… في مقابل كل ذلك برع السنوار في المواجهة وعبر طمأنة بعض الأسرى الصهاينة خلال فترة احتجازهم، أنهم في المكان الأكثر أمانا أبرق هذه الرسالة لآذان الصهاينة والأمريكان في أيام الهدنة دون الحاجة للظهور.
في غضون ذلك أعلن مجرم الحرب نتنياهو محاصرة منزل السنوار دون الوصول إليه، وقبل ذلك تدمير نسبة كبيرة من شبكة الأنفاق المقاومة دون القضاء عليه .. هذا المجاهد الكبير اليوم يُعين خلفا للشهيد المجاهد إسماعيل هنية، حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تملأ فراغ القيادة بالسنوار فقط بل أعلنت رسالة مدوية لمجرمي الحرب الصهاينة مفادها: إن السنوار بين جبهتي السياسة والعسكر باق ليقضي عليهم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی العام
إقرأ أيضاً:
صباح غالب فقدت ولديها على جبهتي الحرب في اليمن
تركت العشرية السوداء للحرب الطاحنة التي اندلعت في اليمن في مارس/ آذار 2015 قصصاً وندوباً داخل كل بيت، بعدما طاولت نارها كل تفاصيل الحياة. وتكاد تكون قصة الستينية صباح غالب خلاصة الجرح، إذ فقدت ولديها على جبهتين مختلفتين من الحرب، علماً أن الفقد هو عنوان هذه القصة التي تتلخص بكون صباح من بين أكبر الخاسرين في حرب لا تعرف سببها، ولا أطرافها.
تعيش غالب في قرية ذي عنقب، بجبل صبر، التابع لمحافظة تعز، جنوب غربي اليمن، وعملت في الفلاحة بمساعدة زوجها الذي كان بائعاً للقات، إلى جانب كونه مزارعاً. وعاشا حياتهما في كفاح دائم من أجل توفير لقمة عيش كريمة.
عام 2012 فُجعت صباح وزوجها بوفاة ابنهما الشاب ماهر الذي كان يوشك أن يحتفل بزواجه، ما خلق جرحاً كبيراً في حياتهما.
في مارس 2015 اندلعت الحرب في اليمن، وتضررت أسرة صباح مثل بقية الأسر اليمنية، خاصة أن الاشتباكات المسلحة وصلت إلى مدينة تعز التي تبعد أقل من 10 كيلومترات فقط عن القرية التي تقيم فيها مع زوجها وأبنائها. تقول لـ"العربي الجديد": "نحن فلاحون لم نقرأ ولم نتعلم، ولا نجيد سوى عمل الزراعة في حقول القات وبيعه. عشنا من هذه المهنة، ولا علاقة لنا بأحزاب سياسية ولا بصراعات حول الحكم والسلطة".
ورغم أن عائلة غالب لا علاقة لها بالشأن السياسي، فقد استقطب قياديون من جماعة أنصار الله (الحوثيين) أحد أبنائها، ويدعى طلال الذي قاتل في صفوفها. وحصل ذلك عبر أشخاص من قرية مجاورة انتموا إلى الجماعة، وعُرفوا باسم "متحوثين". وأغرى هؤلاء طلال بضمه جندياً في صفوف الجيش الموالي للحوثيين، ومنحه راتباً شهرياً في وقت كان فيه وضعه المالي متردياً كونه بلا وظيفة.
قاتل طلال، من دون أن يعرف كثيرون من أقاربه ورفاقه، في صفوف الحوثيين ضد أبناء مدينته الذين قاوموا زحف الحوثيين، مع عناصر من الجيش الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ضمن تحالف تشكّل بين الطرفين، قبل أن ينفض في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وفي 27 مايو/ أيار 2015 اندلعت اشتباكات عنيفة شارك فيها طلال مع مجموعة تابعة للمقاومة الشعبية بتعز، وقتِل مع عدد من الحوثيين. تقول غالب: "لم أعرف أن طلال كان يقاتل في صفوف الحوثيين. اعتقدت بأنه يعمل سائق دراجة نارية في المدينة، وهي المهنة التي مارسها قبل الحرب. كنا نسمع عن اندلاع اشتباكات مسلحة داخل المدينة بين الحوثيين والمقاومة، ووصلني فجأة خبر مقتل طلال خلال قتاله مع الحوثيين". تضيف: "شعرت بصدمة كبيرة حين سمعت الخبر. كنت أتمنى أن يكون الأمر مجرد حلم، لكن الخبر تأكد، وشعرت بأن قطعة من قلبي قد انتُزعت".
وباعتبار أن جميع أبناء قرية غالب وقفوا في صف المقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي وقوات صالح، أحست الأم بحمل مضاعف نتيجة قتال ابنها في صفوف الحوثيين.
وفي 15 يوليو/ تموز من العام نفسه وصلت الحرب إلى القرية، وشارك كل أبناء القرية في مواجهة الزحف الحوثي، وانضم كل من يقدر على حمل السلاح إلى صفوف المقاومة الشعبية التي خاضت الحرب بإمكانيات بسيطة، وكان بكر، الابن الأصغر لصباح ضمن صفوف الشباب الذين انضموا إلى المقاومة.
تقول غالب: "كرهت الحرب لأنها أخذت مني ابني، وكرهت كل دعاتها. أملت أن تنتهي الحرب ويعود الأمن والأمان إلى البلاد، لكن الأوضاع زادت سوءاً، ووصلت الحرب إلى القرية، وخرج الناس للمقاومة، ومن بينهم ابني بكر الذي أردت أن أمنعه لأنني خفت أن أخسره بعد أخيه".
استمرت الحرب في المنطقة شهراً كاملاً، وحسمتها المقاومة الشعبية لصالحها. وعام 2016 صدر قرار جمهوري بدمج أفراد المقاومة الشعبية في صفوف الجيش الوطني، وكان أحدهم بكر الذي مُنح رقماً عسكرياً.
وبعدما كانت سنوات الحرب صعبة على صباح غالب وزوجها، فقدت عام 2020 شريك حياتها الذي لم تفارقه يوماً، وفيما استمر بكر في التنقل بين جبهات مختلفة في مدينة تعز، قتِل داخل ثكنة عسكرية، في جبل هان، غرب تعز، في 5 مايو 2025، بعدما استهدفه مسلحو جماعة الحوثي.
تتحدث غالب عن تلقيها خبر مقتل بكر، ولدها الثاني: "قتلت الحرب ولديّ واحداً بعد الآخر. من جاء بهذه الحرب، ولماذا يتقاتل الناس؟ أولادنا ضحايا حرب لا نعرف سببها، يتقاتل الناس على الحكم وندفع نحن الضريبة. فقدت ولديّ وأصبحت وحيدة أنتظر الموت، أردت أن أفرح بزواجهما وألعب مع أحفادي".