دكتور مصطفي ثابت يكتب.. الاختلافات الفقهية حول الاحتفال بالمولد النبوي
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
يُعدُّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من القضايا التي تثير نقاشًا فقهيًا مستمرًا بين علماء المسلمين، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين للاحتفال ومعارضين له. يتمحور هذا النقاش حول الأسس الفقهية والأدلة الشرعية التي تستند إليها كل جهة في تفسيرها لهذه القضية.
الرأي المؤيد للاحتفال بالمولد النبوي:
يرى العديد من العلماء والمؤيدين أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس بدعة أو محرمًا، بل هو تعبير عن محبة النبي محمد ﷺ وتقدير لرسالته العظيمة.
يستدل هؤلاء بآية: “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا” (يونس: 58)، حيث يُرون أن ولادة النبي ﷺ هي من أعظم نعم الله على البشرية، وبالتالي فإن الفرح بها من باب شكر النعمة. كما يستشهدون بأن النبي نفسه كان يصوم يوم الاثنين لأنه يوم وُلد فيه، ما يُعزز من فكرة أن إحياء ذكرى ميلاده يمكن أن يكون مشروعًا.
الرأي المعارض للاحتفال بالمولد النبوي:
على الجهة الأخرى، يرى عدد من العلماء أن الاحتفال بالمولد النبوي يُعد من البدع التي لم تكن موجودة في عصر النبي ﷺ ولا الخلفاء الراشدين. يستند هؤلاء إلى الحديث النبوي الشريف: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” (رواه البخاري ومسلم)، أي أن أي إضافة إلى الدين لم تكن موجودة في عهد النبي ﷺ تُعتبر بدعة غير مقبولة.
من أبرز العلماء الذين اعترضوا على الاحتفال بالمولد النبوي ابن تيمية والإمام ابن باز، حيث يعتبرون أن أي عمل غير مسنون يجب أن يُرفض، حتى وإن كانت نية صاحبه حسنة. ويؤكدون أن الاحتفالات الدينية يجب أن تكون وفق السنة النبوية وألا تُبتكر عبادات جديدة.
التوازن الفقهي:
بناءً على هذا التباين، تتجه بعض الأصوات الوسطية إلى التأكيد على أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس بذاته عبادة مقررة في الدين، ولكنه عمل اجتماعي وثقافي يرتبط بالتذكير بالسيرة النبوية والمبادئ الإسلامية، شريطة أن يخلو من المخالفات الشرعية مثل التفاخر أو الإسراف.
يرى هؤلاء أن ما يقع في دائرة العادات يجب أن يُنظر إليه بما يُحقق مصلحة المجتمع ويُعزز من القيم الإسلامية، دون الابتعاد عن الثوابت الدينية. في هذا السياق، يمكن إدراج الاحتفالات ضمن ما يُعرف بـ”المصالح المرسلة”، وهي أعمال لم ينص عليها الشرع ولكنها تُقرُّ إذا كانت في مصلحة المسلمين ولا تخالف تعاليم الدين.
يبقى الجدل الفقهي حول الاحتفال بالمولد النبوي قائمًا، بين من يراه تعبيرًا عن حب النبي ﷺ ومن يعتبره من البدع غير المشروعة. وفي ظل هذا التباين، من المهم أن يظل الحوار الفقهي قائمًا على أسس علمية ومنطقية، مع احترام وجهات النظر المختلفة، حيث يُعد التنوع الفقهي سمة من سمات الشريعة الإسلامية التي تعطي فسحة للتعددية بما يتفق مع مقاصد الشريعة وحاجات المجتمع المسلم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدكتور مصطفى ثابت المولد النبوي الاحتفال بالمولد النبوی أن الاحتفال النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
برلماني سابق: هؤلاء هم الإخوان الحقيقيون في فرنسا
نشرت مجلة "جون أفريك" التي تصدر في باريس مقالا لمجيد الكراب العضو السابق في البرلمان الفرنسي عن الضجة التي أُثيرت لدى الأوساط الإعلامية والسياسية في فرنسا إثر نشر تقرير يسلط الضوء على نشاط "الإخوان المسلمين" وتغلغلهم في المجتمع.
واستهل الكراب مقاله مقترحا -بدلا من إثارة الضجة حول "الإخوان المسلمين"- أن ينصبّ الحديث عن "الإخوان" و"الأخوات" القادمين من خلفيات مهاجرة، وهم في أغلب الأحيان مسلمون، والذين يعملون على تسيير شؤون فرنسا يوميا؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتبة روسية: ترامب لن يعاقب روسيا لأنه يحتاج لمساعدة بوتينlist 2 of 2صحيفة بريطانية: رفع قيود الغرب على استخدام أوكرانيا أسلحته ضد روسياend of listوقال إن تقريرا خطيرا للغاية ومثيرا للقلق راج في الأسابيع الأخيرة على أعلى المستويات في الحكومة الفرنسية -حول جماعة "الإخوان المسلمين"- وتضمن إشارات إلى "شبح التغلغل الزاحف"، و"إستراتيجية الغزو"، و"الإسلاموية الهادئة" التي من شأنها تقويض الجمهورية من الداخل.
فرنسا بدون المسلمين
وفيما يلي تكملة للمقال الذي يتخيل وضع فرنسا لمدة أسبوع واحد بدون ما قال إنهم "الإخوان" المسلمون القادمون من خلفيات مهاجرة:
إذا لنمارس نفس اللعبة. دعونا نتخيل للحظة فرنسا بدون هؤلاء "الإخوان". ليس أصحاب الأيديولوجية، لا. ولكن أولئك الإخوان الذين يعملون في الظل. أولئك الذين يشتغلون، كل صباح، في قطاعات الصحة والنقل والمطاعم والنظافة والبناء والتعليم والخدمات، دون أن يقول لهم أحد: شكرا.
إعلانإنهم "الإخوان" الحقيقيون في الحياة اليومية. أولئك الذين ليس لديهم مكتب في جنيف أو وحدة إستراتيجية في مونتروي. لكن "الإخوان" الذين يعملون بعقود مؤقتة، أو بعقود دائمة غير مستقرة، أو يعملون في نوبات ليلية؟ وهم في كثير من الأحيان مسلمون، مهاجرون أو أبناء مهاجرين دائما.
دعونا نحاول قضاء أسبوع بدون هؤلاء "الإخوان". أسبوع بدون هؤلاء الأشخاص غير المرئيين، ولكن الواضحين للغاية، الذين يُطلب منهم أن يحنوا رؤوسهم، ولكنهم يرفعون شأن البلاد.
مرحبا في فرنسا الجامدة
اليوم الأول: "المساعدة العامة – مستشفيات باريس" تتوقف. في باريس، أكثر من طبيب من بين كل 3 أطباء في المستشفيات العامة يحمل اسما ذا رنة توحي أن حامله من شمال أفريقيا أو جنوب الصحراء الكبرى أو تركيا.
إنهم أطباء الطوارئ، وأطباء التخدير، والجراحون، وأطباء الأشعة، وأطباء الأطفال. هم من يقدمون جميع الخدمات. وبدونهم، تغلق غرف العمليات، وتصبح غرف الطوارئ مكتظة، وتنهار العناية المركزة.
ولكن هناك أيضا مساعدو التمريض، والممرضون، وعمال النظافة، ومساعدو الأطباء، وطهاة المستشفيات.
لم يعد لدى خدمة الطوارئ الطبية متدرب لتقديم الدعم عند الطلب، ولا موظفون لتنظيف سيارات الإسعاف. ويدق مقدمو الرعاية المتبقون ناقوس الخطر. المرضى ينتظرون لساعات، والعمليات الجراحية الحرجة مؤجلة. لقد توقفت القوة الطبية الرائدة في أوروبا عن العمل، ليس بسبب فيروس ولكن بسبب غياب أعمدتها غير المرئية.
اليوم الثاني: مترو الأنفاق والحافلات تتباطأ. ليس هناك سائقون، ولا وكلاء. "هيئة النقل الباريسية المستقلة" (آر إيه تي بيRATP) تعاني من السعال، و"الشركة الوطنية للسكك الحديدية" (إس إن سي إف SNCF) تعاني من الاختناق. مرحبا بكم في فرنسا الجامدة.
إغلاق كامل بدون فيروس
اليوم الثالث: الرحلات الجوية تتوقف. في مطارات رواسي وأورلي ومرسيليا، تتراكم الأمتعة، وتبقى الطائرات على الأرض. تم منع شحنات الأدوية وقطع الغيار والسلع القابلة للتلف.
إعلانتدخل البلاد في أزمة كبيرة: إغلاق كامل يشبه جائحة جديدة.. بدون فيروس. كوفيد لوجستي، من دون إغلاق رسمي، ولكن مع نفس التأثيرات: الجمود، وفوضى التنظيم، والذعر.
اليوم الرابع: مواقع البناء صامتة. الحركة تتوقف في الخطوط الجوية الفرنسية، كارفور، أوشان، نستله، دانون، فينشي، بويغ، أونيه، لا بوست.. مؤشر كاك 40 ينهار. ذعر بين المساهمين: من سيحمل أكياس الأسمنت؟ من سيعمل؟ من سينجز كل هذه المهام غير المجزية ولكنها ضرورية؟ فرنسا تكتشف هشاشة نظامها الرأسمالي الذي يقوم على أكتاف أولئك "الإخوان" الذين جعلتهم غير مرئيين.
اليوم الخامس: الرفوف فارغة. بدون سائقي التوصيل، وبدون المناولين، لن يكون هناك المزيد من المنتجات، ولن يتدفق المزيد من السلع. إن الوفرة مجرد وهم لوجستي -وهذا الوهم اللوجستي له اسم أول لا يلقى استحسانا في نشرة أخبار الساعة الثامنة مساءً.
التهديد الحقيقي هو رحيلهماليوم السابع: الصمت. لا أحد يلعب كرة القدم. ولا أحد يؤدي موسيقى الراب. غابت المشاهد الاستعراضية والحفلات. أصبحت الملاعب فارغة، وتم إلغاء المهرجانات، وغاب الضحك في الأحياء. أصبحت فرنسا رتيبة، بلا إيقاع، بلا روح. ليس فيها زين الدين زيدان، ولا كيليان مبابي، ولا ليلى سليماني، ولا ليلى بختي، ولا إيزابيل أدجاني، ولا الطاهر بن جلون، ولا ياسمينة خضرا، ولا آية ناكامورا، ولا جمال دبوز… فرنسا بلا إيقاع، بلا كلام، بلا لون. فرنسا تشبه ما يتخيله البعض.. والتي تبعث على الخوف.
إذن لا "الإخوان المسلمون" لا يسيطرون على فرنسا. لكن إخوان الظل، نعم. وأخواتهم أيضا، أولئك اللواتي نحتقرهن بابتسامة تشبه ابتسامة التلفاز. أولئك المحجبات اللواتي يثرن الخوف في صفوف لجان التحقيق. أولئك اللواتي ينظفن آباءكم بصمت، ويطعمن أطفالكم، وينقذن حياتكم.
التهديد الحقيقي لا يتمثل في عقيدة هؤلاء الإخوان. التهديد الحقيقي هو رحيلهم. ولو رحلوا حقا في يوم من الأيام، فلن يتبقى سوى الأوهام والأنقاض.