كيف غير الجسر الأكثر ارتفاعًا في العالم خريطة أوروبا؟
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يُعد هذا الجسر، الذي يعلو المناظر الطبيعية الخلابة، من أجمل الجسور في العالم بلا منازع.
غالبًا ما يكتنفه الضباب، بحيث يبدو وكأنه عابر للسحب، وهو مشهور جدًا لدرجة أنه يتمتع بمركز زوار خاص به، ويخطط الأشخاص للقيام برحلات إلى المنطقة فقط لعبوره بالسيارة، كما يمكن رؤيته بسهولة من الفضاء.
هذا هو جسر "ميّو" (Millau Viaduct)، وهو نموذج مثالي تلتقي فيه الهندسة بالفن.
ويقع الهيكل على ارتفاع عالٍ فوق مضيق "تارن" جنوب فرنسا، ويبلغ طوله 2،460 مترًا، وهو الجسر الأكثر ارتفاعًا في العالم، إذ يبلغ ارتفاعه الهيكلي 336.4 مترًا.
وعلى عكس الجسور الشهيرة الأخرى، التي عادةً ما تربط بين نقطتين ذات ارتفاع مماثل، يشكل الجسر مسارًا مسطحًا عبر الوادي المموج.
ووصف مدير التصميم والهندسة في شركة "Cake Industries"، والمستشار المتخصص لمعهد المهندسين المدنيين، ديفيد نايت، الجسر بكونه من "عجائب العالم الحديث"، وبمثابة "أعجوبة هندسية".
وقال نايت: "هذا التناغم المثالي بين العمارة والهندسة يعني أن كل من يراه يعتقد أنه مدهش".
لذا، كيف تم بناء هذه الأعجوبة في وسط فرنسا؟ ولماذا استغرق التخطيط لبناء الجسر عقدين من الزمن، قبل استقباله لحركة المرور في ديسمبر/كانون الأول من عام 2004؟ وكيف ساهم في تغيير خريطة أوروبا؟
ثلاث سنوات لإيجاد حلتكمن أجوبة جميع هذه الأسئلة في جغرافيا المكان.
و"ماسيف سنترال"، أي "جبال الكتلة المركزية"، عبارة عن منطقة شاسعة من المرتفعات تقطعها الوديان العميقة، وتقع تقريبًا في الجزء الأوسط من النصف السفلي لفرنسا.
وتغطي المنطقة 15% من مساحة البلاد، وتحدّها جبال الألب من الشرق، وهي من العوائق التي يجب المرور عبرها لأي شخص يسافر من شمال البلاد إلى جنوبها، أو من شمال أوروبا إلى إسبانيا.
وكان هذا الجسر مهمًا للغاية، ولكن كانت عملية بنائه صعبة للغاية أيضًا، إذ استغرق التخطيط له عقدين من الزمن، وفقًا لما ذكره ميشيل فيرلوجو، وهو المهندس الذي قاد فريق التصميم، والذي بدأ العمل عليه لأول مرة في عام 1987.
وتم اتخاذ قرار بناء جسر حول ميّو في سبتمبر/أيلول من عام 1986، كما قال فيرلوجو، الذي كان رئيسًا لقسم الجسور الكبرى في الإدارة الفرنسية آنذاك.
وكانت هناك مشكلة واحدة فقط، ومفادها أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة تعني عدم وجود حل واضح، حيث اشتغرق الأمر ثلاث سنوات تقريبًا لإيجاد حل، وفقًا لما ذكره فيرلوجو.
وتمثلت الفكرة الأولى للفريق في التوجه إلى غرب ميّو لجعل الطريق أقل ارتفاعًا عند النزول إلى الوادي، وجعله يعبر جسرًا يتواجد عند مستوى أدنى، ومن ثم الصعود به مرة أخرى إلى الهضبة، ومن ثم إلى نفق.
وكان أفراد الفريق في مرحلة التخطيط عندما حظي مهندس الطرق التابع للفريق، جاك سوبيران، بلحظة إدراك.
واستذكر فيرلوجو الموقف قائلاً: "لقد سألني: لماذا تود التوجه نحو الوادي؟".
وشكل ذلك "صدمة كبيرة" على حد تعبير فيرلوجو، إذ أفاد: "قلتُ أنّنا كنا أغبياء. وبدأنا العمل على فكرة العبور من هضبة إلى هضبة".
وبعد ثمانية أيام فقط، كانت لديهم رسومات تفصيلية لمستويات الأرض المتموجة، بالإضافة إلى الارتفاع المحتمل للطريق السريع الذي سيمر عبرها.
أهمية الأناقةعَلِم فيرلوجو على الفور أن الخيار الأفضل سيكون جسرًا معلقًا بالأسلاك.
وكانت النحافة مهمة، إذ كان هناك جدل بالفعل حول فكرة عبور جسر لمناظر طبيعية شهيرة كهذه.
ولتجنب التأثير على المناظر الطبيعية، كان على الجسر أن "يبدو هادئًا للغاية"، بحسب ما ذكره فيرلوجو، الذي أكّد أنه كان عليه أن يكون"نقيًا وبسيطًا".
ومع ذلك، كان من الصعب للغاية التعامل مع هذا المشهد الطبيعي، الذي كان لا بد من حمايته من الناحية الجمالية.
وكانت قوة الرياح عند هذا المستوى ضخمة، ووجب على الأعمدة التعامل مع التوسع والانكماش الهائلين لسطح الجسر.
وفوق الطريق، "تنقسم" الأعمدة القوية إلى ذراعين أكثر مرونة نتيجة الضرورة الهندسية.
وينطبق الأمر ذاته على منحنى الطريق، الذي يتقوس برفق عبر الوادي.
وفي الوقت ذاته، تصبح الأرصفة أكثر نحافة مع ارتفاعها نحو الطريق، وينخفض عرضها إلى النصف تقريبًا من 24 مترًا في الأسفل إلى 11 مترًا في الأعلى.
مرحلة البناء المثيرة للقلقبدأت عملية بناء الجسر في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2001، وكلّف المشروع 400 مليون يورو (437 مليون دولار)، وتم تمويله من قبل شركة "Eiffage"، وهي شركة إنشاءات خاصة لا تزال تملك امتياز الجسر حتى اليوم.
واستُخدِم 290 ألف طن من الفولاذ والخرسانة في بنائه، وعمل فيه حوالي 600 عامل.
وأكّد نايت: "يكمن التحدي الكبير فيما يحدث عندما تقوم ببنائه"، وأضاف: "عندما تضع ثقلاً في مواقع مختلفة، فإنه يتحرك في اتجاهات مختلفة. هناك مواد مختلفة تتفاعل مع بعضها البعض".
وجاء الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، لافتتاح الجسر ومصافحة عمال البناء. وبعد يومين، عبره فيرلوجو بالسيارة في طريق عودته إلى باريس.
مدّ الجسور بين الأشخاصرغم أن الجسر أثار الجدل عند اقتراحه لأول مرة، إلا أن المشاعر السلبية تلاشت بمجرد أن أصبح شكل المشروع أكثر وضوحًا.
وقالت عمدة ميّو الحالية، إيمانويل جازيل: "اعتقد الأشخاص أن إنشاء طريق بديل سيعني أن السياح سيتمكنون من تجنب ميّو، وأن البلدة ستصبح فارغة".
ومن ثم أضافت: "اعتقد البعض أنه سيفسد المناظر الطبيعية لدينا، لكنه في الواقع أدى إلى إبرازها".
وجذب الجسر الزوار، ففي العام الأول وحده، شهد المعلم توقف 10 آلاف سيارة بمنطقة الخدمات في نهاية كل أسبوع للاستمتاع بالمنظر.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أوروبا تصاميم عمارة هندسة فی العالم ارتفاع ا
إقرأ أيضاً:
النسخة الأولى من كأس العالم للأندية.. أموال كثيرة وحماس قليل
تبدأ مغامرة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) التي تبلغ قيمتها مليار دولار لإحداث ثورة في عالم اللعبة على مستوى الأندية بعد نحو أسبوعين وسط قدر كبير من الأموال المتاحة لجنيها، لكن الحماس مشكوك فيه، في حين يستعد 32 فريقا لخوض بطولة كأس العالم الموسعة للأندية في 12 ملعبا في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
ويتعين على البطولة -التي أنشأت كمنصة عرض براقة قبل كأس العالم 2026- التعامل مع احتمال وجود مقاعد فارغة إلى جانب قواعد التأهل المثيرة للجدل ومخاوف بشأن سلامة اللاعبين بعد موسم أوروبي مرهق.
ويواجه إنتر ميامي بقيادة ليونيل ميسي فريق الأهلي المصري في المباراة الافتتاحية في 15 يونيو/حزيران على ملعب هارد روك في ميامي، مع بقاء التذاكر متاحة على نطاق واسع قبل أيام من انطلاق البطولة.
وتُظهر نظرة سريعة على موقع الفيفا على الإنترنت وجود الكثير من التذاكر المتاحة، بما في ذلك تذاكر المباراة النهائية المقررة في 13 يوليو/تموز المقبل على ملعب ميتلايف في نيوجيرزي.
وتؤكد مشاركة ميسي أسس التأهل المثيرة للجدل التي تقوم عليها البطولة.
وشارك إنتر ميامي في البطولة بعد تصدره للموسم الاعتيادي للدوري الأميركي للمحترفين رغم خسارته في الدور الأول من المواجهات الفاصلة، وهو القرار الذي يقول النقاد إنه يظهر حرص الفيفا على وجود الأسطورة الأرجنتينية في بطولته الأولى الموسعة.
إعلانوأكد قرار الفيفا بمنح الدولة المضيفة مقعدا في البطولة ومنحه لإنتر ميامي، على الطبيعة الغامضة لمعايير التأهل للبطولة التي لن تضم ليفربول أو برشلونة أو نابولي الذين توجت مؤخرا أبطالا لـ3 من أعرق البطولات المحلية في أوروبا.
وبعيدا عن الفائزين بالبطولات القارية الرئيسة للأندية، تأهلت الفرق وفقا لتصنيف يعتمد على أدائها على مدار 4 سنوات.
وهناك أيضا حالة نادي ليون، بطل كأس أبطال الكونكاكاف 2023، والذي استُبعد من البطولة قبل أكثر من شهر بقليل بسبب تقاسم ملكيته مع فريق آخر متأهل. ومنح الفيفا مقعده لنادي لوس أنجلوس الأميركي.
صفقة حقوق البثالتوصل إلى صفقة حقوق البث التلفزيوني بقيمة مليار دولار في اللحظات الأخيرة مع منصة دازون للبث الرياضي قبل 6 أشهر من البطولة يعني وصول إجمالي الأرباح المتوقعة إلى ملياري دولار.
ودفع ذلك الفيفا للإعلان عن جوائز إجمالية قدرها مليار دولار، إذ سيحصل الفائز باللقب على ما يصل إلى 125 مليون دولار.
ويمثل هذا الرقم أكثر بنسبة 25% مما حصل عليه باريس سان جيرمان بعد خوضه 17 مباراة في مشواره بدوري أبطال أوروبا بالكامل.
Eyes on the prize. ???? #TakeItToTheWorld | #FIFACWC pic.twitter.com/qqqhMrvbES
— FIFA Club World Cup (@FIFACWC) June 1, 2025
ولكن هذا السخاء لم يقلل المخاوف بشأن سلامة اللاعبين، إذ اتخذ اتحاد اللاعبين المحترفين إجراء قانونيا ضد الفيفا بسبب بطولة تعمل على تقليص وقت التعافي الثمين للاعبين بين المواسم الشاقة.
وعلاوة على ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن أرضية الملاعب بعد كأس كوبا أميركا الموسم الماضي، عندما ركزت العديد من عناوين الصحف الرئيسة على الظروف من دون المستوى والأبعاد الأصغر للملاعب.
وكانت مساحة هذه الملاعب، التي تبلغ 100 متر في 64 مترا، أصغر بـ740 مترا مربعا من الحجم القياسي المعتمد من الفيفا مما أثار استياء واسع النطاق بين اللاعبين والمدربين.
إعلانوأكد الفيفا أن ملاعب كرة القدم الأميركية التي ستستضيف المباريات هذه المرة ستتوفر فيها المواصفات المطلوبة، وأن جميع الملاعب عشبها طبيعي وتلتزم بالأبعاد القياسية 105 أمتار في 68 مترا.
????????
جدول مباريات كاس العالم للأندية ????
التاريخ + الوقت + الملعب : pic.twitter.com/3QQpk5bYYX
— كاس العالم للاندية ™ (@news_q25) May 20, 2025
الأندية المشاركةوتقسمت الأندية المشاركة إلى 8 مجموعات تضم كل منها 4 فرق ومن أبرز المتنافسين ريال مدريد، الفائز بـ6 من آخر 12 لقبا في دوري أبطال أوروبا، إضافة إلى بايرن ميونخ بطل ألمانيا ومانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا عام 2023.
وكذلك يشارك في البطولة باريس سان جيرمان بطل أوروبا المتألق الذي يستعد للمشاركة بعد فوزه التاريخي بخماسية نظيفة على إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا السبت الماضي.
لكن يتعين عليه القتال في المجموعة الثانية الصعبة التي تضم بطل أميركا الجنوبية والبرازيل بوتافوجو وسياتل ساوندرز بطل الكونكاكاف 2024 بالإضافة إلى العملاق الإسباني أتلتيكو مدريد.
وتمثل هذه البطولة للفيفا بمثابة استعداد واستفتاء على تفاعل أميركا مع اللعبة الشعبية الأولى، وعلى رؤية الاتحاد الدولي لمستقبله التجاري قبل كأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.