صراع الهامش ضد المركز أم صراع الهامش والمركز من أجل البقاء؟
حينما نتحدث عن إن جدلية الهامش والمركز هي اطروحة عفى عليها الزمن لتفسير الحروب والصراعات في السودان وخاصة تلك التي المندلعة في دارفور يعتقد محدودي المعرفة اننا نتحرك بعصبية سياسية أو مناطقية ولكننا نحاول الإجابة على سؤال واحد وهو لماذا ومنذ المهدية كان مواطن دارفور الأكثر قابلية للتطويع العسكري و الانخراط في الأعمال العنيفة من القتل والنخب والسلب؟.

الإجابة أعمق و اشمل من إن القول بأن الدافع هو عمل ممنهج من اقلية شايقية وجعلية ودنقلاوية تعمل بتناغم ولديها محفل سري لضمان استمرار تفوقها والاقتصادي والإداري.

ان المشكلة الأساسية التي تغذي وترفد الصراع العسكري في دارفور هو التغير المناخي خلال ال200 عاما الماضية والذي ازداد حدة في السنوات العشرين الأخيرة فالتغير المناخي ادى إلى ارتفاع درجات الحرارة وتذبذب الامطار والجفاف في اغلب مناطق دارفور وكردفان. فمنذ ستينيات القرن المنصرم وحتى العقد الأول من الألفية شهد اقليم دارفور انخفاضا حادا في معدلات الامطار مما زاد الصراع بين المزارعين والرعاة وهو السبب الرئيسي اندلاع الصراع في العام ٢٠٠٣. وقد عرفه العلماء وقتها بأنه أول صراع في التاريخ نجم عن التغير المناخي ولن يكون الاخير.

أيضا فيضانات 2020،2022 و2024 في شمال وجنوب دارفور أدت إلى نزوح حوالي 100 الف مواطن
كما ادى التغير المناخي لانعدام الامن الغذائي والمجاعة وذلك لتسببه في فشل المحاصيل ونفوق الماشية ففي العام 2023 انخفض إنتاج الحبوب في دارفور وكردفان بنسبة 80٪ عن المتوسط مما فاقم من سوء التغذية في هذين الاقليمين.

حتى كتابة هذا المقال نزح أكثر من 2.5 مليون شخص من دارفور ليعيشوا في مخيمات في دول مجاورة أو داخل السودان مثال معسكر زمزم الذي أعلنت فيه المجاعة منتصف 2024.
إن استمرار تبسيط أزمة السودان من المجموعات الحاكمة والمعارضة المسلحة في إنها ازمات عرقية مناطقية وصراع مركز وهامش وتحول ديمقراطي وغيرها هو تبسيط مخل عواقبه كارثية. السودان وبقية إفريقيا سيكونون الأكثر تأثرا بالتغير المناخي في العالم بين عامي 2050 و2100 ستختفي مدن وستجف انهار موسمية وستخرج أراضي كثيرة من النطاق الزراعي وسترتفع درجات الحرارة في مناطق بما يستحيل معها العيش البشري وستنتشر المجاعة وتحتدم الصراعات وحاليا الصراع الخفي وراء حرب ال دقلو عل الحكومة هو الذهب والموارد المتبقية في الشمال ولذلك لا ينامون الانفصال لأنو دارفور ببساطة لم يعد بها شيء.

ولذلك كان هجوم الجنجويد شرسا وبشعا وجشعا وتم افراغ نصف السودان من كل رأسماله في مشهد هوليودي مرعب لأن الغزاة من كل غرب إفريقيا اندفعوا بدوافع الجوع والفاقة التي يرزخون تحتها منذ عقود وحين استقروا في البيوت ماتت عزيمة القتال لديهم فقد شبعت البطون وارتوت العروق وتمدنت النفس.

ولذلك أيضا تسلح الشمال في تحول جذري في هذا الصراع البيئي فقد اختبرت فيه هذة الاجيال بشاعة القادمين من الجحيم وخطورتهم على مناطقهم واراضيهم ولن يتوقف هذا التسلح فهو بداية مرحلة جديدة في الصراع من أجل البقاء.
العالم كله يتحرك لمحاولة إنقاذ ما يمكن انقاذه، فمصر تبني ١٦ مدينة في الصحراء لأنها تعلم إن الدلتا والإسكندرية ودمياط وغيرها ستختفي. وسيتم ترحيل من 80 إلى 90٪ من المصريين لهذة المدن الجديدة لأنهم يستعدون لنتائج التغير المناخي الحتمية .

ومازلنا نحن نحوض والصراعات المبنية على الجهل وندور في حلقة مفرغة من الانفاق على الحروب التي يغذيها ويفاقمها التحول المناخي كما ننفق على حكومات تتكون على طرفي الصراع واحدة في بورتسودان التي قد تختفي يوما بفعل ارتفاع مياه البحر دارفور التي تجاوزت الخطوط الحمراء في التغير المناخي منذ عقود وأصبحت جل اراضيها لا تصلح للعيش البشري فعلى ماذا يتصارعون.

واود ان الفت الانتباه هنا إلى أن السيد الصادق المهدي قد اشار في خطابه الاخير (اعتقد في صلاة عيد الأضحى) إلى قضية التغير المناخي ورغم كبر سن الرجل وقتها إلا إنه كان أكثر وعيا من كل من سخروا منه واعتبروا ان افراد فقرة في حديثه للتنبيه لخطورة التحول المناخي هي من باب الرفاهية الثقافية ولكنه كان يعلم إنه التحدي الاكبر والوجودي للسودان وهو المحرك الخفي لكل ما نعيشه من صراعات دامية
رحم الله الامام.
د. سبنا امام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التغیر المناخی

إقرأ أيضاً:

بسبب سوء التغذية.. وفاة 13 طفلاً سودانياً في مخيم للنازحين بولاية دارفور

أعلنت مجموعة أطباء سودانية الثلاثاء عن وفاة 13 طفلاً لأسباب تتعلق بسوء التغذية الشهر الماضي في مخيم للنازحين في إقليم دارفور بالسودان، حيث تسببت الحرب الأهلية في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. اعلان

تُعدّ الوفيات في مخيم لقاوة بشرق دارفور أحدث مأساة في السودان، الذي دخل في حالة من الفوضى في أبريل/ نيسان 2023 عندما اندلعت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، وانتشرت بسرعة إلى باقي مناطق البلاد.

مأساة المخيم

وأفادت شبكة أطباء السودان، وهي مجموعة من المهنيين الطبيين السودانيين في جميع أنحاء البلاد الواقعة في شمال شرق أفريقيا، بوفاة الأطفال في بيان. وقالت إن المخيم، الذي يستضيف أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، يعاني من نقص حاد في الغذاء.

وحثت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة على زيادة المساعدات الإنسانية للمخيم في ظل تزايد معدلات سوء التغذية، وخاصة بين الأطفال. لكن منظمات الإغاثة ناشدت الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية.

انتشار سوء التغذية وأمراض أخرى

أفادت اليونيسف في وقت سابق من هذا الشهر بارتفاع بنسبة 46% في عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم - وهو أخطر أشكال سوء التغذية - في جميع أنحاء دارفور بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأضافت الوكالة الأممية أن أكثر من 40 ألف طفل أُدخلوا لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم في ولاية شمال دارفور، وهو ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.

وُجدت مجاعة في مناطق متعددة في دارفور ومنطقة كردفان الجنوبية.

كشفت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور، الثلاثاء، عن تسجيل 2145 حالة إصابة بالكوليرا في منطقة الطويلة وحدها، إلى جانب 40 حالة وفاة، ووجود 207 مصابين في مراكز العزل، مع تسجيل معدل إصابة يومي يتراوح بين 100 و208 حالات.

Related مقتل 14 مدنياً في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين بدارفورالنازحون في دارفور يصارعون الجوع وسط صراع مستمر وغياب للمساعداتالسودان: خمسة قتلى وعدد من الجرحى في الهجوم على قافلة إغاثة أممية في دارفور

تشكيل حكومة موازية

على صعيد تعميق الأزمة السياسية في البلاد، أعلنت قوات الدعم السريع، السبت، عن تشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة يرفضها الجيش، وحذرت الأمم المتحدة سابقا من مخاطرها على وحدة السودان.

وسيرأس قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المجلس الرئاسي في الحكومة الموازية، فيما سيكون قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عبد العزيز الحلو، نائبا له في المجلس المكون من 15 عضوا.

وخلال مؤتمر صحفي في نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور، أعلن المتحدث باسم التحالف علاء الدين نقد، أنه جرى تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء في حكومة الدعم السريع، إلى جانب الإعلان عن حكام للأقاليم.

ووقّع أكثر من 20 كياناً سياسياً وفصيلاً مسلحاً في نهاية فبراير/ شباط الماضي في العاصمة الكينية نيروبي على الوثيقة السياسية التي شكّلت الأساس الذي ستقوم عليه الحكومة التي كُشف عنها.

سارعت وزارة الخارجية السودانية إلى شجب خطوة تشكيل الحكومة الموازية، ووصفتها، في بيان، بالحكومة بالوهمية والتي تسعي فيها قوات الدعم السريع إلى توزيع مناصب حكومية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة فيها تغافل تام عن معاناة الشعب السوداني، على حد تعبير البيان.

وأدانت الخارجية السودانية موقف الحكومة الكينية التي استضافت الاجتماعات التحضيرية الخاصة بتشكيل الحكومة واعتبرتها انتهاكاً للسيادة السودانية.

وطالبت الحكومة السودانية كل المنظمات الدولية والحكومات بإدانة خطوة تشكيل الحكومة الموازية وعدم الاعتراف بها. وقالت إن أي تعامل مع حكومة الدعم السريع يُعتبر تعدياً على حكومة السودان وسيادتها على أراضيها.

كما وصف الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، خطوة تشكيل حكومة موازية بواسطة قوات الدعم السريع وفصائل موالية لها بالتمثيلية السمجة، على حد وصفه.

النظام الصحي يدفع ثمن الصراع

دمرت الحرب الأهلية النظام الصحي في السودان، مما أوجد بيئة خصبة للأمراض، وأثّر على صحة الملايين، بما في ذلك المجتمعات الضعيفة أصلاً. وتعاني البلاد من تفشي الكوليرا والحصبة والملاريا.

وقال شيلدون يت، ممثل اليونيسف في السودان: "هذه لحظة فارقة؛ فحياة الأطفال تعتمد على ما إذا كان العالم سيختار التحرك أم تجاهل الأمر".

أودت الحرب بحياة آلاف الأشخاص وشردت نحو 13 مليونًا من ديارهم، منهم 4 ملايين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة.

كما اتسم القتال بفظائع، منها اغتصاب جماعي وقتل بدوافع عرقية، ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في دارفور، وفقًا للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • خبير جيولوجي: التغير المناخي يهدد بزيادة النشاط الزلزالي في منطقتنا.. فيديو
  • تعرف على بيانات طقس السودان اليوم
  • سأحدد متى ستكون لحظة المواجهة مع مناوي
  • أيُّ عصابة هذه التي تزعم حماية دارفور وتبتز أبناءها؟!
  • أنقذوا الفاشر حملة في السودان لفك حصار المدينة ووقف تجويعها
  • بسبب سوء التغذية.. وفاة 13 طفلاً سودانياً في مخيم للنازحين بولاية دارفور
  • منظمات أممية: السودان بحاجة ماسة للدعم مع عودة 1.3 مليون نازح
  • اجتماع الرباعية الدولية في واشنطن: تدخلات خارجية ومصالح متضاربة في ملف السودان
  • بعد إعلان حكومة "تأسيس"...ما أسباب حالة الانقسام في السودان؟