هل تُستغل المساعدات الإنسانية إلى دارفور لأغراض سياسية أو عسكرية؟
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
الخرطوم- عاد الجدل في السودان بشأن المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب التي تدخل من خارج الحدود، إثر عبور قوافل شاحنات عبر أدري الحدودية مع تشاد، وراجت معلومات عن خروقات بالعملية الإنسانية كما حدث في عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير في نقل الإغاثة الأممية إلى جنوب السودان من قاعدة في كينيا قبل أكثر من 3 عقود.
واتهم تحقيق قيد النظر لوكالة رويترز اثنين من موظفي برنامج الغذاء العالمي السودانيين بالتواطؤ، وأنهم على علاقة بالجيش ولهم دور في إخفاء معلومات وعرقلة وصول الإغاثة، وفي بعض الأحيان اختفاء المساعدات، لكنه لم يتحدث عن استيلاء الدعم السريع على مخازن المساعدات في كثير من المناطق مثل ولاية الجزيرة ولم يعلن التحقيق عما حدث، على غرار تحقيقات كان آخرها ما حدث من نهب للمساعدات في أول يوم من فتح معبر أدري مع تشاد.
ووافقت الحكومة السودانية في منتصف أغسطس/آب الجاري بعد ممانعة على استخدام معبر أدري الحدودي مع تشاد، لإدخال المساعدات الإنسانية إلى إقليم دارفور لمدة 3 أشهر.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا)، الثلاثاء، إنه تم نقل 1.253 طن متري من المساعدات الإنسانية محملة في 38 شاحنة عبر معبر أدري حتى 26 أغسطس/آب الجاري، والتي ستساعد حوالي 119 ألف شخص في مواقع مختلفة.
من جانبه، يقول مسؤول عسكري في الجيش إن الحكومة السودانية اتخذت جملة من الإجراءات التي تضمن تسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر أدري منها فحص حمولة الشاحنات ووجهتها في داخل السودان، وتحديد الجهة المستقبلة والجهات التي ستوزعها.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح المسؤول العسكري -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- أنهم يخشون من تجربة عملية "شريان الحياة" الأممية في أوائل التسعينيات لنقل المساعدات الإنسانية من قاعدة لوكشيكو الكينية إلى جنوب السودان، التي تحولت إلى دعم لوجيستي لمتمردي "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق رغم الضوابط المشددة.
وحسب المتحدث العسكري، فإن معبر أدري يقع في المنطقة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع لكن نقل الأسلحة عبر الأراضي التشادية بطريقة مباشرة يسبب لها حرجا وعندما تكون تحت غطاء المساعدات الإنسانية فيرفع عنها الحرج، بل يحولها إلى متعاونة لإغاثة المتضررين من الحرب في السودان.
وعن اتهام موظف في برنامج الغذاء العالمي بالتواطؤ مع الجيش، يؤكد المتحدث ذاته أنهم ليسوا في حاجة لاستخدام المساعدات أو عرقلتها، بل إنهم يسهلون نقل المساعدات التي توفرها وزارة المالية للولايات ويعالجون العقبات التي تواجه المنظمات في أداء مهامها من دون التدخل في شؤونها.
تجاوزات فردية
من جهته، يرى الخبير في العمل الإنساني ومدير منظمة الزاكياب صالح النوراني أن بعض الجهات تستخدم المساعدات لأغراض سياسية، وشكك في تورط الوكالات الأممية في دعم الحركات المسلحة أو المليشيات بصورة مباشرة لكن يمكن أن تحدث تجاوزات من موظفين في تلك الوكالات بدون علم كبار مسؤوليها.
وحسب الخبير للجزيرة نت، فإن بعض المنظمات تصمت عن انتهاكات الحركات والمليشيات وعدم إعلان عرقلتها للمساعدات الإنسانية حتى لا تدخل في مواجهة تؤدي إلى تعطيل نشاطها أو عدم التعامل معها.
واتهم المتحدث ذاته منظمات بتضخيم نقص الغذاء والحديث عن مجاعة من أجل الحصول على تمويل من المانحين لنشاطها، لأن تراجع الأزمة الإنسانية يعني تجفيف عملها وتوقف الدعم الذي تتلقاه لذلك مصلحتها في استمرار الأزمة، حسب رأيه.
أما الكاتب المتخصص في شؤون غرب السودان إبراهيم عربي، فيقول للجزيرة نت إن هناك معلومات عن نهب قوات الدعم السريع شاحنات مساعدات إنسانية دخلت عبر معبر أدري في طريقها إلى الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور وليس معروفا إن كانت تحمل أسلحة ضمن المساعدات.
ووفقا للكاتب، فإن قافلة المساعدات التي تتبع إلى وكالات أممية بطريقها إلى الجنينة توقفت في مناطق جربي وشكري ورنقا وحلة مسار، وسكان هذه المناطق من العرب المواليين للدعم السريع، وتم توزيع المساعدات تحت تهديد السلاح من مليشيا عربية في غياب المنظمات المحلية الشريكة للمنظمات الدولية.
وفي المقابل، ينفي مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع بشدة اتهامهم بنهب المساعدات أو استخدامها لأغراض عسكرية، وقال للجزيرة نت إن قواتهم تسيطر على أجزاء واسعة من الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا ولا حاجة لاستخدام المساعدات الإنسانية أو نهبها.
واعتبر المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- المعلومات التي راجت عن استخدام الإغاثة لأغراض عسكرية حملة من جهات موالية للجيش لتشويه صورتهم بعد اتفاقهم على خطوات عملية بشأن المساعدات الإنسانية خلال مشاورات جنيف الأخيرة واتهم الجيش بعرقلة المساعدات والاستيلاء على ما يصل منها عبر بورتسودان.
من جانبه، يوضح منسق الشؤون الإنسانية والمدير العام للرعاية الاجتماعية بحكومة إقليم دارفور عبد الباقي محمد حامد أن المساعدات تدخل إلى دارفور من تشاد عبر معبر أدري، ومعبر الطينة الذي يوجد به الجيش والحركات المسلحة، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ويتم فحص دقيق للإغاثة وتسهيل إجراءات عبورها لكن لا توجد رقابة في معبر أدري، ولكن يوجد تنسيق وإخطار بدخول المساعدات عبر الوكالات الأممية والمنظمات الدولية.
وفي تصريح للجزيرة نت، يؤكد حامد أن الأوضاع الإنسانية في دارفور لم تصل إلى مرحلة المجاعة ولكن بلغت المرحلة الرابعة وهي مرحلة ما قبل المجاعة، وتوجد فجوة غذائية كبيرة ونقص في مواد الإيواء والدواء والغذاء.
ويتهم المسؤول الحكومي قوات الدعم السريع بحجز المعونات الإنسانية في كل مداخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وحاضرة الإقليم وبعضها محتجز منذ شهور، على رغم من حاجة مواطني المدينة إليها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المساعدات الإنسانیة قوات الدعم السریع عبر معبر أدری للجزیرة نت عبر أدری مع تشاد
إقرأ أيضاً:
أنقذوا الفاشر حملة في السودان لفك حصار المدينة ووقف تجويعها
الفاشر- أطلق ناشطون سودانيون حملة إنسانية واسعة بعنوان "أنقذوا الفاشر.. أغيثوا الفاشر" تهدف إلى تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية المتفاقمة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان التي ترزح تحت حصار عسكري مشدد منذ أكثر من عامين.
وتأتي الحملة وسط تصاعد أزمة الجوع وانعدام الإمدادات، مما أدى إلى تفشي المجاعة وتحولها إلى سلاح حرب يستخدم ضد المدنيين، وفقا لشهادات محلية وصفها مراقبون بأنها "إبادة بطيئة".
وتخضع المدينة لحصار خانق من قوات الدعم السريع أدى إلى شلل في الحياة اليومية واختفاء شبه كامل للمواد الغذائية والسلع الأساسية، ووصف الناشطون الوضع بأنه "أسوأ موجة تجويع ممنهجة يشهدها السودان منذ عقود"، وسط تجاهل دولي لما يجري على الأرض.
تجويع مبرمجوعبر منصات التواصل الاجتماعي يسعى منظمو حملة "أنقذوا الفاشر" إلى إحداث ضغط شعبي وإعلامي من داخل وخارج السودان، وتحريك الرأي العام الدولي تجاه ما يحدث بهدف فتح ممرات إنسانية عاجلة، والسماح بإدخال الغذاء والدواء للمحاصرين قبل أن تقع كارثة أكبر.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال أحد منظمي الحملة الصحفي الدكتور محمد سليمان أتيم إن "ما يجري لا يقتصر على العزلة العسكرية، بل هو عملية تجويع مبرمجة تهدف إلى خنق حياة المدنيين".
وأضاف أن "السكان باتوا يقتاتون على الأمباز، وهو علف مخصص للحيوانات، وقد أوشك على النفاد، ولا أسواق ولا أغذية، ولا إمكانية لشراء شيء حتى لو توفر المال".
بدوره، أكد الناشط الحقوقي إدريس إسحاق للجزيرة نت أن الأطفال أصبحوا أكثر الفئات تضررا من الجوع، وانتشرت حالات سوء التغذية، وغابت التغذية العلاجية ومعظم الخدمات الصحية، وقال "طفولة الفاشر أُجهضت قبل أن تبدأ أجساد الأطفال تذبل أمام أعيننا".
وذكر إسحاق أن المستشفى الوحيد الذي يعمل في المدينة خلا من الأدوية، مما جعل الطواقم الطبية تلجأ إلى الوصفات التقليدية، مضيفا "نواجه أمراضا مزمنة كالسكري والضغط دون أدنى وسائل علاج، والوضع الصحي في المدينة ينذر بكارثة وشيكة".
وفي السياق، طالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي أمس الاثنين بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ الأوضاع في الفاشر، منتقدا ما سماه "برود" الدولة في التعامل مع الأوضاع المأزومة هناك.
إعلانوقال مناوي في تصريح صحفي عقب اجتماع للكتلة الديمقراطية في بورتسودان إن الفاشر محاصرة لأكثر من عام، وشعبها وقف بصمود وكرامة حتى الآن "لكن هناك برود شديد في التعامل مع المدينة من كثير من الاتجاهات والمنظومات، وحتى من الدولة نفسها، خاصة بعد خروج الدعم السريع من الخرطوم والجزيرة، بعد أن تكاتفت الأيادي وأخرجته من كل المناطق".
وأضاف "يجب أن تُنقذ الفاشر ودارفور، وأن ندفع بنفس الروح وذات القوى لتحرير كل شبر من الأرض".
وكشفت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور عن وفاة أكثر من ألفي طفل بمرض الحصبة منذ اندلاع الحرب في الإقليم، في حين سُجلت 31 إصابة جديدة خلال الأسبوع الماضي في محليتي طويلة وأمبرو.
وذكرت الوزارة في تقرير نشر على صفحتها الرسمية عبر فيسبوك أن الوضع الوبائي في الولاية يشهد تدهورا مقلقا، مشيرة إلى وفاة 17 شخصا بمرض الكوليرا خلال الأسبوع نفسه، إلى جانب تسجيل 801 إصابة جديدة، وسط نقص حاد في الأدوية والمعقمات وتراجع شبه كامل في خدمات الرعاية الصحية.
وتفاعل مغردون مع الأخبار المتزايدة التي تفيد بتفشي وباء الكوليرا وتمدده من مدينة طويلة الواقعة على بعد 68 كيلومترا غرب الفاشر وتخضع لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور نحو مناطق جبل مرة.
وقال المتحدث الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال للجزيرة نت إن الإحصائيات أظهرت انتشار المرض إلى مناطق أخرى مثل قولو في أعالي جبل مرة، ومخيمات السلام وعطاش بولاية جنوب دارفور.
وأوضح أن منطقة طويلة سجلت اليوم الثلاثاء 2145 إصابة بالكوليرا، بينها 40 وفاة، بالإضافة إلى 207 حالات في مراكز العزل.
وتراوح معدل الإصابات اليومية بين 100 و208 حالة، في حين سجلت منطقة قولو في جبل مرة 23 إصابة و7 وفيات.
وأشار رجال إلى أن المرض ينتشر الآن في مخيمات كلمة وعطاش والسلام، وسط تلوث مياه الشرب وانعدام الصرف الصحي، لافتا إلى أن النساء والأطفال وكبار السن هم الأكثر تضررا.