لهواتفنا آذاناً تتجسس علينا!
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
رباب محمد الحسن
هل شعرت يوما أن هاتفك الذكي يستمع إلى حديثك؟ أو صادف يوما كنت تتحدث مع صديق عن شي معين مثلا ماركة أحذية رياضية أو مطعم بيتزا وحين فتحت هاتفك وجدت أن هناك إعلاناً يعرض ما كنت تتحدث عنه منذ قليل؟ في الحقيقة هذه ليست مصادفة، وأن الشك الذي كان يراودنا بأن هنالك من يتجسس علينا قد صار واقعا بعد أن أكدت شركة تسويق كبرى تتعاون مع فيسبوك وجوجل أن الهواتف الذكية تأتي مع برامج استماع لمحادثات المستخدمين تنقل ما يتحدثون! تسمى برامج الاستماع النشط Active Listening.
وهنالك شركات مثل Mind Sift وCMG تفتخر باستخدامها لتقنية الاستماع النشط لتحليل المحادثات التي تتم عبر ميكروفونات الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية المحيطة بك. وادعت شركة CMG أنها قادرة على التعرف على العبارات مثل “سقفي يتسرب” عندما تُقال بالقرب من الهاتف، مما يسمح لها بعرض إعلانات إصلاح السقف على الفور!
واعترفت شركة Cox Media Group، والتي عملاؤها فيسبوك وجوجل أنها تستخدم مايكروفون الهاتف أو اللابتوب لجمع المعلومات، وفقاً لموقع India today. ذكر التقرير الذي نشرته 404 Media إن ما تحصل عليه من إعلانات ليس فقط ما تبحث عنه، ولكن أيضًا ما تتحدث عنه بالقرب من الهاتف، وكشفت شركة Cox Media Group، التي تعمل في مجال الأخبار التلفزيونية والإذاعية، في عرض تقديمي للمستثمرين أن تقنيتها الخاصة بالاستماع النشط تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات في الوقت الفعلي حول نوايا المستخدمين. يتم ذلك من خلال مراقبة وتحليل المحادثات، مما يسمح بالتنصت الفعال على النقاشات لاستخلاص الأفكار. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الشركة في عرضها أن هذه التقنية تتيح للمعلنين دمج البيانات الصوتية مع البيانات السلوكية، مما يمكّنهم من استهداف المستهلكين الذين يفكرون بجدية في عملية الشراء، وبالتالي تنشئ أداة قوية للإعلان المستهدف.
الموضوع يتجاوز مجرد الإعلان المستهدف
إنه يتعلق بتتبع نشاطك عبر مختلف الأجهزة. تجمع الشركات بياناتك من الهاتف المحمول، واللابتوب، والتلفزيون الذكي لتكوين صورة شاملة عن حياتك. لا يقتصر هذا التتبع على الإنترنت فقط، بل يمتد إلى إشارات الموجات فوق الصوتية المخفية في الإعلانات التلفزيونية أو المتاجر، التي يمكن لهاتفك التقاطها دون علمك، مما يكشف عن موقعك وما تشاهده. تستخدم شركات مثل Silver push، وShop kick، وLisnr هذه التقنية بالفعل. وقد أظهرت دراسة أن أكثر من 234 تطبيق أندرويد تجمع البيانات باستخدام الموجات فوق الصوتية.
في عام 2019، تم اكتشاف أن فيسبوك كان يدفع لأشخاص للاستماع إلى محادثات خاصة على تطبيق مسنجر الهدف من ذلك كان تحسين تقنيات التعرف على الصوت كما ادعت، ورغم أن فيسبوك أكدت أن المشاركين وافقوا على ذلك، إلا أن الكثير منهم لم يكونوا على علم أن أشخاصاً حقيقيين كانوا يستمعون إليهم!
كما أن سيري (Siri) من آبل وأليكسا (Alexa) من أمازون قامتا أيضاً بجمع تسجيلات صوتية لتحسين أدائهما. وقد تم الاستماع إلى محادثات خاصة جداً، مثل الأحاديث بين الأطباء والمرضى، أو حتى محادثات بين الأزواج.
ولكن هل أن تستمع إليك الهواتف والأجهزة أمرا قانونيا أو مسموح به؟
قالت شركة Media Cox Group إنه يكون قانونيا عندما يحمّل المستهلكون تطبيقا جديدا، أو يحدثونه ويتم تقديم شروط الاستخدام المكونة من عدة صفحات يتم غالبا فيها تضمين الاستماع النشط في الأحكام المكتوبة بخط صغير ونحن غالبا ما نتجاهل قراءة الأحكام والشروط بدقة، ونوافق على عجل
هل أمازون وميتا وجوجل متورطون في عملية التجسس؟
انفجرت القضية عندما تبين أن عملاء شركة CMG تشمل أسماء من عيار فيسبوك وجوجل وأمازون، وكانت ردود الأفعال مزيجًا من الإنكار، والابتعاد، و”التحقيقات الداخلية”. سرعان ما زالت جوجل CMG من برنامج الشركاء الخاص بها، في حين صرحت ميتا (فيسبوك سابقًا) بأنها لا تستخدم الميكروفونات للإعلانات، أما أمازون فقد هددت باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي شخص ينتهك شروط الخدمة الخاصة بها، ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى كانت هذه الشركات على علم بالموضوع؟ والأهم، هل يمكننا حقًا الوثوق بإنكاراتهم؟
من نصائح الخبراء الرقميين أن تراجع أذونات التطبيقات، وتعطيل الميكروفون للتطبيقات التي لا تثق بها (تقريبا الكل). كن حذرًا بشأن ما تقوله وتتحدث به حول الأجهزة الذكية.
لم يعد الاستماع النشط مجرد شكوك، وإنما صار واقعاً، والكرة الآن في ملعبنا.
يمكننا أن نتجاهل المشكلة، ونستمر كما لو لم يحدث شيء، أو يمكننا التحدث والمطالبة باحترام خصوصيتنا المعرضة للخطر مرات عديدة. والخيار لنا..
الوسومرباب محمد الحسنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء فرنسي سابق: علينا أن نواجه الجنون القاتل في غزة
قالت صحيفة لوموند إن الصمت أمام فظاعة الوضع في قطاع غزة لم يعد ممكنا لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، لأنه يراه تواطؤا مع إسرائيل.
وقال دو فيلبان في مقال بالصحيفة إن على الجميع واجب التصرف وكشف الجريمة الجارية، مشيدا بمواجهة جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب هناك، وبتزايد الأصوات التي تتحدث علنا عن ذلك، كأصوات المؤرخين والجمعيات الإسرائيلية التي وصفها بالشجاعة.
وفي ذكرى مجزرة سربرنيتسا، قال الدبلوماسي الفرنسي إنه بات مُدركا الآن كيف يمكن تحقيق ما بدا مستحيلا بالأمس، مؤكدا أن الصمت والتغاضي المتعمد والشلل الأخلاقي هي الظروف التي تؤدي أكثر بكثير من الضعف البشري إلى إمكانية وقوع إبادة جماعية.
وذكر دو فيلبان أن الصمت تواطؤ وإطلاق الأسماء على الأشياء فعل، ومن ثم يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها، مؤكدا أن إبادة جماعية حقيقية تتكشف أمام أعيننا في غزة، حيث تتراكم أشكال الموت؛ موت من آثار القصف المتواصل، وموت من التجويع المنظم، وموت بالرصاص يلاحق من حاول الحصول على بضعة غرامات من الدقيق، وموت نتيجة التخلي التام عن شعب محروم من الماء والكهرباء والدواء، ثم موت نتيجة إذلال المحرومين من الكرامة ومن كل أمل.
وليست نية هذه الإبادة ضمنية، بل هي معلنة ومطالب بها من قبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والعديد من القادة السياسيين الإسرائيليين الذين يتبنون الآن علنا، بتواطؤ الإدارة الأميركية وسلبية الدول الأوروبية، مشروع إبادة شعب بأكمله.
ويقول الدبلوماسي الفرنسي: "أود أن أخاطب اليوم الضمائر والشعوب والدول، حتى ينكسر الصمت والتقاعس، حتى يتمكن الجميع، من مثقفين وفنانين ومواطنين أينما كانوا من اتخاذ موقف واضح وحازم وفوري، حتى ينتهي هذا التواطؤ السلبي الذي يجعل أسوأ المآسي الإنسانية ممكنة".
دو فيلبان: لأننا نعلم ونرى ونفهم، فعلينا واجب أخلاقي مطلق بالتحرك والتحدث علنا، ومعارضة هذا الجنون القاتل الذي يتكشف أمامنا
دولنا لديها القدرةولأنه لن يتمكن أحد غدا من القول إنه لم يكن يعلم، ولأننا نحن نعلم ونرى ونفهم، فعلينا واجب أخلاقي مطلق بالتحرك والتحدث علنا، ومعارضة هذا الجنون القاتل الذي يتكشف أمامنا، حسب دوفيلبان الذي صرح أيضا "آن لفرنسا ودول العالم أن تعيد اكتشاف كلمة الشرف المفقودة، تلك التي ترفض الإبادة الجماعية، تلك التي ترفض اللاإنسانية".
إعلانوأضاف "نعلم أن دولنا قادرة على تقديم ردود فعل ملموسة من خلال إصدار مرسوم بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل فورا ما دامت انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة، ومن خلال الدعم النشط للملاحقة القضائية الفعالة للمسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عنها".
ودولنا -كما يقول دو فيلبان- قادرة على تنظيم إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة عبر تدخل مسلح مشروع، بدافع واجب حماية المدنيين، وقادرة على فتح أبواب غزة أمام الصحفيين من جميع أنحاء العالم، وكذلك على تكثيف التعبئة الدولية للاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة، قادرة على حماية مواطنيها والعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل.