مبادرات سورية لمساعدة آلاف الفارّين من الحرب في لبنان
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
دمشق- يتوافد آلاف اللبنانيين والسوريين المقيمين في لبنان بكثافة، منذ الاثنين الماضي، إلى مناطق متفرقة من سوريا عبر مختلف المعابر الحدودية بين البلدين، لا سيما معبر "جديدة يابوس" في ريف دمشق، منذ تصاعد الغارات الإسرائيلية المكثفة قبل أيام.
وأشار مسؤولون في حكومة النظام السوري لوسائل إعلام محلية، خلال اليومين الفائتين، إلى وجود تنسيق مع المنظمات الخيرية وغير الحكومية لتقديم الخدمات الضرورية "للوافدين".
وأعلنت الجهات الرسمية عن تجهيز محافظات طرطوس وحمص ودمشق عددا من مراكز الاستقبال للوافدين، فضلا عن وضع المستشفيات العامة في المناطق الحدودية في حالة جهوزية تامة لاستقبال الجرحى وغيرهم من الحالات.
وأطلق سوريون عددا من المبادرات الجماعية والفردية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتأمين المساكن والطعام والدواء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية للوافدين من لبنان.
من جهته، كشف جاسم المحمود نائب محافظ ريف دمشق، عن عدد الوافدين إلى سوريا عبر معبر "جديدة يابوس" حتى أمس الخميس، والذي بلغ 42 ألف شخص، من بينهم 31 ألف سوري و11 ألف لبناني. في حين بلغ عدد الوافدين عبر معبري "الجوسيه" و"المطرية" -في آخر إحصاء- 1813 وافدا، بينهم 1230 لبنانيا و583 سوريا.
وتزامنا مع توافد مئات العائلات اللبنانية والسورية إلى المناطق الحدودية السورية وإلى دمشق وريفها، تنشط مجموعات أهلية ومتطوعون سوريون في الميدان وعبر وسائل التواصل لتوفير الاحتياجات الأساسية لتلك العائلات من مأوى وغذاء ورعاية صحية. ولا تزال المجموعات الأهلية في دمشق وريفها تعمل على تنظيم نفسها، بحشد مزيد من المتطوعين وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أفضل استجابة ممكنة.
وفي حديث للجزيرة نت، تقول "صفاء ن" (29 عاما)، وهي متطوعة في "الحملة الأهلية السورية"، إنها أعلنت ومجموعة من أصدقائها عن مبادرة أهلية لدعم الوافدين اللبنانيين والسوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإنهم يعملون على جمع أكبر عدد من المتطوعين لضمان الاستجابة السريعة والمواكبة الفعلية لاحتياجاتهم.
وتضيف "لا نزال في انتظار الموافقات والتصاريح الحكومية الضرورية لمباشرة العمل بشكل آمن وفعال دون التعرض للمُساءلة، وإلى حينها لن نقف مكتوفي الأيدي، فقد وجهنا المجموعة للعمل على تحضير المطابخ الميدانية بهدف تقديم وجبات غذاء للعائلات القادمة من لبنان خلال الأيام القليلة القادمة".
وبينما ينتظر منظمو الحملة حصولهم على التصاريح، يكتفون حاليا بالنشر على مواقع التواصل بحثا عن متطوعين لتأمين السكن والفراش والاحتياجات الأخرى، أو استقبال الأسر النازحة في مختلف المحافظات السورية، حسبما توضح صفاء.
رحلة نزوحوبدأت عدة مجموعات أهلية تطوعية بتنظيم حملات مشابهة في مختلف المحافظات السورية التي يفِد إليها القادمون من لبنان. وأطلق سوريون مبادرات فردية على مواقع التواصل تتضمن الدعوة للتواصل معهم من أجل تقديم كل ما يلزم.
ويروي علي نور الدين (42 عاما)، وهو وافد من محافظة النبطية في جنوب لبنان إلى دمشق، واقعة نزوحه إلى سوريا بالقول: "اشتد القصف وطال عددا من الأمكنة على مقربة من موقعي السكني. لذا، قررت وعائلتي (8 أفراد) المغادرة على الفور إلى مكان آمن، اتصلت بأحد معارفي في دمشق وأخبرني أنه بإمكاننا القدوم إليه".
ويضيف للجزيرة نت أنهم بالكاد استطاعوا أخذ أوراقهم الرسمية وبعض الأمتعة ليصلوا إلى الحدود السورية عند الخامسة فجرا، و"كانت الإجراءات مُيسرة رغم الازدحام".
وفي حي "دويلعة" القريب من العاصمة دمشق، استقرت العائلة في شقة تعود ملكيتها لأحد المهاجرين السوريين، ويقول علي "أمَّن لنا أحد معارفي في الشام -جزاه الله خيرا- هذه الشقة لنسكنها بشكل مؤقت، وهي تعود لقريبه المقيم في النمسا. وفي حال استمرت الحرب، وأطلنا المكوث هنا، سأستأجر شقة على حسابي الخاص".
ويشير إلى أنه يواجه وعائلته صعوبة في التكيف في دمشق نظرا "لانقطاع الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء لوقت طويل خلال اليوم، وغياب تغطية شبكة الخلوي وتقطعها المستمر، مما يحول دون إمكانية تواصله بشكل جيد مع أقربائه في لبنان للاطمئنان عليهم ومواكبة ما يجري في بلده".
ويخشى علي أن تطول "زيارته" إلى دمشق، فهو هنا بصحبة والدته المسنة وشقيقته الأرملة وأطفالها بالإضافة لزوجته وأطفاله. ويقول: "السوريون أشقاء كرماء ومضيافون لا شك، ولكن إذا طالت الحرب لن أستطيع وعائلتي الصمود لوقت طويل هنا، فما بحوزتنا من مال سينفد عاجلا أو آجلا، والسوريون أنفسهم يعانون لإيجاد فرص العمل والاستقرار، فكيف بي أنا اللبناني؟".
استعداد وتنسيق
في المقابل، تعمل مجالس محافظات دمشق وحمص وطرطوس وعدد من المؤسسات الحكومية المعنية بالتنسيق مع المنظمات الخيرية وغير الحكومية على تنفيذ خطة استجابة سريعة لاحتياجات الوافدين من لبنان.
وأشار محافظ دمشق محمد كريشاتي، في تصريح إذاعي أمس الخميس، إلى تخصيص عدد من الحافلات لنقل القادمين إلى سوريا من معبر "جديدة يابوس" باتجاه العاصمة دمشق، حيث تم تجهيز مركز استضافة يتسع لـ1200 شخص -بالتعاون مع منظمتي الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية- مزود بكافة الخدمات اللوجستية والطبية.
من ناحيتها، تنشط فرق الهلال الأحمر السوري، حسب منشور للمنظمة على فيسبوك، على المعابر الحدودية مع لبنان على مدار الساعة لتقديم الخدمات الطبية وتوزيع المواد الغذائية وقوارير المياه والخبز على الوافدين.
وفي محافظة حمص، تعمل فرق الهلال الأحمر مع منظمات خيرية لتقديم المساعدات الفورية للنازحين القادمين عبر معبر "الجوسيه" ممن استقروا في منازل مقدمة من أبناء المجتمع المحلي في المحافظة، حسب تصريح أدلى به أمين سر اللجنة الفرعية للإغاثة في حمص عدنان ناعسة لإذاعة محلية، الخميس.
وأضاف ناعسة أن المحافظة خصصت 3 مدارس و4 مراكز إيواء في مدينتي القصير وتلكلخ، ومركزين آخرين في منطقة دير مار إلياس والسيدة العذراء في ريف مدينة القصير لاستقبال النازحين.
بدوره، أكد نائب محافظ ريف دمشق جاسم المحمود، لوسائل إعلام محلية أمس الخميس، توزع الوافدين من لبنان إلى دمشق على مراكز الإيواء التي جهزتها المحافظة في 3 فنادق بمنطقة السيدة زينب، جنوبي العاصمة، ومراكز إيواء أخرى في مناطق الحرجلة والدوير ويبرود والنبك وداريا بريف دمشق.
بينما خصص الهلال الأحمر السوري خطوطا ساخنة للتواصل والإبلاغ عن وجود وافدين بحاجة إلى مساعدات إغاثية وإنسانية في مختلف المحافظات السورية.
وتستمر أزمة النزوح اللبناني لليوم الخامس على التوالي بعد الهجوم الإسرائيلي المكثف على لبنان، الذي تسبب حتى الآن في مغادرة نحو نصف مليون لبناني مناطق سكنهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الهلال الأحمر مواقع التواصل جدیدة یابوس إلى سوریا من لبنان إلى دمشق عبر معبر ریف دمشق
إقرأ أيضاً:
بمبادرة طوعية.. ناشطة تؤوي آلاف الحيوانات المشردة بدمشق
سوريا – استطاعت ناشطة سورية بمجال حقوق الحيوان أن تكسر حواجز الصمت والإهمال تجاه الكلاب والقطط الضالة بشوارع العاصمة دمشق، البلد الذي أنهكته سنوات الحرب، وتفاقمت فيه الأزمات الإنسانية والاقتصادية.
وسط صخب العاصمة وبعيدًا عن أعين الإعلام، تقود الناشطة هنادي المحتسب، مبادرة فريدة من نوعها تحوّلت من مجهود فردي متواضع إلى منظمة مجتمعية تحمل اسم “جمعية ستار STAR” (الفريق السوري لإنقاذ الحيوانات).
وباتت المحتسب بجمعيتها توفّر اليوم ملاذًا آمنًا ومكانًا للعلاج والرعاية لآلاف الكلاب والقطط المشردة في شوارع دمشق.
في منطقة الصبورة الواقعة جنوب غرب دمشق، أقامت الجمعية مأوىً مساحته تقارب الدونمين (الدونم يساوي ألف متر مربع)، يضم حوالي 1830 كلبًا و816 قطة، وجميعها كانت مهددة بالموت جوعًا أو مرضًا أو بفعل تداعيات سنوات الحرب.
وتعود بدايات المبادرة إلى نحو 10 سنوات مضت، حين قرّرت مجموعة من المتطوعين إطلاق حملة لإنقاذ الحيوانات المشردة، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الحرب في البلاد وما خلفته من تداعيات إنسانية وأمنية أثرت على الجميع، بمن فيهم الحيوانات.
مؤسسة الجمعية هنادي المحتسب (48 عامًا) قالت للأناضول: “عشنا أيامًا عصيبة في خضم الحرب، والمجتمع بالكاد يفكر في حقوق الإنسان، فكيف بالحيوان؟ الناس لا يرون في حقوق الحيوان أولوية، وهناك الكثير من العنف الموجّه ضد هذه الكائنات، خاصة من الأطفال، نتيجة غياب التوعية”.
ووفق المحتسب، فإن نقطة التحول التي دفعتها إلى إنشاء الجمعية كانت حادثة شخصية حين شاهدت قوات النظام السوري السابق تطلق النار على كلاب أمام منزلها، فتمكنت لاحقًا من إنقاذ 87 كلبًا، إلا أن بعض الكلاب فارقت الحياة بين ذراعيها.
وتحت تأثير هذا المشهد الذي ما زال عالقا في ذاكرتها تقول: “الكلاب التي أنقذناها هي من أنشأنا لأجلها هذه الجمعية. استأجرنا مزرعة صغيرة لإيوائها، ثم بدأنا نفكر في توسيع النشاط وتحويله إلى كيان قانوني”.
وبالفعل، تمكّنت المحتسب والمتطوعون من تأسيس جمعية “ستار”، التي باتت اليوم تُجري جولات ميدانية منتظمة في الشوارع لتقديم الطعام والماء للحيوانات، كما يعمل فيها أطباء بيطريون يقومون بالفحوصات والعلاجات اللازمة، لا سيما للحالات الطارئة أو تلك التي تعاني من إصابات خطيرة.
ورغم النشاط اللافت للجمعية إلا أنها تعاني من أزمة تمويل خانقة وفق المحتسب التي أضافت: “المجتمع فقير، والدعم محدود للغاية. في السابق، كانت مخلّفات الدجاج تعطى لنا مجانًا، أما اليوم فكل شيء يُباع حتى الماء”.
وأردفت: “ندفع ثمن كل قطرة، والإيجار مرتفع جدًا، والأسوأ أن بعض الناس يظنون أننا جمعية غنية لمجرد أننا منظمة، فيمتنعون عن تقديم الدعم أو التبرع”.
وفي ظل هذه الصعوبات، تبحث الجمعية حاليًا عن دعم دولي لمواصلة عملها، لا سيما أن عدد الحيوانات المشردة في ازدياد مستمر، والموارد المتاحة بالكاد تغطي الحد الأدنى من احتياجات المأوى.
لا تقتصر جهود الجمعية على الإنقاذ والرعاية، بل تنفّذ أيضًا برامج توعية مخصصة للأطفال لتعزيز ثقافة الرفق بالحيوان.
وبشأن هذه الجهود، قالت المحتسب: “الكثير من الناس والأطفال يؤذون الحيوانات لأنهم ببساطة لا يعرفون أنها تشعر وتتألم”.
وزادت: “التربية الخاطئة وغياب التوعية يؤديان إلى ممارسات عنيفة ومؤذية. ولهذا نولي في عملنا اهتمامًا كبيرًا بالجانب التعليمي والتوعوي”.
الأناضول