الوطن:
2025-07-31@07:56:17 GMT

الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري

على مدار العقود الماضية حدث تراجع حاد فى جميع المجالات، من البنية التحتية، إلى الاقتصاد الفعلى، وبدايةً وانتهاءً تراجع الاهتمام بالمواطن المصرى فى ظل تراجع الدولة عن القيام بمعظم أدوارها، فتركت المجال لجمعيات وأشخاص لملء الفراغ الذى تركته الدولة. لهذا كان اهتمام الدولة فى العقد الأخير بإصلاح ما أفسده الدهر والحكومات المتعاقبة، فكان العبء ثقيلاً فى جميع المجالات، وخطت الدولة خطوات واسعة فى مجال إقامة البنية التحتية، والمشروعات الاقتصادية المختلفة.

ولم يغب عن الدولة ضرورة الاهتمام بالإنسان، وفى هذا الإطار ظهرت عدة مشروعات قومية مثل «تكافل وكرامة»، و«100 مليون صحة»، ومشروعات تطوير العشوائيات، وغيرها من المبادرات والمشروعات القومية.

ويأتى المشروع القومى للتنمية البشرية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، الذى طرحه فخامة رئيس الجمهورية، ليؤكد اهتمام الدولة برأس المال البشرى؛ الثروة الحقيقية لمصر، والاهتمام بعنصرى الإنسان المادى والمعنوى، بالاهتمام بصحة الإنسان المصرى، وكذلك الاهتمام بالعناصر المعنوية فى المكون المصرى، وهى مهمة تمثل مشروعاً متكاملاً تشارك فيه جميع الوزارات كلٌ فيما يخصه، لذلك كلف بها فخامة رئيس الجمهورية معالى رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، ما يحتم مشاركة الوزارات التى يتعلق عملها بشكل مباشر مثل وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، والأوقاف، بجانب مشاركة بقية الوزارات.

وفى هذا الإطار كانت التغييرات الأخيرة فى النظام التعليمى فى التربية والتعليم، والحد من الأعداد المقبولة بالكليات النظرية، وافتتاح عشر جامعات تكنولوجية لتأهيل الطلاب لسوق العمل المحلى والإقليمى. كما تقتضى المبادرة إعادة بناء الهوية الوطنية المصرية، وذلك من خلال ترسيخ القيم والأخلاق والأعراف التى قامت عليها الحضارة المصرية فى عصور مجدها، وفى هذا الإطار سبق وقدمنا عدة مرات مقترحاً لتدريس مادة القيم والأخلاق المهنية فى الجامعات تطبيقاً لنص المادة 24 من الدستور التى تنص على أن «تعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة». وللأسف قامت بعض الجامعات بتدريس حقوق الإنسان فقط، وقام بعضها بتدريس التفكير الناقد، وغير ذلك من مواد، ولم تتم الاستجابة لمطالبتنا بالمخالفة للدستور، ودون اهتمام بعنصر القيم والأخلاق، حيث يتم تعريف الطالب الجامعى بالقيم وأهميتها وأنواعها مثل المواطنة والهوية الوطنية، وحوار الحضارات والتنوع الثقافى، والحرية التى لا توجد إلا إذا كانت مرتبطة بالمسئولية وإلا تحولت إلى فوضى تدمر المواطن والوطن، والقيم المشتركة بين الأديان. وكذلك تعليم القيم الاجتماعية، والشخصية، وأخلاقيات العمل، والأخلاقيات الخاصة بكل مهنة، ومكافحة الفساد بشتى صوره وأهمية ذلك للمجتمع والجهات القائمة على ذلك، وغيرها من القيم الضرورية للحفاظ على المواطن والوطن فى ظل حروب الجيل الخامس، وحتى تخرج الجامعات مواطناً ومهنياً صالحاً يخدم وطنه ومهنته على النحو الأمثل، وهو ما نأمل أن تتم الاستجابة له تطبيقاً لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: بناء الإنسان المبادرات الرئاسية العدالة الاجتماعية القیم والأخلاق

إقرأ أيضاً:

أحمد الأشعل يكتب: لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟

لماذا تُستهدف مصر؟ ولماذا الآن بالذات؟ سؤال يتكرر كلما ارتفعت حدة الحملات ضد الدولة المصرية، وكلما بدا واضحًا أن هناك من لا يريد لمصر أن تنهض أو تستعيد دورها التاريخي والمركزي في المنطقة. وفي الحقيقة، فإن استهداف مصر لم يكن يومًا جديدًا، لكنه يشتد حين تتقدم الدولة خطوة للأمام، ويتراجع حين تتعثر أو تتباطأ. واللحظة التي نعيشها الآن هي لحظة صعود مصري حقيقي، لا على مستوى البنية التحتية فقط، بل على مستوى الإرادة الوطنية والقرار السياسي المستقل، وفي لحظات كهذه، تظهر الأيادي التي تعبث، والأصوات التي تهاجم، والحملات التي تتخفى وراء شعارات زائفة.

مصر اليوم تسترد دورها  بثبات. تخرج من دوائر الفوضى والانقسام، وتتجه نحو البناء والانضباط. مدن جديدة ترتفع من الرمال، شبكات طرق وموانئ وشرايين طاقة تقطع الصحراء، وجيش يُعاد بناؤه وتحديثه، واقتصاد يحاول أن يفك أسره من سنوات طويلة من التبعية والعجز. هذه التحركات تزعج كثيرين، داخليًا وخارجيًا. لأن مصر حين تبني وتنهض، لا تفعل ذلك بمعزل عن محيطها، بل تهدد تلقائيًا مشاريع الآخرين، وتعيد ترتيب أولويات الإقليم، وتفرض على اللاعبين الكبار أن يعيدوا حساباتهم.

وفي التوقيت نفسه، تعيش المنطقة واحدة من أكثر مراحلها اضطرابًا وإعادة التشكيل. الحدود لا تزال مرسومة بالدم، والقضايا العالقة تُدفع قسرًا نحو نهايات يراد لها أن تكون أمرًا واقعًا. ومن بين كل دول المنطقة، تبدو مصر وحدها الدولة التي استطاعت أن تحافظ على كيانها، ومؤسساتها، وجيشها، بل وتعيد صياغة علاقتها بشعبها في اتجاه جديد. ولذلك، لا غرابة أن تكون على رأس قائمة الدول المستهدفة، لأن وجود مصر قوية ومستقرة يعني بالضرورة أن مشاريع التوسع والهيمنة لا يمكن تمريرها، وأن فكرة “الفراغ العربي” لم تعد قائمة.

ثم جاء المشهد الفلسطيني ليزيد الأمور تعقيدًا. فمع تفجر الحرب في غزة، وارتكاب إسرائيل لمذابح غير مسبوقة، عادت القضية الفلسطينية إلى صدر المشهد العربي والدولي. ومصر، بطبيعتها الجغرافية ودورها السياسي، لا يمكنها أن تقف على الهامش. لكنها أيضًا لا يمكن أن تنزلق إلى فخاخ تم رسمها بعناية. مصر رفضت أن تكون جزءًا من مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. رفضت أن تُستخدم معبرًا لقتل القضية الفلسطينية تحت عنوان “المساعدة الإنسانية”. وتمسكت بموقفها الثابت: لا لتصفية القضية، لا لتغيير الطبيعة الديموغرافية لغزة، ولا لمشاريع الوطن البديل. هذه المواقف لم تعجب كثيرين، وبدأت حملة ممنهجة لتشويه صورة مصر، واتهامها زورًا بالتقصير أو التواطؤ، بينما الحقيقة أن مصر وحدها التي تتعامل مع الموقف بحسابات دقيقة ومسؤولية تاريخية.

لكن في زمن الحروب الجديدة، لم يعد العدو يطرق الأبواب بالدبابات، بل يدخل من نوافذ الإعلام، ومواقع التواصل، والمحتوى المموَّل. تُصنع حملات التشويه ببراعة، وتُزرع الشائعات باحتراف، ويُصوَّر كل تقدم على أنه فشل، وكل إنجاز على أنه وهم. يُستهدف وعي المواطن، ويُدفع الناس دفعًا إلى الشك واليأس والانسحاب من المشهد. كل هذا يحدث لأن مصر بدأت تقول “لا”، وتخط طريقها وفقًا لأولوياتها، لا وفقًا لأوامر تأتي من الخارج.

تتعقد المشهد أكثر إذا وضعنا ذلك في سياق عالمي مشحون. فالعالم كله يعيش حالة من الفوضى غير المعلنة. القوى الكبرى تتصارع من خلف الستار، الأزمات الاقتصادية تطحن الجميع، وسباق السيطرة على الموارد والمواقع الإستراتيجية بلغ ذروته. في وسط هذا الجنون، تظل مصر قطعة أساسية في لوحة الشطرنج الدولية. دولة بحجمها وسكانها وموقعها لا يمكن تجاهلها، لكنها أيضًا لا يمكن السماح لها بأن تكون مستقلة بالكامل دون ثمن. ومن هنا، يأتي الضغط، تارة من مؤسسات مالية، وتارة من تقارير دولية، وتارة من “ناشطين” و”صحفيين” و”حقوقيين” يظهرون فجأة كلما قررت الدولة أن تمضي في مسارها دون استئذان.

إذًا، لماذا مصر الآن؟ لأن مصر ترفض الانحناء. لأنها تُعيد تعريف دورها في محيطها العربي والإفريقي. لأنها تقود مبادرات تنموية حقيقية وليست شعارات. لأنها توازن بين علاقاتها شرقًا وغربًا دون أن تُستَتبَع. لأنها تتحدث عن الصناعة والزراعة والموانئ والمناطق اللوجستية، لا عن الفوضى والحروب. لأن مصر ببساطة تختار أن تكون دولة ذات سيادة، تدير شؤونها من داخلها لا من سفارات أو عواصم أجنبية.

إن من يهاجمون مصر اليوم لا يفعلون ذلك حبًا في الشعوب، ولا دفاعًا عن حقوق الإنسان، بل لأنهم يدركون أن عودة مصر إلى مكانها الطبيعي تعني أن اللعبة ستتغير، وأن شعوبًا أخرى ستطالب بما طالبت به مصر: بالكرامة، والاستقلال، والتنمية، وبأن تكون شريكًا لا تابعًا. لهذا، تُستهدف مصر. ولأنها تختار النهوض الآن، يُفتح عليها النار الآن.

ورغم كل هذا، فإن الشعب المصري الذي عبر محنًا لا تُحصى، يظل هو الرهان الحقيقي. لأنه يمتلك حسًا تاريخيًا يعرف متى تكون الحرب حربًا على الوطن، ومتى تكون الأزمات مفتعلة، ومتى تكون الأكاذيب أكبر من أن تُصدق. الشعب المصري لا يخون تاريخه، ولا يبيع بلده، ولا يترك دولته وحيدة في وجه العاصفة. ولهذا، فإن مصر ستظل، رغم كل شيء، قادرة على الصمود، لأنها لم تقرر فقط أن تبقى… بل قررت أن تتقدم، وهذا هو السبب الحقيقي وراء استهدافها.

طباعة شارك الدولة المصرية المشهد الفلسطيني غزة إسرائيل

مقالات مشابهة

  • دافع عن المال العام.. وفاة المستشار محمد سليمان نائب رئيس هيئة قضايا الدولة
  • رئيس الوزراء: كلمة الرئيس السيسي عن غزة تأكيد لثوابت الدولة المصرية
  • رئيس الوزراء: كلمة الرئيس حول الأوضاع فى غزة تؤكد ثوابت الدولة المصرية فى تعاملها مع القضية الفلسطينية
  • المستشار محمد الشناوى: هيئة قضايا الدولة تقوم بدور فعال فى صون المال العام
  • اليوم .. مدبولي يترأس اجتماع الحكومة في المقر الصيفي بالعلمين
  • بنك الخرطوم يعين، لمياء كمال ساتي رئيسًا تنفيذيًا
  • أحمد الأشعل يكتب: لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟
  • بلال قنديل يكتب: الاختيار
  • د. نزار قبيلات يكتب: فلسفة القيم
  • كمال الدالي بمؤتمر الجبهة الوطنية: الرئيس السيسي لم يختر الطريق السهل بل الصحيح.. والمواطن أساس برنامج الجبهة الوطنية