نقص الغاز الطبيعى سبب نقص كميات الأسمدة فى السوق المحلى.. والشركات تسعى للتصدير نقيب الفلاحين يحذر: الأزمة تنذر بموسم شتوى «أسعاره فلكية»رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى: أسواق السماد الحر خارج السيطرة والرقابة منعدمةأستاذ اقتصاد زراعى: مشكلة تغيير العملة وفارق سعر الغاز المحلى والمستورد نقاط خلافية بين الحكومة والشركات وكيل وزارة الزراعة: أصحاب الحيازات الزراعية أشعلوا السوق السوداء

 

الغاز الطبيعى.

. كلمة السر فى أزمة الأسمدة المدعمة، فهو يمثل 60% من مكونات تصنيع الأسمدة بمختلف أنواعها، وبلغت نسبة العجز فى إنتاج المصانع نحو 40% خلال شهرين، فارتفع سعر شكارة السماد من 310 جنيهات إلى 1300 جنيها، من منتصف شهر مايو حتى نهاية شهر أغسطس بنسبة 85% فى السوق الحر، وبلغ سعر طن السماد 20 ألف جنيه مقابل 4800 جنيه تكاليف الإنتاج، بعدما أعلنت بعض المصانع تعليق الإنتاج بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعى وانقطاع الكهرباء وارتفاع تكاليف الإنتاج. 

وتلزم الدولة مصانع الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجها بسعر مدعم إلى وزارة الزراعة لتغطية احتياجات السوق المحلى، مقابل توفير الغاز الطبيعى «مدعم» والسماح لها بتصدير الكميات المتبقية.

«الوفد» بحثت أزمة الأسمدة الزراعية فى السوق الحر ونسبة العجز فى «الأسمدة المدعمة» بالجمعيات التعاونية التابعة لوزارة الزراعة فى القرى، وحقيقة ربط ارتفاع أسعار الأسمدة بارتفاع أسعار الخضار والفاكهة فى الأسواق. 

شرح المهندس أسعد المنادى، وكيل وزارة الزرعة، أسباب ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، قائلا: «إن ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات المناخ أثرت فى إنتاجية بعض المحاصيل، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخضراوات، إضافة إلى حدوث نقص فى المعروض بين العروتين مع استمرار ارتفاع الطلب على بعض أنواع الخضراوات، مثل: «الطماطم والكوسة والبطاطس». 

واشار المهندس أسعد المنادى إلى أن أسعار الأسمدة مستقرة منذ تنفيذ عملية الحوكمة وإصدار كارت الفلاح، وفسر ارتفاع سعر شيكارة السماد من 310 لــ1300 جنيه إلى استحوذ أصحاب الحيازات الزراعية على مخصصات الأسمدة المدعمة من الدولة، وبيعها فى السوق السوداء، مشيراً إلى أن ذلك من أهم أسباب الأزمة.

وأوضح «المنادى» أنه يتم توزيع الأسمدة وفق نوعية المحصول ومساحة الأرض المزروعة، وحصص السماد يحددها مركز البحوث الزراعية، متابعاً أنه فى حال كان المحصول ذرة يأخذ الفلاح 5 شكاير يوريا و7 شكاير نترات، مطالباً المزارعين بإدخال روث الماشية فى عملية «تسبيخ الأراضى» وتقليص الاعتماد على الأسمدة الأزوتية، والمزج بنسب منضبطة دون الإفراط فى الاستخدام. 

نقيب الفلاحين 

وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن أزمة الأسمدة عرض مستمرة منذ عدة أشهر، ولكن حدثت انفراجة بالنسبة للأسمدة المدعمة مع قرب انتهاء الموسم الصيفى، متابعاً أن وزارة الزراعة انتظمت فى ضخ الأسمدة للجمعيات الزراعية بنسبة 70%، ومع ذلك فقد ارتفعت أسعار الأسمدة فى السوق الحرة بنسبة 85% مقارنة بتكاليف الإنتاج، وأسعار ما قبل الأزمة. 

وطالب حسين أبوصدام الدولة بحل أزمة الأسمدة قبل بدء الموسم الشتوى، حتى لا تؤثر على المنتجات الزراعية، وتوفير الغاز للمصانع مع إعادة تشغيلها بكامل طاقتها، موضحاً أن نسبة العجز فى الأسمدة المدعمة يصل حالياً إلى 30%، حتى بعد ضخ كميات كبيرة بسبب توقف الإنتاج لــ25 يوماً، وقلة إنتاج بعض المصانع، وعدم التزام أخرى بتسليم حصصها المدعمة لوزارة الزراعة، رغم دعم المصانع بالغاز الطبيعى بسبب خلافات على سعر الصرف، حيث يمثل الغاز 60% فى مستلزمات الإنتاج. 

وأوضح «أبوصدام» أن قطاع الزراعة المدعم والسوق الحر يحتاجان إلى 8 ملايين طن أسمدة أزوتية سنوياً، والدولة تنتج 13 مليون طن أسمدة سنوياً، تكفى السوق المحلى ويتم تصدير 35% من الإنتاج، والعجز حدث بسبب توقف بعض المصانع أسابيع، موضحاً أن سماد اليوريا والنترات هما الأكثر عجزاً حالياً. 

أسعار الأسمدة

وتابع أن ارتفاع أسعار الأسمدة ليس هو السبب الرئيسى فى ارتفارع أسعار الخضار والفاكهة، لأن أزمة الأسمدة حدثت بعد زراعة الموسم الصيفى، ولكنه أحد الأسباب إضافة إلى آليات العرض والطلب وتغيرات المناخ وارتفاع الحرارة وغياب الرقابة على الأسواق، وعدم فرض تسعيرة جبرية على المنتجات الزراعية فى الأسواق. 

الملح بديلاً للسماد

وأوضح «أبوصدام» أنه مع أزمة الأسمدة ترددت شائعة استخدام الفلاح للملح بدلاً من السماد، وهذا الحديث عار من الصحة تماماً لأن الملح يحرق النبات، ما يحدث أنهم يطلقون على الأسمدة الكيماوية «ملح» مع روث الماشية، متابعاً أن الأسمدة العضوية «المخلفات الزراعية وروث الماشية» مفيد للأرض الزراعية، ولكنها تعطى 50% من الإنتاج مقارنة بالأسمدة الأزوتية. 

وشرح أن إنتاج طن السماد بالغاز الطبيعى، يكلف المصانع 4800 جنيه، وصل سعر الطن فى السوق الحر لــ20 ألف جنيه، بنسبة أرباح 15 ألف جنيه تقريباً، وانخفاض الإنتاج ناتج عن نقص الغاز الطبيعى، وعدم رضا أصحاب المصانع عن سعر الغاز الطبيعى المدعم الذى تقدمه الدولة. 

وأضاف أبوصدام أن الدولة تعمل وفق بروتوكول مع 9 مصانع للأسمدة، لتوفير احتياجاتها من الغاز الطبيعى «المدعم» المستخدم فى عملية الإنتاج، مقابل أن يكون 55% من إنتاج هذه المصانع لصالح وزارة الزراعة، و10% للسوق الحر، و35% للتصدير. 

الإصلاح الزراعى 

وكشف زهير سارى، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى، وصاحب مصنع أسمدة عضوية، أن شهرى يوليو وأغسطس هما ذروة استخدام الأسمدة الأزوتية فى الموسم الصيفى، وتزامن ذلك مع توقف مصانع الأسمدة لمدة 25 يوماً، وبدأت المصانع فى إبلاغ الجمعيات بعدم توريد الأسمدة لعدم توفير الغاز المدعم من قبل الحكومة وتشغيل خطوط الإنتاج ساعات فقط. 

وأضاف «سارى» أن الحكومة تدخلت نهاية شهر أغسطس لحل الأزمة، وبدأت المصانع فى توريد الأسمدة بانتظام لوزارة الزراعة، ولكن بما يعادل 70% فقط من احتياج السوق، مع تأخر التسليم عن موعده، فهناك قصور بسبب توقف المصانع لفترة طويلة. 

وذكر «سارى» أن هناك أسمدة عضوية بديلة تباع بسعر «حر» فى صورة مركبات وعبوات مركزة وعناصر مكملة، تعوض الأسمدة الأزوتية، بسعر يترواح بين 95 و150 جنيهاً للعبوة، وتزن 900 جرام، فهى تساعد النبات على إنتاج الأزوت ذاتيا من عناصر التربة.

وأكد أن الأسواق الحرة للأسمدة خارج السيطرة، ولا تخضع لأى رقابة، والعملية بين الدولة ومصانع الأسمدة «شرطية» بمعنى أن الحكومة مسئولة عن توفير الغاز المدعم مقابل قيام الشركات ببيع 55% من الإنتاج بسعر مدعم لأربعة قطاعات، هى: الائتمان الزراعى الاستصلاح الزراعى البنك الزراعى والإصلاح الزراعى، والمتبقى من الإنتاج 45% يتم تصديره أو توزع على السوق المحلى بسعر تجارى. 

ولفت سارى إلى أن شركات الأسمدة تتبع الشركات القابضة أو شركات مساهمة «قطاع خاص» ويطبق عليها برتوكول الــ55% من الإنتاج مقابل الغاز المدعم، مؤكداً أن سماد النترات ناقص فى السوق المحلى، ولذلك أسعاره ارتفعت بشكل جنونى. 

ونفى ارتفاع أسعار الطماطم والخضار فى الأسواق بسبب أزمة نقص الأسمدة، لأن العروة الصيفية مزروعة من قبل الأزمة، ولكن ارتفاع الأسعار ربما يعود إلى نقص المنتجات بين العروة والأخرى وارتفاع درجات الحرارة وتغيرات المناخ التى تؤثر على إنتاجية الفدان، كما هو الحال مع محصول «الطماطم» الذى يتأثر كثيراً بالحرارة لذلك ترتفع أسعارها كل صيف، والأسمدة الأزوتية جزء من مستلزمات الإنتاج وتدخل التقاوى والمبيدات كجزء آخر. 

الجمعيات الزراعية

وأشار إلى أن الأسمدة الأزوتية فى الجمعيات الزراعية سعرها محدد وهو 256 جنيهاً «لليوريا» و251 جنيهاً «للنترات»، ويتم التسليم بموجب «كارت الفلاح»، ونفى صحة استخدام الملح بديلاً للأسمدة، والملح المقصود به «سلفات النشادر» وتستخدم تعويضاً عن الأسمدة الأزوتية، ولكنها لا تصلح لأى محصول، فهناك محاصيل إنتاجيتها متوقفة على الأزوت. 

الاقتصاد الزراعى

وقال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن مشكلة السماد تعود إلى إن 60% من مستلزمات الإنتاج تعتمد على الغاز الطبيعى، والحكومة توفره للمصانع بسعر مدعم، ولكنه أعلى من السعر العالمى للغاز بسبب فروق التعويم وتغيرات العملة غير المستقرة، وترتب على ذلك عدم التزام مصانع الأسمدة بتسليم الــ55% للدولة، مفضلة التصدير. 

وأضاف جمال صيام أن السعر العالمى للغاز الطبيعى انخفض، وفى المقابل لم تخفض الحكومة سعر الغاز المدعم، وأصبح العالمى أرخص من المصرى، ومن هنا علقت المصانع إنتاجها للسوق المحلى، وفى المنطقة الحرة هناك العديد من شركات الأسمدة تنتج وتصدر، وتستورد الغاز الطبيعى من الخارج بأسعار أقل من غاز الحكومة المدعم، فضلاً عن أن سعر الصرف 48 جنيهاً يشجع على التصدير وتفضيل السوق الخارجى على المحلى. 

وقال أستاذ الاقتصاد الزراعى إن الصندوق السيادى الإماراتى فى 2022، استحوذ على حصة بنك الاستثمار القومى فى شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، بعدد 271.6 مليون سهم بالشركة بسعر 1.44 دولار بقيمة إجمالية 391.9 مليون دولار، بالإضافة إلى استحواذه على جزء من حصة وزارة المالية بشركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو)، بإجمالى 45.8 مليون سهم بسعر 5.817 دولار بقيمة إجمالية 266.6 مليون دولار، لتنخفض نسبة حصة الوزارة من 26% إلى 6%.

وأوضح أن الصندوق السيادى السعودى فى 2022، استحوذ على 19٫82% من شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، بقيمة إجمالية 3.69 مليار جنيه، بالإضافة إلى 25% من أسهم شركة موبكو للأسمدة وهى حصة كانت موزعة بين: الاستثمار القومى البالغة 12.81% وحصة وزارة المالية البالغة 6% وحصة شركة جاسكو البالغة 5.72% وجزء من حصة مصر لتأمينات الحياة بواقع 0.47%، مؤكداً أن تلك النسب أثرت على كمية الواردات من الأسمدة للسوق المحلى. 

وتنتج مصر ما يتراوح بين 6.5 و7 ملايين طن سنوياً من اليوريا تحتل بها المرتبة السادسة عالمياً، وتمثل نحو 4% من الإنتاج العالمى الذى يصل إلى 170 مليون طن سنوياً، وفق بيانات وزارة الزراعة.

كما تحتل مصر المركز الثامن عالمياً ضمن كبرى الدول المستهلكة للأسمدة الآزوتية بكمية نحو 3.5 مليون طن مكافئ يوريا سنوياً، وتحتل أيضاً المركز الرابع عالمياً ضمن كبرى الدول المصدرة لسماد اليوريا بكمية تبلغ نحو 4.5 مليون طن سنوياً، والتى تمثل نحو 9% من إجمالى حركة التجارة الدولية.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخضراوات والفاكهة أسعار الأسمدة الأزوتیة الأسمدة المدعمة أسعار الأسمدة مصانع الأسمدة الغاز الطبیعى وزارة الزراعة الغاز المدعم السوق المحلى أزمة الأسمدة من الإنتاج ملیون طن إلى أن

إقرأ أيضاً:

المحاصيل الزراعية في مهب الريح.. وهشاشة التسويق العقبة الكبرى

 

 

 

الزراعة المُحرك الأساسي لنمو القطاعات الاقتصادية

◄ مطالب مُجتمعية بتسهيل الحصول على أراضٍ زراعية ودعم مشاريع الأمن الغذائي

◄ الصقري: المُزارع يُعاني من ضعف الدعم الحكومي المتكامل وعدم استدامة الموارد 

◄ مياه السدود لا تكفي لدعم الزراعة.. والجفاف ألحق أضرارًا كبيرة بالمَزارِع

◄ 99 % من مياه الفيضانات والسيول تنجرف إلى البحر.. ولا بُد من الاستفادة منها

◄ دعوات لجذب الباحثين عن عمل للانخراط في القطاع الزراعي مع توفير الدعم المناسب

◄ الشيدي: غياب الخطط التسويقية والبيع المُتدرِّج وراء اختلالات السوق

◄ سيطرة الموردين الأجانب على سلاسل التوريد السبب الأول في "تفضيل المستورد"

◄ صغار المُزارعين يئنون تحت وطأة الديون والالتزامات المالية الكبيرة

◄ لا بُد من فرض نسب شراء إلزامية للمحاصيل على المتاجر الكبرى

◄ ضرورة إنشاء مخازن تبريد مركزية تُساعد على توزيع المحاصيل

◄ العويمري: لا بُد من منع الاستيراد في مواسم الحصاد وضرورة دعم المحصول العُماني

◄ مقترح بإعداد تقويم زراعي دقيق مع تسجيل توقعات الإنتاج لكل مزرعة

◄ الساعدي: زراعة الأرض شغف والتزام أمام الوطن وليست فقط مصدر عيشٍ

◄ المُزارِع العُماني يرزح تحت عبء التكاليف وشح المياه

 

 

الرؤية- سارة العبرية

 

يُطالب عددٌ من العاملين في القطاع الزراعي، بضرورة معالجة "الاختلالات البنيوية" التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي، وعلى رأسها غياب التنسيق بين الإنتاج والتسويق، وضعف مرحلة ما بعد الحصاد.

وتحدَّث مزراعون ومهتمون بالزراعة إلى جريدة "الرؤية" من أجل عرض التحديات التي تعوق عملهم، وأشاروا إلى مشكلات هيكلية في بنية القطاع عمومًا، من بينها ضعف الدعم الحكومي المُتكامل، والمنافسة غير المتوازنة مع المحاصيل المستوردة، فضلًا عن شُح مصادر المياه، وغيرها من التحديات التي تُهدد مستقبل القطاع الزراعي في عُمان.

 

ويقول أحمد بن عبدالله الصقري من ولاية الجبل الأخضر إن معظم التحديات التي تواجه المزارعين تتعلق بالجانب التسويقي، موضحًا أن وجود دعم حكومي حقيقي في شراء المنتجات الزراعية وتسويقها وتهيئة البيئة المناسبة للمزارعين، سيكون له أثر كبير في تشجيعهم على الزراعة. وأضاف: "إذا لم يكن هناك دعم وتسهيل من الحكومة لبعض المنتجات، فلن تكون هناك إنتاجية مُجدية؛ فالقضية تدور حول قوة الإنتاج وقوة التسويق والمبيعات". وأشار إلى مثال على ذلك بقوله: "في موسم البصل، إذا كانت عُمان تُنتج 100 طن أو حتى 100 ألف طن، كيف سيكون التسويق فعّالًا، بينما الحكومة تسمح باستيراد البصل في نفس الوقت من اليمن وإيران، وكيف سيتم تسويق المنتج المحلي؟ وكيف سيكون وضع الإنتاجية مقارنة بالمستورد؟ وهنا تظهر أهمية التنسيق ومراعاة الموسم الزراعي بشكل كبير".


 

وأكّد الصقري أن "الدعم الحكومي موجود لكنه ليس كافيًا، معتبرًا أن الزراعة هي الأساس، فإذا وُجدت الزراعة، وُجدت الصناعة، وبالتالي التجارة. لكن إذا غابت الزراعة فلن تكون هناك صناعة تحويلية أو قيمة مضافة".

وبيّن أن "هناك نقصًا كبيرًا في القطاع الزراعي، والمزارعون بحاجة ماسة إلى تطوير هذا القطاع، ورفع مستوى الدعم؛ سواء من حيث تسهيل الحصول على الأراضي أو دعم مشاريع الأمن الغذائي".

وتساءل الصقري: "كم تبلغ تعرفة الكهرباء اليوم بالنسبة للمشاريع الزراعية؟ هل تم خفضها؟ وهل هناك دعم فعلي؟"، موضحًا أن مشاريع الزراعة المائية مرتبطة بالكهرباء، والماء فيها يعتمد على التدوير، وبالتالي تصبح كُلفة الكهرباء محورية، ما يؤكد الحاجة إلى دعم أكبر في هذا الجانب. ولفت إلى أن "من أهداف دعم الزراعة أيضًا تقليل الاستيراد؛ حيث إن الوضع الحالي يشهد نسبة استيراد عالية، والأسعار الخارجية مُنخفضة. لكن البعض يتحدث عن غلاء المنتجات المحلية، وهذا يعود إلى أن تكلفة الإنتاج في السلطنة مرتفعة جدًا".

المياه شحيحة!

وتابع الصقري أنه "في الجبل الأخضر، على سبيل المثال، لم تهطل أمطار تُذكر منذ العام الماضي؛ إذ إن المياه شحيحة، ومياه السدود لا تكفي لدعم الزراعة، ولهذا لا يُستغرب أن يصل سعر كيلو المشمش إلى 4 أو 5 ريالات، نظرًا لأنَّ تكلفة الإنتاج عالية".

وأوضح أن "الزراعة تحتاج إلى عناصر أساسية، وأهمها الماء والكهرباء. فإذا وُجد الماء، وُجدت الزراعة والحياة. لذا، يجب إعطاء أولوية قصوى لموارد المياه، والسدود على وجه الخصوص، لأنها أساس الزراعة". وضرب مثالًا على ذلك بقوله: "في منطقة الباطنة، 80% من الأراضي غير صالحة للزراعة بسبب المياه، رغم إيجاد حلول مثل تحلية المياه، لكنها مكلفة جدًا".

وأشاد الصقري بمشروع التحلية الحكومي، وقال: "هو مشروع رائد سواء في الجبل الأخضر أو على مستوى السلطنة؛ فهو يساهم في الحفاظ على المياه الجوفية. لكن، خلال الفيضانات أو السيول، تذهب 99% من المياه إلى البحر!". متسائلًا: "كيف يمكننا الاستفادة من هذه المياه في تغذية المياه الجوفية؟".

واختتم الصقري حديثه بالتأكيد على "أهمية إشراك الشباب في هذا القطاع من خلال إقامة ورش وفعاليات للتوعية والتثقيف الزراعي"، مشيرًا إلى أن "الاستدامة الزراعية تبدأ من دعم البنية التحتية، وتستمر مع بناء جيل زراعي واعٍ ومتمكن".

تحديات هيكلية

من جانبه، قال رجل الأعمال أحمد بن سيف الشيدي إن القطاع الزراعي في سلطنة عُمان يواجه تحديات هيكلية كبيرة، في مُقدمتها غياب التنسيق بين الإنتاج والتسويق؛ مما يؤدي إلى تكدّس المحاصيل الموسمية وخسائر مُتكرِّرة للمزارعين.


 

وأوضح الشيدي أن "المُزارِع يزرع بكثافة خلال موسم معين من دون وجود خطة تسويقية تضمن بيع المحصول تدريجيًا وتوزيعه على مراحل، وهو ما يسبب اختلالًا في السوق"، لافتًا إلى أن غياب مثل هذه الخطط هو أحد الأسباب المباشرة لتذبذب الأسعار وكساد المحاصيل.

وأشار الشيدي إلى أن ضعف البنية التسويقية يمثل عائقًا رئيسيًا أمام تطوُّر القطاع، موضحًا أن "قلة أسواق الجُملة المُتخصِّصة، وغياب شركات محلية قوية تُعنى بتجميع وتسويق المحاصيل، يُضعِف من قدرة المزارعين على الوصول للسوق بشكل فعّال". ونبَّه الشيدي إلى وجود مشكلة متكررة تتمثل في "تفضيل السوق للمنتج المستورد"، مرجعًا ذلك إلى انتظام سلاسل التوريد والعقود الطويلة التي تربط الموردين الأجانب بالأسواق المركزية.

وشدّد الشيدي على أن الدعم الحكومي "يُركِّز على جانب الإنتاج بشكل أكبر من التسويق"، معتبرًا أن هذا التوجه غير متوازن ويقود إلى أزمات مالية لدى صغار المزارعين. وأضاف: "تمويل المشاريع الزراعية دون وجود منظومة تسويقية متكاملة، يورط المزارع في التزامات مالية كبيرة لا يمكنه الوفاء بها لاحقًا"، مشيرًا إلى أن أحد المزارعين يمتلك 3 آلاف شجرة تين، لكنه عجز عن تسويق إنتاجها؛ فلجأ إلى بيعها "تين مُجفف" في محاولة لتقليل حجم الخسائر.

وأكد الشيدي أن غياب مرافق التخزين والتبريد المناسبة يزيد من تعقيد المشهد كذلك، خصوصًا في المنتجات الحساسة للحرارة مثل البصل، الذي يمكن حفظه لفترات طويلة إذا توفرت له البنية التحتية الملائمة". وقال إن غياب أدوات الرقابة على التسعير يترك الأسعار خاضعة بالكامل لقوى العرض والطلب؛ ما يؤدي إلى خسائر بين المزارعين وزيادة تكلفة على المستهلكين.

شركة التسويق

وفيما يتعلق بالحلول، شدّد الشيدي على ضرورة تفعيل دور الشركة المتخصصة في تسويق المحاصيل المحلية، بحيث تتولى شراء جميع المحاصيل من المزارعين بأسعار عادلة، ومن ثم تسويقها محليًا وإقليميًا ودوليًا.

ودعا الشيدي إلى فتح قنوات بيع مباشرة مع المزارعين، وإنشاء معارض زراعية صغيرة داخل كل مزرعة، على غرار ما هو معمول به في مزارع الألبان، مشيرًا إلى أنَّ هذه الثقافة غير موجودة حاليًا، لكنها مهمة لتعزيز ثقة المستهلك في المنتج المحلي.

وطالب الشيدي بدعم الجمعيات التعاونية الزراعية، وفرض نسبة إلزامية لشراء المنتج المحلي على المتاجر الكبرى، إلى جانب توفير مخازن تبريد مركزية تساعد في توزيع المحاصيل على مراحل.

وشدد الشيدي على ضرورة تنظيم الإنتاج الزراعي عبر تقويم زراعي دقيق، وتسجيل توقعات الإنتاج لكل مزرعة، إضافة إلى توفير استشاريين زراعيين مجانًا لتقديم التوجيه اللازم، قائلًا: "نحتاج إلى سياسة فعلية لدعم المنتج المحلي، لا شعارات؛ فالمزارع العُماني يستحق نظامًا اقتصاديًا منصفًا يحوّل جهده إلى قيمة وطنية حقيقية، ويضمن الاستدامة. وينبغي تشكيل فرق طوارئ وطنية للتعامل مع فائض الإنتاج في المواسم، وتصدير المنتجات بدلًا من أن تتلف وتُهدر".

الدعم الزراعي

من جهته، قال محمد بن سيف العويمري من ولاية الجبل الأخضر "إنه لا يرى سببًا مقنعًا لارتفاع أسعار بعض المنتجات الزراعية، مؤكدًا أن "القاعدة الاقتصادية تنص على أنه كلما زاد العرض قل الطلب، وبالتالي تنخفض الأسعار". وأشار إلى أن "الدعم الزراعي بحاجة إلى زيادة من قبل الحكومة، خاصة فيما يتعلق بتوفير بذور ذات أصناف جيدة وتوزيعها على المزارعين".


 

واقترح العويمري منع الاستيراد من الخارج خلال فترة حصاد الإنتاج المحلي؛ لضمان تسويق المنتج العُماني وتحقيق عائد مجزٍ للمزارعين.

وأضاف: "المفترض أن تقلل مثلًا الشركات المستوردة للبصل من استيرادها خلال موسم حصاد البصل المحلي، وأن تتجه بدلًا من ذلك إلى شراء المنتج العُماني من المزارعين، مع مراعاة الأسعار بما يتناسب مع قدرة المستهلك".

ودعا إلى أن "يتم التعاقد بين شركات محددة والمزارعين لشراء كامل إنتاجهم سنويًا بسعر عادل"، مؤكدًا أن "هذه الخطوة من شأنها أن تشجع المزارعين على الاستمرار والتوسع في الزراعة، لأنهم سيضمنون سوقًا لتسويق منتجاتهم".

فيما يرى المُزارِع علي بن سالم الساعدي من ولاية ضنك إن المزارع العُماني يواجه جملة من التحديات التي تتفاوت من موسم لآخر، لكن هناك صعوبات ثابتة ترافقه باستمرار. وذكر الساعدي أن من أبرز هذه التحديات: ارتفاع تكاليف الإنتاج، من أسعار البذور والأسمدة، والمبيدات، وصولًا إلى أجور العمالة، وهو ما يشكّل عِبئًا كبيرًا، خاصةً عندما لا يقابل ذلك سعر بيع مجزٍ في السوق، كما نواجه شحًا في المياه، فمع التغيرات المناخية وانخفاض منسوب الأفلاج والآبار. وأضاف: "أصبحت مسألة توفير المياه للري من أهم وأصعب التحديات، لا سيما في فصل الصيف، ويُعد تسويق المنتجات الزراعية من أبرز العقبات؛ فرغم جودة المحاصيل المحلية، إلّا أن المنافسة مع المنتجات المُستورَدة وقلة قنوات التسويق المباشر تجعل من تسويق المنتج المحلي تحديًا حقيقيًا، كذلك نواجه الآفات الزراعية والتقلبات المناخية، فكل موسم يحمل ظروفًا مختلفة؛ ففي بعض المواسم نواجه موجات حر شديدة أو أمطارًا مفاجئة، وفي أخرى تزداد الآفات والأمراض الزراعية، ما يتطلب استعدادًا دائمًا وتكاليف إضافية". وأكدّ الساعدي "رغم كل هذه التحديات، تبقى الزراعة جزءًا من هويتنا وتاريخنا، وهي بالنسبة لي ليست مجرد مصدر دخل؛ بل شغف والتزام تجاه الأرض والناس".

مقالات مشابهة

  • محذرا من تداعيات خطيرة .. تحرك برلماني بشأن رفع أسعار الغاز على المصانع
  • أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء
  • استقرار في أسعار البنزين صباح اليوم.. ماذا عن المازوت والغاز؟
  • أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025
  • المحاصيل الزراعية في مهب الريح.. وهشاشة التسويق العقبة الكبرى
  • أسعار الخضراوات والفاكهة في أسواق مصر اليوم الإثنين 9 يونيو 2025
  • أسعار الخضراوات والفاكهة في الوادي الجديد اليوم الاثنين
  • أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الإثنين 9 يونيو
  • رئيس شعبة الذهب: ارتفاع الاحتياطي النقدي يدعم استقرار الجنيه ويقلص تقلبات الذهب
  • إيهاب واصف: ارتفاع الاحتياطي النقدي يدعم استقرار الجنيه ويقلص تقلبات الذهب